عرض مشاركة واحدة
  #361  
قديم 10-01-2023, 07:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(347)
الحلقة (361)
صــ 231 إلى صــ 250





5518 - حدثنا الربيع بن سليمان قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا ابن لهيعة قال : حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى [ ص: 231 ] الله عليه وسلم أنه قال : كل حرف في القرآن فيه " القنوت " فإنما هو الطاعة " .

5519 - حدثنا العباس بن الوليد قال : أخبرني أبي قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال : القنوت طاعة الله ، يقول الله - تعالى ذكره - : " وقوموا لله قانتين " مطيعين .

5520 - حدثنا سعيد بن الربيع قال : حدثنا سفيان قال : قال ابن طاوس : كان أبي يقول : القنوت طاعة الله .

وقال آخرون : " القنوت " في هذه الآية ، السكوت . وقالوا : تأويل الآية : وقوموا لله ساكتين عما نهاكم الله أن تتكلموا به في صلاتكم .

ذكر من قال ذلك :

5521 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وقوموا لله قانتين " القنوت ، في هذه الآية ، السكوت .

5522 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدى في خبر ذكره ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : كنا نقوم في الصلاة فنتكلم ، ويسأل الرجل صاحبه عن حاجته ، ويخبره ، ويردون عليه إذا سلم ، حتى أتيت أنا فسلمت فلم يردوا علي السلام ، فاشتد ذلك علي ، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أنا أمرنا أن [ ص: 232 ] نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة ، والقنوت : السكوت .

5523 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : حدثنا الحكم بن ظهير ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله قال : كنا نتكلم في الصلاة ، فسلمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد علي ، فلما انصرف قال : قد أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة ، ونزلت هذه الآية : " وقوموا لله قانتين " .

5524 - حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال : أخبرنا محمد بن يزيد ، وحدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، وابن نمير ، ووكيع ، ويعلى بن عبيد جميعا ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الحارث بن شبل ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلم أحدنا صاحبه في الحاجة ، حتى نزلت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " فأمرنا بالسكوت .

[ ص: 233 ] 5525 - حدثنا هناد بن السري قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : كانوا يتكلمون في الصلاة ، يجيء خادم الرجل إليه وهو في الصلاة فيكلمه بحاجته ، فنهوا عن الكلام .

5526 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا هارون بن المغيرة عن عنبسة ، عن الزبير بن عدي ، عن كلثوم بن المصطلق ، عن عبد الله بن مسعود قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عودني أن يرد علي السلام في الصلاة ، فأتيته ذات يوم فسلمت فلم يرد علي ، وقال : إن الله يحدث في أمره ما يشاء ، وإنه قد أحدث لكم في الصلاة أن لا يتكلم أحد إلا بذكر الله ، وما ينبغي من تسبيح وتمجيد : " وقوموا لله قانتين " . [ ص: 234 ] 5527 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : إذا قمتم في الصلاة فاسكتوا ، لا تكلموا أحدا حتى تفرغوا منها . قال : والقانت المصلي الذي لا يتكلم .

وقال آخرون : " القنوت " في هذه الآية ، الركوع في الصلاة والخشوع فيها . وقالوا في تأويل الآية : وقوموا لله في صلاتكم خاشعين ، خافضي الأجنحة ، غير عابثين ولا لاعبين .

ذكر من قال ذلك :

5528 - حدثني سلم بن جنادة قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد : " وقوموا لله قانتين " قال : فمن القنوت طول الركوع ، وغض البصر ، وخفض الجناح ، والخشوع من رهبة الله . كان العلماء إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يلتفت ، أو أن يقلب الحصى ، أو يعبث بشيء ، أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا .

[ ص: 235 ] 5529 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد نحوه إلا أنه قال : فمن القنوت الركود والخشوع .

5530 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد : " وقوموا لله قانتين " قال : من القنوت الخشوع ، وخفض الجناح من رهبة الله . وكان الفقهاء من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا قام أحدهم إلى الصلاة ، لم يلتفت ، ولم يقلب الحصى ، ولم يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا حتى ينصرف .

5531 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله " وقوموا لله قانتين " قال : إن من القنوت الركود ، ثم ذكر نحوه .

5532 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : القنوت الركود - يعني القيام في الصلاة والانتصاب له .

وقال آخرون : بل " القنوت " في هذا الموضع ، الدعاء . قالوا : تأويل الآية : وقوموا لله راغبين في صلاتكم .

ذكر من قال ذلك :

5533 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية وحدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر جميعا ، عن عوف ، عن أبي رجاء ، قال : صليت مع ابن عباس الغداة في مسجد البصرة ، فقنت بنا قبل الركوع ، وقال : هذه الصلاة الوسطى التي قال الله : " وقوموا لله قانتين " .

[ ص: 236 ] قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله : " وقوموا لله قانتين " قول من قال : تأويله : " مطيعين " .

وذلك أن أصل " القنوت " الطاعة ، وقد تكون الطاعة لله في الصلاة بالسكوت عما نهى الله [ عنه ] من الكلام فيها . ولذلك وجه من وجه تأويل " القنوت " في هذا الموضع ، إلى السكوت في الصلاة أحد المعاني التي فرضها الله على عباده فيها إلا عن قراءة قرآن أو ذكر له بما هو أهله . ومما يدل على أنهم قالوا ذلك كما وصفنا ، قول النخعي ومجاهد الذي : -

5534 - حدثنا به أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، ومجاهد قالا : كانوا يتكلمون في الصلاة ، يأمر أحدهم أخاه بالحاجة ، فنزلت " وقوموا لله قانتين " قال : فقطعوا الكلام . و " القنوت " : السكوت ، و " القنوت " الطاعة .

فجعل إبراهيم ومجاهد " القنوت " سكوتا في طاعة الله ، على ما قلنا في ذلك من التأويل .

وقد تكون الطاعة لله فيها بالخشوع ، وخفض الجناح ، وإطالة القيام ، وبالدعاء ، لأن كل [ ذلك ] غير خارج من أحد معنيين : من أن يكون مما أمر به المصلي ، أو مما ندب إليه ، والعبد بكل ذلك لله مطيع ، وهو لربه فيه قانت . و " القنوت " : أصله الطاعة لله ، ثم يستعمل في كل ما أطاع الله به العبد .

فتأويل الآية إذا : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ، وقوموا لله فيها مطيعين ، بترك بعضكم فيها كلام بعض وغير ذلك من معاني الكلام ، سوى قراءة [ ص: 237 ] القرآن فيها ، أو ذكر الله بالذي هو أهله ، أو دعائه فيها ، غير عاصين لله فيها بتضييع حدودها ، والتفريط في الواجب لله عليكم فيها وفي غيرها من فرائض الله .

القول في تأويل قوله تعالى ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا )

قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له لما قد بيناه من معناه ، فإن خفتم من عدو لكم ، أيها الناس ، تخشونهم على أنفسكم في حال التقائكم معهم أن تصلوا قياما على أرجلكم بالأرض قانتين لله فصلوا " رجالا " مشاة على أرجلكم ، وأنتم في حربكم وقتالكم وجهاد عدوكم " أو ركبانا " على ظهور دوابكم ، فإن ذلك يجزيكم حينئذ من القيام منكم ، قانتين .

ولما قلنا من أن معنى ذلك كذلك ، جاز نصب " الرجال " بالمعنى المحذوف . وذلك أن العرب تفعل ذلك في الجزاء خاصة ، لأن ثانيه شبيه بالمعطوف على أوله . ويبين ذلك أنهم يقولون : " إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا " بمعنى : إن تفعل خيرا تصب خيرا ، وإن تفعل شرا تصب شرا ، فيعطفون الجواب على الأول لانجزام الثاني بجزم الأول . فكذلك قوله : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " بمعنى : إن خفتم أن تصلوا قياما بالأرض ، فصلوا رجالا .

" والرجال " جمع " راجل " و " رجل " وأما أهل الحجاز فإنهم يقولون لواحد " الرجال " " رجل " مسموع منهم : " مشى فلان إلى بيت الله حافيا رجلا " [ ص: 238 ] وقد سمع من بعض أحياء العرب في واحدهم " رجلان " كما قال بعض بني عقيل :


علي إذا أبصرت ليلى بخلوة أن أزدار بيت الله رجلان حافيا


فمن قال " رجلان " للذكر ، قال للأنثى " رجلى " وجاز في جمع المذكر والمؤنث فيه أن يقال : " أتى القوم رجالى ورجالى " مثل " كسالى وكسالى " .

وقد حكي عن بعضهم أنه كان يقرأ ذلك : " فإن خفتم فرجالا " مشددة . وعن بعضهم أنه كان يقرأ : " فرجالا " وكلتا القراءتين غير جائزة القراءة بها عندنا ، لخلافها القراءة الموروثة المستفيضة في أمصار المسلمين .

وأما " الركبان " فجمع " راكب " يقال : " هو راكب ، وهم ركبان وركب وركبة وركاب وأركب وأركوب " يقال : " جاءنا أركوب من الناس وأراكيب " .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

5535 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم قال : سألته عن قوله : " فرجالا أو ركبانا " قال : عند المطاردة ، يصلي حيث كان وجهه ، راكبا أو راجلا ويجعل السجود أخفض من الركوع ، ويصلي ركعتين يومئ إيماء .

5536 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا سفيان ، [ ص: 239 ] عن مغيرة عن إبراهيم في قوله : " فرجالا أو ركبانا " قال : صلاة الضراب ركعتين ، يومئ إيماء .

5537 - حدثني أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قوله : " فرجالا أو ركبانا " قال : يصلي ركعتين حيث كان وجهه ، يومئ إيماء .

5538 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا إسرائيل ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير . " فرجالا أو ركبانا " قال : إذا طردت الخيل فأومئ إيماء .

5539 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن مالك ، عن سعيد قال : يومئ إيماء .

5540 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن : " فرجالا أو ركبانا " قال : إذا كان عند القتال صلى راكبا أو ماشيا حيث كان وجهه ، يومئ إيماء .

5541 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في القتال على الخيل ، فإذا وقع الخوف فليصل الرجل على كل جهة قائما أو راكبا ، أو كما قدر على أن يومئ برأسه أو يتكلم بلسانه .

5542 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بنحوه إلا أنه قال : أو راكبا لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - . وقال أيضا : أو راكبا ، أو ما قدر أن يومئ برأسه ، وسائر الحديث مثله .

5543 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، [ ص: 240 ] عن الضحاك في قوله : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " قال : إذا التقوا عند القتال وطلبوا أو طلبوا أو طلبهم سبع ، فصلاتهم تكبيرتان إيماء ، أي جهة كانت .

5544 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : " فرجالا أو ركبانا " قال : ذلك عند القتال ، يصلي حيث كان وجهه ، راكبا أو راجلا إذا كان يطلب أو يطلبه سبع ، فليصل ركعة ، يومئ إيماء ، فإن لم يستطع فليكبر تكبيرتين .

5545 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن الفضل بن دلهم ، عن الحسن : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " قال : ركعة وأنت تمشي ، وأنت يوضع بك بعيرك ويركض بك فرسك ، على أي جهة كان .

5546 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " أما " رجالا " فعلى أرجلكم ، إذا قاتلتم ، يصلي الرجل يومئ برأسه أينما توجه ، والراكب على دابته يومئ برأسه أينما توجه .

[ ص: 241 ] 5547 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " الآية ، أحل الله لك إذا كنت خائفا عند القتال ، أن تصلي وأنت راكب ، وأنت تسعى ، تومئ برأسك من حيث كان وجهك ، إن قدرت على ركعتين ، وإلا فواحدة .

5548 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " قال : ذاك عند المسايفة .

5549 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري في قوله : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " قال : إذا طلب الأعداء فقد حل لهم أن يصلوا قبل أي جهة كانوا ، رجالا أو ركبانا ، يومئون إيماء ركعتين وقال قتادة : تجزئ ركعة .

5550 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " قال : كانوا إذا خشوا العدو صلوا ركعتين ، راكبا كان أو راجلا .

5551 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم في قوله : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " قال : يصلي الرجل في القتال المكتوبة على دابته وعلى راحلته حيث كان وجهه ، يومئ إيماء عند كل ركوع وسجود ، ولكن السجود أخفض من الركوع . فهذا حين تأخذ السيوف بعضها بعضا ، هذا في المطاردة .

5552 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا معاذ بن هشام قال : حدثني أبي قال : كان قتادة يقول : إن استطاع ركعتين وإلا فواحدة ، يومئ إيماء ، إن شاء راكبا أو راجلا قال الله - تعالى ذكره - : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " . [ ص: 242 ] 5553 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا معاذ بن هشام قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن الحسن قال : في الخائف الذي يطلبه العدو ، قال : إن استطاع أن يصلي ركعتين ، وإلا صلى ركعة .

5554 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن يونس ، عن الحسن قال : ركعة .

5555 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا شعبة قال : سألت الحكم وحمادا وقتادة عن صلاة المسايفة ، فقالوا : ركعة .

5556 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا شعبة قال : سألت الحكم وحمادا وقتادة ، عن صلاة المسايفة ، فقالوا : يومئ إيماء حيث كان وجهه .

5557 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن حماد والحكم وقتادة : أنهم سئلوا عن الصلاة عند المسايفة ، فقالوا : ركعة حيث وجهك .

5558 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا ابن فضيل ، عن أشعث بن سوار قال : سألت ابن سيرين عن صلاة المنهزم فقال : كيف استطاع .

5559 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن غراب قال : كنا نقاتل القوم وعلينا هرم بن حيان ، فحضرت الصلاة فقالوا : الصلاة ، الصلاة ! فقال هرم : يسجد الرجل حيث كان وجهه سجدة . قال : ونحن مستقبلو المشرق .

5560 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن أبي [ ص: 243 ] نضرة قال : كان هرم بن حيان على جيش ، فحضروا العدو فقال : يسجد كل رجل منكم تحت جنته حيث كان وجهه سجدة ، أو ما استيسر فقلت لأبي نضرة : ما " ما استيسر " ؟ قال : يومئ .

5561 - حدثنا سوار بن عبد الله قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا أبو مسلمة ، عن أبي نضرة قال : حدثني جابر بن غراب قال : كنا مع هرم بن حيان نقاتل العدو مستقبلي المشرق ، فحضرت الصلاة فقالوا : الصلاة! فقال : يسجد الرجل تحت جنته سجدة .

5562 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء في قوله : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " قال : تصلي حيث توجهت راكبا وماشيا ، وحيث توجهت بك دابتك ، تومئ إيماء للمكتوبة .

5563 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا المسعودي قال : حدثني يزيد الفقير ، عن جابر بن عبد الله قال : صلاة الخوف ركعة .

[ ص: 244 ] 5564 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا موسى بن محمد الأنصاري ، عن عبد الملك ، عن عطاء في هذه الآية قال : إذا كان خائفا صلى على أي حال كان . .

5565 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال مالك - وسألته عن قول الله : " فرجالا أو ركبانا " - قال : راكبا وماشيا ، ولو كانت إنما عنى بها الناس ، لم يأت إلا " رجالا " وانقطعت الآية . إنما هي " رجال " : مشاة ، وقرأ : ( يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ) [ سورة الحج : 87 ] ، قال : يأتون مشاة وركبانا .

قال أبو جعفر : الخوف الذي للمصلي أن يصلي من أجله المكتوبة ماشيا راجلا وراكبا جائلا الخوف على المهجة عند السلة والمسايفة في قتال من أمر [ ص: 245 ] بقتاله ، من عدو للمسلمين ، أو محارب ، أو طلب سبع ، أو جمل صائل ، أو سيل سائل فخاف الغرق فيه . وكل ما الأغلب من شأنه هلاك المرء منه إن صلى صلاة الأمن ، فإنه إذا كان ذلك كذلك ، فله أن يصلي صلاة شدة الخوف حيث كان وجهه ، يومئ إيماء لعموم كتاب الله : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " ولم يخص الخوف على ذلك على نوع من الأنواع ، بعد أن يكون الخوف ، صفته ما ذكرت .

وإنما قلنا : إن الخوف الذي يجوز للمصلي أن يصلي كذلك ، هو الذي الأغلب منه الهلاك بإقامة الصلاة بحدودها ، وذلك حال شدة الخوف ، لأن : -

5566 - محمد بن حميد وسفيان بن وكيع حدثاني قالا : حدثنا جرير ، عن عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف : يقوم الأمير وطائفة من الناس معه فيسجدون سجدة واحدة ، ثم تكون طائفة منهم بينهم وبين العدو . ثم ينصرف الذين سجدوا سجدة مع أميرهم ، ثم يكونون مكان الذين لم يصلوا ، ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون مع أميرهم سجدة واحدة . ثم ينصرف أميرهم وقد قضى صلاته ، ويصلي بعد صلاته كل واحد من الطائفتين سجدة لنفسه ، وإن كان خوف أشد من ذلك " فرجالا أو ركبانا " .

[ ص: 246 ] 5567 - حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال : حدثني أبي قال : حدثنا ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : إذا اختلطوا - يعني في القتال - فإنما هو الذكر ، وإشارة بالرأس . قال ابن عمر : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : وإن كانوا أكثر من ذلك ، فيصلون قياما وركبانا " .

ففصل النبي صلى الله عليه وسلم بين حكم صلاة الخوف في غير حال المسايفة والمطاردة ، وبين حكم صلاة الخوف في حال شدة الخوف والمسايفة ، على ما روينا عن ابن عمر . فكان معلوما بذلك أن قوله - تعالى ذكره - : " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " إنما عنى به الخوف الذي وصفنا صفته .

[ ص: 247 ] وبنحو الذي روى ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - روي عن ابن عمر أنه كان يقول :

5568 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال : في صلاة الخوف : يصلي بطائفة من القوم ركعة ، وطائفة تحرس . ثم ينطلق هؤلاء الذين صلى بهم ركعة حتى يقوموا مقام أصحابهم . ثم يجيء أولئك فيصلي بهم ركعة ، ثم يسلم ، وتقوم كل طائفة فتصلي ركعة . قال : فإن كان خوف أشد من ذلك " فرجالا أو ركبانا " .

وأما عدد الركعات في تلك الحال من الصلاة ، فإني أحب أن لا يقصر من عددها في حال الأمن . وإن قصر عن ذلك فصلى ركعة ، رأيتها مجزئة ، لأن : -

5569 - بشر بن معاذ حدثني قال : حدثنا أبو عوانة ، عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة .

[ ص: 248 ] القول في تأويل قوله ( فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ( 239 ) )

قال أبو جعفر : وتأويل ذلك : " فإذا أمنتم " أيها المؤمنون ، من عدوكم أن يقدر على قتلكم في حال اشتغالكم بصلاتكم التي فرضها عليكم - ومن غيره ممن كنتم تخافونه على أنفسكم في حال صلاتكم - فاطمأننتم ، " فاذكروا الله " في صلاتكم وفي غيرها بالشكر له والحمد والثناء عليه ، على ما أنعم به عليكم من التوفيق لإصابة الحق الذي ضل عنه أعداؤكم من أهل الكفر بالله ، كما ذكركم بتعليمه إياكم من أحكامه ، وحلاله وحرامه ، وأخبار من قبلكم من الأمم السالفة ، والأنباء الحادثة بعدكم - في عاجل الدنيا وآجل الآخرة ، التي جهلها غيركم وبصركم ، من ذلك وغيره ، إنعاما منه عليكم بذلك ، فعلمكم منه ما لم تكونوا من قبل تعليمه إياكم تعلمون .

وكان مجاهد يقول في قوله : " فإذا أمنتم " ما : -

5570 - حدثنا به أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : " فإذا أمنتم " قال : خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة .

وبمثل الذي قلنا من ذلك قال ابن زيد :

5571 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " فإذا أمنتم فاذكروا الله " قال : فإذا أمنتم فصلوا الصلاة كما افترض الله عليكم - إذا جاء الخوف كانت لهم رخصة .

وقوله ها هنا : " فاذكروا الله " قال : الصلاة ، " كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون " .

[ ص: 249 ] قال أبو جعفر : وهذا القول الذي ذكرنا عن مجاهد ، قول غيره أولى بالصواب منه ، لإجماع الجميع على أن الخوف متى زال ، فواجب على المصلي المكتوبة - وإن كان في سفر - أداؤها بركوعها وسجودها وحدودها ، وقائما بالأرض غير ماش ولا راكب ، كالذي يجب عليه من ذلك إذا كان مقيما في مصره وبلده ، إلا ما أبيح له من القصر فيها في سفره . ولم يجر في هذه الآية للسفر ذكر ، فيتوجه قوله : " فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون " إليه . وإنما جرى ذكر الصلاة في حال الأمن ، وحال شدة الخوف ، فعرف الله سبحانه وتعالى عباده صفة الواجب عليهم من الصلاة فيهما . ثم قال : " فإذا أمنتم " فزال الخوف ، فأقيموا صلاتكم [ ص: 250 ] وذكري فيها وفي غيرها ، مثل الذي أوجبته عليكم قبل حدوث حال الخوف .

وبعد ، فإن كان جرى للسفر ذكر ، ثم أراد الله - تعالى ذكره - تعريف خلقه صفة الواجب عليهم من الصلاة بعد مقامهم ، لقال : فإذا أقمتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ولم يقل : " فإذا أمنتم " .

وفي قوله - تعالى ذكره - : " فإذا أمنتم " الدلالة الواضحة على صحة قول من وجه تأويل ذلك إلى الذي قلنا فيه ، وخلاف قول مجاهد .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 51.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.21%)]