عرض مشاركة واحدة
  #215  
قديم 08-01-2023, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس

الحلقة (215)
صــــــــــ 191 الى صـــــــــــ 197



[ ص: 191 ] باب الخلاف في نكاح المحرم

أخبرنا الربيع قال ( قال الشافعي ) رحمه الله فخالفنا بعض الناس في نكاح المحرم فقال لا بأس أن ينكح المحرم ما لم يصب وقال روينا خلاف ما رويتم فذهبنا إلى ما روينا وذهبتم إلى ما رويتم روينا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح وهو محرم } فقلت له أرأيت إذا اختلفت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيها تأخذ ؟ قال بالثابت عنه قلت أفترى حديث عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ثابتا ؟ قال : نعم قلت وعثمان غير غائب عن نكاح ميمونة لأنه مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وفي سفره الذي بنى بميمونة فيه في عمرة القضية وهو السفر الذي زعمت أنت بأنه نكحها فيه وإنما نكحها قبله وبنى بها فيه قال : نعم ولكن الذي روينا عنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهو محرم فهو وإن لم يكن يوم نكحها بالغا ولا له يومئذ صحبة فإنه لا يشبه أن يكون خفي عليه الوقت الذي نكحها فيه مع قرابته بها ولا يقبله هو وإن لم يشهده إلا عن ثقة فقلت له يزيد بن الأصم ابن أختها يقول نكحها حلالا ومعه سليمان بن يسار عتيقها أو ابن عتيقها فقال نكحها حلالا فيمكن عليك ما أمكنك فقال هذان ثقة ومكانهما منها المكان الذي لا يخفى عليهما الوقت الذي نكحها فيه لحطها وحط من هو منها نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يقبلا ذلك وإن لم يشهداه إلا بخبر ثقة فيه فتكافأ خبر هذين وخبر من رويت عنه في المكان منها وإن كان أفضل منهما فهما ثقة أو يكون خبر اثنين أكثر من خبر واحد ويزيدونك معهما ثالثا ابن المسيب وتنفرد عليك رواية عثمان التي هي أثبت من هذا كله فقلت له : أو ما أعطيتنا أن الخبرين لو تكافآ نظرنا فيما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده فنتبع أيهما كان فعلهما أشبه ، وأولى الخبرين أن يكون محفوظا فنقبله ونترك الذي خالفه ؟ قال : بلى قلت فعمر ويزيد بن ثابت يردان نكاح المحرم ويقول ابن عمر لا ينكح ولا ينكح ولا أعلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما مخالفا قال فإن المكيين يقولون ينكح .

فقلت مثل ما ذهبت إليه والحجة تلزمهم مثل ما لزمتك ولعلهم خفي عليهم ما خالف ما رووا من نكاح النبي صلى الله عليه وسلم محرما قال فإن من أصحابك من قال إنما قلنا لا ينكح لأن العقدة تحل الجماع وهو محرم عليه قلت له الحجة فيما حكينا لك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا فيما وصفت أنهم ذهبوا إليه من هذا وإن كنت أنت قد تذهب أحيانا إلى أضعف منه وليس هذا عندنا مذهب المذاهب في الخبر أو علة بينة فيه قال فأنتم قلتم للمحرم أن يراجع امرأته إذا كانت في عدة منه وأن يشتري الجارية للإصابة قلت إن الرجعة ليست بعقد نكاح إنما هي شيء جعله الله للمطلق في عقدة النكاح أن يكون له الرجعة في العدة وعقدة النكاح كان وهو حلال فلا يبطل العقدة حق الإحرام ولا يقال للمراجع ناكح بحال فأما الجارية تشترى فإن البيع مخالف عندنا وعندك للنكاح من قبل أنه قد يشتري المرأة قد أرضعته ولا يحل له إصابتها ويشتري الجارية وأمها وولدها لا يحل له أن يجمع بين هؤلاء فأجيز الملك بغير جماع وأكثر ما في ملك النكاح الجماع ولا يصلح أن ينكح امرأة لا يحل له جماعها وقد يصلح أن يشتري من لا يحل له جماعها .

باب في إنكاح الوليين ( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا الشافعي ) قال أخبرنا إسماعيل ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن [ ص: 192 ] قتادة عن الحسن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أنكح الوليان فالأول أحق وإذا باع المجيزان فالأول أحق " ( أخبرنا الربيع ) قال ( قال الشافعي ) فبهذا نقول وهذا في المرأة توكل رجلين فيزوجانها فيزوجها أحدهما ولا يعلم الآخر حين زوجها فنكاح الأول ثابت لأنه ولي موكل ومن نكحها بعده فقد بطل نكاحه وهذا قول عوام الفقهاء لا أعرف بينهم فيه خلافا ولا أدري أسمع الحسن منه أم لا ؟ ( قال الشافعي ) أخبرنا سفيان عن الزهري عن ابن المسيب أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال إذا طلق الرجل امرأته فهو أحق برجعتها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة في الواحدة والاثنتين .

باب في إتيان النساء قبل إحداث غسل

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فإذا كان للرجل إماء فلا بأس أن يأتيهن معا قبل أن يغتسل ولو أحدث وضوءا كلما أراد إتيان واحدة كان أحب إلي لمعنيين أحدهما أنه قد روي فيه حديث وإن كان مما لا يثبت مثله والآخر أنه أنظف وليس عندي بواجب عليه وأحب إلي لو غسل فرجه قبل إتيان التي يريد ابتداء إتيانها وإتيانهن معا واحدة بعد واحدة كإتيان الواحدة مرة بعد مرة وإن كن حرائر فحللنه فكذلك وإن لم يحللنه لم أر أن يأتي واحدة في ليلة الأخرى التي يقسم لها فإن قيل فهل في هذا حديث ؟ قيل إنه يستغنى فيه عن الحديث بما قد يعرف الناس وقد روي فيه شيء ( قال الشافعي ) من أصاب امرأة حرة أو أمة ثم أراد أن ينام فلا ينام حتى يتوضأ وضوءه للصلاة بالسنة .

إباحة الطلاق أخبرنا الربيع بن سليمان قال ( قال الشافعي ) قال الله عز وجل { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } الآية وقال { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن } وقال { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } الآية وقال { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } وقال { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } مع ما ذكرته من الطلاق في غير ما ذكرت ودلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من إباحة الطلاق فالطلاق مباح لكل زوج لزمه الفرض ومن كانت زوجته لا تحرم من محسنة ولا مسيئة في حال إلا أنه ينهى عنه لغير العدة وإمساك كل زوج محسنة أو مسيئة بكل حال مباح إذا أمسكها بمعروف وجماع المعروف أعفاها بتأدية الحق .

كيف إباحة الطلاق ( قال الشافعي ) رحمه الله : أختار للزوج أن لا يطلق إلا واحدة ليكون له الرجعة في المدخول بها ويكون خاطبا في غير المدخول بها ومتى نكحها بقيت له عليها اثنتان من الطلاق ولا يحرم عليه أن [ ص: 193 ] يطلق اثنتين ولا ثلاثا لأن الله تبارك وتعالى أباح الطلاق وما أباح فليس بمحظور على أهله وأن النبي صلى الله عليه وسلم علم عبد الله بن عمر موضع الطلاق ولو كان في عدد الطلاق مباح ومحظور علمه إن شاء الله تعالى إياه لأن من خفي عليه أن يطلق امرأته طاهرا كان ما يكره من عدد الطلاق ويحب لو كان فيه مكروه أشبه أن يخفى عليه { وطلق عويمر العجلاني امرأته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا قبل أن يأمره وقبل أن يخبره أنها تطلق عليه باللعان } ولو كان ذلك شيئا محظورا عليه نهاه النبي صلى الله عليه وسلم ليعلمه وجماعة من حضره وحكت فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ألبتة يعني والله أعلم ثلاثا فلم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وطلق ركانة امرأته ألبتة وهي تحتمل واحدة وتحتمل ثلاثا فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن نيته وأحلفه عليها ولم نعلمه نهى أن يطلق ألبتة يريد بها ثلاثا وطلق عبد الرحمن بن عوف امرأته ثلاثا .

جماع وجه الطلاق ( قال الشافعي ) قال الله تعالى : { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } وقرئت " لقبل عدتهن " وهما لا يختلفان في المعنى أخبرنا مالك عن نافع { عن ابن عمر أنه طلق امرأته في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهي حائض قال عمر فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن شاء أمسكها وإن شاء طلقها قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء } أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل عبد الله بن عمر وأبو الزبير يسمع فقال كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا ؟ فقال ابن عمر { طلق عبد الله بن عمر امرأته حائضا فقال النبي صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك } قال ابن عمر ، قال الله تبارك وتعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن أي في قبل عدتهن أو لقبل عدتهن " شك الشافعي " أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد أنه كان يقرؤها كذلك أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه كان يقرؤها " إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن " .

( قال الشافعي ) فبين والله أعلم في كتاب الله عز وجل بدلالة سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن والسنة في المرأة المدخول بها التي تحيض دون من سواها من المطلقات أن تطلق لقبل عدتها وذلك أن حكم الله تعالى أن العدة على المدخول بها وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يأمر بطلاق طاهر من حيضها التي يكون لها طهر وحيض ، وبين أن الطلاق يقع على الحائض لأنه إنما يؤمر بالمراجعة من لزمه الطلاق فأما من لم يلزمه الطلاق فهو بحاله قبل الطلاق .

وقد أمر الله تعالى بالإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان ونهى عن الضرر وطلاق الحائض ضرر عليها لأنها لا زوجة ولا في أيام تعتد فيها من زوج ما كانت في الحيضة وهي إذا طلقت وهي تحيض بعد جماع لم تدر ولا زوجها عدتها الحمل أو الحيض ؟ ويشبه أن يكون أراد أن يعلما معا العدة ليرغب الزوج وتقصر المرأة عن الطلاق إن طلبته ، وإذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر أن يعلم ابن عمر موضع الطلاق فلم يسم له من الطلاق عددا فهو يشبه أن لا يكون في عدد ما يطلق سنة إلا أنه أباح له الطلاق واحدة واثنتين وثلاثا مع دلائل تشبه هذا الحديث ودلائل القياس .

[ ص: 194 ] تفريع طلاق السنة في غير المدخول بها والتي لا تحيض ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : إذا تزوج الرجل المرأة فلم يدخل بها وكانت ممن تحيض أو لا تحيض فلا سنة في طلاقها إلا أن الطلاق يقع متى طلقها فيطلقها متى شاء فإن قال لها أنت طالق للسنة ، أو أنت طالق للبدعة ، أو أنت طالق ، لا للسنة ولا للبدعة ، طلقت مكانها ( قال ) ولو تزوج رجل امرأة ودخل بها وحملت ، فقال لها أنت طالق للسنة أو للبدعة أو بلا سنة ولا بدعة كانت مثل المرأة التي لم يدخل بها لا تختلف هي وهي في شيء مما يقع به الطلاق عليها حين يتكلم به ( قال ) ولو تزوج امرأة ودخل بها وأصابها وكانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر فقال لها أنت طالق للسنة فهي مثل المرأتين قبلها لا يختلف ذلك في وقوع الطلاق عليها حين يتكلم به لأنه ليس في طلاق واحدة ممن سميت سنة إلا أن الطلاق يقع عليها حين يتكلم به بلا وقت لعدة لأنهن خوارج من أن يكن مدخولا بهن وممن ليست عددهن الحيض وإن نوى أن يقعن في وقت لم يدين في الحكم ودين فيما بينه وبين الله عز وجل .

تفريع طلاق السنة في المدخول بها التي تحيض إذا كان الزوج غائبا ( قال الشافعي ) رحمه الله : إذا كان الرجل غائبا عن امرأته فأراد أن يطلقها للسنة كتب إليها " إذا أتاك كتابي هذا وقد حضت بعد خروجي من عندك فإن كنت طاهرا فأنت طالق " وإن كان علم أنها قد حاضت قبل أن يخرج ولم يمسها بعد الطهر أو علم أنها قد حاضت وطهرت وهو غائب كتب إليها " إذا أتاك كتابي فإن كنت طاهرا فأنت طالق وإن كنت حائضا فإذا طهرت فأنت طالق " ( قال ) وإذا قال الرجل لامرأته التي تحيض وقد دخل بها أنت طالق للسنة سألته فإن قال أردت أن يقع الطلاق عليها للسنة أو لم يكن له نية فإن كانت طاهرا ولم يجامعها في طهرها ذلك وقع الطلاق عليها في حالها تلك وإن كانت طاهرا قد جامعها في ذلك الطهر أو حائضا أو نفساء وقع الطلاق عليها حين تطهر من النفاس أو الحيض ووقع على الطاهرة المجامعة حيث تطهر من أول حيضة تحيضها بعد قوله يقع على كل واحدة منهن حين ترى الطهر وقبل الغسل وإن قال أردت أن يقع حين تكلمت وقعت حائضا كانت أو طاهرا بإرادته ، وإذا قال الرجل لامرأته التي تحيض أنت طالق ثلاثا للسنة وقعن جميعا معا في وقت طلاق السنة إذا كانت طاهرا من غير جماع وقعن حين قاله وإن كانت نفساء أو حائضا أو طاهرا فإذا طهرت قبل تجامع ، ولو نوى أن يقعن عند كل طهر واحدة وقعن معا كما وصفت في الحكم ، فأما فيما بينه وبين الله تعالى فيقعن على ما نواه ويسعه رجعتها وإصابتها بين كل تطليقتين ما لم تنقض عدتها ( قال الشافعي ) وتنقضي عدة المرأة بأن تدخل في الحيضة الثالثة من يوم وقع الطلاق في الحكم ولها أن لا تنكحه وتمتنع منه ، وإذا قال أنت طالق ثلاثا عند كل قرء لك واحدة فإن كانت طاهرا مجامعة أو غير مجامعة وقعت الأولى لأن ذلك قرء ، ولو طلقت فيه اعتدت به ، وإن كانت حائضا أو نفساء وقعت الأولى إذا طهرت من النفاس ووقعت الأخرى إذا طهرت من الحيضة الثانية والثالثة إذا طهرت من الحيضة الثالثة ويبقى عليها من عدتها قرء ، فإذا دخلت في الدم من الحيضة الرابعة فقد انقضت عدتها من الطلاق كله ( قال ) ولو قال لها هذا القول وهي طاهر أو وهي حبلى وقعت الأولى ولم تقع الثنتان كانت [ ص: 195 ] تحيض على الحبل أو لا تحيض حتى تلد ثم تطهر فيقع عليها إن ارتجع فإن لم يحدث لها رجعة فقد انقضت عدتها ولا تقع الثنتان لأنها قد بانت منه وحلت لغيره ولا يقع عليها طلاقه وليست بزوجة له ( قال ) وسواء قال طالق واحدة أو ثنتين أو ثلاثا يقعن معا لأنه ليس في عدد الطلاق سنة إلا أني أحب له أن لا يطلق إلا واحدة وكذلك إن قال أردت طلاقا للسنة أن السنة أن يقع الطلاق عليها إذا طلقت فهي طالق مكانه ولو قال لها أنت طالق ولا نية له أو وهو ينوي وقوع الطلاق على ظاهر قوله وقع الطلاق حين تكلم به ولو قال لها أنت طالق للسنة واحدة وأخرى للبدعة فإن كانت طاهرا قد جومعت أو حائضا أو نفساء وقعت تطليقة البدعة .

فإذا طهرت وقعت تطليقة السنة وسواء قال لها أنت طالق تطليقة سنية وأخرى بدعية أو تطليقة للسنة وأخرى للبدعة

( قال ) ولو قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة وثلاثا للبدعة وقعت عليها ثلاثا حين تكلم به لأنها لا تعدو أن تكون في حال سنة أو حال بدعة فيقعن في أي الحالين كانت ( قال الشافعي ) وكذلك لو قال لها أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة جعلنا القول قوله فإن أراد اثنتين للسنة وواحدة للبدعة أوقعنا اثنتين للسنة في موضعهما .

وواحدة للبدعة في موضعها ، وهكذا لو قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة وللبدعة فإن قال أردت بثلاث للسنة والبدعة أن يقعن معا وقعن في أي حال كانت المرأة وهكذا إن قال أردت أن السنة والبدعة في هذا سواء ولو قال بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة ولا نية له فإن كانت طاهرا من غير جماع وقعت ثنتان للسنة حين يتكلم بالطلاق وواحدة للبدعة حين تحيض .

وإن كانت مجامعة أو في دم نفاس أو حيض وقعت حين تكلم اثنتان للبدعة وإذا طهرت واحدة للسنة

( قال ) ولو قال لها أنت طالق أحسن الطلاق أو أجمل الطلاق أو أفضل الطلاق أو أكمل الطلاق أو خير الطلاق أو ما أشبه هذا من تفصيل الكلام سألته عن نيته فإن قال لم أنو شيئا وقع الطلاق للسنة وكذلك لو قال ما نويت إيقاعه في وقت أعرفه وكذلك لو قال ما أعرف حسن الطلاق ولا قبيحه بصفة غير أني نويت أن يكون أحسن الطلاق وما قلت معه أن يقع الطلاق حين تكلمت به لا يكون له مدة غير الوقت الذي تكلمت به فيه فيقع حينئذ حين يتكلم به أو يقول أردت بأحسنه أني طلقت من الغضب أو غيره فيقع حين يتكلم به إذا جاء بدلالة

( قال ) ولو قال لها أنت طالق أقبح أو أسمج أو أقذر أو أشر أو أنتن أو آلم أو أبغض الطلاق أو ما أشبه هذا مما يقبح به الطلاق سألناه عن نيته فإن قال أردت ما يخالف السنة منه أو قال أردت إن كان فيه شيء يقبح الأقبح وقع طلاق بدعة إن كانت طاهرا مجامعة أو حائضا أو نفساء ، حين تكلم به وقع مكانه ، وإن كانت طاهرا من غير جماع وقع إذا حاضت أو نفست أو جومعت وإن قال لم أنو شيئا أو خرس أو عته قبل يسأل وقع الطلاق في موضع البدعة فإن سئل فقال نويت أقبح الطلاق لها إذا طلقتها لريبة رأيتها منها أو سوء عشرة أو بغضة مني لها أو لبغضها من غير ريبة فيكون ذلك يقبح بها وقع الطلاق حين تكلم به لأنه لم يصفه في أن يقع في وقت فيوقعه فيه

( قال ) ولو قال لها أنت طالق واحدة حسنة قبيحة أو جميلة فاحشة أو ما أشبه هذا مما يجمع الشيء وخلافه كانت طالقا حين تكلم بالطلاق لأن ما أوقع في ذلك وقع بإحدى الصفتين ، وإن قال نويت أن يقع في وقت غير هذا الوقت لم أقبل منه لأن الحكم في ظاهر قوله ثنتان أن الطلاق يقع حين تكلم به ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن لا يقع الطلاق إلا على نيته .

ولو قال لها أنت طالق إن كان الطلاق الساعة أو الآن أو في هذا الوقت أو في هذا الحين يقع عليك للسنة فإن كانت طاهرا من غير جماع وقع عليها الطلاق ، وإن كانت في تلك الحال مجامعة أو حائضا أو نفساء لم يقع عليها الطلاق في تلك الحال ولا غيرها بهذا الطلاق .

ولو قال لها أنت طالق [ ص: 196 ] إن كان الطلاق الآن أو الساعة أو في هذا الوقت أو في هذا الحين يقع عليك للبدعة فإن كانت مجامعة أو حائضا أو نفساء طلقت وإن كانت طاهرا من غير جماع لم تطلق .

ولو كانت المسألة الأولى في هذا كله غير مدخول بها أو مدخولا بها لا تحيض من صغر أو كبر أو حبلى وقع هذا كله حين تكلم به وإن أراد بقوله في المدخول بها التي تحيض في جميع المسائل أردت طلاقا ثلاثا ، أو أراد بقوله أنت طالق أحسن الطلاق أو بقوله : أنت طالق أقبح الطلاق ثلاثا كان ثلاثا وكذلك إن أراد اثنتين وإن لم يرد زيادة في عدد الطلاق كانت في هذا كله واحدة ، ولو قال أنت طالق أكمل الطلاق فهكذا ، ولو قال لها أنت طالق أكثر الطلاق عددا أو قال أكثر الطلاق ولم يزد على ذلك فهن ثلاث ويدين فيما بينه وبين الله تعالى لأن ظاهر هذا ثلاث

( قال ) وطلاق المدخول بها حرة مسلمة أو ذمية أو أمة مسلمة سواء في وقت إيقاعه وإن نوى شيئا وسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن لا يقع الطلاق إلا في الوقت الذي نوى ، ولو قال أنت طالق ملء مكة فهي واحدة إلا أن يريد أكثر منها ، وكذلك إن قال ملء الدنيا أو قال ملء شيء من الدنيا لأنها لا تملأ شيئا إلا بكلام فالواحدة والثلاث سواء فيما يملأ بالكلام

( قال ) ولو وقت فقال أنت طالق غدا أو إلى سنة أو إذا فعلت كذا وكذا أو كان منك كذا طلقت في الوقت الذي وقت ولا تطلق قبله ، ولو قال للمدخول بها التي تحيض إذا قدم فلان أو عتق فلان أو إذا فعل فلان كذا وكذا أو إذا فعلت كذا فأنت طالقلم يقع ذلك إلا في الوقت الذي يكون فيه ما أوقع به الطلاق حائضا كانت أو طاهرا ، ولو قال أنت طالق في وقت كذا للسنة فإن كان ذلك الوقت وهي طاهر من غير جماع وقع الطلاق وإن كان وهي حائض أو نفساء أو مجامعة لم يقع إلا بعد طهرها من حيضة قبل الجماع ، ولو قال لها أنت طالق لا للسنة ولا للبدعة أو للسنة والبدعة كانت طالقا حين تكلم بالطلاق .

طلاق التي لم يدخل بها ( قال الشافعي ) قال الله تبارك وتعالى { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } وقال تبارك وتعالى { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } ( قال الشافعي ) والقرآن يدل والله أعلم على أن من طلق زوجة له دخل بها أو لم يدخل بها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره فإذا قال الرجل لامرأته التي لم يدخل بها أنت طالق ثلاثا فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الزهري عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس بن البكير قال طلق رجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها ثم بدا له أن ينكحها فجاء يستفتي فسأل أبا هريرة وعبد الله بن عباس فقالا لا نرى أن تنكحها حتى تتزوج زوجا غيرك فقال إنما كان طلاقي إياها واحدة فقال ابن عباس إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل ، أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن النعمان بن أبي عياش الأنصاري عن عطاء بن يسار قال جاء رجل يسأل عبد الله بن عمر وابن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها قال عطاء فقلت إنما طلاق البكر واحدة فقال عبد الله بن عمرو إنما أنت قاض الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره ( قال الشافعي ) قال الله عز وجل : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } وقال { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } الآية فالقرآن يدل على أن الرجعة لمن طلق واحدة أو اثنتين إنما هي على المعتدة لأن الله عز وجل إنما جعل الرجعة في العدة وكان الزوج لا يملك الرجعة إذا انقضت العدة لأنه يحل للمرأة في تلك [ ص: 197 ] الحال أن تنكح زوجا غير المطلق فمن طلق امرأته ولم يدخل بها تطليقة أو تطليقتين فلا رجعة له عليها ولا عدة ولها أن تنكح من شاءت ممن يحل لها نكاحه وسواء البكر في هذا والثيب

( قال ) ولو قال للمرأة غير المدخول بها أنت طالق ثلاثا للسنة أو ثلاثا للبدعة أو ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة وقعن معا حين تكلم به لأنه ليس فيها سنة ولا بدعة وهكذا لو كانت مدخولا بها لا تحيض من صغر أو كبر أو حبلى ، وإذا أراد في المدخول بها ثلاثا أن يقعن في رأس كل شهر واحدة لزمه في حكم الطلاق ثلاثا يقعن معا ويسعه فيما بينه وبين الله عز وجل أن يطلقها في رأس كل شهر واحدة ويرتجعها فيما بين ذلك ويصيبها ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى ولا يسعها هي أن تصدقه ولا تتركه ونفسها لأن ظاهره أنهن وقعن معا وهي لا تعلم ذلك كما قال وقد يكذب على قلبه ولو قال للتي لم يدخل بها أنت طالق ثلاثا للسنة وقعن حين تكلم به فإن نوى أن يقعن في رأس كل شهر فلا يسعها أن تصدقه لأنه لا عدة عليها فتقع الثنتان عليها في رأس كل شهر واحدة ويسعه فيما بينه وبين الله عز وجل أن تقع واحدة ولا تقع اثنتان لأنهما يقعان وهي غير زوجة ولا معتدة .

ولو قال لامرأة تحيض ولم يدخل بها أنت طالق إذا قدم فلان واحدة للسنة أو ثلاثا للسنة فدخل بها قبل أن يقدم فلان وقعت عليها الواحدة أو الثلاث إذا قدم فلان وهي طاهر من غير جماع ، وإن قدم فلان وهي طاهر من أول حيض طلقت قبل يجامع وأسأله هل أراد إيقاع الطلاق بقدوم فلان فقط ؟ فإن قال : نعم أو قال أردت إيقاع الطلاق بقدوم فلان للسنة في غير المدخول بها لا سنة التي دخل بها أوقعته عليه كيفما كانت امرأته لأنها لم يكن فيها حين حلف ولا حين نوى السنة في التي لم يدخل بها وبنى وإني أوقع الطلاق بنيته مع كلامه .

وإذا قال الرجل لامرأته لم يدخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق وقعت عليها الأولى ولم تقع عليها . الثنتان من قبل أن الأولى كلمة تامة وقع بها الطلاق فبانت من زوجها بلا عدة عليها ولا يقع الطلاق على غير زوجة أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن أبي قسيط عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه قال في رجل قال لامرأته ولم يدخل بها أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق فقال أبو بكر أيطلق امرأة على ظهر الطريق ؟ قد بانت منه من حين طلقها التطليقة الأولى .

ما جاء في الطلاق إلى وقت من الزمان ( قال الشافعي ) رحمه الله : إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق غدا فإذا طلع الفجر من ذلك اليوم فهي طالق وكذلك إن قال لها أنت طالق في غرة شهر كذا فإذا رأى غرة شهر كذا فتلك غرته فإن أصابها وهو لا يعلم أن الفجر طلع يوم أوقع عليها الطلاق أو لا يعلم أن الهلال رئي ثم علم أن الفجر طلع قبل إصابته إياها أو الهلال رئي قبل إصابته إياها إلا أنه يعلم أن إصابته كانت بعد المغرب ثم رئي الهلال فقد وقع الطلاق قبل إصابته إياها ولها عليه مهر مثلها بإصابته إياها بعد وقوع طلاقه عليها ثلاثا إن كان طلقها ثلاثا أو تطليقة لم يكن بقي عليها من الطلاق إلا هي ، وإن طلقها واحدة فلها عليه مهر مثلها ، ولا تكون إصابته إياها رجعة ، والقول في الإصابة قول الزوج مع يمينه وكذلك هو في الحنث إلا أن تقوم عليه بينة في الحنث بخلاف ما قال أو بينه بإقراره بإصابة توجب عليه شيئا فيؤخذ لها



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.16 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.29%)]