عرض مشاركة واحدة
  #220  
قديم 09-01-2023, 04:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس

الحلقة (220)
صــــــــــ 218 الى صـــــــــــ 230




قال الشافعي فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أن العدة الطهر دون الحيض وقرأ فطلقوهن لقبل عدتهن أن تطلق طاهرا لأنها حينئذ تستقبل عدتها ولو طلقت حائضا لم تكن مستقبلة عدتها إلا بعد الحيض فإن قال فما اللسان قيل القرء اسم وضع لمعنى فلما كان الحيض دما يرخيه الرحم فيخرج والطهر دم يحتبس فلا يخرج كان معروفا من لسان العرب أن القرء الحبس لقول العرب هو يقري الماء في حوضه وفي سقائه ، وتقول العرب هو يقري الطعام في شدقه يعني يحبس الطعام في شدقه قال الشافعي رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة قال ابن شهاب فذكر ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت صدق عروة وقد جادلها في ذلك ناس فقالوا إن الله تبارك اسمه يقول ثلاثة قروء فقالت عائشة رضي الله عنها صدقتم وهل تدرون ما الأقراء الأقراء الأطهار أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا يريد الذي قالت عائشة أخبرنا سفيان عن الزهري عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت إذا طعنت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه أخبرنا مالك عن نافع وزيد بن أسلم عن سليمان بن يسار أن الأحوص بن حكيم هلك بالشام حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة وقد كان طلقها فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك فكتب إليه زيد إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها


أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري قال حدثنا سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت قال إذا طعنت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها



أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها أخبرنا مالك عن الفضيل بن أبي عبد الله مولى المهري أنه سأل القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله عن المرأة إذا طلقت فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقالا قد بانت منه وحلت أخبرنا مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبي بكر بن عبد الرحمن [ ص: 225 ] وسليمان بن يسار وابن شهاب أنهم كانوا يقولون إذا دخلت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه ولا ميراث قال الشافعي والأقراء الأطهار والله تعالى أعلم فإذا طلق الرجل امرأته طاهرا قبل جماع أو بعده اعتدت بالطهر الذي وقع عليها فيه الطلاق ولو كان ساعة من نهار وتعتد بطهرين تامين بين حيضتين فإذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة حلت ولا يؤخذ أبدا في القرء الأول إلا أن يكون فيما بين أن يوقع الطلاق وبين أول حيض ولو طلقها حائضا لم تعتد بتلك الحيضة

فإذا طهرت استقبلت القرء

( قال ) ولو طلقها فلما أوقع الطلاق حاضت فإن كانت على يقين من أنها كانت طاهرا حين تم الطلاق ثم حاضت بعد تمامه بطرفة عين فذلك قرء وإن علمت أن الحيض وتمام الطلاق كانا معا استأنفت العدة في طهرها من الحيض ثلاثة قروء ، وإن اختلفا فقال الزوج وقع الطلاق وأنت حائض وقالت المرأة بل وقع وأنا طاهر فالقول قولها بيمينها ، أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال اؤتمنت المرأة على فرجها

( قال الشافعي ) وإذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فهو أحق بها ما لم تر الدم من الحيضة الثالثة فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فقد حلت منه وهو خاطب من الخطاب لا يكون له عليها رجعة ولا ينكحها إلا كما ينكحها مبتدئا بولي وشاهدين ورضاها وإذا رأت الدم في وقت الحيضة الثالثة يوما ثم انقطع ثم عاودها بعد أو لم يعاودها أياما كثرت أو قلت فذلك حيض تحل به

( قال ) وتصدق على ثلاث حيض في أقل ما حاضت له امرأة قط ، وأقل ما علمنا من الحيض يوم وإن علمنا أن طهر امرأة أقل من خمس عشرة صدقنا المطلقة على أقل ما علمنا من طهر امرأة وجعلنا القول قولها ، وكذلك إن كان يعلم منها أنها تذكر حيضها وطهرها وهي غير مطلقة على شيء فادعت مثله قبلنا قولها مع يمينها ، وإن ادعت ما لم يكن يعرف منها قبل الطلاق ولم يوجد في امرأة لم تصدق إنما يصدق من ادعى ما يعلم أنه يكون مثله ، فأما من ادعى ما لم يعلم أنه يكون مثله فلا يصدق ، وإذا لم أصدقها فجاءت مدة تصدق في مثلها وأقامت على قولها قد حضت ثلاثا أحلفتها وخليت بينها وبين النكاح حين أن يمكن أن تكون صدقت ، ومتى شاء زوجها أن أحلفها ما انقضت عدتها فعلت ؟

ولو رأت الدم من الحيضة الثالثة ساعة أو دفعة ثم ارتفع عنها يومين أو ثلاثا أو أكثر من ذلك فإن كانت الساعة التي رأت فيها الدم أو الدفعة التي رأت فيها الدم في أيام حيضها نظرنا فإن رأت صفرة أو كدرة ولم تر طهرا حتى تكمل يوما وليلة فهي حيض تخلو عدتها بها من الزوج ، وإن كانت في غير أيام الحيض فكذلك إذا أمكن أن يكون بين رؤيتها الدم والحيض قبله قدر طهر فإن كان أتي عليها من الطهر الذي يلي هذا الدم أقل ما يكون بين حيضتين من الطهر كان حيضا تنقضي فيه عدتها وتنقطع به نفقتها إن كان يملك الرجعة وتركت الصلاة في تلك الساعة وصلت إذا طهرت وتركت الصلاة إذا عاودها الدم .

وإن كانت رأت الدم بعد الطهر الأول بيومين أو ثلاثا أو أكثر مما لا يمكن أن يكون طهرا لم تحل به من زوجها ولم تنقطع نفقتها ونظرنا أول حيض تحيضه فجعلنا عدتها تنقضي به وإن رأت الدم أقل من يوم . ثم رأت الطهر

لم يكن حيضا ، وأقل الحيض يوم وليلة .

والكدرة والصفرة في الحيض حيض ، ولو كانت المسألة بحالها فطهرت من حيضة أو حيضتين ثم رأت دما فطبق عليها فإن كان دمها ينفصل فيكون في أيام أحمر قانئا محتدما ، وفي الأيام التي بعده رقيقا قليلا فحيضها أيام الدم المحتدم الكثير وطهرها أيام الدم الرقيق القليل .

وإن كان دمها مشتبها كله كان حيضها بقدر عدد أيام حيضها فيما مضى قبل الاستحاضة وإذا رأت الدم في أول الأيام التي أجعلها أيام حيضها في الحيضة الثالثة حلت من زوجها

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : جعل الله تبارك وتعالى عدة من تحيض من [ ص: 226 ] النساء ثلاثة قروء وعدة من لم تحض ثلاثة أشهر وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المستحاضة أن تترك الصلاة في أيام حيضها إذا كان دمها ينفصل وفي قدر عدد أيام حيضها قبل أن يصيبها ما أصابها .

وذلك فيما نرى إذا كان دمها لا ينفصل نجعلها حائضا تاركا للصلاة في بعض دمها وطاهرا تصلي في بعض دمها فكان الكتاب ثم السنة يدلان على أن للمستحاضة طهرا وحيضا فلم يجز - والله تعالى أعلم - أن تعتد المستحاضة إلا بثلاثة قروء قال فإذا أراد زوج المستحاضة طلاقها للسنة طلقها طاهرا من غير جماع في الأيام التي نأمرها فيها بالغسل من دم الحيض والصلاة .

فإذا طلقت المستحاضة أو استحيضت بعدما طلقت فإن كان دمها منفصلا فيكون منه شيء أحمر قاني وشيء رقيق إلى الصفرة فأيام حيضها أيام الأحمر القاني وأيام طهرها هي أيام الصفري فعدتها ثلاث حيض إذا رأت الدم الأحمر القانئ من الحيضة الثالثة انقضت عدتها ( قال ) وإن كان دمها مشتبها غير منفصل كما وصفنا فإن كان لها أيام حيض معروفة فأيام حيضها في الاستحاضة عدد أيام حيضها المعروف ووقتها وقتها إن كان حيضها في أول الشهر أو وسطه أو آخره فتلك أيام حيضها ، فإذا كان أول يوم من الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها .

وإن كان حيضها يختلف فيكون مرة ثلاثا ومرة خمسا ومرة سبعا ثم استحيضت أمرتها أن تدع الصلاة أقل أيام حيضها ثلاثا وتغتسل وتصلي وتصوم لأنها أن تصلي وتصوم - وليس ذلك عليها إذا لم تستيقن أنها حائض - خير من أن تدع الصلاة وهي عليها واجب وأحب إلي لو أعادت صوم أربعة أيام وليس ذلك بلازم لها ، وتخلو من زوجها بدخول أول يوم من أيام حيضتها الثالثة وليس في عدد الحيضتين الأوليين شيء يحتاج إليه إذا أتت على ثلاث وسبع وأيام طهر فلا حاجة بنا إلى علمها

( قال ) وإن كانت امرأة ليس لها أيام حيض ابتدئت مستحاضة أو كانت فنسيتها تركت الصلاة أقل ما حاضت امرأة قط وذلك يوم وليلة وهو أقل ما علمنا امرأة حاضت فإن كانت قد عرفت وقت حيضتها فبدأ تركها الصلاة في مبتدأ حيضتها وإن كانت لم تعرفه استقبلنا بها الحيض من أول هلال يأتي عليها بعد وقوع الطلاق فإذا استهل الهلال الثالث انقضت عدتها منه .

ولو طلقت امرأة فاستحيضت أو مستحاضة فكانت تحيض يوما وتطهر يوما ، أو يومين وتطهر يومين أو ما أشبه هذا جعلت عدتها تنقضي بثلاثة أشهر ، وذلك المعروف من أمر النساء أنهن يحضن في كل شهر حيضة فانظر أي وقت طلقها فيه فاحسبها شهرا .

ثم هكذا حتى إذا دخلت في الشهر الثالث حلت من زوجها وذلك أن هذه مخالفة للمستحاضة التي لها أيام حيض كحيض النساء فلا أجد معنى أولى بتوقيت حيضتها من الشهور لأن حيضها ليس ببين ، ولو كانت تحيض خمسة عشر متتابعة أو بينها فصل وتطهر خمسة عشر متتابعة لا فصل بينها جعلت عدتها بالطهر ثلاثة قروء

( قال ) وعدة التي تحيض الحيض وإن تباعد كأنها كانت تحيض في كل سنة أو سنتين فعدتها الحيض وهكذا إن كانت مستحاضة فكانت لها أيام تحيضها كما تكون تطهر في أقل من شهر فتخلو بدخول الحيضة الثالثة فكذلك لا تخلو إلا بدخول الحيضة الثالثة وإن تباعدت ، وكذلك لو أرضعت فكان حيضها يرتفع للرضاع اعتدت بالحيض

( قال ) وإذا كانت تحيض في كل شهر أو شهرين فطلقت فرفعتها حيضتها سنة أو حاضت حيضة ثم رفعتها حيضتها سنة أنها لا تحل للأزواج إلا بدخولها في الدم من الحيضة الثالثة وإن تباعد ذلك وطال وهي من أهل الحيض حتى تبلغ أن تيأس من المحيض وهي لا تيأس من المحيض حتى تبلغ السن التي من بلغتها من نسائها لم تحض بعدها فإذا بلغت ذلك خرجت من أهل الحيض وكانت من المؤيسات من المحيض اللاتي جعل الله عز وجل عددهن ثلاثة أشهر واستقبلت ثلاثة أشهر من يوم بلغت سن المؤيسات من المحيض لا تخلو [ ص: 227 ] إلا بكمال الثلاثة الأشهر وهذا يشبه والله تعالى أعلم ظاهر القرآن لأن الله تبارك وتعالى جعل على الحيض الأقراء وعلى المؤيسات وغير البوالغ الشهور فقال { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر } فإذا كانت تحيض فإنها تصبر إلى الإياس من المحيض بالسن التي من بلغتها من نسائها أو أكثرهن لم تحض فينقطع عنها الحيض في تلك المدة ، وقد قيل إن مدتها أكثر الحمل وهو أربع سنين ولم تحض كانت مؤيسة من المحيض فاعتدت ثلاثة أشهر وقيل تتربص تسعة أشهر والله تعالى أعلم .

ثم تعتد ثلاثة أشهر

( قال ) والحيض يتباعد فعدة المرأة تنقضي بأقل من شهرين إذا حاضت ثلاث حيض ولا تنقضي إلا بثلاث سنين وأكثر إن كان حيضها يتباعد لأنه إنما جعل عليهن الحيض فيعتددن به وإن تباعد وإن كانت البراءة من الحمل تعرف بأقل من هذا فإن الله عز وجل حكم بالحيض فلا أحيله إلى غيره .

فلهذا قلنا عدتها الحيض حتى تؤيس من المحيض بما وصفت من أن تصير إلى السن التي من بلغها من أكثر نسائها لم تحض .

وقد يروى عن ابن مسعود وغيره مثل هذا القول .

أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان أنه كان عند جده هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك ولم تحض فقالت أنا أرثه لم أحض فاختصموا إلى عثمان فقضى للأنصارية بالميراث فلامت الهاشمية عثمان فقال هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بهذا يعني علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه .

أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبد الله أبي بكرة أخبره أن رجلا من الأنصار يقال له حبان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته فمكثت سبعة عشر شهرا لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض ثم مرض حبان بعد أن طلقها بسبعة أشهر أو ثمانية فقلت له إن امرأتك تريد أن ترث فقال لأهله احملوني إلى عثمان فحملوه إليه فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت فقال لهما عثمان ما تريان ؟ فقالا نرى أنها ترثه إن مات ، يرثها إن ماتت فإنها ليست من القواعد التي قد يئسن من المحيض وليست من الأبكار اللاتي لم يبلغن المحيض . ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير فرجع حبان إلى أهله فأخذ ابنته فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة ثم حاضت حيضة أخرى ثم توفي حبان من قبل أن تحيض الثالثة فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها وورثته

أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه عن عمر بن عبد العزيز في امرأة حبان مثل خبر عبد الله بن أبي بكرة .

أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء المرأة تطلق وهم يحسبون أن يكون المحيض قد أدبر عنها ولم يبن لهم ذلك كيف تفعل ؟ ( قال ) كما قال الله عز وجل إذا يئست اعتدت ثلاثة أشهر قلت ما ينتظر بين ذلك ؟ قال إذا يئست اعتدت ثلاثة أشهر كما قال الله تبارك وتعالى .

أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : أتعتد أقراءها ما كانت إن تقاربت وإن تباعدت ؟ قال : نعم كما قال الله تبارك وتعالى .

أخبرنا سعيد عن المثنى عن عمرو بن دينار في امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فقال أما أبو الشعثاء فكان يقول أقراؤها حتى يعلم أنها قد يئست من المحيض .

أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سمعه يقول عدة المطلقة الأقراء وإن تباعدت

( قال الشافعي ) وإن طلقت فارتفع محيضها أو حاضت حيضة أو حيضتين لم تحل إلا بحيضة ثالثة وإن بعد ذلك ، فإذا بلغت تلك السن استأنفت ثلاثة أشهر من يوم تبلغها .

أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد ويزيد بن عبد الله بن قسيط عن ابن المسيب [ ص: 228 ] أنه قال : قال عمر بن الخطاب أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فإنها تنتظر تسعة أشهر فإن بان بها حمل فذلك وإلا اعتدت بعد التسعة أشهر ثم حلت .

( قال الشافعي ) قد يحتمل قول عمر أن يكون في المرأة قد بلغت السن التي من بلغها من نسائها يئسن من المحيض فلا يكون مخالفا لقول ابن مسعود وذلك وجهه عندنا

ولو أن امرأة يئست من المحيض طلقت فاعتدت بالشهور ثم حاضت قبل أن تكمل بالشهور فسقطت عدة الشهور واستقبلت الحيض فإن حاضت ثلاث حيض فقد قضت عدتها وإن لم تحضها حتى مرت عليها بعد الحيضة الأولى تسعة أشهر استقبلت العدة بالشهور ، وإن جاءت عليها ثلاثة أشهر قبل أن تحيض فقد أكملت عدتها لأنها من اللائي يئسن من المحيض ، فإن حاضت قبل أن تكمل الثلاثة الأشهر فقد حاضت حيضتين فتستقبل تسعة أشهر فإن حاضت فيها أو بعدها في الثلاثة الأشهر فقد أكملت وإن لم تحض فيها اعتدت ، فإذا مرت بها تسعة أشهر ثم ثلاثة بعدها حلت ، ولو حاضت بعد ذلك لم تعتد بعد بالشهور ( قال ) والذي يروى عن عمر عندي يحتمل أن يكون إنما قاله في المرأة قد بلغت السن التي يؤيس مثلها من المحيض فأقول بقول عمر على هذا المعنى وهو قول ابن مسعود على معناه في اللائي لم يؤيسن من المحيض ولا يكونان مختلفين عندي والله تعالى أعلم

قال الله عز وجل في الآية التي ذكر فيها المطلقات ذوات الأقراء { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } الآية ( قال الشافعي ) فكان بينا في الآية بالتنزيل أنه لا يحل للمطلقة أن تكتم ما في رحمها من المحيض وذلك أن يحدث للزوج عند خوفه انقضاء عدتها رأي في ارتجاعها أو يكون طلاقه إياها أدبا لها لا إرادة أن تبين منه فلتعلمه ذلك لئلا تنقضي عدتها فلا يكون له سبيل إلى رجعتها وكان ذلك يحتمل الحمل مع الحيض لأن الحمل مما خلق الله تعالى في أرحامهن ، وإذا سأل الرجل امرأته المطلقة أحامل هي أو هل حاضت ؟ فبين عندي أن لا يحل لها أن تكتمه واحدا منهما ولا أحدا رأت أنه يعلمه إياه ، وإن لم يسألها ولا أحد يعلمه إياه فأحب إلي لو أخبرته به وإن لم يسألها لأنه قد يقع اسم الكتمان على من ظن أنه يخبر الزوج لما له في إخباره من رجعة أو ترك كما يقع الكتمان على من كتم شهادة لرجل عنده ، ولو كتمته بعد المسألة الحمل والأقراء حتى خلت عدتها كانت عندي آثمة بالكتمان إذ سئلت وكتمت وخفت عليها الإثم إذا كتمته وإن لم تسأل ولم يكن له عليها رجعة لأن الله عز وجل إنما جعلها له حتى تنقضي عدتها فإذا انقضت عدتها فلا رجعة له عليها أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء ما قوله { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } قال الولد لا تكتمه ليرغب فيها وما أدري لعل الحيضة معه .

أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه سأل عطاء أيحق عليها أن تخبره بحملها وإن لم يرسل إليها يسألها عنه ليرغب فيها ( قال ) تظهره وتخبر به أهلها فسوف يبلغه .

أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن مجاهدا قال في قول الله عز وجل { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } المرأة المطلقة لا يحل لها أن تقول أنا حبلى وليست بحبلى ولا لست بحبلى وهي حبلى ولا أنا حائض وليست بحائض ولا لست بحائض وهي حائض ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وهذا - إن شاء الله تعالى - كما قال مجاهد لمعان منها أن لا يحل الكذب والآخر أن لا تكتمه الحبل والحيض لعله يرغب فيراجع ولا تدعيهما لعله يراجع وليست له حاجة بالرجعة لولا ما ذكرت من الحمل والحيض فتغره والغرور لا يجوز .

أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء أرأيت إن أرسل إليها فأراد ارتجاعها فقالت قد انقضت عدتي وهي كاذبة فلم تزل تقوله حتى انقضت عدتها ؟ قال : لا وقد خرجت ( قال الشافعي ) هذا كما قال عطاء إن شاء الله تعالى وهي آثمة إلا أن يرتجعها فإن ارتجعها وقد قالت قد انقضت عدتي ثم [ ص: 229 ] أكذبت نفسها فرجعته عليها ثابتة ألا ترى أنه إن ارتجعها فقالت قد انقضت عدتي فأحلفت فنكلت فحلف كانت له عليها الرجعة ولو أقرت أن لم تنقض عدتها كانت له عليها الرجعة لأنه حق له جحدته ثم أقرت به .

عدة التي يئست من المحيض والتي لم تحض ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : سمعت من أرضى من أهل العلم يقول : إن أول ما أنزل الله عز وجل من العدد { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } فلم يعلموا ما عدة المرأة التي لا أقراء لها وهي التي لا تحيض ولا الحامل فأنزل الله عز ذكره { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } فجعل عدة المؤيسة والتي لم تحض ثلاثة أشهر وقوله { إن ارتبتم } فلم تدروا ما تعتد غير ذات الأقراء .

وقال : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } قال وهذا والله تعالى أعلم يشبه ما قالوا

وإذا أراد الرجل أن يطلق التي لا تحيض للسنة فطلقها أية ساعة شاء ليس في وجه طلاقها سنة إنما السنة في التي تحيض وكذلك ليس في وقت طلاق الحامل سنة وإذا طلق الرجل امرأته وهي كمن لا تحيض من صغر أو كبر فأوقع الطلاق عليها في أول الشهر أو آخره اعتدت شهرين بالأهلة وإن كان الهلالان معا تسعا وعشرين وشهرا ثلاثين ليلة في أي الشهر طلقها وذلك أنا نجعل عدتها من ساعة وقع الطلاق عليها فإن طلقها قبل الهلال بيوم عددنا لها ذلك اليوم فإذا أهل الهلال عددنا لها هلالين بالأهلة ثم عددنا لها تسعا وعشرين ليلة حتى تكمل ثلاثين يوما وليلة باليوم الذي كان قبل الهلالين ، وكذلك لو كان قبل الهلال بأكثر من يوم وعشر أكملنا ثلاثين بعد هلالين وحلت وأي ساعة طلقها من ليل أو نهار انقضت عدتها بأن تأتي عليها تلك الساعة من اليوم الذي يكمل ثلاثين يوما بعد الشهرين بذلك اليوم فتكون قد أكملت ثلاثين يوما عددا وشهرين بالأهلة وله عليها الرجعة في الطلاق الذي ليس ببائن حتى تمضي جميع عدتها .

ولو طلقها ولم تحض فاعتدت بالشهور حتى أكملتها ثم حاضت مكانها كانت عدتها قد انقضت ولو بقي من إكمالها طرفة عين فأكثر خرجت من اللائي لم يحضن لأنها لم تكمل ما عليها من العدة بالشهور حتى صارت ممن له الأقراء واستقبلت الأقراء وكانت من أهلها فلا تنقضي عدتها إلا بثلاثة قروء .

أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء المرأة تطلق ولم تحض فتعتد بالأشهر فتحيض بعد ما يمضي شهران من الثلاثة الأشهر ( قال ) لتعتد حينئذ بالحيض ولا يعتد بالشهر الذي قد مضى ( قال الشافعي ) ولو ارتفع عنها الحيض بعد أن حاضت كانت في القول الأول لا تنقضي عدتها حتى تبلغ أن تؤيس من المحيض إلا أن تكون بلغت السن التي يؤيس مثلها فيها من المحيض فتتربص تسعة أشهر ثم تعتد بعد التسعة ثلاثة أشهر

( قال ) وأعجل من سمعت به من النساء حضن نساء تهامة يحضن لتسع سنين ، فلو رأت امرأة الحيض قبل تسع سنين فاستقام حيضها اعتدت به وأكملت ثلاثة أشهر في ثلاث حيض فإن ارتفع عنها الحيض وقد رأته في هذه السنين فإن رأته كما ترى الحيضة ودم الحيضة بلا علة إلا كعلل الحيضة ودم الحيضة ثم ارتفع لم تعتد إلا بالحيض حتى تؤيس من المحيض فإن رأت دما يشبه دم الحيضة لعلة في هذه السن اكتفت بثلاثة أشهر إذا لم يتتابع عليها في هذه السن ولم تعرف أنه حيض لم يكن حيضا إلا أن ترتاب فتستبرئ نفسها من الريبة ، ومتى رأت الدم بعد التسع سنين فهو حيض إلا أن تراه من شيء أصابها في فرجها من جرح أو [ ص: 230 ] قرحة أو داء فلا يكون حيضا وتعتد بالشهور ، ولو أن امرأة بالغا بنت عشرين سنة أو أكثر لم تحض قط فاعتدت بالشهور فأكملتها ثم حاضت كانت منقضية العدة بالشهور كالتي لم تبلغ تعتد بثلاثة أشهر ثم تحيض فلا يكون عليها عدة مستقبلة وقد أكملتها بالشهور ولو لم تكملها حتى حاضت استقبلت الحيض وسقطت الشهور .

باب لا عدة على التي لم يدخل بها زوجها ( قال الشافعي ) قال الله تبارك وتعالى : { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فكان بينا في حكم الله عز وجل أن لا عدة على المطلقة قبل أن تمس وأن المسيس هو الإصابة ولم أعلم في هذا خلافا ثم اختلف بعض المفتين في المرأة يخلو بها زوجها فيغلق بابا ويرخي سترا وهي غير محرمة ولا صائمة فقال ابن عباس وشريح وغيرهما لا عدة عليها إلا بالإصابة نفسها لأن الله عز وجل هكذا قال .

أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن ليث عن طاوس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها ليس لها إلا نصف الصداق لأن الله عز وجل يقول : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وبهذا أقول وهو ظاهر كتاب الله عز ذكره ( قال الشافعي ) فإن ولدت المرأة التي قال زوجها لم أدخل بها إلى أربع سنين لستة أشهر فأكثر من يوم عقد عقدة إنكاحها لزم الزوج الولد إلا بأن يلتعن فإن لم يلتعن حتى مات أو عرض عليه اللعان وقد أقر به أو نفاه أو لم يقر به ولم ينفه لحق نسبه بأبيه وعليه المهر تاما إذا ألزمناه الولد حكمنا عليه بأنه مصيب لها ( قال الربيع ) وفيه قول آخر أنه إذا لم يلتعن ألحقنا به الولد ولم نغرمه إلا نصف الصداق لأنها قد تستدخل نطفة فتحبل فيكون ولده من غير مسيس بعد أن يحلف بالله ما أصابها ( قال الشافعي ) فإن التعن نفينا عنه الولد وأحلفناه ما أصابها وكان عليه نصف المهر ، ولو أقر بالخلوة بها فقال لم أصبها وقالت أصابني ولا ولد فالقول قوله مع يمينه إذا جعلته إذا طلق لا يلزمه إلا نصف الصداق إلا أن يصيب وهي مدعية بالإصابة عليه نصف الصداق لا يجب إلا بالإصابة فالقول قوله فيما يدعى عليه مع يمينه وعليها البينة فإن جاءت ببينة بأنه أقر بإصابتها أخذته بالصداق كله ، وكذلك إن جاءت بشاهد أحلفتها مع شاهدها وأعطيتها الصداق فإن جاءت بشاهد وامرأتين قضيت لها بلا يمين وإن جاءت بامرأتين لم أحلفها أو بأربع لم أعطها بهن لا أجيز شهادة النساء وحدهن إلا على ما لا يراه الرجال من عيوب النساء خاصة وولادهن أو مع رجل وقد قال غيرنا إذا خلا بها فأغلق بابا وأرخى سترا وليس بمحرم ولا هي صائمة جعلت لها المهر تاما وعليها العدة تامة ولو صدقته أنه لم يمسها لأن العجز جاء من قبله .

وقال غيره لا يكون لها المهر تاما إلا بالإصابة أو بأن يستمتع منها حتى يخلق ثيابها ونحو هذا .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.39 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.26%)]