عرض مشاركة واحدة
  #342  
قديم 10-01-2023, 04:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,364
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(328)
الحلقة (342)
صــ 15 إلى صــ 22




[ ص: 15 ] القول في تأويل قوله تعالى ( واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب )

قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : واذكروا نعمة الله عليكم بالإسلام ، الذي أنعم عليكم به فهداكم له ، وسائر نعمه التي خصكم بها دون غيركم من سائر خلقه ، فاشكروه على ذلك بطاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه ، واذكروا أيضا مع ذلك ما أنزل عليكم من كتابه ، وذلك : القرآن الذي أنزله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - واذكروا ذلك فاعملوا به ، واحفظوا حدوده فيه و " الحكمة " يعني : وما أنزل عليكم من الحكمة ، وهي السنن التي علمكموها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنها لكم .

[ ص: 16 ] وقد ذكرت اختلاف المختلفين في معنى " الحكمة " فيما مضى قبل في قوله : ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) [ سورة البقرة : 129 ] ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .

القول في تأويل قوله تعالى ( يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم ( 231 ) )

قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " يعظكم به " يعظكم بالكتاب الذي أنزل عليكم ، والهاء التي في قوله : " به " عائدة على الكتاب .

" واتقوا الله " يقول : وخافوا الله فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه في كتابه الذي أنزله عليكم ، وفيما أنزله فبينه على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكم أن تضيعوه وتتعدوا حدوده ، فتستوجبوا ما لا قبل لكم به من أليم عقابه ونكال عذابه .

وقوله : " واعلموا أن الله بكل شيء عليم " يقول : واعلموا - أيها الناس - أن ربكم الذي حد لكم هذه الحدود ، وشرع لكم هذه الشرائع ، وفرض عليكم هذه الفرائض في كتابه وفي تنزيله على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بكل ما أنتم عاملوه - من خير وشر ، وحسن وسيئ ، وطاعة ومعصية - عالم لا يخفى عليه من ظاهر ذلك وخفيه وسره وجهره شيء ، وهو مجازيكم بالإحسان إحسانا ، وبالسيئ سيئا ، إلا أن يعفو ويصفح ، فلا تتعرضوا لعقابه وتظلموا أنفسكم .
[ ص: 17 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف

قال أبو جعفر : ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل كانت له أخت كان زوجها من ابن عم لها فطلقها ، وتركها فلم يراجعها حتى انقضت عدتها ، ثم خطبها منه ، فأبى أن يزوجها إياه ومنعها منه ، وهي فيه راغبة .

ثم اختلف أهل التأويل في الرجل الذي كان فعل ذلك ، فنزلت فيه هذه الآية . فقال بعضهم : كان ذلك الرجل معقل بن يسار المزني " .

ذكر من قال ذلك :

4927 - حدثني محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة عن الحسن ، عن معقل بن يسار قال : كانت أخته تحت رجل فطلقها ، ثم خلا عنها ، حتى إذا انقضت عدتها خطبها ، فحمي معقل من ذلك أنفا . وقال : خلا عنها وهو يقدر عليها ، فحال بينه وبينها ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .

[ ص: 18 ] 4928 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن الفضل بن دلهم ، عن الحسن ، عن معقل بن يسار : أن أخته طلقها زوجها ، فأراد أن يراجعها ، فمنعها معقل ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " إلى آخر الآية .

4929 - حدثنا محمد بن عبد الله المخزومي قال : حدثنا أبو عامر قال : حدثنا عباد بن راشد قال : حدثنا الحسن قال : حدثني معقل بن يسار قال : كانت لي أخت تخطب وأمنعها الناس ، حتى خطب إلي ابن عم لي فأنكحتها ، فاصطحبا ما شاء الله ، ثم إنه طلقها طلاقا له رجعة ، ثم تركها حتى انقضت عدتها ، ثم خطبت إلي ، فأتاني يخطبها مع الخطاب ، فقلت له : خطبت إلي فمنعتها الناس ، فآثرتك بها ، ثم طلقت طلاقا لك فيه رجعة ، فلما خطبت إلي آتيتني تخطبها مع الخطاب ! والله لا أنكحكها أبدا . قال : ففي نزلت هذه الآية : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " قال : فكفرت عن يميني ، وأنكحتها إياه .

4930 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " ذكر [ ص: 19 ] لنا أن رجلا طلق امرأته تطليقة ، ثم خلا عنها حتى انقضت عدتها ، ثم قرب بعد ذلك يخطبها - والمرأة أخت معقل بن يسار - فأنف من ذلك معقل بن يسار ، وقال : خلا عنها وهي في عدتها ، ولو شاء راجعها ، ثم يريد أن يراجعها وقد بانت منه . فأبى عليها أن يزوجها إياه . وذكر لنا أن نبي الله - لما نزلت هذه الآية - دعاه فتلاها عليه ، فترك الحمية واستقاد لأمر الله .

4931 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن يونس ، عن الحسن قوله تعالى : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن " إلى آخر الآية قال : نزلت هذه الآية في معقل بن يسار . قال الحسن : حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه . قال : زوجت أختا لي من رجل فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك وفرشتك أختي وأكرمتك ، ثم طلقتها ، ثم جئت تخطبها . لا تعود إليك أبدا ، قال : وكان رجل صدق لا بأس به ، وكانت المرأة تحب أن ترجع إليه ، قال الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .

قال : فقلت : الآن أفعل يا رسول الله . فزوجها منه .

[ ص: 20 ] 4932 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن بكر بن عبد الله المزني قال : كانت أخت معقل بن يسار تحت رجل فطلقها ، فخطب إليه فمنعها أخوها فنزلت : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن " إلى آخر الآية .

4933 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " الآية . قال : نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها وأبينت منه ، فنكحها آخر ، فعضلها أخوها معقل بن يسار ، يضارها خيفة أن ترجع إلى زوجها الأول . قال ابن جريج ، وقال عكرمة : نزلت في معقل بن يسار . قال ابن جريج : أخته جمل ابنة يسار ، كانت تحت أبي البداح ، طلقها ، فانقضت عدتها ، فخطبها ، فعضلها معقل بن يسار .

4934 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها ، فعضلها أخوها أن ترجع إلى زوجها الأول وهو معقل بن يسار أخوها .

[ ص: 21 ] 4935 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله ، إلا أنه لم يقل فيه : " وهو معقل بن يسار " .

4936 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا سفيان ، عن أبي إسحاق الهمداني : أن فاطمة بنت يسار طلقها زوجها ، ثم بدا له فخطبها ، فأبى معقل . فقال : زوجناك فطلقتها وفعلت ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " .

4937 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن وقتادة في قوله : " فلا تعضلوهن " قال : نزلت في معقل بن يسار ، كانت أخته تحت رجل فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء فخطبها ، فعضلها معقل فأبى أن ينكحها إياه ، فنزلت فيها هذه الآية - يعني به الأولياء - يقول : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " .

4938 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن رجل ، عن معقل بن يسار قال : كانت أختي عند رجل فطلقها تطليقة بائنة ، فخطبها ، فأبيت أن أزوجها منه ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " الآية .

وقال آخرون : كان الرجل : " جابر بن عبد الله الأنصاري " .

ذكر من قال ذلك :

4939 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " قال : نزلت في جابر بن عبد الله [ ص: 22 ] الأنصاري ، وكانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة ، فانقضت عدتها ، ثم رجع يريد رجعتها . فأما جابر فقال : طلقت ابنة عمنا ، ثم تريد أن تنكحها الثانية ؟ ! وكانت المرأة تريد زوجها ، قد راضته . فنزلت هذه الآية .

وقال آخرون : نزلت هذه الآية دلالة على نهي الرجل مضارة وليته من النساء ، يعضلها عن النكاح .

ذكر من قال ذلك :

4940 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " فهذا في الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ، فتنقضي عدتها ، ثم يبدو له في تزويجها وأن يراجعها ، وتريد المرأة فيمنعها أولياؤها من ذلك ، فنهى الله سبحانه أن يمنعوها .

4941 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " كان الرجل يطلق امرأته تبين منه وينقضي أجلها ، ويريد أن يراجعها وترضى بذلك ، فيأبى أهلها ، قال الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .

4942 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق في قوله : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " قال : كان الرجل يطلق امرأته ثم يبدو له أن يتزوجها ، فيأبى أولياء المرأة أن يزوجوها ، فقال الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.84%)]