شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)
كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [098]
الحلقة (129)
شرح سنن أبي داود [098]
من جملة أحكام الصلاة رفع اليدين فيها حذو المنكبين أو إلى شحمة الأذنين، وذلك عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول في الصلاة الثلاثية والرباعية، وهذا الفعل هو من جملة سنن الصلاة الواردة في عدد من الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر رفع اليدين عند القيام من التشهد الأول
شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين. حدثنا عثمان بن أبي شيبة و محمد بن عبيد المحاربي قالا: حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين ] يعني: من الركعتين الأوليين. وذلك في الصلاة الثلاثية أو الرباعية إذا قام من التشهد الأول، فهذا هو المقصود بقوله: [ قام من الثنتين ] يعني: بعد الثنتين الأوليين، فعندما يقوم من التشهد الأول يرفع يديه، وهذا أحد المواضع الأربعة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حميد الساعدي المتقدم، وكذلك من حديث غيره. فقوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه) ] يعني أن هذا أحد المواضع الأربعة التي ترفع فيها الأيدي.
تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ و محمد بن عبيد المحاربي ]. محمد بن عبيد المحاربي صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ قالا: حدثنا محمد بن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار ]. عاصم بن كليب مر ذكره، و محارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. قد مر ذكره.
شرح حديث (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن بن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر). قال أبو داود : في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو مثل الأحاديث المتقدمة في ذكر الأربعة المواضع التي ترفع فيها اليدان، وهي عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول. قوله: [ (ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد) ]. أي أنه لا يرفع بين السجدتين؛ لأن الذي بين السجدتين هو جلوس. وقوله: [ قال أبو داود : في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. أشار إلى أن هذا الذي في حديث علي بن أبي طالب هو -أيضاً- ثابت في حديث أبي حميد المتقدم.
تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه)
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ]. سليمان بن داود الهاشمي ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ]. عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم في المقدمة، وأصحاب السنن. و عبد الرحمن بن أبي الزناد هذا هو ابن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، وبه يكنى، فكنيته أبو عبد الرحمن ، وأما أبو الزناد فهو لقب له وليس بكنية، ولكنه على صيغة الكنية، وهو يكنى بابنه هذا، والرواية هنا في الإسناد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد. [ عن موسى بن عقبة ]. هو موسى بن عقبة المدني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ]. عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن الأعرج ]. الصحيح: عبد الرحمن الأعرج ، وهو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، فإما أن تكون (ابن) زائدة، أو أن اسم (هرمز) سقط بعد لفظة (ابن). [ عن عبيد الله بن أبي رافع ]. عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتب علي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن أبي طالب ]. هو علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يبلغ بهما فروع أذنيه) ]. أورد أبو داود حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، وفيه رفع اليدين في المواضع الثلاثة: عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع من الركوع. قوله: [ (حتى يبلغ بهما فروع أذنيه) ]. قيل: المقصود بالفروع الأعالي، وقيل: المقصود بها الأسافل، أي: الشحمتان.
تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)
قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نصر بن عاصم ]. نصر بن عاصم ثقة، أخرج له البخاري في (رفع اليدين) و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن مالك بن الحويرث ]. هو مالك بن الحويرث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن معاذ حدثنا أبي، ح: وحدثنا موسى بن مروان حدثنا شعيب -يعني ابن إسحاق ، المعنى -عن عمران عن لاحق عن بشير بن نهيك أنه قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: لو كنت قدام النبي صلى الله عليه و آله وسلم لرأيت إبطيه. زاد ابن معاذ - عبيد الله بن معاذ - قال: يقول لاحق أبو مجلز : ألا ترى أنه في الصلاة ولا يستطيع أن يكون قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وزاد موسى - ابن مروان الرقي شيخ أبي داود - يعني: إذا كبر رفع يديه ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: [ لو كنت قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه ]. يعني: عندما يرفع يديه إلى أذنيه عند التكبير لو كنت قدامه لرأيت إبطيه صلى الله عليه وسلم، والمقصود من ذلك أن المكبر يرفع يديه إلى محاذاة الأذنين. فهو يقول: [ لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه ] إشارة إلى رفعه اليدين. وقال أبو مجلز : [ ألا ترى أنه في الصلاة ولا يستطيع أن يكون قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ]. والمعنى أنه يستطيع ذلك في النفل، أي: أن يكون قدامه ويراه يصلي النافلة ويرفع يديه، وأما بالنسبة للفريضة وهو وراءه فلا يمكنه ذلك، ولكن الذي يمكنه في النافلة، بحيث يكون أمامه فيرى إبطيه صلى الله عليه وسلم. قوله: [ وزاد موسى - ابن مروان الرقي شيخ أبي داود - يعني: إذا كبر رفع يديه ]. أي: يرفع يديه حال التكبير، فأبو هريرة رضي الله عنه يخبر أنه لو كان أحدٌ أمامه لرأى إبطيه من رفعه ليديه صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الرفع إلى الأذنين وإلى المنكبين ثابت، كل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه)
قوله: [ حدثنا ابن معاذ ]. هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و النسائي و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحدثنا موسى بن مروان ]. موسى بن مروان مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا شعيب - يعني: ابن إسحاق ]. شعيب بن إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن عمران ]. هو عمران بن حدير السدوسي، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن لاحق ]. هو لاحق بن حميد أبو مجلز ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بشير بن نهيك ]. بشير بن نهيك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. قد مر ذكره.
شرح حديث (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله رضي الله عنه: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، فكبر ورفع يديه، فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه. قال: فبلغ ذلك سعداً فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني الإمساك على الركبتين-) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأورد كلام سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، ومعنى كلام سعد أن التطبيق كان موجوداً من قبل، وبعد ذلك نسخ بوضع اليدين على الركبتين، فابن مسعود رضي الله عنه حدث بالشيء الذي كان يعلمه، والذي كان من قبل ثم نسخ، ولهذا قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: [ صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني الإمساك على الركبتين- ].
تراجم رجال إسناد حديث (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. مر ذكره. [ حدثنا ابن إدريس ]. هو عبد الله بن إدريس الأودي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود ]. عاصم بن كليب مر ذكره، و عبد الرحمن بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو علقمة بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال عبد الله ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
من لم يذكر الرفع عند الركوع
شرح حديث ابن مسعود (ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم -يعني ابن كليب - عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم؟ قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة. قال أبو داود : هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع ] أي: لم يذكر رفع اليدين إلى محاذاة المنكبين أو الأذنين عندما يركع. لأنه ذكر الأحاديث التي فيها الرفع عند الركوع، وعند القيام من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول، ثم أتى بهذه الترجمة، وهي: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع ]. أي أنه ورد في بعض الأحاديث عدم ذكر الرفع عند الركوع، ولكن ما دام أنه قد ثبت في الصحيحين وفي غيرهما الرفع عند الركوع فإن هذا هو الذي يعتمد، وهو الذي يعول عليه، ومن لم يذكر الرفع عند الركوع فقد ذكره غيره، فيعول على رواية من ذكر، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، ولا يتعارض ما ورد من عدم ذكر الرفع مع ما ورد من ذكر الرفع؛ لأن أكثر ما في الأمر أن تكون بعض الروايات جاء فيها الرفع عند التكبيرة الأولى ولم يذكروا فيها شيئاً وراء ذلك، لكن قد جاءت الروايات الكثيرة بزيادة على الموضع الأول الذي هو عند تكبيرة الإحرام، وذلك عند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [ ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ] فرفع يديه في أول مرة. ثم قال أبو داود : [ وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ] وقد تكلم جماعة من أهل العلم في هذا الحديث، وبعض أهل العلم قال: إنه صحيح أو حسن. ولكن لا يعارض الأحاديث الكثيرة التي جاءت مثبتةً للرفع عند الركوع؛ لأن هذه فيها زيادة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، لاسيما أنَّ الروايات موجودة في الصحيحين وفي غيرهما.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود (ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم -يعني ابن كليب - ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن الأسود ]. عبد الرحمن بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو علقمة بن قيس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال عبد الله بن مسعود ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وإسناد هذا الحديث مستقيم، فأقل راوٍ فيه هو عاصم ، وهو صدوق، فيكون الحديث حسناً. وقد يقال: إن عبد الرحمن لم يسمع من علقمة. فالجواب أن عبد الرحمن ذكر عنه أنه أدخل على عائشة ، و علقمة يروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فمن أدرك عائشة رضي الله تعالى عنها أولى به أن يدرك علقمة . والحديث -فيما أظن- حسنه الشيخ الألباني . ولا يصح أن يعتبر شاذاً؛ إذ إنما أثبت موضعاً واحداً للرفع، والأحاديث الأخرى أثبتت ما زاد على ذلك، فليس هناك تعارض حتى بحكم بشذوذه. وأما قول أبي داود : [ وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ] فكأنه يعني أنه ليس بصحيح لمخالفته الأحاديث الأخرى، لكن المخالفة -كما أشرت- لا تؤثر؛ لأنه أثبت موضعاً، والأحاديث الأخرى جاءت وأثبتت عدة مواضع. ومما أجيب به عن فعل ابن مسعود أن هذا الذي حصل من ابن مسعود يمكن أن يكون من قبيل التطبيق الذي كان عرفه أولاً ثم لم يعلم نسخه، وكذلك ما ذكر هنا يكون من جنسه، أي أنه كان عرف هذا الموضع ولم يعرف غيره، فلا ينافي عدم ذكره مواضع أخرى، كما أن ذكره التطبيق لا ينافي الأحاديث الأخرى؛ لأن ذاك منسوخ والذي جاء بعده ناسخ، وهو وضع اليدين على الركبتين، وأما هذا فليس بنسخ، وإنما فيه ذكر موضع واحد، وجاءت أحاديث أخرى فذكرت مواضع أخر، فيؤخذ بهذا وبهذا.
يتبع