عرض مشاركة واحدة
  #324  
قديم 04-01-2023, 09:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الخامس
[كتاب القصاص]
صـــــ 150 الى صـــــــــ153

الحلقة (278)





مبحث ما لا يجب عليه القصاص في العمد
الحنفية قالوا : لا يجب القصاص على المسلم إذا قتل المستأمن لأنه غير محقون الدم على التأبيد لأن كفره باعث على الحراب لأنه على قصد الرجوع إلى داره فكان كالحربي
ولا يقتل الذمي بالمستأمن لقيام المبيح وعدم التكافؤ

ولا يقتل الرجل بابنه لقوله صلوات الله وسلامه عليه : ( لا يقاد الوالد بولده ) وهو معلوم بكونه سببا لإحيائه فإن المحال أن يتسبب لفنائه ويلحق بالأب الأم وكذلك الجد والجدة من قبل الأب والأم وإن سفل
ولا يقتل الرجل بعبده ولا مدبره ولا مكاتبه ولا بعبد ولده لأنه لا يستوجب لنفسه على نفسه القصاص ولا يستوجب ولده على أبيه إذا قتل الأب ولده عبده
ولا يقتل الرجل بقتل عبد ملك بعضه . بهبة أو ميراث أو شراء لأن القصاص لا يتجزأ
ومن ورث قصاصا على أبيه مثل أن يقتل الرجل أم ابنه الكبير مثلا سقط القصاص عن الأب لحرمة الأبوة
وإن قتل عبد الرهن في يد المرتهن لم يجب القصاص حتى يجتمع الراهن والمرتهن لأن المرتهن لا ملك له فلا يليه والراهن لو تولاه لبطل حق المرتهن في الدين فيجب اجتماعهما ليسقط حق المرتهن برضاه
والعبد الذي أعتق بعضه إذا مات ولم يترك وفاء فلا يجب القصاص على قاتله لأن ملك المولى لا يعود بموته ولا ينفسخ بالعجر ما عتق منه
ومن غرق صبيا أو بالغا في البحر فلا قصاص عليه عن أبي حنيفة وقال الصاحبان يجب عليه القصاص ويستوفى منه القصاص بحز رقبته بالسيف
ومن رمى رجلا بسهم عمدا فنفذ منه السهم إلى رجل آخر وأصابه وماتا معا فيجب عليه القصاص في الأول وتجب الدية لورثة الثاني على عائلة الرجل القاتل . لأن الول عمد والثاني احد فرعي الخطأ فكأنه رمى صيدا فأصاب آدميا والقتل يتعدد بتعدد أثره ولا قصاص على من قتل لصا دخل عليه ليلا وأخرج ماله أو اعتدى على عرضه ولا قصاص على صبي ولا مجنون لانهما غير مكلفين : يجب الدية على العاقلة ولا قصاص على مسلم قتل مسلما ظن أنه مشرك عند التقاء الصغين من المسلمين والمشركين ولا قصاص على من قتل رجلا باغيا شهر سيفه على المسلمين في طريقهم ليعتدي عليهم
الشافعية والحنابلة - قالوا : يشترط لوجوب القصاص في القتيل إسلامه لخبر مسلم عن الرسول صلى الله عليه و سلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) ويشترط أمان المقتول إما بعقد ذمة وإما بعهد أو أمان مجرد لقوله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله } آية [ 6 : من التوبة ]
فلا يجب القصاص على قاتل الحربي لأنه مهدر الدم لعموم قوله تعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } آية [ 5 : من التوبة ]
فلا قصاص على من قتل المرتد عن الإسلام والعياذ بالله تعالى لقوله صلوات الله وسلامه عليه . ( من بدل دينه فاقتلوه )
ويسقط القصاص عن الصبي والمجنون لما روي عن الرسول صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( رفع القلم عن ثلاث ) وإنما يسقط القصاص عن المجنون إذا كان جنونه مطبقا لا يقيف منه أما الجنون المتقطع فينظر إن كان في زمن إفاقته فهو كالعاقل الذي لا جنون به وإن كان الحادث وقع في زمن جنونه فهو كالمجنون الذي لا إفاقة له
أما السكران فالظاهر من المذهب وجوب القصاص عليه إن تعدى بسكره لأنه مكلف ولئلا يؤدي إلى ترك القصاص لأن من رام القتل لا يعجز أن يسكر حتى لا يقتص منه وألحق به من تعدى بشراب دواء مزيل للعقل فإنه يقتص منه
أما السكران غير المعتدين فهو كالمعتوه فلا قصاص عليه
ولو قال : كنت يوم القتل صبيا أو مجنونا وكذبه لي المقتول صدق القاتل بيمينه إن أمكن الصبا وقت القتل وعهد الجنون قبله لأن الأصل بقؤهما بخلاف ما إذا لم يمكن صباه ولم يعهد جنونه فإنه يقتص منه
ولو قال القاتل : أنا الآن صبي وأمكن فلا قصاص عليه ولا يحلف أنه صبي لأن التحليف
لاثبات صباه ولو ثبت لبطلت يمينه ففي تحليف إبطال لتحليف ولا قصاص على حربي قتل حال حرابته ثم عصم بعد ذلك بإسلام أو ذمة لما تواتر من فعله صلى الله عليه و سلم والصحابة بعده . من عدم القصاص ممن أسلم لأن الإسلام يجب ما قبله وقد عفا الرسول صلى الله عليه و سلم عن وحشي قاتل حمزة رضي الله تعالى عنه ولا يقتل مسلم ولو كان زانيا محصنا بقتل ذمي للحديث الوارد في صحيح البخاري رحمه الله تعالى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( ألا لا يقتل مسلم بكافر ) لأنهم اشترطوا في القاتل مكافأته للقتيل بأن لم يفضله بإسلام أو أما أو جزية أو أصلية أو سيادة ولهذا لا يقتل ذمي بمرتد ولا يقتل حر بمن فيه رق ولو قت الحر المسلم شخصا لا يعلم أنه مسلم أو كافر ولا أنه حر أو عبد فلا قصاص للشبهة ولا يقتل المكاتب إذا قتل عبده ولا قصاص على من بعضه حر وبعضه عبد إذا قتل مثله سواء ازدادت حرية القاتل على حرية المقتول أم لا لأنه لم يقتل بالبعض الحر البعض الحر وبالرقيق الرقيق بل قتله جيمعه بجيمعه حرية ورقا شائعا فيلزم قتل جزء حرية بجزء رق وهو ممتنع
ولا قصاص بين عبد مسلم وحر ذمي لأن المسلم لا يقتل باذمي والحر لا يقتل بالعبد ولا تجبر فضيلة كل منهما بضعته . ولو قتل ذمي عبدا ثم نقض العهد واسترق لا يجوز قتله وإن صار كفؤا له لأن الاعتبار بوقت الجناية ولم يكن مكافئا له . ولا قصاص بقتل ولد للقال وإن سفل للحديث الوارد في الحاكم والبيهقي وصححاه . إن الرسول صلى الله عليه و سلم قال : ( لا يقاد للابن من أبيه ) ولرعاية حرمته وكذا لا قصاص على الأم والأجداد والجدات وإن علوا من قبل الأم والأب لأن الحكم يتعلق بالولادة فاستوى فيه من ذكر كالنفقة
ولا قصاص للولد على الوالد كأن قتل الرجل زوجة نفسه وله منها ولد فصار وليا لدمها أو قتل الأب زوجة ابنه أو لزمه قود فورث بعضه ولده كأن قتل أبا زوجته ثم ماتت الزوجة وله منها ولد فورث الدم عن أمه لأنه إذا لم يقتل بجنايته على ولده فلأن لا يقتل بجنايته على من له في قتله حق أولى . ويقتل الولد الحر المسلم بالوالد الكافر
ولو تداعيا قتيلا مجهولا نسبه فقتله أحدهما قبل تبين حاله فلا قصاص في الحال لأن أحدهما أبوه وقد اشتبه الأمر فهو كما لو اشتبه طاهر بنجس لا يستعمل أحدهما بغير اجتهاد بل يعرض الأمر على القائف فإن ألحقه القائف بالآخر اقتص الآخر لثبوت أوته وانقطاع نسبه عن القاتل وإن لم يلحقه القائف بالآخر فلا يقتص لعدم ثبوت الأبوة
ولو أشتركا في قتله وألحقه الفائف بأحدهما اقتص من الآخر ( الأجنبي ) لأنه شريك الأب . ولا قصاص على مسلم إذا رمى مسلما . ثم ارتد والعياذ بالله تعالى وهو مجروح بالرماية ثم مات بسبب السراية مرتدا لأنه لو قتل حينئذ مباشرة لم يجب فيه شيء
المالكية قالوا : يسقط القصاص عن الصبي وعن المجنون الذي ارتكب الجناية حال جنونه أما إذا ارتكب الجناية حال إفاقته فإنه يقتص منه فإن جن انتظر حتى يفيق فإن لم يفق فالدية في ماله ولا قصاص على السكران وإن كان سكره بحلال لأنه كالمجنون فتجب الدية على عاقلته كالمخطئ وإن كان سكر بحرام فهو مكلف ولا يقتل الحبي قصاصا بل يهدر دمه لأن العصمة تكون بإيمان أو أمان ولا يقتل حر بذمي ولا يقتل مسلم بذمي حر لأن الإسلام أعلى من حرية الذمي والأعلى لا يقتل بالأدنى لأنه يشترط عندهم أن لا يكون القاتل زائدا حرية أو إسلاما عن المجني عليه ولا قصاص علىقاتل الحربي والمرتد لعدم العصمة عندهما
مبحث في تغير حال المجروح من الجرح إلى الموت
الشافعية والحنابلة - قالوا : في شأن تغيير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت بعصمة أو حرية أو إهدار أو غيره إذا جرح مسلم أو ذمي حربيا أو مرتدا أو عبد نفسه فأسلم الحربي أو المرتد أو أمن الحربي وعتق العبد ثم مات بسراية الجرح فلا ضمان بمال ولا قصاص لأن الجرح السابق غير مضمون
وقيل : تجب دية مخففة اعتبارا بحال استقرار الجناية والمراد دية حر مسلم لأن كل جرح أوله غير مضمون لا ينقلب مضمونا بتغير الحال في الانتهاء وإن كان مضمونا في أوله فقط فالنفس هدر ويجب ضمان تلك الجناية وإن كان مضمونا في الحالتين اعتبر في قدر الضمان الانتهاء ويتبر في القصاص المكافأة عن الفعل إلى الانتهاء وحينئذ فلو رمى مسلم مرتدا أو حربيا أو عبد نفسه فأسلم الحربي أو المرتد أو أمن الحربي أو عتق العبد ثم أصابه السهم فلا قصاص قطعا لعدم المكافأة من أول أجزاء الجناية . والمذهب وجوب دية مسلم اعتبارا بحال الإصابة لانها حالة اتصال الجناية والرمي كالمقدمة التي تيسبب بها إلى الجناية كما لو حفر بئرا وهناك حربي أو مرتد فأسلم ثم وقع فيها فإنه يضمنه وإن كان عند السببب مهدرا وعبد نفسه اولى بالضمان منهما . لأنه معصوم مضمون بالكفارة
والأصح في المذهب وجوب الدية مخففة مضروبة على العاقلة لانها دية خطأ كما لو رمى إلى صيد فأصاب آدميا وقيل : دية شبه عمد وقيل : عمد
وعكس هذا كما لو جرح حربي مسلما ثم أسلم الجارح أو عقدت له ذمة ثم مات المجروح فلا ضمان على الصحيح ولو ارتد المسلم المجروح والعياذ بالله ثم مات بالسراية مرتدا وجارحه غير مرتد فالنفس هدر لا قود فيها ولا دية ولاكفارة سواء أكان الجارح الإمام أم غيره . لأنه لو قتل حينئذ مباشرة لم يجب فيه شيء فكذا بالسراية أما إذا كان جارحه مرتدا فإنه يجب عليه القصاص وكلن قصاص الجرح إن كان مما يوجب القصاص كالموضحة وقطع الطرف في الأظهر لأن القصاص في الطرف منفرد عن القصاص في النفس فهو كما لو لم يسر
وقيل : لا قصاص عليه لأن الجراحة صارت نفسا وهي مهدرة فكذا الطرف أما لو قطع يد مسلم ثم ارتد واندملت يده فله القصاص وإن مات قبل استيفائه يستوفيه قريب المسلم لأن القصاص للتشفي حتى ولو كان القريب ناقصا النظروا كماله ليستوفي حقه
وقيل : يستوفي الإمام لأن المرتد لا وارث له فيستوفيه الإمام كما يستوفي قصاص من لا وارث له وعلى الأول يجوز أن يعفو قريبه على مال ياخذه الإمام لبيت المال فإن اقتضى الجرح للمرتد مالا كقطع طرف خطأ وجب أقل الأمرين من أرش الجرح ودية النفس لأنه المتيقن فإن كان الأرش أقل كجائفة لم يزد بالسراية في الردة شيء وإن كانت دية النفس أقل كأن قطع يديه ورجليه ثم ارتد ومات لم يجب أكثر منهما لأنه لو مات مسلما بالسراية لم يجب أكثر منهما
وقيل : وجب ارشه بالغا ما بلغ ولو زاذ على الدية ففي قطع يديه ورجليه ديتان وقيل : هذا الجرح هدر فلا ضمان فيه لأن الجراحة إذا سرت صارت قتلا وصارت الأطراف تابعة للنفس والنفس مهدرة فكذلك ما يتبعها
هذا كله إذا طرأت الردة بعد الجرح فلو طرأت بعد الرمي وقبل الإصابة . فلا ضمان بالاتفاق . أنه حين جنى عليه كان مرتدا
ولو ارتد المجروح ثم اسلم فمات بالسراية فلا قصاص في الصح مطلقا لأنه انتهى إلى حالة لو ما فيها لم يجب القصاص فصار شبهة دارئة للقصاص
وقيل : إن قصرت الردة بأن لم يض في الردة زمن يسري فيه الجرح وجب القصاص لانها إذا قصرت لم يظهر فيها أثر السراية فإن طال الزمن لم يجب القصاص قطعا وعلى القول الأول تجب الدية في ماله بكمالها لوقوع الجرح والموت في حالة العصمة
وقيل : يجب عليه نصفها توزيعا \ ص على حالتي العصمة والإهدار
ولو جرح مسلم ذميا فاسلم أو جرح عبدا لغيره فعتق ومات بالسراية فلا قصاص على الجارح في الصورتين لأنه لم يقصد بالجناية من يطافئه فكان شبهة وتجب دية حر مسل لأنه كان مضمونا في الابتداء وفي الانتهاء حر مسلم فإن كان العبد كافرا وجب دية حر كافر فإن اندمل الجرح وبرئ ثم مات فإنه يجب عليه ارش الجناية ويكون الواجب في العبد لسيده ودية العتيق إن مات بالسراية ولم يكن لجرحه عليه أرش الجناية الواقعة في ملكه ولا يتعين حقه فيها بل للجاني العدول لقيمتها وإن كانت الدية موجودة فإذا تسلم الدراهم أجبر السيد على قبولها فإن زادت دية العبد على قيمته فالزيادة تكون لورثته لأنها وجبت بسبب الحرية ولو كان لجرحه أرش مقدر كأن قطع يد عبد أو فقأ عينهن فعتق ثم مات بسراية ووجب كمال الدية فللسيد الأقل من الدية الواجبة ومن نصف قيمته وهو أرش العضو الذي تلف في ملكه لو اندملت الحراحة . لأن السراية لم تحصل في الرق حتى يعتبر في حق السيدن فإن كانت الدية أقل فلا واحب غيرها وإن كان نصف القيمة أقل فهو أرش الجناية الواقعة في ملكه
وقيل : للسيد الأقل من الدية ومن قيمته ولو قطع يد العبد شخص فعتق فجرحه آخران مثلا كأن قطع أحدهما يده الأخرى والآخر إدى رجليه ومات بسرايتهم فلا قصاص على الأول إن كان حرا لعدم المكافأة حال الجناية ويجب على الآخرين قصاص الطرف قطعا وقصاص النفس على المذهب اه
الحنفية : من رمى مسلما فارتد المرمي إليه والعياذ بالله ثم وقع السهم عليه فيجب على الرامي الدية عند أبي حنيفة وقال الصاحبان لا شيء عليه لأنه بالارتداد أسقط تقوم نفسه وذلك ابراء للضامن لأن من أخرج المتقوم عن التقوم سقط كالمغصوب منه إذا اعتق المغصوب فإنه صار مبرئا للغاصب عن الضمان بإسقاط حقه وصار به مبرأ كما إذا أبرأه الرامي عن الجناية أو حقه بعد الجرح أي انعقاد سببه وهو الرمي قبل أن يصيبه السهم
ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى أن الضمان يجب بفعله وهو الرمي إذ لافعل منه بعد : وماهو كذلك فالمعتبر فيه وقت الفعل كالغضب فيعتبر حالة الرامين والمرمي إليه فيها متقوم . واستوضح اعتبار وقت الرمي بما إذا رمى صيدا ثم ارتد والعياذ بالله ثم أصاب فإن ردته بعد الرمي لاتحرم لأن فعله ذكاة شرعا وقد تم موجبا للحل بشرطهن وهو التسمية وبما إذا كانت الجناية خطأ فكفر بعد الرمي . قبل الإصابة فإنه صحيح والفعل وإن كان عمدا فالقود يسقط بالشبهة الناشئة من اعتبار حالة الإصابة . وجبت الدية في ماله ولو كانت المسألة بالعكس فلا شيء في قولهم جميعا وكذا إذا رمى حربيا فأسلم ثم وقع به السهم لأن الرمي ما انعقد موجبا للضمان لعدم تقوم المحل فلا ينقلب موجبا لصيرورته متقوما بعد ذلك
وإن رمى عبدا فأعتقه مولاه ثم وقع السهم به فعليه قيمته للمولى عند أبي حنيفة وابي يوسف
وقال محمد : عليه فضل ما بين قيمته مرميا إلى غير مرمي حتى لو كانت قيمته قبل الرمي ألف درهم وبعده ثمانمائة درهم لزمه مائتا درهن / لأن العتق قاطع للسراية لاشتباه من له الحق لأن المستحق حال ابتداء الجناية المولى وحال الإصابة العبدن لحريته فصار العتق بمنزلة البرء كما إذا قطع يد عبد أو جرحه ثم أعتقه المولى ثم سرى فإن العتق يقطع السراية حتى لا يجب بعد العتق شيء من الدية والقيمة وإنما يضمن النقصان وغا انقطع بقي مجر الرمي وهو جناية ينتقص بها قيمة المرمي إليه بالإضافة إلى ما قبل الرمي فيجب ذلك
ولهما : أنه يصير قتلا من وقت الرمي لأن فعله الرمي وهو مملوك في تلك الحالة فتجب قيمته بخلاف القطع والجرح لأنه اتلاف بعض المحل وأنه يوجب الضمان للمولى . وبعد السراية لو وجب شيء لوجب للعبد فتصير النهاية مخالفة للبداية
أما الرمي قبل الإصابة ليس بإتلاف شيء منه لأنه لا أثر له في المحل وإنما قلت الرغبات فيه فلا يجب به ضمان فلا تتخالف البداية والنهاية فتجب قيمته للمولى ومن قضي عليه بالرجم فرماه رجل ثم رجع احد الشهود ثم وقع به الحجرن فلا شيء على الرامي لأن الممعتبر حالة الرمي وهو مباح الدم فيها اه
المالكية قالوا : من رمى شخصا مسلما فارتد المرمي والعياذ بالله ثم أصابه السهم فلا شيء على الرامي بل يكون دمه هدرا ولا قصاص ولا دية عليه لأن التلف حصل في محل لا عصمة له فيكون هدرا كما لو جرحه ثم ارتد ثم مات وكما لو أبرأه بعد الجرح عن الجنايةن أو عن حقه وكما لو أبرأه عن الجناية ثم اصابه السهم وكما لو اعتق المالك العبد المغصوب يصير مبرئا للغاصب عن الضمان لأنه يشترط في المجني عليه العصمة من وقت الضرب أو الرمي بالسهم للموت ولأنه بالارتداد أسقط تقوم نفسه فيكون مبرئا للرامي عن موجبه كما إذا أبرأه عن حقه بعد القطع وقبل الموتن فإنه يكون هدرا ولا ضمان له ولأن عدم وجب الضمان باعتبار أن الارتداد قاطع للسراية كالعتق لا باعتبار أنه صار مبرئا وكذا تعتبر العصمة حالة الرمي فمن رمى غير معصوم أو أنقص منه برق أو كفر فأسلم قبل الإصابة أو عتق الرقيق لم يقتص من الرامي وأما من قطع يد معصوم مثلافارتد المقطوع ثم مات من القطع مرتدا فإنه يثبت القصاص في القطع فقط لأنه كان معصوما حال القطع
مبحث في حكم الفعلين
الحنفية قالوا : ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده أو قطع يده عمدا ثم قتله خطأ أو قطع يده خطأ فبرأت يده ثم قتله خطأ أو قطع يده عمدا فبرأت ثم قتله عمدا فإنه يؤخد بالأمرين جميعا فإن الصل فيه : أن الجمع بين الجراحات واجب ما أمكن تتميما للأول لأن القتل في الأعم يقع بضربات متعاقبة وفي اعتبار كل ضربة بنفسها بعض الحرج إلا أن لا يمكن الجمع فيعطى كل واحد حكم نفسه وقد تعذر الجمع فيهذه الصور في الأولين لاختلاف حكم الفعلين وضعا موجبا لأن احد الفعلين خطأ والثاني عمد وفي الآخرين متعذر الجمع أيضا لتخلل البرء فلا جمع اصلا لأن الفعل الأول قد انتهى فا البرء قاطع للسراية فيكون القتل بعده ابتداء فلا بد من اعتبار كل واحد منهما حتى لو لم يتخلل وقد تجانسا بأن كانا خطأين فإنه يجمع بين الأمرين بالإجماع لإمكان الجمع واكتفى بدية واحدة حيث انفى المانع من الجمع وهو تخلل البرء والاختلاف
وإن تجانسا عمدا بأن كان قطع يده عمدا ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده فقد اختلف فيه

قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله : الولي بالخيار بين أن يقطع ثم يقتل وبين أن يكتفي بالقتل وبين أن يكتفي بالقتل
وقال الصاحبان : يقتل ولا تقطع يده لأن الجمع ممكن لتجانس الفعلين وعدم تخلل البرء بينهما فيجمع بينهما
وقال أبو حينفة : أن الجمع متعذر إما للاختلاف بين الفعلين هذين لأن الموجب القود وهو يعتمد المساواة في الفعلنوذك بأن يكون القتل بالقتل والقطع بالقطع وهو متعذر أو لأن الحر يقطع إضافة السراية إلى القطع حتى لو صدر من شخصين يجب الوقد على الحاز فصار كتخلل البرء بخلاف ما إذا قطع وسرى لأن الفعل وواحد وبخلاف ما إذا كانا خطأينن لأن الموجب الدية وهي بدل النفس من غير اعتبار المساواة
قال الإمام أبو حنيفة : ولأن أرش اليد إنما يجب عند استحكام أثر الفعل وذلك بالحز القاطع للسراية فيجتمع ضمان الكل وضمان الجزء في حالة واحدة وهي حالة الحز وفي ذلك تكرار دية اليد لأن ضمان الكل يشملها والتكرار غير مشروع فلا يجتمعان أما القطع والقتل قصاصا يجتمعان لأن مبنى القصاص المساواة وهي إنما تتحقق باجتماعهما لأن العمد مبناه على التغليظ والتشديد ولهذا تقتل العشرة بالواحد وفي مراعاة صورة الفعل معنى التغليظ فيجوز اعتباره فيه وأما الخطأ فمبناه على التخفيف ألا ترى أن الدية لا تتعدد بتعدد القاتلين فاعتبار التغليظ فيه لا يكون مناسبا
ومن ضرب رجلا مائة سوط فبرأ من تسعين ومات من عشرة ففيه دية واحدة لأنه لما برأ منها لا تبقى معتبرة في حق الأرش وإن بقيت معتبرة في حق التعزير فبقي الاعتبار للعشرة أسواط وكذلك كل جراحة اندملت ولم يبق لها أثر على أصل أبي حنيفة وعند أبي يوسف في مثله حكومة عدل وعن محمد أنه تجب أجرة الطبيب . وإن ضرب رجلا مائة سوط وجرحته وبقي له أثر تجب حكومة العدل لبقاء الثر والأرش إنما يجب باعتبار الأثر في النفس بأن لم يبرأ وليس ذلك بموجود بل الأثر هو الموجود فإن لم يجرح في الابتداء فلا يجب شيء باتفاقن وإن جرح واندمل ولم يبق لها أثر فكذلك كما هو رأي أبي حنيفة رحمه الله لأنه لم يكن إلا مجرد الألم وهو لا يوجب شيئا كما لو ضربه ضربا مؤلما
الشافعية والحنابلة رحمهم الله - قالوا : إذا قطع الرجل يد شخص ثم بعد القطع قتل الشخص القاطع الشخص المقطوعة يده فإنه يجب أن تقطع يد القاطع اولا ثم بعد القطع يجب أن يقتل حدا طلبا للمماثلة قال تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم }
وإن قطع رجل يد شخص آخر فمات المقطوعة يده من ذلك القطع بسبب السراية فقطع يد الرجل القاطع فإن مات الجاني الذي قطعت يده بسبب السراية فالأمر ظاهر وهو المطلوب من مراعاة القصاص وإن لم يمت بقطع يده قتل لتحقق الممالثلة بالقصاص
قالوا : ويجوز للولي أن ينتظر للولي أن ينتظر بعد القطع هل يموت سرايةن أم لا ؟ فله بعد ذلك المبادرة إلى حز بقبته بالسيف قصاصا ويجوز له حزها ابتداء كما في المسألة الولى لا ستحقاقه له
قالوا : لو جرح إنسان شخصا جراحة واحدة وجرحه شخص آخر بعد مائة جراحة ومات بسبب الواحدة والمائة وكانت تلك الجراحة الواحدة والجراحات المائة لو انفردت كل منهما لقتلت لزم صاحب الجراحة الواحدة وصاحب المائة جراحة القصاص مطلقا سواء تواطآ على قتله معا أم لا ؟ إذ رب جرح له نكاية في الباطن اخطر من جروح متعددة فإن كان فعل كل واحد منهما لا يقتل لو انفرد عن الآخر لكنه له دخل في القتل . ففيه تفصيل فإن تواطآ قتلا وإلا فلا يقتلان وتجب عليهما الدية لأنه شبه عمد . وإن كان جرح أحدهما يقتل لو انفرد وجرح الآخر لا يقتل لو انفرد لكن له دخل في القتل فلك حكمه فصاحب الأول يقتل مطلقا والثاني يقتل إن كان متفقا على قتله وإن لم يكن متفقا فلا يقتل وتجب عليه حصته من الدية
وأما إذا كان ضرب أحدهما خفيفا بحيث لا يؤثر في القتل اصلا كالضرب بطرف الثوب مثلا أو الضرب بسوط صغير فإنه لا شيء على صاحبه فلا دخل له في قصاص ولا دية وموته موافقة قدر
وأما إذا قطع الجاني الثاني بجنايته جناية الأول بأن يقطع الأول من المجني عليه يده أو رجله مثلا ويقطع الثاني رقبته أو يقده نصفين فالأول جارحن عليه قصاص اليد أو الرجل أو ديتها والثاني قاتل لأنه قطع جناية الأول وأزهق روحه فيجب عليه القصاص دون الأول
قالوا : إذا وجد من شخصين مجتمعين في زمن واحد فعلانن مزهقان للروح بحيث لو انفرد كل منهما لامكن إحالة الإزهاق عليه وهما مسرعان للقتل كحز للرقبة وقد للجثة أو غير مسرعين للقتل كقطع عضوين وما منهما فهما قاتلان في هذه الأحوال المذكورةن فيجب عليهما القصاص وكذلك يجب عليهما الدية إذا وجبت لوجود السبب منهما وإن لم يوجد الفعلان معا في وقت واحد : بل ترتبا بأن أنهاه رجل مثلا إلى حركة مذبوح وهي التي لم يبق معها ابصار ولا نطق اختياري ولا حركة اختيار ويقطع بموته بعد يوم أو ايام وتسمى حالة اليأس وهي التي اشترط وجودها في حالة إيجاب القصاص وهي التي لا يصح فيها إسلام ولا ردة ولا شيء من التصرفات وينتقل فيها ماله لورثته الحاصلين حينئذ لا لمن حدث . ولو مات له قريبلم يررثه دون الحياة المستمرة وهي التي لو ترك معها لعاش ثم جنى ضخص آخر على المجني عليه بعد الانتهاء لحركة مذبوح فالأول منهما قاتل قطعا فيجب عليه القصاص أن كان القتل عمدا والدية أن كان القتل خطأ لأنه صيره إلى حالة الموت والثاني يجب تقريره بما يراه الإمام لهتكه حرمه الموت كما لو قطع عضوا من شخص بعد موته
وإن جنى الثاني منهما قبل الانتهاء إلى درجة مذبوح بأن جرحه أو قطع عضوا منه فجاء الثاني بعده وحز رقبته أو قعطه نصفين وأزهق روحه فالثاني قاتل بالاتفاق ويجب عليه القصاص لأن الجرح إنما يقتل بالسراية وحز الرقبة وقد الجثة بقعط اثنينن فتعين القتل منه ولا فرق أن يتوقع البرء من الجراحة السابقة أو يتيقين الهلاك بها بعد يوم أو أيام أيام لأنه له في الحال حياة مستقرة وقد عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يوم إصابته وهو في هذه الحالة الخطرة وعمل الصحابة رضوان الله عليهم بعده الذي عاهدهم به ووصاياه التي أوصاهم بها ويجب على الجاني الأول قصاص العضو المقطوع أو مال بحسب الحال من عمد أو غيره وإن لم يزفف الثاني أيضا أي لم يصل به إلى الهلاك كأن قطع الأول يده من الكوع مثلا والثاني قطعهما من المرفق ثم مات المجني عليه بسبب سراية القطعين فهما قاتلان بسبب السراية
ولا يقال : أن أثر القطع الثاني أزال أثر القطع الأول لأن الموت حدث بهما معا

قالوا : ولو قتل مريضا وهو في حالة النزع الأخير وعيشه عيش مذبوح فإنه يجب عليه القصاص بقتله لأنه يجوز أن يمد الله في أجله ويعيش فإن موته غير محقق لأن الآجال لا يعلمها إلا الله تعالى
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : ولو انتهى المريض إلى سكرات الموت وبدت مخايله فلا يحكم له بالموت . وإن كان يظن أنه في حالة المقدود
وقرقوا بأن انتهاء المريض إلى تلك الحالة غير مقطوع به وقد يظن موته ثم يشفى بخلاف المقدود ومن في معناه ولأن المريض لم يسبق فيه فعل بحال القتلى وأحكامه عليه حتى يهدر الفعل الثاني
ولو جرح واحد شخصا جرحين عمدا وخطأ ومات بهما لم يجب عليه القصاص لاختلاف وصف الفعلين حيث أن أحد الجرحين عمد والآخر خطأ فاختلفا أو جرحه جرحين مضمونا وغير مضمون . كمن جرح حربيا أو مرتدا أو عبد نفسه أو صائلا ثم اسلم المرتد أو أمن الحربي أو عتق العبد المجروح أو رجل الحيوان الصائل وجرحه الجاني بعد ذلك ثانيا ومات بالجرحين فلا يجب عليه القصاص في هذه الصور أو جرح شخصا بحق كقصاص وسرقة ثم جرحه بعد ذلك مرة ثانية عدوانا أو جرح حربيا ثم أسلم ثم جرحه ثانيا فمات بالسراية لا يجب قتله في مثل هذه الأحوال
أما في الحالة الأولى عمدا وخطأ فلأن الزهوق لم يحصل بالعمد المحض فيجب عليه نصف الدية المغلظة في ماله خاصة ويجب نصف الدية المخففة على عاقلته في الخطأ وأما في باقي الصور فلأن الموت حصل بمضمون وغير مضمون فغلب عليه مسقط القصاص وثبت موجب الجرح الثاني من قصاص وغيره ولو وقعت إحدى الجراحتين بأمره للصبي غير المميز أو المجنون الذي لا يفيق فلا يجب عليه القصاص بل تجب نصف الدية على العاقلة لأن عمد الصبي والمجنون خطأ ولأن غير المميز يصبح كالآلة
ولو راوى المجروح جرحه بسم قاتل في الحال كأن شربه أو وضعه على الجرح فلا قصاص ولا دية على جارحه في لنفس لأن المجروح قتل نفسه فصار كما لو جرحه إنسان فذبح هو نفسه أما الجرح الحادث على الجارح ضمانه سواء علم المجروح حال السم أو لا
وإن قتل غالبا وعلم المجروح حاله فشريك جارح نفسه في أصح الطريقين ويكون عليه القود في أظهر المذاهب تنزيلا لفعل المجروح منزلة العمد
وقيل : هو شريك مخطئ لأنه قصد التداوي فأخطأ فلا قود على شريكه أما لو قصد قتل نفسه بالسم ليستريح من الألم مثلا فهو شريك قاتل نفسه قطعا فلا قصاص ولا دية وإذا كان المجروح لا يعلم بالسم فلا قصاص جزما لأنه شريك مخطئ ولو خاط المجروح جرحه في لحم ولو تداويا خياطة تقتل غالبا ففي القصاص الطريقان بخلاف ما لو خاطه في لحم ميت فإنه لا اثر له ولا للجلد كما فهم بالأولى لعدم الإيلام المهلك فعلى الجارح القصاص أو كمال الدية ولو خاطه غيره بلا أمر منه اقتص منه ومن الجارحن وإن كان الذي خاط الجرح حكما لتعديه مع الجارح فإن خاطه الطبيب لصبي أو مجنون لمصلحة فلا قصاص عليه ولو قصد المجروح أو غيره الخياطة في لحم ميت فوقع في لحم حي فالجارح وشريك مخطئ وكذا لو قصد الخياطة في الجلد فوقع في اللحم والكي فيما ذكر كالخياطة فيه ولا أثر لدواء لا يضر ولا نظر للقروح
المالكية قالوا : إن تعدد مباشر على ما دون النفس بلا اتفاق منهم وتميزت الجراحات وعلم فعل كل واحد منهم فيقتص من كل بقجر ما فعل ولا ينظر لتفاوت العضو بالرقة والغلظ وإذا اتفقوا فيجب أن يقتص من كل بقدر الجميع سواء تميزت الجراحات أم لا قياسا على قتل النفس فإن الجميع عند الاتفاق يقتلون بالواحد أما إذا لم تتميز الجراحات عند عدم الاتفاق فهل يلزمهم دية الجميع ولا قصاص ؟ أو يقتص من كل بقدر الجميع فإذا كانوا ثلاثة قلغ أحدهم عينه والثاني قطع يده والثالث قطع رجله ولم يعلم من الذي فقأ العين وقطع الرجل وقطع اليد والحال أنه لا تمالؤ بينهم اقتص من كل بفقء عينه وقطع يده وقطع رجله وفيه نظر فالأظهر الأول . إذا لم يقع الفعل من كل واحد
وتندرج الأطراف في النفس كقطع يد الطرف ثم قتله فقط أما إن كانت فإنه يندرج في النفس أن تعمد الجاني قطع النفس بل يجب عليه الدية للطرف ثم الجناية على الطرف خطأ فلا تندرج في يد أو رجل أو فقء عين من شخص ثم قتله القصاص
هذا إذا كان الطرف المقطوع من المقتول
أما إذا كان الطرف لغير المقتول كقطع يد شخص وفقء عين آخر وقتل رجل ثالث عمدا فتندرج الأطراف في النفس ولا تقطع يده ثم يقتل
قالوا : ومحل اندراج طرف المقتول في النفس إذا لم يقصد الجاني المثلة بالمجني عليه المقتول فإن قصد المثلة به فإنه يقتص منه للطرف ثم يقتل بعد ذلك . وأما طرف غير المقتول فإنه يندرج في القتل ولو قصد الجاني المثلة بهم على الرأي الراجح من المذهب
قالوا : وكما تندرج الأطراف في النفس تندرج الأصابع إذا قطعت عمدا في قطع اليد عمدا بعدها ما لم يقصد المثلة به سواء كانت من يد من قطعت أصابعه أو يد غيره فإذا قطع اصابع شخص عمدا ثم قطع كفه عمدا بعد ذلك فقطع الجاني من الكوع
ولو قطع أصابع رجل ويد رجل آخر من الكوع ويد ثالث من المرفق قطع لهم من المرفق إن لم يقصد المثيل به فإن قصد المثلة بفعله السابق لم يندرج في الصورتين بل تقطع أصابعه أولا ثم كفه بعد ذلك في الصورة الأولى
وفي الصورة الثانية تقطع أصابعه أولا ثم تقطع يده من الكوع للجناية الثانية ثم تقطع يده من المرفق للجناية الثالثة حتى يشعر بالألم الذي تسبب فيه لغيره وتحصل المماثلة في القصاص
قالوا : ويؤخر القصاص فيما دون النفس لعذر كبرد أو حر يخاف منه الموت على الجاني لئلا يموت فيلزم اخذ نفس بدون نفس وكذا يؤخر الجاني إذا كان مريضا حتى يبرأ ويؤخر القصاص فيما دون النفس حتى يبرأ الجروح لاحتمال أن يموت بسبب السراية فيكون الواجب القتل بقسامة كدية الجرح الخطأ فيؤخر إلى برء المجروح خوف أن يسري على النفس فتؤخذ الدية كاملة فإن برىء الجرح على غير شين فلا دية ولا أدب لأنه لا يعتمد في الشرع وإن برىء الجرح المقطوع على شين فتجب حكومة عدلين لهما معرفة بهذه الأشياء فيقوم على فرض أنه رقيق سالما بعشرة مثلا ثم معيبا بتسعة مثلا فالتفاوت بين القيمتين هو العشر في المثال فقد نقصت الجناية العشر فيلزم الجاني بنسبة ذلك من الدية كمائة دينار وقيل : يجتهدان بالفكر فيما يستحقه المجني عليه من الجاني
مبحث إذا قطعت المرأة يد الرجل فتزوجها على الأرش
الحنفية قالوا : إذا قطعت المرأة يد رجل فتزوجها على أرش يده فإما أن يقتصر القطع أو يسرين فإن كان الأول صحت التسمية ويصير الأرش وهو خمسة آلاف درهم مهرا لها بالإجماع سواء كان القطع عمدا أم خطأ وسواء تزوجها على القطع فقط أو عليه وعلى ما يحدث منه لأنه لما برأ تبين أن موجبها الأرش دون القصاص لأنه لا يجري في الأطراف بين الرجل والمراة والأرش يصلح صداقا وإن كان الثاني ومات الرجل بسبب السراية فإما أن يكون القطع خطأ أو عمدا فإن كان الأول فله مهر مثلها والدية على العاقلة وإن كان الثاني فلها ذلك والدية في مالها عند أبي حنيفة حمه الله لأن العفو عن اليد إذا لم يكن عفوا عما يحدث منه عنده فالتزوج على اليد لا يكون تزوجا على ما يحدث منه فيكون ما لها من المهر غير ما عليها مما يحدث منه ثم القطع إذا كان عمدا كان التزوج تزوجا على القصاص في الطرف وهو ليس بمال فلا يصلح مهرا لا سيما على تقدير سقوط القصاص فإنه إذا لم يصلح مهرا على تقدير ثبوته لا يصلح على تقدير سقوطه بطريق الأولى والقصاص يسقط ها هنا إما بقبولها التزوج لأن سقوطه متعلق بالقبول فلما قبلت سقط وإما بتعذر الاستيفاء فإنه لما جعل القصاص مهرا جعل لها ولاية الاستيفاء ولا يمكن استيفاء القصاص عن نفسها وإذا لم يصح القصاص ولا بدله مهرا يجب مهر المثل وعليها الدية في مالها لأن التزوج وإن كان يتضمن العفو فتجب الدية وتجب في مالها لأنه عمد وإذا وجب لها مهر المثل وعليها الدية تقطع المقاصة إن كانا على السواء وإن كان في الدية زيادة ترده على الورثةن وإن كان في المهر فضل يرده الورثة عليها وإذا كان القطع خطأ يكون هذا تزوجا على أرش اليد وإذا سرعى إلى النفس تبين أنه لا أرش لليد وأن المسمى معدوم فيجب مهر المثل كما إذا تزوجها على ما في اليد ولا شيء فيها ولا يتقاصان لأن الدية تجب على العاقلة في الخطأ والمهر حق لها ولو تزوجها على اليد وما يحدث منها أو على الجناية ثم مات من ذلك والقطع عمد فلها مهر مثلها لأن هذا تزوج على القصاص وهو لا يصلح مهرا . فيجب مهر المثل وصار كما إذا تزوجها على خمر أو خنزير ولا شيء له عليها لأنه لما جعل القصاص مهرا فقد رشي بسقوطه بجهة المهر فيسقط أصلا وأن كان القتل خطأ يرفع عن العاقلة مهر المثل من جميع المال لأنه مريض مرض الموت والتزوج من الحوائح الأصلية ولا يصح في حق الزيادة على مهر المثل لأنه محاباة فيكون وصية فيرفع عن العاقلة لانهم يتحملون عنها فمن المحال أن ترجع عليهم بموجب جنايتها
الشافعية رحمهم الله قالوا : لو وجب لرجل قصاص على امرأة فنكحها على هذا القصاص . بأن جعله صداقا لها صح النكاح والصداق أما النكاح فواضح لأنه تام بأركانه وشروطه وأما المهر فلآنه عوض مقصود وقيل : لا يصح ويجب لها مهر مثلها
وسقط القصاص لتضمن ذلك العفو لأنها ملكت قصاص نفسهأ فإن فارقها الرجل قبل الدخول بها رجع عليها بنصف الأرش لتلك الجناية لأنه بد ل ما وقع العقد به كما إذا اصدقها تعليم سورة من القرآن الكريم فعلمها ثم طلقها قبل الدخول بها فإنه يرجع بنصف أجرة التعليم
وفي قول نص عليه في كتاب ( الأم ) يرجع عليها بنصف مهر مثلها بناء على القول الثاني . هذا في حالة ما إذا وجب عليها القصاص
أما إذا اوجبت الجناية مالا كالخطأ فنكحها على أرش الجناية التي ارتكبتها فإن النكاح يصح دون الصداق للجهل بالدية
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]