عرض مشاركة واحدة
  #242  
قديم 18-12-2022, 02:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,395
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب المناسك)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (237)

صـــــ(1) إلى صــ(27)





مشروعية استقبال القبلة عند رمي الجمار

[يفعل هذا في كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال مستقبل القبلة مرتباً]قوله: (يفعل هذا) أي: يفعل هذا الفعل تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، مرتباً إياه على الصفة التي ذكرناها؛ لأن السنة وقعت بياناً لواجب، وبيان الواجب واجب.
حكم جمع الرمي إلى اليوم الثاني أو الثالث

[وإن رماه كله في الثالث أجزأه]وإن رمى الجمرات كلها في الثالث أجزأه، استدلوا برخصته عليه الصلاة والسلام للرعاة والسقاة أن يجمعوا رمي اليومين في اليوم الثاني، وكذلك أن يجمعوا رمي اليومين الأخيرين في اليوم الأخير، قالوا: فلما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بالجمع دل على أن الوقت يتداخل، وأنه يجوز أن يجمع، ولكن هذا على سبيل العذر دون غير المعذور كما يقول جمهور العلماء، وعلى هذا فلا يجوز للمسلم أن يخالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بترك الرمي ليوم الحادي عشر أو اليوم الثاني عشر، ويجمع الرمي دفعة واحدة، وإنما عليه أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم، فيوقع الرمي في الأيام الثلاثة، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وجوب النية في الرمي مع الترتيب وجواز التوكيل فيه

[ويرتبه بنيته].ويرتب الرمي بالنية؛ لأن الرمي عبادة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات)؛ والرمي عمل تعبدي ولا يصح إلا بنية؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات)، فلابد وأن ينويه، وإذا كان وكيلاً عن الغير في الرمي كأن يكون مريضاً، ويكون الإنسان مثلاً عاجزاً كالمشلول، أو يكون مريض القلب الذي لا يمكنه أن يدخل في زحام ليرمي، أو مجروح اليد على وجهٍ لا يمكنه الرمي، فإن هؤلاء يوكلون، وهكذا الحطمة من الناس، الذين يغلب على الظن أنهم لو دخلوا في الزحام لماتوا، أو لتضرروا ضرراً لا يمكن الصبر عليه، أو تلحق بهم مشقة فادحة بحيث لا يكلفون بمثلها، فهؤلاء إذا وكلوا الغير فإنه يشترط في الوكيل أن يكون حاجاً، فلا يصح الرمي وكالة ممن لم يحج، فلو أخذ الحصى وقال لرجل: ارم عني، وكان هذا الرجل غير حاج فإنه لا يجزيه؛ لأن هذه العبادات لا تصح إلا من الحاج، بل لابد وأن يكون متلبساً بالنسك، فإذا كان متلبساً بالنسك وأراد أن يرمي يبدأ رمي الثلاث الجمرات عن نفسه أولاً؛ حتى تبرأ ذمته عن الرمي كاملاً، ثم يرجع ويرمي عن موكله الجمرات الثلاث، سواء كان واحداً أو أكثر من واحد، فلا بأس أن يتوكل عن واحد فأكثر، ولا بأس أن يتوكل الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل، على الأصل الذي ذكرناه في باب الوكالة في الحج.

حكم تأخير الرمي وعدم المبيت بمنى


[فإن أخره عنه أو لم يبت بها فعليه دم]أي: إن أخر الرمي عن اليوم الثالث الأخير، أو لم يبت بمنى، الباء للظرفية، بمعنى: في منى؛ لأن من معاني الباء الظرفية، فتقول: محمد بالبيت، أي: في البيت، أي: في داخله.
والمبيت بمنى ذكرنا أنه واجب، وحينئذٍ ينبغي أن يكون مبيته داخل حدود منى، ومنى حدها كما لا يخفى من جمرة العقبة إلى وادي محسر، وجمرة العقبة على أصح الأقوال لا تدخل في حدود منى؛ وذلك لأن عمر رضي الله عنه كان يأمر بطرد الناس وإدخالهم إلى منى، فمن وجدوه عند جمرة العقبة وبعدها أمروه أن يدخل إلى منى. أما وادي محسر ففيه وجهان مشهوران للعلماء رحمهم الله:
- فمن يقول باتصال المشعرين مزدلفة ومنى يرى أن وادي محسر من منى.
- ومن لا يرى الاتصال يراه فاصلاً، وأنه مكان غضب وسخط، ولذلك حرك عليه الصلاة والسلام دابته -كما ثبت في الحديث الصحيح- حينما دفع من مزدلفة إلى منى عندما مر بهذا الوادي.
وأما بالنسبة للجهة الشرقية إلى الجنوب، والغربية إلى الشمال فيكتنف منى جبلان: أحدهما يسمى: جبل ثبير، والثاني يسمى جبل الصانع، وهذان الجبلان قد أجمع العلماء على أن ما أقبل منهما من منى وما أدبر منهما ليس من منى، والحد بالقمم، فقمم الجبال هي الفاصل، فإذا كان على القمة فهو على الشبهة، وإنما يكون دون القمة، يعني: دون منتصف الجبل من قمته، فما كان من هذا فما دون فإنه من منى، وما كان من القمة وما وراءها فإنه يعتبر خارجاً عن منى، ولا بد أن يتحقق المبيت بكل الليل أو بأكثر الليل، وأما إذا كان جزءاً من الليل فللعلماء فيه خلاف مشهور:
قال بعض العلماء: من اضطجع ونام بمنى ولو سويعات فقد بات بها.
وقال بعض العلماء: إن المبيت يتحقق بالثلث فأكثر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الثلث والثلث كثير) .
وإذا قلنا: أكثر الليل، فللعلماء وجهان في ضابط الليل:
قال بعض أهل العلم: تحسب من غروب الشمس إلى طلوعها، ثم تقسم على اثنين، وتضيف الناتج إلى ساعة الغروب، فلو كان غروب الشمس في السابعة وطلوع الشمس في السادسة، فهذه إحدى عشرة ساعة، تقسمها على اثنين فتصير خمس ساعات ونصفاً، تضيفها إلى سبع، فيكون منتصف الليل حينئذٍ عند الساعة الثانية عشرة والنصف، هذا بالنسبة لنصف الليل الأول، ثم ما بعد ذلك إذا كان قد دخل إلى حدود منى قبل الساعة الثانية عشرة والنصف، فإنه يكون قد بات بمنى أكثر الليل، وأما إذا كان بعد الثانية عشر والنصف أو في الثانية عشرة والنصف فإنه لم يتحقق المبيت أكثر الليل.
وقال بعض العلماء: يحسب أكثر الليل من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق، وهو أذان الفجر، فيرون أنه من مغيب الشمس، فإذا كان المغيب على السابعة وأذان الفجر على الخامسة مثلاً، فحينئذٍ تحسب ما بين السابعة وبين الخامسة وهي عشر ساعات تقريباً، وحينئذٍ تقسمها على اثنين وهي خمس ساعات، فتقول: إذا دخل قبل الثانية عشرة فإنه يعتبر قد أدرك أكثر الليل وسقط عنه الدم وإلا فلا، هذا بالنسبة لمسألة المبيت.
ويتحقق المبيت بمضي أكثر الليل والإنسان في منى، سواء مضى عليه وهو نائم، أو مضى عليه وهو مستيقظ، فإن من كان في حدود منى فقد بات بها، سواء نام أو لم ينم، ولكن السنة أن ينام تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم.

حقيقة التعجل ووجوب المبيت والرمي لغير المتعجل

[ومن تعجل في يومين خرج قبل الغروب وإلا لزمه المبيت والرمي من الغد].قوله: (ومن تعجل في يومين) المراد بذلك: أن يتعجل في اليوم الثاني عشر فيخرج من حدود منى قبل مغيب الشمس، فإذا غابت عليه الشمس وهو خارج حدود منى فقد تعجل، والعجلة تستلزم من المسلم أن يأخذ بأسباب التعجل، وذلك بالاحتياط والتحفظ؛ لأن التعجل ورد في صيغة القرآن، في قوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203]، هذا اللفظ الذي نص عليه القرآن يدل على شيء من التكلف، وأخذ الحيطة والحزم في الأمر، أما لو أنه قصر وغابت عليه الشمس ولو كان مرتحلاً وعجل فللعلماء فيه وجهان:
جمهور العلماء -والمنصوص عليه عند الأئمة-: على أنه يعتبر ملزماً بالمبيت؛ لأنه لم يتعجل حقيقة، وفرق بين تعجل الصورة وتعجل الحقيقة؛ لأن الله يقول: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ [البقرة:203] وفي للظرفية، ومعنى ذلك: أنه قد حصلت العجلة والخروج من حدود منى في اليومين، واليومان المراد بهما: الحادي عشر والثاني عشر، بمعنى: أنه قد خرج من حدود منى قبل أن تغيب عليه شمس اليوم الثاني عشر، واشترط بعض العلماء: أن يكون تعجله وخروجه من منى على التقوى؛ وذلك لقوله تعالى: لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203] والمراد بالتقوى كما يقول بعض السلف: أن لا يخرج سآمة من الحج وفراراً من كلفة الحج، كما يفعله بعض العامة، فإنه يريد أن يتعجل لا من باب التقوى وإنما يتعجل سآمة وفراراً من تكاليف الحج، وحينئذ ٍقالوا: لم يتحقق فيه الشرط، ولا يجوز للمسلم أن يسأم العبادة والخير والطاعة والقربة، ولذلك ينبغي لمن تعجل أن ينتبه لهذا الأمر، وهو أن لا يخرج من مشعر منى كارهاً العبادة -والعياذ بالله-، أو سائماً منها أو فاراً من كلفتها وتبعتها، وإنما يخرج على سبيل التقوى والاسترخاص برخص الله كما قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم برخص الله التي رخص لكم) .
قوله رحمه الله: (خرج) هذا يدل دلالة واضحة على أنه لابد وأن يتحقق الخروج، فإذا لم يحصل الخروج فإنه لم يتعجل، وهذا كما ينص عليه جماهير أهل العلم من السلف رحمهم الله ومن بعدهم: أنه لابد من حقيقة التعجل وذلك إعمالاً لنص القرآن على ظاهره: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203]، وحقيقة التعجل أن يخرج من حدود منى، فإذا خرج من حدود منى بمتاعه ورحله، وأدركه المغيب وهو خارج حدود منى ولو بخطوة واحدة فقد تعجل حقيقة، وحينئذٍ يسقط عنه مبيت اليوم الأخير والرمي عن اليوم الأخير، أما لو خرج عن حدود منى قبل المغيب ثم رجع بعد المغيب وأخذ متاعه فليس بمتعجل، وإنما هو محتال على الشرع ويلزمه المبيت الليلة الأخيرة ويلزمه الرمي لذلك اليوم؛ لأنه لم يتعجل حقيقة، وعبر المصنف بالخروج لكي يدل على أنه إذا لم يقع منه الخروج الحقيقي فليس بمتعجل، ويلزمه ما يلزم من لم يتعجل من مبيت الليلة الأخيرة والرمي إعمالاً للأصل الذي ذكرناه.


وجوب طواف الوداع وأن يكون آخر العهد بالبيت هذا الطواف

[فإذا أراد الخروج من مكة لم يخرج حتى يطوف للوداع]قوله: (فإذا أراد الخروج) بمعنى: أنه تهيأ للخروج، لم يخرج من مكة حتى يطوف طواف الوداع، ويسمى: طواف الصَدَر أيضاً، وسمي طواف الوداع؛ لأن الحاج يودع به البيت، والأصل في هذا الطواف: أن الناس كانوا يصدرون من فجاج منى وعرفات إلى بلدانهم، قالت أم المؤمنين عائشة كما في الصحيح : (كان الناس يصدرون من فجاج منى وعرفات فأمروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت الطواف)، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (اجعلوا آخر عهدكم بالبيت الطواف)، هذا الطواف يسمى: طواف الوداع؛ لأنه آخر ما يكون من الحاج كأنه يودع البيت بالطواف عليه.

لزوم إعادة طواف الوداع لمن اتجر بعده


[فإن أقام أو اتجر بعده أعاده]قوله: (فإن أقام) بمكة (أو اتجر) أي: إذا باع واشترى فإن عليه أن يعيد طواف الوداع؛ لأن طواف الوداع يشترط فيه أن يخرج مباشرة وقوله: (أو اتجر) فيه تفصيل: التجارة تقع بالبيع والشراء، ومن باع أو اشترى بعد طواف الوداع فله حالتان:
الحالة الأولى: أن يقع بيعه وشراؤه على وجه يستعين به على الخروج، كأن يشتري زاداً لراحلته أو يشتري طعاماً لدابته، وفي زماننا لو توقف لوقود السيارة أو تغيير زيت السيارة مثلاً، فهذا التأخر في حكم الخروج؛ لأن المراد به الاستعانة به على الخروج، واغتفر العلماء مثل هذا في الرواحل في القديم، وهو مغتفر في زماننا في السيارات الموجودة ووسائل النقل الموجودة، ولو أراد أن يحجز وحجز لسفر في مركوب أو نحوه وتهيأ للركوب وأخذ يتهيأ له فظل ساعة أو ساعة ونصفاً وهو يتهيأ للسفر والذهاب إلى محطة السفر أو نحو ذلك، فهذا التأخر كله مغتفر إذا كان يسيراً، أما إذا تفاحش فإنه يلزمه الرجوع وإعادة طواف الوداع.
الحالة الثانية: أن يتجر على وجه لا يقصد به الاستعانة على الخروج فإنه يُلْزَمُ بالرجوع لإعادة طواف الوداع، فلو خرج واشترى هدية لأولاده أو لزوجه أو لأقاربه، فإنه يلزمه أن يرجع بعد شرائه ويطوف طواف الوداع مرة ثانية؛ حتى يكون آخر عهده بالبيت الطواف، فإذا كان آخر عهده بالحج التجارة، فإنه يلزمه أن يرجع ويكون آخر عهده بالبيت الطواف، على الصفة الشرعية لمكان التعبد، ولذلك قال المصنف: (فإن أقام أو اتجر أعاده) أي: أعاد طواف الوداع بعد ذلك الفعل، الذي لا يعد من جنس الطواف ولا من جنس الخروج.

ترك طواف الوداع للحائض والنفساء


[وإن تركه غير حائض رجع إليه].هذا الطواف للعلماء فيه وجهان: أصحهما الوجوب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (اجعلوا آخر عهدكم بالبيت الطواف)؛ ولقول أم المؤمنين عائشة : (فأمروا) والأمر يدل على الوجوب، لكن يرخص للمرأة الحائض والنفساء، فالمرأة الحائض والنفساء تنفر وتصدر مباشرة دون أن تلزم بطواف الوداع؛ لقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (إلا أنه خفف عن المرأة الحائض والنفساء) ، وفي الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام: (أنه لما ذكر له أن صفية قد حاضت، قال: عقرى حلقى أحابستنا هي؟! ثم قال: ألم تكن طافت يوم النحر -يعني: طواف الإفاضة- قالوا: نعم، قال: فلا إذن -وفي رواية: انفري-) ، فأمرها بالنفر مع أنها لم تكن قد طافت طواف الوداع، وهذا يدل على الرخصة في طواف الوداع بالنسبة للمرأة الحائض والنفساء.


لزوم الدم على من ترك طواف الوداع وشق عليه الرجوع


[وإن تركه غير حائض رجع إليه]وإذا خرج الإنسان من مكة وترك طواف الوداع أو نسيه، ثم تذكره فلا يخلو من حالتين: إما أن يتذكره قبل مسافة القصر فحينئذٍ إذا رجع سقط عنه الدم، وأما إذا تذكره بعد مسافة القصر فإنه يلزمه الدم، سواء رجع أو لم يرجع.
[فإن شق أو لم يرجع فعليه دم]
لأنه واجب، والواجب يجبر بالدم كما قررناه وذكرنا دليله غير مرة.

دخول طواف الوداع تحت طواف الإفاضة إن أخر


[وإن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج أجزأ عن الوداع]قوله: (وإذا أخر طواف الزيارة) وهو الإفاضة، قوله: (طواف الزيارة) كره بعض السلف تسمية طواف الإفاضة بطواف الزيارة، وقد أُثر عن الإمام مالك رحمه الله أنه كره هذه التسمية، ولكن جمهور العلماء على جواز التسمية بطواف الزيارة؛ لأن مسلماً أورد في صحيحه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صفية : ألم تكن زارت يوم النحر؟ قالوا: نعم، قال: فلا إِذَنْ) فسمى طواف الإفاضة: زيارة، فدل على جواز هذه التسمية، وأنه لا مانع منها ولا كراهة.
فإذا أخر طواف الزيارة، كالمرأة الحائض تؤخر طواف الزيارة عن يوم النحر إلى آخر أيام التشريق، ثم تطوف طواف الزيارة وتسافر مباشرة، فحينئذٍ يدخل طواف الوداع تحت طواف الإفاضة؛ لأن القاعدة في الشرع: أنه إذا اندرج الأصغر تحت الأكبر وتحقق المقصود فإنه يجزيه الفعل الواحد. ووجه ذلك: أن المقصود من طواف الوداع أن يكون آخر عهد الإنسان بالبيت الطواف، فإذا طاف طواف الإفاضة فإنه سيكون آخر عهده بالبيت الطواف، وحينئذٍ يجزيه طواف الإفاضة عن طواف الوداع، ويسقط عنه طواف الوداع ولا حرج عليه في ذلك، وعلى هذا قال العلماء إذا أخره مع العذر، أما إذا لم يوجد العذر فخلاف السنة، فالسنة أن يطوف الإنسان يوم النحر وأن يحرص على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به.

أقوال العلماء في وقوف غير الحائض بين الركن والباب

[ويقف غير الحائض بين الركن والباب داعياً بما ورد].هذا يسمى: الملتزم، وخفف العلماء فيه وقالوا: لا بأس أن يلتزمه الإنسان بأن يلصق صدره به ويدعو ويسأل الله عز وجل من فضله، وينبغي أن يكون خالياً من المحظور، كالتمسح بجدران الكعبة والاعتقاد في هذا الموضع، يعني: لا يجوز للمسلم أن يحدث في مثل هذه الأمور التعبدية زائدة عن الوارد، وإنما قالوا: أثر عن بعض السلف رحمهم الله وفيه حديث مرفوع لكنه تكلم في سنده، وأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن بعض الصحابة أيضاً، وأشار المحب الطبري في كتابه: القرى لقاصد أم القرى، إلى آثار في ذلك، فالوارد عند الملتزم قالوا: يلتزم ويدعو ويسأل الله من فضله، ولا بأس بذلك ولا ينكر على الإنسان إذا فعله، إما إذا كان هناك زحام وتأذى الطائفون بوقوف الإنسان في هذا فإنه يتقي هذا؛ لأنه لا يجوز أذية الطائف، والطواف في البيت هو المقصود، وهي عبادة مقصودة أكثر من الالتزام، ولا ينبغي للإنسان أن يحرص على شيء لم تثبت فيه سنة قوية ثابتة، ومع ذلك قد يؤذي فيه الطائفين، أو يقع في محظور، كمزاحمة النساء ونحو ذلك، فعلى الإنسان أن يتقي مثل هذا، وليس هناك دعاء مخصوص وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا.

عدم مشروعية الوقوف بباب المسجد الحرام للمرأة الحائض

يقول رحمه الله: [وتقف الحائض ببابه وتدعو بالدعاء].قوله: (وتقف الحائض بابه) يعني: باب المسجد الحرام؛ لأن الحائض لا تدخل المسجد، وتدعو بما ورد، ووقوف المرأة هذا الوقوف فيه تكلف ولم يثبت به نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك حاضت صفية ولم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقف هذا الموقف، ولذلك لا وجه لهذا ولا أصل له، بل إن المرأة الحائض تصدر من مكانها، وليس لهذا الوقوف داعٍ، وتكلف المجيء إلى المسجد على هذا الوجه ليس له داع، فلا وجه للأمر به والتعبد به على هذه الصفة إلا إذا ثبت نص صحيح، وليس ثم دليل يدل على ذلك، وعليه فإنه لا يشرع للمرأة الحائض أن تقف على هذا الوجه، أو تتكلف المجيء إلى المسجد لهذا الدعاء وهذه المسألة.


عدم مشروعية شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره

[وتستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه]قوله: (وتستحب) الاستحباب حكم شرعي، وقولهم: (تستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم) هذا الاستحباب لم يرد دليل عليه، بل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) ، فدل على أنه لا يجوز شد الرحال في السفر لزيارة القبور، سواء كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر صاحبيه أو قبر غيرهم من الصالحين أو أي قبر، فلا يجوز للمسلم أن يشد الرحال لزيارة القبور، ولا للدعاء عندها، ولا للذبح ولا للنذر، ومن نذر شيئاً من ذلك فلا يلزمه الوفاء به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شد الرحال، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) ، فدل على أن النذر إذا لم يكن على الصفة الشرعية أنه لا يلزم الوفاء به، وعلى هذا فإن قوله: (يستحب شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه) خلاف السنة، وخلاف الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (لا تشد الرحال)، وإنما المسنون أن يسافر وينوي من أجل زيارة المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) فينوي زيارة المسجد.
وقد فضل الله مسجد نبيه وحبيبه صلوات الله وسلامه عليه على غيره من المساجد، عدا المسجد الحرام، فينوي زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وينوي الصلاة في المسجد ولا ينوي زيارة القبر، وإنما ينوي هذه الزيارة الشرعية ويشد الرحال من أجل المسجد، تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث رغب في ذلك بقوله: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)، وإذا زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ينبغي له إذا دخل المسجد أن يبدأ بتحية المسجد قبل أن يبدأ بأي شيء، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة الثابت في الصحيح في قصة المسيء صلاته: (فإن المسيء صلاته لما دخل المسجد جاء وركع ركعتين ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال عليه الصلاة والسلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ارجع فصلِّ) قال العلماء: في هذا دليل على أن من دخل المسجد ينبغي أن يبدأ أول ما يبدأ بتحية المسجد؛ لأن الرجل ابتدأ بتحية المسجد ثم سلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على أن السنة أن يبدأ بتحية المسجد قبل السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فرغ من التحية مضى إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام الشرعي، ثم يسلم على أبي بكر ، ثم يسلم على عمر وجزاهما عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وسأل الله لنبيه عليه الصلاة والسلام الوسيلة، ثم بعد ذلك ينصرف، ولا يستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الاستغاثة والاستجارة والدعاء كلها أمور لا يجوز صرفها لغير الله جل جلاله، فإن الله لا يأذن لعبده أن يدعو سواه، أو يستغيث بأحد عداه، أو يستجير به، فإنه لا يملك النفع أو الضر إلا الله جل جلاله، الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، فلا يجوز أن يقول: يا رسول الله! اشفني، أو يا رسول الله! عافني، أو يا رسول الله! أغثني، أو يا رسول الله! مدد، فإنه لا يشفي ولا يكفي ولا يجير ولا يدفع السوء إلا الله، ولا يقول: يا رسول الله! حقق لي سؤلي، أو اشفع لي عند ربي، أو نحو ذلك من الأمور التي لا يجوز صرفها إلا لله عز وجل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرضى بالشرك في مكان آخر، فضلاً عن يأتي الإنسان لزيارته والسلام عليه صلوات الله وسلامه عليه ويشرك عند قبره، فالحرمة أعظم، وعلى من زار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراعي الأدب، فلا يرفع صوته عند قبره وإنما يغض من صوته ويسلم السلام الشرعي، ولا يتكلف بطول القيام وهو يمطط العبارات وينمق الكلمات، أو يغلو في وصفه عليه الصلاة والسلام، وإنما يسلم سلاماً شرعياً كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيونه صلوات الله وسلامه عليه، وهذا هو الوارد، وهذه هي الزيارة الشرعية.
وأما أن يقف الإنسان الوقفات الطويلة، وهو يمطط العبارات ويترنم بالكلمات، ولربما تكون -والعياذ بالله- مشتملة على صرف حق الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل أن يقول: يا مغيث الملهوفين! ويا ملاذ الهاربين! ويا أمان الخائفين! هذا كله ليس إلا لله جل جلاله، فلا أمان إلا من الله، فهو الذي يؤمِّن الخائف، وهو الملاذ للهارب والمعين للمستعين، والغوث للمستغيث، والمجير للمستجير: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] سبحانه لا إله إلا هو، فالله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم من أجل هذا الأصل وهو: أن يعبد الله وحده لا شريك له، وأن يفرده بالعبادة، وأن يصرف حق الله لله خالصاً، ولذلك لا يجوز للمسلم أن يستهين بمثل هذه الأمور، فبين الإسلام والشرك كلمة واحدة، فلو قال: يا رسول الله! اشفني، فإنه شرك أكبر -نسأل الله السلامة والعافية-، أو قال: أغثني، أو أدركني، أو المدد؛ كل ذلك من الشرك الأكبر، الدعاء والاستغاثة والاستجارة بغير الله كائناً ما كان ذلك المغاث به، سواءً كان ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً، من الشرك الأكبر، قال الله عز وجل: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ [الإسراء:57]، فالله عز وجل ذكر عن هؤلاء الصالحين الذين يُعْبَدُون من دون الله، قيل: إنها نزلت في عيسى بن مريم حين عبدته النصارى واتخذته إلهاً من دون الله، فقال الله: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ [الإسراء:57]، فهؤلاء الصالحون يدعون الله ويلتجئون إلى الله، فحري بالمسلم أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يعلم أن لله حقاً ولرسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً، ولا يجوز صرف حق الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن الرسول عليه الصلاة والسلام ما بعث ولا أرسل إلا من أجل هذا الأصل، وهو: إفراد الله بالعبادة، وصرف ما لله خالصاً لوجهه الكريم، والله يخاطب رسوله عليه الصلاة والسلام ويقول له: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66] ، أي: كن من الموحدين المخلصين له سبحانه وتعالى.
فينبغي على المسلم أن يفرد الله بالعبادة، وأن يصرف حق الله خالصاً لوجهه، مثل: الدعاء والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من الحقوق التي لا ينبغي صرفها إلا لله سبحانه وتعالى لا شريك له، وخاصة إذا كان المسلم قد جاء إلى الحج، فبينه وبين الله عهد وهو يقول: لبيك لا شريك لك لبيك، فمعنى ذلك: أنه سيفرد الله بالعبادة ولا يصرف حق الله عز وجل لغيره كائناً ما كان ذلك الغير.

الأسئلة

مشروعية صلاة ركعتي الطواف

السؤال: لم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى أن بعد طواف الإفاضة صلاة ركعتين، فهل تشرع الصلاة بعده، أم لا، أثابكم الله؟

الجواب: باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلكل طواف بالبيت ركعتان، ويلزم بهاتين الركعتين في طواف الإفاضة وغيره بإجماع العلماء. والله تعالى أعلم.

وصايا عامة لمن وفقه الله للحج وما يكون عليه بعد الحج

السؤال: هل من كلمة أو وصية لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان بعد حجه، أثابكم الله؟

الجواب: من وفقه الله للحج إلى بيت الله الحرام، فأول وصية له: أنه ينبغي عليه أن يحمد الله جل جلاله، وأن يشكره على فضله، يشكر نعمة الله التي أنعم بها عليه، ومنته التي أسدى إليه، ويقول: اللهم! لك الحمد ولك الشكر اخترتني من بين الملايين من الأمم، وحملتني على ما يسرت لي، وهديتني وأعنتني، وسلمت لي بدني وصحتي، ووفقتني إلى أداء هذه المناسك والشعائر لا أحصي ثناء عليك، ومن شكر الله زاده، ومن حمد الله فإن الله يحب أن يحمد ويحب أن يثنى عليه ويحب أن يمجد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (أهل الثناء والمجد) فيحمد الله عز وجل أولاً.
الوصية الثانية: من حج إلى بيت الله الحرام فإن الله عز وجل أكرمه ويسر له بالوقوف في هذه المشاعر والمناسك، فحط الآثام ومحيت عنه الخطايا، وتقرب إلى الله عز وجل بإراقة دمعة الندم، وأحس بالألم لما كان مما سلف من الذنوب والعصيان، فهجر هذه الذنوب وقلاها، وبكى بكاء الندم بين يدي الله مستغيثاً مستقيلاً تائباً راجياً رحمة الله جل جلاله، الله أعلم كم في هذه الرحاب من ذنوب غفرت، وخطايا محيت، وسيئات أقيل أصحابها، وعثرات أقال الله من تلبس بها، فهي منازل الكرم ومنازل الجود من الله جل جلاله سبحانه، له الحمد وله الفضل لا نحصي ثناء عليه، فإذا أحس المسلم أن الله أنعم عليه بهذه النعمة، فليكن أيضاً من شكره أن يحسن فيما بقي من عمره، وأن يكسر قلبه لله، وأن يسأل الله أن يحسن له الخاتمة، وأن يحسن له فيما بقي من الأجل، ويقول: يا رب! أسألك فيما بقي من عمري عملاً صالحاً يقربني إليك، فيرجع بقلب جديد وقالب جديد وعمل صالح رشيد.
الوصية الثالثة: عليه أن لا يفتخر وأن لا يرائي، وأن لا يدلي على الله بنعمته، بل عليه أن يقول: اللهم! إني أسألك القبول.
الوصية الخامسة: من دلائل قبول الحج أن يكون حال الإنسان بعد الحج أفضل من حاله قبل الحج، ولن يكون ذلك إلا بفعل فرائض الله، وترك حدود الله ومحارم الله، والخوف من عذاب الله ولقاء الله، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا ذلك الرجل، وعلى المسلم إذا رجع إلى أهله ورجع إلى وطنه وإلى بلده أن يرجع بعمل صالح جديد، وأن يحاول أن يغير من أخلاقه، فإن الإسلام أدبه وهذبه بهذه العبادة، فالذي حج إلى بيت الله الحرام، وامتنع من وطء ومباشرة زوجته -وهي حلال عليه- أيام الحج، حري به أن يتقي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والذي حج إلى بيت الله الحرام وعف عن الرفث والفسوق والجدال في الحج، حري به أن يرجع عفيفاً عن أعراض المسلمين، فلا يغتاب ولا يقع في النميمة ولا يؤذي المسلمين، يرجع بحال جديد ويصلح ما بينه وبين الله، وما بينه وبين عباد الله.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل حجنا مبروراً، وسعينا مشكوراً، وذنبنا مغفوراً، وعملنا صالحاً متقبلاً مبروراً.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.69 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]