[ابوالوليد المسلم]

شخصية الباحث (4)
د. عصام فاروق


من المواطن التي تتضح فيها شخصيةُ الباحثِ - أيضًا - مرحلةُ جمع المادة العلمية، فمن خلال الاطلاع على المصادر والمراجع، يحدِّدُ كلُّ باحثٍ ما يفيد بحثَه من مادةٍ علميةٍ ونصوصٍ منتقاةٍ، سيعمل على تحليلها والبناء عليها،وكلما كانت المادة العلمية منتقاةً بطريقةٍ صحيحةٍ ولصيقةَ الصلة بمادة البحث كان الاستنتاج دقيقًا، والنتائج مُرضِيةً، وكلما كثُرتْ هذه النصوص واختلفتْ اتجاهاتُها أعطَت الباحثَ فرصةً جيدةً لرؤية الظاهرة المدروسة، ومن ثم دقة في التحليل والاستنتاج، فأولى المهارات التي تُظهر شخصيةَ الباحث في هذه المرحلة دقةُ تحديده ما يُنقل من نصوصٍ، وإدراكُ علاقة هذه النصوص بموضوعات البحث ومدى هذه العلاقة.

ومن الواضح أنَّ ما نحن بصدده من حديثٍ ينتظمُ مرحلتي جمع المادة العلمية - كما يراها البعض -، المتمثلتين في:
مرحلة الجمع التحضيري لتدوين المادة العلمية.
ومرحلة الجمع التدويني للمادة العلمية[1].
وتتضح شخصيةُ الباحثِ - أيضًا - في هذه المرحلة من معرفتِه متى يَنقلُ نصًّا نقلًا حرفيًّا، ومتى يُلخِّصه ويذكر مفاده، ومتى يتصرف فيه، وحدود هذا التصرف.


إضافة إلى ما سبق فإنَّ إدراك الباحث لأهمية النصوص ومن قبلها تصنيفه ما هو ثانوي وجوهري من المراجع والمصادر يدلُّ على فهمِه موضوعه فهمًا جيدًا، والوقوفِ على أطره المنهجية؛ بمعنى معرفة ما يدخل في إطار الدراسة وما لا يدخل فيها، ومن ثم يعطي للقارئ تصورًا عن هذه الشخصية في هذه المرحلة من مراحل البحث.


[1] ينظر: البحث العلمي، حقيقته، ومصادره، ومادته، ومناهجه، وكتابته، وطباعته، ومناقشته (1/ 141) د. عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة، ط. ثالثة، الرياض، 1414ه- 2004م.