عرض مشاركة واحدة
  #341  
قديم 10-01-2023, 04:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(327)
الحلقة (341)
صــ 7إلى صــ 14



[ ص: 7 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا )

قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : " وإذا طلقتم " أيها الرجال نساءكم " فبلغن أجلهن " يعني : ميقاتهن الذي وقته لهن ، من انقضاء الأقراء الثلاثة ، إن كانت من أهل القرء ، وانقضاء الأشهر إن كانت من أهل الشهور " فأمسكوهن " يقول : فراجعوهن إن أردتم رجعتهن في الطلقة التي فيها رجعة : وذلك إما في التطليقة الواحدة أو التطليقتين ، كما قال - تعالى ذكره - : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) .

وأما قوله : " بمعروف " فإنه عنى : بما أذن به من الرجعة ، من الإشهاد على الرجعة قبل انقضاء العدة ، دون الرجعة بالوطء والجماع . لأن ذلك إنما يجوز للرجل بعد الرجعة ، وعلى الصحبة مع ذلك والعشرة بما أمر الله به وبينه لكم أيها الناس " أو سرحوهن بمعروف " يقول : أو خلوهن يقضين تمام عدتهن وينقضي بقية أجلهن الذي أجلته لهن لعددهن ، بمعروف . يقول : بإيفائهن تمام حقوقهن عليكم ، على ما ألزمتكم لهن من مهر ومتعة ونفقة وغير ذلك من حقوقهن قبلكم " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " يقول : ولا تراجعوهن ، [ ص: 8 ] إن راجعتموهن في عددهن ، مضارة لهن ، لتطولوا عليهن مدة انقضاء عددهن ، أو لتأخذوا منهن بعض ما آتيتموهن بطلبهن الخلع منكم ، لمضارتكم إياهن ، بإمساككم إياهن ، ومراجعتكموهن ضرارا واعتداء .

وقوله : " لتعتدوا " يقول : لتظلموهن بمجاوزتكم في أمرهن حدودي التي بينتها لكم .

وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

4909 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق : " ولا تمسكوهن ضرارا " قال : يطلقها ، حتى إذا كادت تنقضي راجعها ، ثم يطلقها ، فيدعها ، حتى إذا كادت تنقضي عدتها راجعها ، ولا يريد إمساكها : فذلك الذي يضار ويتخذ آيات الله هزوا .

4910 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء قال : سئل الحسن عن قوله تعالى : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال : كان الرجل يطلق المرأة ثم يراجعها ، ثم يطلقها ثم يراجعها ، يضارها ، فنهاهم الله عن ذلك .

4911 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف " قال : نهى الله عن الضرار " ضرارا " أن يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها عند آخر يوم يبقى من الأجل ، حتى يفي لها تسعة أشهر ، ليضارها به .

4912 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بنحوه إلا أنه قال : نهى عن الضرار ، والضرار في الطلاق [ ص: 9 ] أن يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها ، وسائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو .

4913 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ، ثم يطلقها . يفعل ذلك يضارها ويعضلها ، فأنزل الله هذه الآية .

4914 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال : كان الرجل يطلق امرأته تطليقة واحدة ، ثم يدعها ، حتى إذا ما تكاد تخلو عدتها راجعها ، ثم يطلقها ، حتى إذا ما كاد تخلو عدتها راجعها . ولا حاجة له فيها ، إنما يريد أن يضارها بذلك . فنهى الله عن ذلك وتقدم فيه ، وقال : " ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه " .

4915 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : قال الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " فإذا طلق الرجل المرأة وبلغت أجلها ، فليراجعها بمعروف أو ليسرحها بإحسان ، ولا يحل له أن يراجعها ضرارا ، وليست له فيها رغبة ، إلا أن يضارها .

4916 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال : هو في الرجل [ ص: 10 ] يحلف بطلاق امرأته ، فإذا بقي من عدتها شيء راجعها ، يضارها بذلك ويطول عليها ، فنهاهم الله عن ذلك .

4917 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، عن مالك بن أنس ، عن ثور بن زيد الديلي : أن رجلا كان يطلق امرأته ثم يراجعها ، ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها ، كيما يطول عليها بذلك العدة ليضارها ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه " يعظم ذلك .

4918 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال : حدثنا عبيد بن سليمان الباهلي قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " ولا تمسكوهن ضرارا " هو الرجل يطلق امرأته واحدة ثم يراجعها ، ثم يطلقها ثم يراجعها ، ثم يطلقها ، ليضارها بذلك ، لتختلع منه .

4920 - حدثنا موسى قال حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا " قال : نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة ، راجعها ، ثم طلقها ، ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر ، مضارة يضارها ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " .

4921 - حدثني العباس بن الوليد قال : أخبرني أبي قال : سمعت عبد العزيز [ ص: 11 ] يسأل عن طلاق الضرار فقال : يطلق ثم يراجع ، ثم يطلق ثم يراجع ، فهذا الضرار الذي قال الله : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " .

4922 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال : الرجل يطلق امرأته تطليقة ، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض ، ثم يراجعها ، ثم يطلقها تطليقة ، ثم يمسك عنها حتى تحيض ثلاث حيض ، ثم يراجعها " لتعتدوا " قال : لا يطاول عليهن .

قال أبو جعفر : وأصل " التسريح " من " سرح القوم " وهو ما أطلق من نعمهم للرعي . يقال للمواشي المرسلة للرعي " هذا سرح القوم " يراد به مواشيهم المرسلة للرعي . ومنه قول الله - تعالى ذكره - : ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ) [ سورة النحل : 5 ، 6 ] يعني بقوله : " حين تسرحون " حين ترسلونها للرعي . فقيل للمرأة إذا خلاها زوجها فأبانها منه : سرحها ، تمثيلا لذلك ب " تسريح " المسرح ماشيته للرعي ، وتشبيها به .

القول في تأويل قوله تعالى ( ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه

قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : ومن يراجع امرأته بعد طلاقه إياها في الطلاق الذي له فيه عليها الرجعة ضرارا بها ليعتدي حد الله في أمرها ، [ ص: 12 ] فقد ظلم نفسه ، يعني : فأكسبها بذلك إثما ، وأوجب لها من الله عقوبة بذلك .
وقد بينا معنى " الظلم " فيما مضى ، وأنه وضع الشيء في غير موضعه ، وفعل ما ليس للفاعل فعله .
القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تتخذوا آيات الله هزوا )

قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - : ولا تتخذوا أعلام الله وفصوله بين حلاله وحرامه ، وأمره ونهيه ، في وحيه وتنزيله استهزاء ولعبا ، فإنه قد بين لكم في تنزيله وآي كتابه ، ما لكم من الرجعة على نسائكم ، في الطلاق الذي جعل لكم عليهن فيه الرجعة ، وما ليس لكم منها ، وما الوجه الجائز لكم منها ، وما الذي لا يجوز ، وما الطلاق الذي لكم عليهن فيه الرجعة ، وما ليس لكم ذلك فيه ، وكيف وجوه ذلك ، رحمة منه بكم ونعمة منه عليكم ، ليجعل بذلك لبعضكم من مكروه ، إن كان فيه من صاحبه ما يؤذيه المخرج والمخلص بالطلاق والفراق ، وجعل ما جعل لكم عليهن من الرجعة سبيلا لكم إلى الوصول إلى ما نازعه إليه ودعاه إليه هواه ، بعد فراقه إياهن منهن ، لتدركوا بذلك قضاء أوطاركم منهن ، إنعاما منه بذلك عليكم ، لا لتتخذوا ما بينت لكم من ذلك في آي كتابي وتنزيلي - تفضلا مني ببيانه عليكم [ ص: 13 ] وإنعاما ورحمة مني بكم - لعبا وسخريا .

وبمعنى ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

4923 - حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال : حدثنا أبي قال : حدثنا أيوب بن سليمان قال : حدثنا أبو بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن أرقم : أن الحسن حدثهم : أن الناس كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلق الرجل أو يعتق فيقال : ما صنعت؟ فيقول : إنما كنت لاعبا! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من طلق لاعبا أو أعتق لاعبا فقد جاز عليه قال الحسن : وفيه نزلت : " ولا تتخذوا آيات الله هزوا " . .

4924 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، [ ص: 14 ] عن أبيه ، عن الربيع في قوله ولا تتخذوا آيات الله هزوا " قال : كان الرجل يطلق امرأته فيقول : إنما طلقت لاعبا! فنهوا عن ذلك ، فقال - تعالى ذكره - : " ولا تتخذوا آيات الله هزوا " .

4925 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، عن عبد السلام بن حرب ، عن يزيد بن عبد الرحمن ، عن أبي العلاء ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي موسى : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضب على الأشعريين - فأتاه أبو موسى فقال : يا رسول الله ، غضبت على الأشعريين! فقال : يقول أحدكم : " قد طلقت ، قد راجعت " !! ليس هذا طلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل عدتها .

4926 - حدثنا أبو زيد ، عن ابن شبة قال : حدثنا أبو غسان النهدي قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن يزيد بن أبي خالد - يعني الدالاني - عن أبي العلاء الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لم يقول أحدكم لامرأته : قد طلقتك ، قد راجعتك " ؟ ليس هذا بطلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل طهرها .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]