عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14-11-2022, 11:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,393
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بشارات الثابتين

بشارات الثابتين (2)



الشيخ: د. عبدالله بداح العجمي




ما زال حديثنا مستمرا حول محاضرة بشارات الثابتين للشيخ د. عبدالله بداح العجمي، التي ألقاها في المخيم الربيعي لفرع جمعية إحياءالتراث بمنطقة الأحمدي والصباحية، وقد ذكر في الحلقة الماضية من الثابتون، وعلى أي شيء ثبتوا؟ ثم تناول بالشرح حديث سفيان بنعبدالله الثقفي - رضي الله عنه - عندما جاء إلى نبينا -عليه الصلاة والسلام- فقال له: «قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدا بعدك أبدا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: قل آمنت بالله ثم استقم» رواه مسلم.
بعد أن عرفنا المنهج الذي لابد أن نثبت عليه وعرفنا معالمه، وخلف من نسير -النبي وأصحابه- فما البشارة والثمرة من ذلك؟ يقول الله -عز وجل-: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}. يقول وكيع -رحمه الله-: تتنزل عليهم الملائكة في ثلاثة مواضع، الموضع الأول في الدنيا تتنزل عليهم للحفظ وللتأييد وللنصر، الموضع الآخر تتنزل عليهم عند الموت يبشرونه، والموضع الثالث تتنزل عليهم عندما يبعثون يقول خذ كتابك بيمينك.
{تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا}
معنى {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا} في الحاضر وفي المستقبل، قد يخاف من شيء الآن، أو يخاف من المستقبل، المؤمن يخاف في الحاضر من أن يُفتن، يخاف أن يعصي الله، ويخاف من المستقبل عندما يقف بين يدي الله هل ينجو أم لا؟ وما مصيره؟ يعيش المؤمن بين الخوف والرجاء، فلا تخف من الحاضر فنحن معك، نحفظك ونؤيدك وننصرك، وفي المستقبل لا تخف فإن الله راضٍ عنك فتدخل الجنة -إن شاء الله.
«ولا تحزنوا» فعند الموت لا تخف فتقول زوجتي، وعيالي، ومالي ولا تحزن على الماضي، فالله -عز وجل- كما رعاك في الدنيا، سوف يرعى أولادك وأهلك بصلاحك وصلاحهم.
{وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} ما أجملها من بشارات! والبشارات كثيرة، لكن هذا بإيجاز بهذه الآية.
أسباب الثبات على دين الله
سنذكر خمسة أسباب رئيسة من أسباب الثبات على دين الله -تعالى:
أولاً: العلم
اطلب العلم الشرعي النافع، وليس العلم الضار المبني على الشبهات والشهوات عند أهل البدع والخرافات وغيرهم، إذا كان علمك مبنيا على الكتاب والسنة وفهم السلف فهذا هو العلم النافع، وهذا لا يكفي حتى تطبقه عمليا، يقول الله -عز وجل- {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، ولذلك أقوى وأعظم مثبت على دين الله العلم النافع؛ فاحرص عليه كما قال -سبحانه-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، ويقول -[- في صحيح مسلم: «من سلك طريقا يلتمس به علما، سهل الله به طريقا إلى الجنة».
لماذا العلم
لماذا العلم هو أعظم مثبت على دين الله؟ لأنه تميز بستة أمور:
- الأمر الأول: العلم النافع يُبَصِّر لك الطريق، وتعرف الحق من الباطل، وتعرف الحلال من الحرام، وتعبد الله على بصيرة، ويُثبتك على الطريق، فالسلفي ثابت على دينه؛ لأنه واثق من دينه ولأنه يسير وراء خطى نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
- الأمر الثاني: العلم يزيد من إيمانك.
- الأمر الثالث: العلم النافع يُزَكّي نفسك، فيُزكيها من الشرك إلى التوحيد، ومن البدع إلى السنة، ومن المعاصي إلى الطاعات، ومن الأخلاق المذمومة إلى الأخلاق الحميدة، وهكذا يُزَكّي نفسك ويُطهر نفسك.
- الأمر الرابع: العلم النافع يُزهّدك من الدنيا، لما تعرف وتقرأ ما في يوم القيامة والخيرات تجد الدنيا حقيرة.
- الأمر الخامس: العلم يزيد من حسناتك العظيمة، في كل محاضرة، وفي كل درس، في كتاب تقرؤه، ينزل لك أجرا أعظم من باقي العبادات المحضة.
- الأمر السادس: العلم النافع يُقويك أمام الشبهات والشهوات، لا يؤثر فيك أهل البدع مهما كان عندهم من حجج؛ فكلها حجج باطلة، وتستطيع أن ترد عليهم بما عندك من علم بثبات، ولا تغُرك الشهوات؛ لأن العلم يُزهدك في الدنيا.
ثانيًا: الالتفاف حول الصالحين
وأنت سائر إلى الله على صراط مستقيم، انظر من يسير معك على المنهج نفسه، لأن السائرين كُثُر، والصراط مضمار يتسابق فيه الناس؛ فمنهم من ينحرف، فتغريه الشهوات والشبهات، ومنهم ثابت، وهم يتفاوتون في سيرهم؛ فتجد أحدهم سريعا كالبرق من قوة إيمانه وكثرة أعماله الصالحة، ومنهم الأبطأ فالأبطأ، الكل يسير، فانظر مَن على شاكلتك؟ السائر على هدي محمد - صلى الله عليه وسلم- وعلى فهم السلف -وهم الآن عملة نادرة-، أو ليس على شاكلتك باللحية أو بالثوب، ولا بالصلاة والقيام، لا، بل لابد أن تعرف أنه يعمل وفق الكتاب والسنة وعلى فهم السلف؛ فكل من يسير على هذا الدرب تمسك به فإنه يعينك، يعينك في الدعوة إلى الله، وفي العبادات والطاعات، فهؤلاء الصالحون تأنس بهم ويأنسون بك، تتعلم منهم ويتعلمون منك، هم مرآتك، يرون عيوبك وينصحونك وهكذا، ولا تعش انطوائيا؛ لأن الذئب يأكل من الغنم القاصية. يقول - صلى الله عليه وسلم-: «إن من الناس ناسا مفاتيح للخير ومغاليق للشر».
ثالثًا: الدعاء
وهو من أقوى المثبتات على دين الله، ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم- أكثر ما كان يقول وهو سائر إلى الله -وهو المعصوم-: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، فلا تغتر بكثرة صلاتك وصيامك، فالثبات منه -سبحانه-؛ فأكثر وألح على الله بالدعاء في كل صلاة؛ فإنك لا تدري ما الذي سيحدث لك ولغيرك؛ فأكثر من الدعاء أن يثبتك الله على الدين.
رابعًا: كثرة الأعمال الصالحة
كل الأعمال الصالحة سواء كانت كبيرة أم صغيرة، كالصلاة والصيام والزكاة والصدقات والعمرة والأعمال الخيّرة إذا فعلتها صوابًا لوجه الله -تعالى-، فإنها تثبتك على دين الله، على قدر إيمانك وعلى قدر عملك الصالح يكون ثباتك على دين الله.
خامسًا: الصبر
فالطريق طويل، لا تدري متى يأتيك الأجل، صحيح يأتي في لحظة وفي وقته، لكن لابد أن تكون على أهبة الاستعداد متى ما جاء، كلنا نسير إلى الله فلابد من الصبر على عبادة الله، وعلى هدي سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، اصبر على هذا النهج القويم وتمسك به، مهما قالوا عنك: إنك متشدد أو إرهابي أو عميل، مادام هذا هدي النبي فامش وراءه وتمسك به، اصبر على ما يُقال في دعوتك، اصبر على ما يصيبك من الأذى من الناس، هذا يتكلم عليك، وآخر يضربك، كما حدث مع نبينا - صلى الله عليه وسلم- في طريقه وهو سائرٌ إلى الله كان طريقه مملوء بالمصائب. وكلما ازداد إيمانك ازداد ابتلاؤك. فتصبر على ما يصيبك من أذى حسي ومعنوي، حتى نلقى الله -عز وجل- إلى آخر لحظة، نصبر على طاعته، نصبر على البعد عن حرامه، نصبر على ما يصيبنا من أقداره -سبحانه وتعالى.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]