عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 15-12-2022, 10:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,865
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

مقام الإمام من الصف


شرح حديث: (وسطوا الإمام وسدوا الخلل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب مقام الإمام من الصف. حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن يحيى بن بشير بن خلاد ، عن أمه أنها دخلت على محمد بن كعب القرظي فسمعته يقول: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وسطوا الإمام، وسدوا الخلل) ]. أورد أبو داود [ باب مقام الإمام من الصف ] أي: أين يقف الإمام من الصف؟ هل يقف في وسطه، أو في طرفه من جهة اليمين، أو من جهة الشمال؟ والجواب أنه يكون في وسط الصف ولا يكون في الطرف؛ لأنه إذا توسط سمعه من على اليمين ومن على الشمال، وإذا كان في الطرف فإنه لا يسمعه من كان في الجهة المقابلة، وكذلك إذا توسط الإمام فإنه يقتدي به من يكون حوله من جهة اليمين وجهة الشمال، بخلاف ما إذا كان في الطرف فإنه لا يشاهده ولا يراه إلا من كان في ذلك الطرف. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (وسطوا الإمام، وسدوا الخلل) ]. قوله: [ (وسطوا الإمام) ] أي: اجعلوه في الوسط عند الاصطفاف. وهذا الحديث فيه ضعف؛ إذ فيه مجهولان، لكن معناه صحيح، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يصلي لم يكن يصلي في الطرف، وإنما كان يصلي في الوسط، وكذلك المساجد عندما تبنى فإن محاريبها تكون في وسطها، ولا تكون في أطرافها. وأما قوله: [ (سدوا الخلل) ] فقد جاء في أحاديث عديدة، وقد مر بعضها في (باب تسوية الصفوف).

تراجم رجال إسناد حديث (وسطوا الإمام وسدوا الخلل)


قوله: [حدثنا جعفر بن مسافر ]. جعفر بن مسافر صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن أبي فديك ]. هو: محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن بشير بن خلاد ]. يحيى بن بشير بن خلاد مجهول الحال، أخرج حديثه أبو داود . [عن أمه ]. وهي مجهولة، أخرج حديثها أبو داود . [ عن محمد بن كعب ]. هو القرظي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، وقد مر ذكره.

الرجل يصلي وحده خلف الصف


شرح حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى وحده خلف الصف بالإعادة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف. حدثنا سليمان بن حرب و حفص بن عمر ، قالا: حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن هلال بن يساف ، عن عمرو بن راشد ، عن وابصة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد) قال سليمان بن حرب : الصلاة ]. ثم أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [ باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف ] يعني: ما حكم صلاته؟ أي أن ذلك لا يجوز، وصلاته غير صحيحة كما دل عليه هذا الحديث على خلاف بين أهل العلم في ذلك، لكن الحديث الذي أورده أبو داود دال على أن صلاته غير صحيحة؛ لأنه أمره بالإعادة، وما ذلك إلا لعدم إجزاء الصلاة، ولو كانت مجزئة لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة. وقد اختلف أهل العلم في صلاة المنفرد خلف الصف: فمنهم من أجاز ذلك، وقال: إن حديث أبي بكرة الذي سيأتي دال على ذلك؛ لأنه ركع قبل الصف، فما دام أن بعض أجزاء الصلاة وقع وهو منفرد، وصح منه ذلك، فإن صلاته كلها تكون كذلك؛ لأن جزءاً من أجزائها قد اعتُبر مع وقوعه دون الصف، فتكون الصلاة كلها صحيحة ومعتبرة، قالوا: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة إنما هو من أجل الاستحباب، وذلك جمع بينه وبين حديث أبي بكرة . وقال بعض أهل العلم: إن صلاته خلف الصف وحده لا تجوز، وإذا فعل ذلك فإن صلاته لا تصح، وعليه أن يعيدها؛ لظاهر الحديث. وأما حديث أبي بكرة رضي الله عنه فقالوا: إنه دبّ راكعاً وأدرك الركوع وراء الإمام في الصف، وعلى هذا فلم يحصل شيء مستقل في ركوعه دون الصف، ولكنه فعل ذلك خشية أن تفوته الركعة فركع ودب، فليس فيه ما يدل على أنه حصل الرفع من الركوع قبل أن يصل أبو بكرة رضي الله عنه إلى الصف. وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يصلي خلف الصف، إلا إذا كان لا يستطيع أن يصلي إلا بهذه الطريقة، كأن يكون الناس الذين يصلون في هذا المسجد محصورين، وقد حضروا جميعهم، فلم يبق أحد حتى ينتظره، ولو لم يصل مع الجماعة فإنها تفوته، ولم يكن متأخراً عن الجماعة، بل جاء إليها، وإذا تيسر للإنسان أن يدخل ويصلي عن يمين الإمام فإن هذا يكون مناسباً؛ لأنه بذلك يكون صف بجوار الإمام، ولا بأس بذلك عند الحاجة إليه. لكن لو كان الإنسان غير مفرط ولا مقصر، وصلى وحده مضطراً إلى ذلك فإن صلاته تصح والحالة هذه، أما إذا كان هناك تقصير أو تفريط، وصلى الإنسان وحده مع إمكانه أن يدخل في الصف فإن صلاته تكون حينئذٍ باطلة، وعليه الإعادة.


تراجم رجال إسناد حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى وحده خلف الصف بالإعادة

قوله: [حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحفص بن عمر ]. وهو النمري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، مر ذكره. [ عن عمرو بن مرة ]. عمرو بن مرة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هلال بن يساف ]. هلال بن يساف ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن راشد ]. هو مقبول، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن وابصة ]. وهو: وابصة بن معبد ، صاحب رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . وجاء حديث آخر عن غير وابصة دال على ما دل عليه حديث وابصة .

الرجل يركع دون الصف


شرح حديث: (زادك الله حرصاً ولا تعد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل يركع دون الصف. حدثنا حميد بن مسعدة ، أن يزيد بن زريع حدثهم حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن زياد الأعلم ، حدثنا الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه حدث أنه دخل المسجد ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع، قال: فركعت دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب: الرجل يركع دون الصف ]، يعني: ما حكم ذلك؟ هل ذلك سائغ أم غير سائغ؟ والذي دل عليه الحديث الذي أورده أبو داود أن الإنسان لا يفعل ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكرة رضي الله عنه، ولكنه قال: [ (ولا تعد) ] يعني: لا تعد إلى مثل هذا، فدل هذا على أن الإنسان يمشي وعليه السكينة حتى يصل إلى الصف ثم يركع، فما أدركه صلاه، وما لم يدركه فإنه يتمه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)، فلا يأت الإنسان وهو يسعى، وإنما يأتي ماشياً، ويستمر ماشياً حتى يصل إلى الصف، فإن ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع فإنه يكون قد أدرك الركعة، وإلا فإنه يقضي ما فاته بعد سلام الإمام. وأورد المصنف حديث: أبي بكرة قال: دخلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركعت دون الصف، فقال عليه الصلاة والسلام: [ (زادك الله حرصاً ولا تعد) ].

تراجم رجال إسناد حديث (زادك الله حرصاً ولا تعد)

قوله: [ حدثنا حميد بن مسعدة ]. حميد بن مسعدة صدوق، أخرج حديثه مسلم ، وأصحاب السنن. [ أن يزيد بن زريع حدثهم]. يزيد بن زرع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي عروبة ]. سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زياد الأعلم ]. هو زياد بن حسان الأعلم ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ عن الحسن ]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بكرة ]. هو نفيع بن الحارث ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

طريق أخرى لحديث: (زادك الله حرصاً ولا تعد) وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، أخبرنا زياد الأعلم ، عن الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه جاء ورسول الله راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال: (أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ فقال: أبو بكرة : أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصاً ولا تعد). قال أبو داود : زياد الأعلم : زياد بن فلان بن قرة ، وهو ابن خالة يونس بن عبيد ]. أورد أبو داود حديث. أبي بكرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله. قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل ]. قد مر ذكره. [ حدثنا حماد ، عن زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ]. حماد هو ابن سلمة ، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ]. قد مر ذكرهم. قوله: [ قال أبو داود : زياد الأعلم : زياد بن فلان بن قرة ، وهو ابن خالة يونس بن عبيد ]. في (التقريب): زياد بن حسان بن قرة . فما أدري كيف جاءت كلمة (فلان) هذه، وهل المراد أنه أبهم اسمه وذكر جده؟ إذ قد يذكر الشخص إذا كان غير معروف وكان الذي بعده معروفاً فيقال: (ابن فلان) أي: بدلاً من أن يسميه يأتي بكلمة (فلان)، وكملة (وفلان) يؤتى بها لكل أحد، فيقال: (فلان بن فلان) وهي كناية عن الشخص الذي يبهم اسمه.

تفريع أبواب السترة


شرح حديث: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفريع أبواب السترة. باب ما يستر المصلي: حدثنا محمد بن كثير العبدي ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. يقول المصنّف رحمه الله: [ تفريع أبواب السترة ]. أي: سترة المصلي التي يتخذها أمامه سترة له، و(أل) في السترة عوض عن المضاف إليه، أي: سترة المصلي، وهي تكون شيئاً شاخصاً أمام المصلي كعمود ثابت، أو عصا يغرزها في الأرض، أو أي شيء بارز يجعله أمامه؛ ليكون سترة يمنع المرور بين يدي المصلي، وأما المرور وراءه فيجوز. ثم قال المصنّف رحمه الله: [ باب ما يستر المصلي ] يعني: ممَّ تكون السترة؟ أو من أي شيء تكون السترة؟ أو بماذا تكون السترة؟ والمقصود أن السترة تكون بأي شيء شاخص، أو بأي شيء بارز يلفت نظر من يريد أن يمر، فإذا رآه عرف أن هذه سترة تمنع من المرور بين يدي المصلي. فإذا أراد أحد أن يمرّ بين السترة وبين المصلي فإنه يرده ويمنعه كما جاء في الحديث. والسترة إما أن تكون عموداً، أو جداراً، وهذه من الأشياء الثابتة المستقرة، أو تكون من الأشياء المتحركة أو المتنقلة، كالحجر الكبير، أو العصا التي تغرز، أو الدابة ونحوها، فكل هذا تصلح أن تكون سترة. وقد أورد أبو داود حديث طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. ومؤخرة الرحل: هي العود الذي يستند إليه الراكب عندما يوضع الرحل فوق البعير، فيكون وراء محل الراكب عود مرتفع قليلاً أقل من الذراع يستند إليه الراكب، فالسترة مثل مؤخرة الرحل، فيقول: [ (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. والمقصود بقوله: [ (إذا جعلت بين يديك) ] يعني: أمامك، (فلا يضرك من مر بين يديك) أي: من وراء السترة، وليس المقصود أنه يمر بينه وبين السترة؛ لأن السترة إنما جعلت من أجل أن لا يمر أحد بينه وبينها. فإذا جعل الإنسان بين يديه مثل مؤخرة الرحل فلا يضره من مر بين يديه، أي: بعد السترة، فتكون السترة هي الحد الفاصل الذي لا يمكن لأحد أن يمر بينه وبينها، ومن مر من ورائها فله ذلك. ويكفي في ارتفاع السترة أن يكون ربع متر أو أقل من ذلك، فمؤخرة الرحل أقل من الذراع.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل ...)

قوله: [حدثنا محمد بن كثير العبدي ]. محمد بن كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسرائيل ]. هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك ]. هو ابن حرب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم ، وأصحاب السنن. [ عن موسى بن طلحة ]. موسى بن طلحة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه طلحة بن عبيد الله ]. هو أبيه: طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد، فقال عليه الصلاة والسلام: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيده بن الجراح في الجنة) فهؤلاء عشرة أشخاص سردهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد، وبشرهم بالجنة. وقيل لهم: العشرة لإنهم سُردوا في حديث واحد، وليس لإن شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة مختصة بهؤلاء العشرة ومقصورة عليهم، بل هناك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من شهد له بالجنة سواهم، كثابت بن قيس بن شماس ، وعكاشة بن محصن ، والحسن و الحسين و فاطمة .. وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاءت أحاديث تشهد لكل واحد من هؤلاء بالجنة، وكذلك غيرهم ممن ثبتت شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة، ولكن اشتهر هؤلاء بلقب العشرة؛ لأنهم سردوا في حديث واحد، وبشروا بالجنة. و طلحة بن عبيد الله الذي معنا في هذا الإسناد رضي الله تعالى عنه وأرضاه هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح أثر: (آخرة الرحل ذراع فما فوقه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء أنه قال: آخرة الرحل ذراع فما فوقه ]. أورد أبو داود إسناداً إلى عطاء بن أبي رباح، فهو مقطوع؛ لأن المتن الذي ينتهي إلى من دون الصحابي يقال له: مقطوع، والمتن الذي ينتهي إلى الصحابي يقال له: موقوف، والمتن الذي ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع. وهذا المتن من قول عطاء بن أبي رباح، فهو مقطوع، قال: [ آخرة الرحل ذراع فما فوقه ]، قلت: وقد تكون أقل من ذراع، والمقصود وجود شيء شاخص وبارز يشاهده ويعاينه المارة، فيعلمون أنه سترة أمام هذا الذي يصلي، فيبتعدون عن المرور بينه وبينها. والسترة -كما هو معلوم- يتخذها الإمام والمنفرد، وأما المأموم فلا يتخذها؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين.

تراجم رجال إسناد أثر: (آخرة الرحل ذراع فما فوقه)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو ابن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. هو ابن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا ابن نمير ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه، فيصلي إليها، والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثَمَّ اتخذها الأمراء) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنها: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيد أخذ حربة) ] وهي العصا التي في آخرها حديدة، فتغرز في الأرض ليتخذها الإنسان سترة، وهذا يبين لنا أن السترة قد تكون غليظة وسميكة، وقد تكون خفيفة ودقيقة، فإن العصا دقيقة، ومؤخرة الرحل أسمك منها وأمتن، وأسمك من ذلك عمود السارية التي يقوم عليها بناء المسجد مثلاً، فكل ذلك يقال له: سترة، واتخاذ العنزة أو الحربة يدل على أن أي شيء شاخص ولو كان خفيفاً ودقيقاً يحصل به المقصود؛ لأن المقصود هو تنبيه من يريد أن يمر إلى أن هذه سترة، فعليه أن لا يمرّ بين المصلي وبينها، وإنما يمر من ورائها إذا أراد أن يمر. وكذلك إذا لم يكن هناك سترة فعلى الإنسان أن يترك مقدار ثلاثة أذرع من قدم المصلي، وليمشِ من وراء ذلك؛ لأن المصلي إذا لم يتخذ سترة فإنه لا يملك ما أمامه من الفضاء، فيجوز للمار أن يمرّ إذا ترك مقدار ثلاثة أذرع من قدمه. قوله: [ (كان إذا خرج يوم العيد يأمر بالحربة فتوضع بين يديه) ] يعني: تغرز في الأرض، [ (فيصلي إليها والناس وراءه) ] أي أن الإمام هو الذي يتخذ السترة، وأما المأمومون فلا يتخذون سترة؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين، ولا بأس بالمرور بين الصفوف، ولكن لا ينبغي أن يمر بينها إلا لحاجة، كأن يريد أن يذهب إلى فرجة، أو يصل صفاً، وأما إذا لم يكن هناك حاجة فلا يمر؛ لأن هذا فيه تشويش على المصلين، فالسترة إنما هي للإمام، وليست للمأمومين، وكذلك يتخذ السترة -أيضاً- المصلي المنفرد، وأما المأموم فإنه لا سترة له تخصه، بل سترة الإمام هي سترة له. قوله: [ (وكان يفعل ذلك في السفر) ] يعني أنه يأخذ العنزة فيغرزها أمامه ويصلي إليها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فكان يفعل ذلك في العيد لأنه يخرج إلى الفضاء، وكذلك في السفر حيث يصلي في فضاء، فتتخذ العصا بين يديه، ويصلي إليها صلى الله عليه وسلم، وأما في الحضر فإنه يصلي إلى جدار، أو إلى عمود، أو إلى شيء شاخص في المساجد أو البيوت. قوله: [ فمن هنا اتخذها الأمراء ] يعني أنهم اتخذوها لصلاة العيد، ويحتمل هذا أنهم اتخذوا حربته صلى الله عليه وسلم، أو أنهم كانوا يتخذون أيّ حربة.

تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه)

قوله: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا ابن نمير ]. ابن نمير هو عبد الله بن نمير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل المشهور، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: ابن عمر و ابن عمرو و ابن عباس و ابن الزبير ، وهو -أيضاً- أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة و ابن عمر و ابن عباس و أبو سعيد و أنس و جابر و عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله: المكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

شرح حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء الظهر والعصر وبين يديه عنزة...
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء -وبين يديه عنزة- الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، يمر خلف العنزة المرأة والحمار) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في بطحاء مكة الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وكان يصلي إلى عنزة، وهي: العصا التي في رأسها حديدة. قوله: [ يمر خلف العنزة المرأة والحمار ] يعني أن ذلك لا يؤثر، فمرور المار من وراء السترة -سواءٌ أكان امرأة، أم حماراً، أم كلباً، أم غير ذلك لا يؤثر في الصلاة شيئاً.

تراجم رجال إسناد حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر وبين يديه عنزة


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي [ حدثنا شعبة ]. شعبة هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عون بن أبي جحيفة ]. عون بن أبي جحيفة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو: أبو جحيفة ، وهو: وهب بن عبد الله السوائي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا من الأسانيد الرباعية التي هي أعلى ما يكون عند أبي داود ، فبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، وهذا أعلى ما يكون عنده، ومثله مسلم والنسائي ، فهؤلاء الثلاثة ليس عندهم أعلى من الرباعيات، وأما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، بين البخاري وبين رسول الله صلى عليه وسلم فيها ثلاثة أشخاص: صحابي، وتابعي، وتابع تابعي، ومعنى هذا أن شيخ البخاري يكون من أتباع التابعين في الأحاديث الثلاثيات، وأما الترمذي فعنده حديث واحد ثلاثي، وأما ابن ماجة فعنده خمسة أحاديث ثلاثية، وكلها بإسناد واحد، وذلك الإسناد ضعيف.


الأسئلة



حكم جذب المنفرد خلف الصف امرأ من الصف ليصلي بجانبه

السؤال: قال النووي في (مجموعه): إذا لم يجد الداخل فرجة ولا سعة فالصحيح أنه يستحب أن يجذب إلى نفسه واحداً من الصف، ويستحب للمجذوب مساعدته. فما صحة هذا القول؟

الجواب: ورد في هذا حديث ضعيف، وهو حديث الاجترار، ولكنه حديث ضعيف لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا استطاع أن يصف بجوار الإمام فلاشك في أنه أولى.


حكم من صلى منفرداً خلف الصف ثم صف بجواره آخرون

السؤال: من ركع وحده خلف الصف ورفع ثم تلاحق به المأمومون بعد ذلك فما حكم ركعته؟

الجواب: مقتضى الحديث السابق أنها لا تعتبر صلاته؛ لأنه أمره بالإعادة، فقد يكون من القياس أن الجزء الذي فعله وحده كما لو فعل الصلاة كاملة كذلك، أي أنه يقضي ما صلاه منفرداً. فالقياس على مسألة ما لو صلى الصلاة كلها منفرداً فيعيد أنه إذا حصل شيء منها يعامل معاملة الكل، فمعنى هذا أنه يقضي هذا الذي فعله وحده. ولا يقال: إن أبا بكرة لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة ما صلاه قبل الصف منفرداً، فإنا نقول: ليس هناك شيء يبين أنه ما أدرك الإمام وهو راكع، فقد مشى ودب وهو راكع، ودخل في الصف، فليس هناك شيء يفيد بإنه أتى بالركوع قبل أن يصل، وأنه وصل إلى الصف وقد قام الإمام، ولو كان الأمر كذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تعد)، يعني أنه لا يجوز ذلك الفعل، لكنه أقره في هذه المرة، بمعنى أنه لا يفعله مرة ثانية، والنهي هنا للتحريم. والمعروف في هذا اللفظ والذي ضبطه العلماء أنه: (لا تَعُد) من العود، وقال بعضهم: إنه (لا تَعْدُ) من العَدْو، وقال بعضهم: (لا تُعِد) من الإعادة، لكن المشهور والمعروف هو الأول. ولو كان المقصود الإعادة لما احتاج إلى أن يقول إلى أن يقول: (لا تعد)، وإنما يقول له: (أعد) إذا كان الأمر يتطلب ذلك، لكن قوله: [ (زادك الله حرصاً) ] معناه أنك أديت ما عليك، لكن لا تكرر هذا الفعل مرّة أخرى."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.92%)]