تراجم رجال إسناد حديث وائل أنه رأى رسول الله يرفع يديه مع التكبيرة
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد -يعني ابن زريع- ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا المسعودي ]. هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الجبار بن وائل قال حدثني أهل بيتي عن أبي ]. قد مر ذكر عبد الجبار وأبيه.
شرح حديث ( لأنظرن إلى صلاة رسول الله كيف يصلي ... )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم كيف يصلي. قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول هكذا -وحلق بشر الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة-) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث وائل بن حجر من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه في التكبير في ثلاثة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. قوله: : [ (قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه) ] فيه أن رفع اليدين إلى محاذاة الأذنين، ويشرع -كذلك- محاذاة المنكبين، وكل ذلك صحيح وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه. قوله: [ (ثم أخذ شماله بيمينه) ] معناه أنه لما كبر تكبيرة الإحرام وقد رفع يديه حذو أذنيه وضع اليمين على الشمال على صدره. قوله: [ (فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك)]. يعني أنه رفع يديه عند التكبير للركوع. قوله: [ (ثم وضع يديه على ركبتيه) ]. يعني: في حال ركوعه وضع يديه على ركبتيه وهو راكع. قوله: [ (فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك) ]. أي: رفع يديه مثل ذلك، يعني: مثل ما تقدم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع. قوله: [ (فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه) ]. يعني: بين يديه، فيد من جهة اليمين ويد من جهة الشمال والرأس بينهما. قوله: [ (ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى)]. معنى: [( ثم جلس )] أي: بين السجدتين [( فافترش رجله اليسرى )] يعني أنه جلس عليها وجعل إليته عليها، فلم يجلس على الأرض، وإنما جلس على رجله اليسرى التي افترشها، وهذا يسمى الافتراش، وهو يكون بين السجدتين ويكون في التشهد الأول، وكذلك في الصلاة الثنائية كالنوافل والجمعة والعيدين وغيرها، وأما التورك -وهو الجلوس على الورك- فإنه لا يكون إلا في الصلاة الرباعية أو الثلاثية، ويكون في التشهد الأخير، والصلاة الثلاثية هي المغرب، والرباعية الظهر والعصر والعشاء، فهذه الصلوات الأربع في التشهد الأخير منها يتورك، وهنا ذكر الافتراش لأنه بين السجدتين. قوله: [ (ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى) ]. يعني: في التشهد بين السجدتين يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى. قوله: [ (وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى) ]. حد المرفق هو طرفه. قوله: [ (وقبض ثنتين وحلق حلقةً) ]. معناه أنه قبض الخنصر والبنصر، وحلق بالإبهام مع الوسطى، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض الثلاثة بدون تحليق، فهذا ثابت وذاك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا الذي ذكر إنما هو في التشهدين، وليس فيما بين السجدتين، فحال كونه بين السجدتين تكون اليدان على الفخذين. قوله: [ (وحلق حلقةً ورأيته يقول هكذا) ] يعني أنه كان يشير بالسبابة.
تراجم رجال إسناد حديث ( لأنظرن إلى صلاة رسول الله كيف يصلي ... )
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن مفضل ]. بشر بن مفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه هو كليب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء رفع اليدين وأصحاب السنن. [ عن وائل بن حجر ]. قد مر ذكره.
ذكر زيادة وضع اليد على اليد وتحريك الأيدي تحت الثياب في حديث وائل بن حجر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو الوليد حدثنا زائدة عن عاصم بن كليب بإسناده ومعناه، قال فيه: (ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد) وقال فيه: (ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب) ]. أورد أبو داود حديث وائل من طريق أخرى وفيه [ ( ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ) ]. ويعني بذلك أنه لما كبر وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، أي أن يده اليمنى تكون على ثلاثة أعضاء: على الساعد، وعلى الرسغ الذي هو المفصل، وعلى الكف، فتكون يده اليمنى جاءت على هذه المواطن الثلاثة، فلا يقلب يده، ولا يمسك الساعد، وإنما يضع اليمنى على الساعد والرسغ والكف. قوله: [ ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب ]. يعني أنهم كانوا يلتحفون بالثياب.
تراجم رجال إسناد زيادة وضع اليد على اليد وتحريك الأيدي تحت الثياب في حديث وائل بن حجر
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا أبو الوليد ]. أبو الوليد هو الطيالسي هشام بن عبد الملك ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زائدة ]. هو زائدة بن قدامة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. الملقي: [ عن عاصم بن كليب بإسناده ]. عاصم بن كليب وأبوه ووائل قد مر ذكرهم.
شرح حديث ( رأيت النبي حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه .... ) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وآله سلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه. قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية) ]. هذا الحديث مثل الذي قبله، وقوله: [ عليهم برانس وأكسية ]. البرنس قطعة من الثياب متصلة بالثوب من خلفه يغطى بها الرأس، والأكسية يراد بها هنا الثياب التي رآهم يلتحفون بها من البرد. وقوله: [ (يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة) ] يعني به رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام. قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك ]. شريك هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر ]. قد مر ذكر الثلاثة.
الأسئلة
الاختلاف في موضع رفع اليدين في الصلاة وحكمه
السؤال: هل الصحيح هو رفع اليدين إلى الأذنين عند مواضع رفعهما في الصلاة أم رفعهما إلى حذو المنكبين؟
الجواب: كل منهما ثابت، وهذا الاختلاف من اختلاف التنوع، فالاختلاف إذا وجد في مثل هذا فهو دال على التنوع، وكلا الأمرين ثابت، وللمصلي أن يفعل هذا تارة وهذا تارة؛ لأن ذلك كله ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نقل الإمام البخاري ولادة عبد الجبار بن وائل بعد وفاة أبيه
السؤال: ينقل عن الإمام البخاري أنه قال في التاريخ الكبير في ترجمة علقمة بن وائل : سمع أباه. وفي ترجمة عبد الجبار قال: ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر. فما صحة هذا القول؟
الجواب: هذا غير واضح؛ لأن عبد الجبار نفسه قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي. وكونه لا يعقل صلاة أبيه معناه أنه موجود في زمن أبيه.
حكم الانحناء لكبار السن
السؤال: اعتاد الناس في بعض البلاد الإسلامية على أنهم إذا رأوا أحداً من كبار السن فإنهم ينحنون له بما يشبه الركوع، ثم يجلس الواحد منهم إذا كان هذا الشيخ الكبير قائماً، ويعتبرون ذلك من الاحترام الواجب، وبعضهم -أيضاً- يسجد للسلطان، فما حكم هذا العمل؟
الجواب: كل هذه الأعمال لا تسوغ ولا تجوز وكلها حرام، ولا يجوز الانحناء لأحد إلا لله عز وجل، فالإنسان يصلي لله عز وجل بركوعه وسجوده، وأما فعل ذلك مع المخلوقين فذلك غير جائز، لا الانحناء، ولا السجود.
المراد بالميسر والأنصاب والأزلام
السؤال: ما المراد بالميسر والأنصاب والأزلام؟
الجواب: الأزلام جمع (زلم)، وهي سهام كانوا يضربونها ثم يستخرجون أحدها فإن كان فيه (افعل) فعل الضارب ما هو مقدم عليه، وإن كان فيه (لا تفعل) ترك ما هو مقدم عليه، وإن خرج الثالث فهو سهم ليس مكتوباً عليه شيء، فيعيد الضرب مرة أخرى. والأنصاب هي التي كان يذبحون عليها؛ لقوله تعالى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3]، والميسر هو القمار.
معنى قاعدة ( لا قياس في العبادات )
السؤال: ما المراد بقولهم: (لا قياس في العبادة)؟
الجواب: معناه أن العبادة يعول فيها على النصوص، فليس فيها قياس.
حكم سماع الرجل إذاعة الأخبار بصوت المرأة
السؤال: ما حكم سماع الأخبار التي تلقيها امرأة؟
الجواب: لا بأس به إذا لم يترتب على السماع فتنة، لكن لا يصلح أن تكون المرأة تلقي أخباراً في البلاد الإسلامية، وإن كان هذا قد وجد في بلاد الكفار، فإن احتاج الإنسان إلى أن يسمع الأخبار فله أن يسمع إذا لم يكن هناك افتتان بالصوت.
طالب العلم والدعوة إلى الله تعالى
السؤال: متى يكون طالب العلم أهلاً للدعوة؟ وما المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية)؟
الجواب: يكون الإنسان طالب العلم أهلاً للدعوة إذا كان متمكناً من الشيء الذي يدعو إليه، فالإنسان إذا كان غير متمكن وغير عالم بالذي يدعو إليه فقد يأمر بما هو منكر وينهى عما هو معروف، ولكن لا بد من أن يكون عالماً، أن يكون عنده علم وعند معرفة، فإذا أتقن شيئاً أو تحقق من شيء أو عرف أمراً من الأمور فإن له أن يدعو إلى هذا الذي عرفه وتحقق منه، ولا يُدخل نفسه في أمور أخرى لا يعرفها ولا يدركها ولا يعقلها، وإنما الشيء الذي أتقنه وعرفه يدعو إليه ويرشد إليه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فمعناه أن الإنسان لا يتساهل في شيء، بل الإنسان يبلغ ولو كان ما عنده إلا شيء يسير، فإنه يبلغ ما عنده، ولكن لا بد من التحقق بأن ما يدعو إليه هو على بصيرة فيه، كما قال الله عز وجل قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108]، فالشيء الذي لا يعرفه ولا يعقله يتركه، ولا يدخل نفسه في أمور لا يدركها ولا يعقلها، فإن ذلك يكون من القول على الله بغير علم.
الطاعنون في تنصيف دية المرأة
السؤال: ظهر في بعض البلدان الإسلامية أناس يقولون إن القول بأن دية المرأة نصف دية الرجل غير صحيح، وإن الأحاديث في ذلك غير صحيحة. فما رأيكم؟
الجواب: هذا كلام غير صحيح، وهذا القول الذي يقوله هؤلاء هو من التخبط، والعلماء -رحمهم الله- المشهور عنهم أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وقد جاء في ذلك بعض الأحاديث، وأظن أنَّ المسألة فيها إجماع، وقد ذكر ابن القيم أن المرأة على النصف من الرجل في خمسة أشياء: في الدية، وفي الشهادة، وفي العقيقة، وفي العتق، وفي الميراث.
الجمع بين كون ترك ابن عباس الأتان ترتع ودخوله الصلاة حصل في منى وكونه حصل في عرفة
السؤال: ورد في سنن أبي داود أن ابن عباس ترك الأتان وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في منى، وفي رواية النسائي أنه كان يصلي بعرفة، فما هو الجمع بينهما؟
الجواب: يمكن أن تكونا قصتين، أو تكون واحدة، وهذا هو الأرجح، والأرجح أنه كان في منى، وفي بعض الروايات أنه كان ذلك في يوم النحر، ويوم النحر إنما هو في منى.
توجيه ترك أبي داود إخراج حديث صلاته صلى الله عليه وسلم في منى إلى غير جدار
السؤال: ما هو توجيه فعل أبي داود في ترك إخراج حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام صلى في منى إلى غير جدار، مع أن أبا داود من منهجه في كتابه أن يسوق أدلة الفريقين؟ وما التوجيه لهذا الحديث؟
الجواب: كون المؤلف يلتزم بأن يورد كل حديث هذا ليس من شأن المصنفين، فليس من شأن أبي داود ولا غيره، وليس المقصود أنهم يجمعون كل الأحاديث، وإنما يأتون بجملة من الأحاديث، فالبخاري و مسلم لم يلتزما إخراج كل صحيح. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين."