
09-01-2023, 04:45 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,138
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس
الحلقة (219)
صــــــــــ 218 الى صـــــــــــ 230
( قال ) وإن قالتا طلقنا بألف فطلقهما ثم ارتدتا لزمتهما الألف بالطلاق وأخذت منهما ( قال ) ولو قالتا هذا له ثم ارتدتا فطلقهما بعد الردة وقف [ ص: 218 ] الطلاق فإن رجعتا إلى الإسلام في العدة لزمتهما وكانتا طالقين باثنتين لا يملك رجعتهما وعدتهما من يوم تكلم بالطلاق لا من يوم ارتدتا ولا من يوم رجعتا إلى الإسلام وإن لم ترجعا إلى الإسلام حتى تمضي العدة أو تقتلا أو تموتا لم يقع الطلاق ولم يكن له من الألف شيء
( قال ) ولو كانت لرجل امرأتان محجورتان فقالتا طلقنا على ألف فطلقهما فالطلاق لازم وهو يملك فيه الرجعة إذا لم يكن جاء على طلاقهما كله ولا شيء له عليهما من الألف ( قال ) وإن كانت إحداهما محجورا عليها والأخرى غير محجور عليها لزمهما الطلاق وطلاق غير المحجور عليها جائز بائن وعليها حصتها من الألف وطلاق المحجور عليها يملك فيه الرجعة إذا أبطلت ماله بكل حال جعلت الطلاق يملك الرجعة وإن كان أراد هو أن لا يملك الرجعة ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق واحدة بائن كانت واحدة يملك الرجعة
( قال ) ولو كانت امرأته أمة فخالعها كانت التطليقة بائنا ولا شيء عليها ما كانت مملوكة إذا لم يأذن لها السيد ويتبعها بالخلع إذا عتقت وإنما أبطلته عنها في الرق لأنها لا تملك شيئا كما أبطلته عن المفلس حتى يوسر فلو خلع رجل امرأة له مفلسة كان الخلع في ذمتها إذا أيسرت لأني لم أبطله من جهة الحجر فيبطل بكل حال
( قال ) وإذا قال الرجل لامرأته اختلعي على ألف على أن أعطيك هذا العبد فمن أجاز نكاحا وبيعا معا أجاز هذا الخلع وجعل العبد مبيعا ومهر مثلها بألف كأن قيمة العبد ألف وقيمة مهر مثلها ألف فالعبد مبيع بخمسمائة فإذا وجدت به عيبا فمن قال إذا جمعت الصفقة شيئين لم يردا إلا معا فردت العبد رجع عليها بمهر مثلها وكان لها الألف يحاصها بها ومن قال إذا جمعت الصفقة شيئين مختلفين رد أحدهما بعيبه بحصته من الثمن رده بخمسمائة ( قال ) وقد يفترق هذا والبيع لأن أصل ما عقد هذا عليه أن الطلاق لا يرد بحال فيجوز لمن قال لا يرد البيع إلا معا أن يرد العبد بخمسمائة من الثمن ويفرق بينه وبين البيع
( قال ) وإذا كانت للرجل امرأتان فقالت إحداهما طلقني وفلانة على أن لك علي ألف درهم أو علي ألف درهم ففعل فالألف للتي خاطبه لازمة يتبعها بها وهكذا لو قال ذلك له أجنبي فإن طلق التي لم تخاطبه وأمسك التي خاطبته لزمت المخاطبة حصة التي طلقت من الصداق على ما وصفت من أن يقسم الصداق على مهر مثلها فيلزمها حصة مهر مثل مطلقة ( قال ) وهكذا لو قال هذا له أجنبي
( قال ) وإذا كان لرجل امرأتان فقالت له إحداهما لك علي إن طلقتني ألف وحبست صاحبتي فلم تطلقها أبدا فطلقها كان له عليها مهر مثلها لفساد الشرط في حبس صاحبتها أبدا وهو مباح له أن يطلقها ( قال ) ولو قالت لك علي ألف درهم على أن تطلق صاحبتي ولا تطلقني أبدا فأخذها رجعت بها عليه وكان له أن يطلقها ، ولو قالت لك علي ألف درهم على أن تطلق صاحبتي ولا تطلقني أبدا فطلق صاحبتها كان له عليها مثل مهر صاحبتها كان أقل من ألف أو أكثر ولم تكن له الألف لفساد الشرط وكان له أن يطلقها متى شاء
( قال ) ولو قالت له لك علي ألف درهم على أن تطلقني وصاحبتي فطلقهما لزمتها الألف وإن طلق إحداهما كان له من الألف بقدر حصة مهر مثل المطلقة منهما
( قال والقول الثاني ) أن رجلا لو كانت له امرأتان فأعطتاه ألفا على أن يطلقهما فطلقهما كان له عليهما مهور أمثالهما ولم يكن له من الألف شيء وكذلك لو أعطته واحدة ألف درهم على أن يطلقها ويعطيها عبدا له لم يكن لها العبد وكان له عليها مهر مثلها وأصل هذا إذا كان مع طلاق واحدة شيء غير طلاقها أو شيء تأخذه مع طلاقها كان الشرط باطلا ، والطلاق واقع ورجع عليها بمهر مثلها وأصل هذا إذا كان مع شيء تأخذه مع طلاقها في هذه الوجوه كلها
( قال ) وما أعطته المرأة عن نفسها أو أعطاه أجنبي عنها أن يطلقها فسواء إذا كان ما أعطاه مما يجوز أن يملك تم له وجاز الطلاق وإذا كان مما لا يجوز أن يملك رجع عليها [ ص: 219 ] إن كانت المعطية عن نفسها أو غيرها أو أعطت عن غيرها أو أعطى عنها أجنبي ما لزمها من ذلك في نفسها لزمها في غيرها وما لزمها في نفسها لزم الأجنبي فيها إذا أعطاه عنها لا يفترق ذلك كما يلزم ما يؤخذ في البيوع
( قال ) وإذا قالت المرأة للرجل طلقني ثلاثا ولك علي ألف درهم فطلقها ثلاثا فله الألف وإن طلقها اثنتين فله ثلثا الألف وإن طلقها واحدة فله ثلث الألف والطلاق بائن في الواحدة والثنتين
( قال ) ولو لم يبق له عليها من الطلاق إلا واحدة فقالت له طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها واحدة كانت له الألف لأن الواحدة تقوم مقام الثلاث في أن تحرمها عليه حتى تنكح زوجا غيره
( قال ) ولو كانت بقيت له عليها اثنتان فقالت له طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها اثنتين كانت له الألف لأنها تحرم عليه بالاثنتين حتى تنكح زوجا غيره ولو طلقها واحدة كان له ثلثا الألف لأنها تبقى معه بواحدة ولا تحرم عليه حتى يطلقها إياها فلا تأخذ أكثر من حصتها من الألف
( قال ) ولو قالت طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا كانت له الألف وكان متطوعا بالثنتين اللتين زادهما
( قال ) ولو قالت له إن طلقتني واحدة فلك ألف أو ألفان فطلقها واحدة كان له مهر مثلها لأن الطلاق لم ينعقد على شيء معلوم ، وكذلك لو قالت لي الخيار أن أعطيك ألفا لا أنقصك منها أو ألفين أو لك الخيار أو لي ولك الخيار
( قال ) ولو كانت بقيت عليها واحدة من الطلاق فقالت طلقني ثلاثا واحدة أحرم بها واثنتين إن نكحتني بعد اليوم كان له مهر مثلها إذا طلقها كما قالت
( قال ) ولو قالت له إن طلقتني فعلي أن أزوجك امرأة تغنيك وأعطيك صداقها أو أي امرأة شئت وأعطيك صداقها وسمت صداقها أو لم تسمه فالطلاق واقع وله مهر مثلها وإنما منعني أن أجيزه إذا سمت المهر أنها ضمنت له تزويج امرأة قد لا تزوجه ففسد الشرط فإذا فسد فإنما له مهر مثلها
( قال ) وهكذا لو قالت له إن طلقتني واحدة فلك ألف ولك إن خطبتني أن أنكحك بمائة فطلقها فله مهر مثلها ولا يكون له عليها أن تنكحه إن طلقها ، قال وهكذا لو قالت له طلقني ولك ألف ولك أن لا أنكح بعدك أبدا فطلقها فله مهر مثلها ولها أن تنكح من شاءت
( قال ) وإذا وكل الزوج في الخلع فالوكالة جائزة والخلع جائز فمن جاز أن يكون وكيلا بمال أو خصومة جاز أن يكون وكيلا بالخلع للرجل وللمرأة معا وسواء كان الوكيل حرا أو عبدا أو محجورا أو رشيدا أو ذميا كل هؤلاء تجوز وكالته
( قال ) ولا يجوز أن يوكل غير بالغ ولا معتوها .
فإن فعل فالوكالة باطلة إذا كان هذان لا حكم لكليهما على أنفسهما فيما لله عز وجل وللآدميين فلا يلزمهما لم يجز أن يكونا وكيلين يلزم غيرهما بهما قول
( قال ) وأحب إلي أن يسمي الموكلان ما يبلغ الوكيل لكل واحد منهما الرجل بأن يقول وكلته بكذا لا يقبل أقل منه ، والمرأة بأن يعطي عنها وكيلها كذا لا يعطى أكثر منه ( قال ) وإن لم يفعلا جازت وكالتهما وجاز لهما ما يجوز للوكيل ورد من فعلهما ما يرد من فعل الوكيل فإن أخذ وكيل الرجل من المرأة أو وكيلها أقل من مهر مثلها فشاء الموكل أن يقبله ويجوز عليه الخلع فيكون الطلاق فيه بائنا فعل ، وإن شاء أن يرده فعل ، فإذا رده فالطلاق فيه جائز يملك الرجعة وهو في هذه الحال في حكم من اختلع من محجور عليها لا أنه قياس عليه
( قال ) وكذلك إن خالعها بعرض أو بدين فشاء أن يكون له الدين ما كان كان له ، وإن شاء أن لا يكون له ويلزمه الطلاق ثم يملك فيه الرجعة كان
( قال ) وإن أخذ وكيل الرجل من المرأة نفسها أكثر من مهر مثلها جاز الخلع وكان قد ازداد للذي وكله
( قال ) وإن أعطى وكيل المرأة عنها الزوج نفسه مهر مثلها أو أقل نقدا أو دينا جاز عليها وإن أعطى عليها دينا أكثر من مهر مثلها فشاءت لزمها وتم الخلع وإن شاءت رد عليها كله ولزمها مهر مثلها .
وكان حكمها حكم امرأة اختلعت بما لا يجوز أو بشيء بعينه فتلف فيلزمها مهر مثلها نقدا يجوز في الخلع ما يجوز في [ ص: 220 ] البيع ولا يلزم الزوج أن يؤخذ له عرض ولا دين إلا أن يشاء ولا المرأة أن يعطى عليها عرض ويعطى عليها دين مثل أو أقل من مهر مثلها نقدا .
وإنما لزمها أنها إن شاءت أدته نقدا وإن شاءت حسبته فاستفضلت تأخيره ولم تزد عليها في عدده فلا يكون الخلع لوكيل إلا بدنانير أو دراهم كما لا يكون البيع لوكيل إلا بدنانير أو دراهم
( قال ) ولا يغرم وكيل المرأة ولا الرجل شيئا وإن تعديا إلا أن يعطي وكيل المرأة أكثر من مهر مثلها فيتلف ما أعطى فيضمن الفضل من مهر مثلها فأما إذا كان قائما بعينه في يد الزوج فينتزع منه لا يغرم الوكيل ولا يشبه هذا البيوع وذلك أنه إن وكله بسلعة فاشتراها بأكثر من ثمن مثلها لزمته السلعة بيعا لنفسه وأخذ منه الموكل الثمن الذي أعطاه إن لم يختر أخذ السلعة والوكيل لا يملك المرأة ولا يرد الطلاق بحال وطلاقها كشيء اشتراه لها فاستهلكته فإذا كان الثمن مجهولا أو فاسدا ضمنت قيمته ولم يضمنها الوكيل
( قال ) ولو وكله رجل بأن يأخذ من امرأته مائة ويخالعها فأخذ منها خمسين لم يجز الخلع وكانت امرأته بحالها كما لو قال لها إن أعطيتني مائة فأنت طالق فأعطته خمسين لم تكن طالقا ولو وكلت هي رجلا على أن يعطي عنها مائة على أن يطلقها زوجها فأعطى عنها مائتين فطلقها زوجها بالمائتين فإن قال الوكيل لك مائتا دينار على أن تطلقها فطلقها فالمائتان لازمة للوكيل تؤخذ منها المائة التي وكلته بها ومائة بضمانه إياها وإن كان قال له لك مائتا دينار من مال فلانة لا أضمنها لك أو قاله وسكت ففعل فطلقها لزمها الأكثر من المائة التي وكلت بها الوكيل أو مهر مثلها ولم يلزمها ما زاد على ذلك من المائتين ولا الوكيل لأنه لم يضمن له شيئا ولو كان الوكيل قال له طلقها على أن أسلم لك مائتي دينار من مالها فالوكيل ضامن إن لم تسلم ذلك له المرأة أخذ الزوج من مال المرأة الأكثر من مائة دينار ومهر مثلها ورجع على الوكيل بالفضل عن ذلك حتى يستوفي مائتي دينار ولو أفلست المرأة كانت المائتا الدينار له على الوكيل بالضمان بتسليم المائتين ولو كان مكان الوكيل أب أو أم أو ولي أو أجنبي لم توكله ولا واحدا منهم فقال للزوج اخلعها على أن أسلم لك من مالها مائتي دينار ففعل الزوج ثم رجع كان له عليه مائتا دينار ولم يرجع المتطوع بالضمان عنها عليها بشيء لأنها لم توكله بأن يخالع بينها وبين زوجها .
مخاطبة المرأة بما يلزمها من الخلع وما لا يلزمها ( قال الشافعي ) رحمه الله : وإذا قالت المرأة للرجل إن طلقتني ثلاثا فلك علي مائة فسواء هو كقول الرجل بعني ثوبك هذا بمائة لك علي أو بعني ثوبك هذا بمائة قال فإن طلقها ثلاثا فله عليها مائة دينار
( قال ) ولو قالت له طلقني بألف فقال أنت طالق بألف فقالت أردت فلوسا وقال هو أردت دراهم أو قالت أردت دراهم وقال هو أردت دنانير تحالفا وكان له مهر مثلها
( قال ) ولو قالت له طلقني على ألف فقال أنت طالق على ألف ، فقالت أردت طلقني على ألف على أبي أو أخي أو جاري أو أجنبي فالألف لازمة لها لأن الطلاق لا يرد .
وظاهر هذا أنه كقولها طلقني على ألف علي
( قال ) ولو قالت إن طلقتني فلك ألف درهم فطلقها في وقت الخيار كانت له عليها ألف درهم والطلاق بائن وإن طلقها بعد مضي وقت الخيار لزمه الطلاق وهو يملك فيه الرجعة ولا شيء له عليها
( قال ) وكذلك لو قال لها أنت طالق إن ضمنت لي ألف درهم أو أمرك بيدك تطلقين نفسك إن ضمنت لي ألف درهم أو قد جعلت طلاقك إليك إن ضمنت لي ألف درهم فضمنتها في هذه المسائل في وقت الخيار كانت طالقا وكانت عليها ألف وإن ضمنتها بعد وقت الخيار لم تكن طالقا ولم يكن عليها شيء ( قال ) وجماع [ ص: 221 ] هذا إذا كان الشيء يتم بها وبه لم يجز إلى مدة ولم يجز إلا في وقت الخيار كما لا يجوز ما جعل إليها من أمرها إلا في وقت الخيار لأنه قد تم بها وبه
( قال ) ولو قال لها إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فقالت قد ضمنت لك ألفا أو أعطته عرضا بألف أو نقدا أقل من ألف لم يكن طلاقا إلا بأن تعطيه ألفا في وقت الخيار فإن مضى وقت الخيار لم تطلق وإن أعطته ألفا إلا بأن يحدث لها طلاقا بعد
( قال الشافعي ) ولو قال لها أنت طالق إذا دفعت إلي ألفا فدفعت إليه شيئا رهنا قيمته أكثر من ألف لم تطلق ولا تطلق إلا بأن تدفع إليه الألف
( قال ) ولو قال لها إن أعطيتني ألف درهم طلقتك فأعطته ألف درهم لم يلزمه أن يطلقها ويلزمه أن يرد الألف عليها وهذا موعد لا إيجاب طلاق وكذلك إن قال إذا أعطيتني ألف درهم طلقتك .
وهكذا إن قالت له إن أعطيتك ألف درهم تطلقني أو طلقتني ؟ قال نعم ، ولا يلزمه طلاق بما أعطته حتى يقول إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق أو أنت طالق إذا أعطيتني ألف درهم فتعطيه ألف درهم في وقت الخيار ، ولو قال لها إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق فأعطته ألف درهم طبرية لم تطلق إلا بأن تعطيه وزن سبعة ولو أعطته ألفا بغلية طلقت لأنها ألف درهم وزيادة وكان كمن قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطته ألفا وزيادة ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولو أعطته ألفا رديئة مردودة فإن كانت فضة يقع عليها اسم الدراهم طلقت وكان له عليها أن تبدله إياها ، وإن كانت لا يقع عليها اسم الدراهم أو على بعضها اسم فضة لأنها ليست فضة لم تطلق
ولو قال إن أعطيتني عبدا فأنت طالق فأعطته عبدا أي عبد ما كان أعور أو معيبا فهي طالق ولا يملك العبد وله عليها صداق مثلها .
وكذلك لو قال لها إن أعطيتني شاة ميتة أو خنزيرا أو زق خمر فأنت طالق فأعطته بعض هذا كانت طالقا لأن هذا كقوله لها إن دخلت الدار فأنت طالق ولا يملك شيئا من هذا ويرجع عليها بمهر مثلها في كل مسألة من هذا .
وإن قال لها إن أعطيتني شيئا يعرفانه جميعا بعينه فأنت طالق فأعطته إياه كانت طالقا فإن وجد به عيبا كان له رده ويرجع عليها بمهر مثلها ، وإن أعطته عبدا فوجده مدبرا لها لم يكن له رده لأن لها بيعه وإن وجده مكاتبا لم يكن له ، ولو عجز بعدما يطلقها لم يكن له لأن العقد وقع عليه وهو لا يجوز بيعه وإن وجده حرا أو لغيرها فيه شرك لم يكن له ولو سلمه صاحبه وكان له في هذا كله مهر مثلها .
اختلاف الرجل والمرأة في الخلع ( قال الشافعي ) وإذا اختلفت المرأة والرجل في الخلع على الطلاق فهو كاختلاف المتبايعين فإن قالت طلقتني واحدة أو أكثر على ألف درهم وقال بل على ألفين تحالفا وله صداق مثلها كان أقل من ألف أو أكثر من ألفين ، وهكذا لو قالت له خالعتني على ألف إلى سنة وقال بل خالعتك على ألف نقدا أو قالت له خالعتني على إبرائك من مهري فقال بل خالعتك على ألف آخذها منك لا على مهرك أو على ألف مع مهرك تحالفا وكان مهرها بحاله ويرجع عليها بصداق مثلها
( قال ) وهكذا لو قالت له ضمنت لك ألفا أو أعطيتك ألفا على أن تطلقني وفلانة أو تطلقني وتعتق عبدك فطلقتني ولم تطلقها أو طلقتني ولم تعتق عبدك وقال بل طلقتك بألف وحدك تحالفا ورجع عليها بمهر مثلها وكذلك لو قالت له أعطيتك ألفا على أن تطلقني ثلاثا فلم تطلقني إلا واحدة وقال بل أخذت منك الألف على الخلع وبينونة طلاق فإنما هي واحدة أو على ثنتين فطلقتكهما تحالفا ورجع بمهر مثلها ولم يلزمه من الطلاق إلا ما أقر به وهكذا لو [ ص: 222 ] قالت له أعطيتك ألفا على أن تطلقني ثلاثا وتطلقني كلما نكحتني ثلاثا فقال ما أخذت الألف إلا على الطلاق الأول تحالفا ورجع عليها بمهر مثلها .
وكذلك لو أقر لها بما قالت رجع عليها بمهر مثلها لأنه لا يجوز أن يأخذ الجعل على أن يطلقها قبل أن ينكحها ، ألا ترى أنه لو أخذ من أجنبية مالا على أنها طالق متى نكحها كان المال مردودا لأنه لا يملك من طلاقها شيئا وقد لا ينكحها أبدا
( قال ) ولو قالت له سألتك أن تطلقني ثلاثا بمائة وقال بل سألتني أن أطلقك واحدة بألف تحالفا وله مهر مثلها .
فإن أقامت المرأة البينة على دعواها وأقام الزوج البينة على دعواه وشهدت البينة أن ذلك بوقت واحد وأقر به الزوجان تحالفا وله صداق مثلها وسقطت البينة كما تسقط في البيوع إذا اختلفا والسلعة قائمة بعينها ويرد البيع وإن كان مستهلكا فقيمة المبيع ( قال ) والطلاق لا يرد وقيمة مثل البضع مهر مثلها ( قال ) وهكذا لو اختلفا فأقاما البينة ولم توقت بينتهما وقتا يدل على الخلع الأول فإن وقتت بينتهما وقتا يدل على الخلع الأول فالخلع الأول هو الخلع الجائز ، والثاني باطل إذا تصادقا إن لم يكن ثم نكاح ثم خلع فيكونان خلعين .
ألا ترى أن رجلا لو خالع امرأته بمائة ثم خالعها بعد ولم يحدث نكاحا بألف كانت الألف باطلا ولم يقع بها طلاق لأنه طلق ما لا يملك والأول جائز لأنه طلق ما يملك
( قال ) ولو قالت طلقتني ثلاثا بألف فقال بل طلقتك واحدة بألفين وأقام كل واحد منهما البينة على ما قال وتصادقا أن لم يكن طلاق إلا واحدة تحالفا وكان له مهر مثلها
( قال ) ولو قالت له طلقتني على ألف وأقامت شاهدا حلف وكانت امرأته ولو كانت المسألة بحالها فقال طلقتك على ألفين فلم تقبلي وجحدت كان القول قولها في المال ولم يلزمه الطلاق لأنه لم يقر بالطلاق إذ زعم أنه لم يقع
( قال ) ولو ادعت أنه خالعها وجحد فأقامت شاهدا بأنه خالعها على مائة وشاهدا أنه خالعها على ألف أو عرض فالشهادة لاختلافهما باطلة كلها ويحلف ( قال ) وهكذا لو كان هو المدعي أنه خالعها على ألف وأقام بها شاهدا وشاهدا آخر بألفين أو بعرض فالشهادة باطلة وهي تجحد لزمها الطلاق بإقراره ولم يلزمها المال وحلفت عليه ولا يملك الرجعة لأنه يقر أن طلاقه طلاق خلع لا يملك فيه الرجعة
( قال ) ولو قالت له سألتك أن تطلقني ثلاثا بألف فلم تطلقني إلا واحدة وقال بل طلقتك ثلاثا فإن كان ذلك في وقت الخيار فهي طالق ثلاثا وله الألف .
وإن كان اختلافهما وقد مضى وقت الخيار تحالفا .
وكان له مهر مثلها
( قال الشافعي ) وإذا اختلف الزوج والمرأة فقال الزوج طلقتك على ألف وقالت المرأة طلقتني على غير شيء فالقول قول المرأة وعلى الزوج البينة والطلاق واقع ولا يملك فيه الزوج الرجعة لأنه مقر أن لا رجعة له على المرأة فيه وأن عليها له مالا فلا يصدق فيما يدعي عليها ويصدق على نفسه
( قال ) ولو قالت المرأة سألتك أن تطلقني بألف فمضى وقت الخيار ولم تطلقني ثم طلقتني بعد على غير شيء وقال هو بل طلقتك قبل أن يمضي وقت الخيار كان القول قول المرأة في الألف وعلى الزوج البينة والطلاق لازم له ولا يملك الرجعة
( قال ) ولو قالت طلقتني أمس على غير شيء فقال بل طلقتك اليوم بألف فهي طالق اليوم بإقراره ولا يملك الرجعة ولا شيء له عليها من المال لأنها لم تقر به .
باب ما يفتدي به الزوج من الخلع ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثا على أن تعطيني ألفا فلم تعطه ألفا فليست طالقا .
وهو كقوله أنت طالق إن أعطيتني ألفا وأنت طالق إن دخلت الدار .
وهكذا [ ص: 223 ] إن قال لها أنت طالق على أن عليك ألفا فإن أقرت بألف كانت طالقا وإن لم تضمنها لم تكن طالقا ( قال ) وهذا مثل قوله لها أنت طالق إن ضمنت لي ألفا
( قال ) ولو قال لها أنت طالق وعليك ألف كانت طالقا واحدة يملك الرجعة وليس عليها ألف وهذا مثل قوله أنت طالق وعليك حج وأنت طالق وحسنة وطالق وقبيحة ( قال ) وإن ضمنت له الألف على الطلاق لم يلزمها وهو يملك الرجعة كما لو ابتدأ الآن طلاقها فطلقها واحدة .
ثم قالت له اجعل الواحدة التي طلقتني بائنا بألف لم تكن بائنا .
وإن أخذ منها عليها ألفا فعليه ردها عليها
( قال ) ولو تصادقا على أنها سألته الطلاق بألف فقال أنت طالق وعليك ألف كانت عليها وكان الطلاق بائنا
( قال ) ولو قال لامرأته أنت طالق إن أعطيتني عبدك فأعطته إياه فإذا هو حر طلقت ورجع عليها بمهر مثلها .
ولو قالت له اخلعني على ما في هذه الجرة من الخل وهي مملوءة فخالعها فوجده خمرا وقع الطلاق وكان عليها له مهر مثلها .
خلع المشركين ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا اختلعت المرأة الذمية من زوجها بخمر بعينه أو بصفة فدفعتها إليه ثم جاءوا بعد إلينا أجزنا الخلع ولم نرده عليها بشيء ولو لم تدفعها إليه ثم ترافعوا إلينا أجزنا الخلع وأبطلنا الخمر وجعلنا له عليها مهر مثلها ( قال ) وهكذا أهل الحرب إن رضوا بحكمنا لا يخالفون الذميين في شيء إلا أنا لا نحكم على الحربيين حتى يجتمعا على الرضا ونحكم على الذميين إذا جاء أحدهما ( قال ) ولو أسلم أحد الزوجين وقد تقابضا فهكذا وإن لم يتقابضا بطل الخمر بينهما وكان له عليها مهر مثلها لا يجوز إن كان هو المسلم لمسلم أن يأخذ خمرا ولا إن كانت هي المسلمة أن تعطي خمرا ولو قبضها منها بعد ما يسلم عزر وكان له عليها مهر مثلها إن طلبه .
وكذلك لو كانت هي المسلمة فدفعتها إليه عزرت وكان له عليها مهر مثلها إن طلبه وهكذا كل ما حرم وإن استحلوه مالا مثل الخنزير وغيره فهما في جميع الأحكام كالمسلمين لا يختلف الحكم عليهم وعلى المسلمين إلا فيما وصفت مما مضى في الشرك ولا يرد في الإسلام .
الخلع إلى أجل ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا اختلعت المرأة من زوجها بشيء مسمى إلى أجل فالخلع جائز وما سميا من المال إلى ذلك الأجل كما تكون البيوع ويجوز فيه ما يجوز في البيع والسلف إلى الآجال ، وإذا اختلعت بثياب موصوفة إلى أجل مسمى فالخلع جائز والثياب لها لازمة ، وكذلك رقيق وماشية وطعام يجوز فيه ما يجوز في السلف ويرد فيه ما يرد في السلف ( قال ) ولو تركت أن تسمي حيث يقبض منه الطعام أو تركت أن تسمي بعض صفة الطعام جاز الطلاق ورجع عليها بمهر مثلها
( قال ) ولو قالت المرأة سألتك أن تطلقني بألف فمضى وقت الخيار ولم تطلقني ثم طلقتني بعد على غير شيء وقال هو بل طلقتك قبل أن يمضي وقت الخيار كان القول قول المرأة في الألف وعلى الزوج البينة والطلاق لازم له ولا يملك الرجعة .
[ ص: 224 ] العدد عدة المدخول بها التي تحيض ( أخبرنا الربيع ) قال أخبرنا الشافعي قال الله تبارك وتعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } قال والأقراء عندنا والله تعالى أعلم الأطهار فإن قال قائل ما دل على أنها الأطهار وقد قال غيركم الحيض قيل له دلالتان أولهما الكتاب الذي دلت عليه السنة والآخر اللسان فإن قال وما الكتاب قيل قال الله تبارك وتعالى { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } قال الشافعي رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع { عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء } قال الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج { عن أبي الزبير أنه سمع ابن عمر يذكر طلاق امرأته حائضا وقال قال النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك وتلا النبي صلى الله عليه وسلم إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن أو في قبل عدتهن } قال الشافعي رحمه الله تعالى أنا شككت
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|