عرض مشاركة واحدة
  #330  
قديم 25-12-2022, 09:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,147
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(316)
الحلقة (330)
صــ 511إلى صــ 518



4725 - حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن درست عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عائشة وزيد بن ثابت قالا : [ ص: 511 ] إذا دخلت في الحيضة الثالثة فلا رجعة له عليها .

قال أبو جعفر : " والقروء " في كلام العرب : جمع " قرء " ، وقد تجمعه العرب " أقراء " يقال في " فعل " منه : " أقرأت المرأة " - إذا صارت ذات حيض وطهر - " فهي تقرئ إقراء " . وأصل " القرء " في كلام العرب : الوقت لمجيء الشيء المعتاد مجيئه لوقت معلوم ، ولإدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم . ولذلك قالت العرب : " قرأت حاجة فلان عندي " ، بمعنى : دنا قضاؤها ، وحان وقت قضائها " وأقرأ النجم " إذا جاء وقت أفوله " وأقرأ " إذا جاء وقت طلوعه ، كما قال الشاعر :


إذا ما الثريا وقد أقرأت أحس السماكان منها أفولا
وقيل : " أقرأت الريح "إذا هبت لوقتها ، كما قال الهذلي :


شنئت العقر عقر بني شليل إذا هبت لقارئها الرياح
بمعنى : هبت لوقتها وحين هبوبها . ولذلك سمى بعض العرب وقت مجيء الحيض " قرءا " إذا كان دما يعتاد ظهوره من فرج المرأة في وقت ، وكمونه في آخر ، فسمي وقت مجيئه " قرءا " كما سمى الذين سموا وقت مجيء الريح لوقتها " قرءا " . [ ص: 512 ]

4726 - ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : دعي الصلاة أيام أقرائك .

بمعنى : دعي الصلاة أيام إقبال حيضك .

وسمى آخرون من العرب وقت مجيء الطهر " قرءا " إذ كان وقت مجيئه وقتا لإدبار الدم دم الحيض ، وإقبال الطهر المعتاد مجيئه لوقت معلوم . فقال في ذلك الأعشى ميمون بن قيس :


وفي كل عام أنت جاشم غزوة تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالا وفي الذكر رفعة لما ضاع فيها من قروء نسائكا
فجعل " القرء " : وقت الطهر .

قال أبو جعفر : ولما وصفنا من معنى : " القرء " أشكل تأويل قول الله : " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " على أهل التأويل . [ ص: 513 ]

فرأى بعضهم أن الذي أمرت به المرأة المطلقة ذات الأقراء من الأقراء ، أقراء الحيض ، وذلك وقت مجيئه لعادته التي تجيء فيه - فأوجب عليها تربص ثلاث حيض بنفسها عن خطبة الأزواج .

ورأى آخرون : أن الذي أمرت به من ذلك ، إنما هو أقراء الطهر - وذلك وقت مجيئه لعادته التي تجيء فيه - فأوجب عليها تربص ثلاث أطهار .

فإذ كان معنى " القرء " ما وصفنا لما بينا ، وكان الله تعالى ذكره قد أمر المريد طلاق امرأته أن لا يطلقها إلا طاهرا غير مجامعة ، وحرم عليه طلاقها حائضا كان اللازم المطلقة المدخول بها إذا كانت ذات أقراء تربص أوقات محدودة المبلغ بنفسها عقيب طلاق زوجها إياها ، أن تنظر إلى ثلاثة قروء بين طهري كل قرء منهن قرء ، هو خلاف ما احتسبته لنفسها قروءا تتربصهن . فإذا انقضين ، فقد حلت للأزواج ، وانقضت عدتها ، وذلك أنها إذا فعلت ذلك ، فقد دخلت في عداد من تربص من المطلقات بنفسها ثلاثة قروء ، بين طهري كل قرء منهن قرء له مخالف . وإذا فعلت ذلك ، كانت مؤدية ما ألزمها ربها تعالى ذكره بظاهر تنزيله .

فقد تبين إذا - إذ كان الأمر على ما وصفنا - أن القرء الثالث من أقرائها على ما بينا ، الطهر الثالث وأن بانقضائه ومجيء قرء الحيض الذي يتلوه ، انقضاء عدتها . [ ص: 514 ]

فإن ظن ذو غباء أنا إذ كنا قد نسمي وقت مجيء الطهر " قرءا " ، ووقت مجيء الحيض " قرءا " ، أنه يلزمنا أن نجعل عدة المرأة منقضية بانقضاء الطهر الثاني ، إذ كان الطهر الذي طلقها فيه ، والحيضة التي بعده ، والطهر الذي يتلوها " أقراء " كلها فقد ظن جهلا .

وذلك أن الحكم عندنا - في كل ما أنزله الله في كتابه - على ما احتمله ظاهر التنزيل ، ما لم يبين الله تعالى ذكره لعباده ، أن مراده منه الخصوص ، إما بتنزيل في كتابه ، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإذا خص منه البعض ، كان الذي خص من ذلك غير داخل في الجملة التي أوجب الحكم بها ، وكان سائرها على عمومها ، كما قد بينا في كتابنا : ( كتاب لطيف القول من البيان عن أصول الأحكام ) وغيره من كتبنا .

ف " الأقراء " التي هي أقراء الحيض بين طهري أقراء الطهر ، غير محتسبة من أقراء المتربصة بنفسها بعد الطلاق ، لإجماع الجميع من أهل الإسلام : أن " الأقراء " التي أوجب الله عليها تربصهن ، ثلاثة قروء ، بين كل قرء منهن أوقات مخالفات المعنى لأقرائها التي تربصهن ، وإذ كن مستحقات عندنا اسم " أقراء " ، فإن ذلك من إجماع الجميع لم يجز لها التربص إلا على ما وصفنا قبل .

قال أبو جعفر : وفي هذه الآية دليل واضح على خطإ قول من قال : " إن امرأة المولي التي آلى منها ، تحل للأزواج بانقضاء الأشهر الأربعة ، إذا كانت قد حاضت ثلاث حيض في الأشهر الأربعة " . لأن الله تعالى ذكره إنما أوجب عليها العدة بعد عزم المولي على طلاقها ، وإيقاع الطلاق بها بقوله : " وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " ، فأوجب تعالى [ ص: 515 ] ذكره على المرأة إذا صارت مطلقة - تربص ثلاثة قروء فمعلوم أنها لم تكن مطلقة يوم آلى منها زوجها ، لإجماع الجميع على أن الإيلاء ليس بطلاق موجب على المولي منها العدة .

وإذ كان ذلك كذلك ، فالعدة إنما تلزمها بعد الطلاق ، والطلاق إنما يلحقها بما قد بيناه قبل .

قال أبو جعفر : وأما معنى قوله : " والمطلقات " فإنه : والمخليات السبيل ، غير ممنوعات بأزواج ولا مخطوبات ، وقول القائل : " فلانة مطلقه " إنما هو " مفعلة " من قول القائل : " طلق الرجل زوجته فهي مطلقة " . وأما قولهم : " هي طالق " ، فمن قولهم : " طلقها زوجها فطلقت هي ، وهي تطلق طلاقا ، وهي طالق " . وقد حكي عن بعض أحياء العرب أنها تقول : " طلقت المرأة " . وإنما قيل ذلك لها ، إذا خلاها زوجها ، كما يقال للنعجة المهملة بغير راع ولا كالئ ، إذا خرجت وحدها من أهلها للرعي مخلاة سبيلها : " هي طالق " ، فمثلت المرأة المخلاة سبيلها بها ، وسميت بما سميت به النعجة التي وصفنا أمرها . وأما قولهم : " طلقت المرأة " ، فمعنى غير هذا ، إنما يقال في هذا إذا نفست . هذا من " الطلق " ، والأول من " الطلاق " .

وقد بينا أن " التربص " إنما هو التوقف عن النكاح ، وحبس النفس عنه في غير هذا الموضع .
[ ص: 516 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر )

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك :

فقال بعضهم : تأويله : " ولا يحل " ، لهن يعني للمطلقات " أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " ، من الحيض إذا طلقن ، حرم عليهن أن يكتمن أزواجهن الذين طلقوهن ، في الطلاق الذي عليهم لهن فيه رجعة يبتغين بذلك إبطال حقوقهم من الرجعة عليهن .

ذكر من قال ذلك :

4727 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث عن يونس عن ابن شهاب قال : قال الله تعالى ذكره : " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " إلى قوله : " وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم " قال : بلغنا أن " ما خلق في أرحامهن " الحمل ، وبلغنا أن الحيضة ، فلا يحل لهن أن يكتمن ذلك ، لتنقضي العدة ولا يملك الرجعة إذا كانت له

4728 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " قال : الحيض

4729 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " قال : أكبر ذلك الحيض . [ ص: 517 ]

4730 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت مطرفا عن الحكم قال : قال إبراهيم في قوله : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " قال : الحيض

4731 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة في قوله : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " قال : الحيض ثم قال خالد : الدم .

وقال آخرون : هو الحيض ، غير أن الذي حرم الله تعالى ذكره عليها كتمانه فيما خلق في رحمها من ذلك ، هو أن تقول لزوجها المطلق وقد أراد رجعتها قبل الحيضة الثالثة : " قد حضت الحيضة الثالثة " كاذبة لتبطل حقه بقيلها الباطل في ذلك .

ذكر من قال ذلك :

4732 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن عبيدة بن معتب عن إبراهيم في قوله : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " قال : الحيض ، المرأة تعتد قرأين ، ثم يريد زوجها أن يراجعها ، فتقول : قد حضت الثالثة "

4733 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " قال : أكثر ما عني به الحيض . [ ص: 518 ]

وقال آخرون : بل المعنى الذي نهيت عن كتمانه زوجها المطلق : الحبل والحيض جميعا .

ذكر من قال ذلك :

4734 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا الأشعث عن نافع عن ابن عمر : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " ، من الحيض والحمل ، لا يحل لها إن كانت حائضا أن تكتم حيضها ، ولا يحل لها إن كانت حاملا أن تكتم حملها .

4735 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت مطرفا عن الحكم عن مجاهد في قوله : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " ، قال : الحمل والحيض قال أبو كريب : قال ابن إدريس : هذا أول حديث سمعته من مطرف .

4736 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا ابن إدريس عن مطرف عن الحكم عن مجاهد مثله إلا أنه قال : الحبل .

4737 - حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن ليث عن مجاهد في قوله : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " قال : من الحيض والولد

4738 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " ، قال : من الحيض والولد



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.87%)]