
25-01-2023, 11:07 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,616
الدولة :
|
|
رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام

فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ المائدة
المجلد السادس
الحلقة( 248)
من صــ 416 الى صـ 430
وهذا باطل باتفاق النصارى، وسائر أهل الملل، وباتفاق الكتب الإلهية، وباطل بصريح العقل كما سنذكره إن شاء الله.
وإن كان المتحد به هو الكلمة فقط فالكلمة صفة، والصفة لا تقوم بغير موصوفها، والصفة ليست إلها خالقا، والمسيح عندهم إله خالق، فبطل قولهم على التقديرين، وإن قالوا: المتحد به الموصوف بالصفة فالموصوف هو الأب، والمسيح عندهم ليس هو الأب، وإن قالوا: الصفة فقط، فالصفة لا تفارق الموصوف ولا تقوم بغير الموصوف، والصفة لا تخلق ولا ترزق، وليست الإله، والصفة لا تقعد عن يمين الموصوف، والمسيح عندهم صعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه.
وأما كونه هو الأب فقط، وهو الذات المجردة عن الصفات، فهذا أشد استحالة، وليس فيهم من يقول بهذا.
الوجه الثاني: أن الذات المتحدة بناسوت المسيح مع ناسوت المسيح إن كانتا بعد الاتحاد ذاتين، وهما جوهران كما كانا قبل الاتحاد، فليس ذلك باتحاد.
وإن قيل: صارا جوهرا واحدا، كما يقول من يقول منهم: إنهما صارا كالنار مع الحديدة، أو اللبن مع الماء، فهذا يستلزم استحالة كل منهما، وانقلاب صفة كل منهما، بل حقيقته كما استحال الماء واللبن إذا اختلطا، والنار مع الحديدة، وحينئذ فيلزم أن يكون اللاهوت استحال وتبدلت صفته وحقيقته، والاستحالة لا تكون إلا بعدم شيء ووجود آخر، فيلزم عدم شيء من القديم الواجب الوجود بنفسه.
والقول الثاني: أنه متكلم حقيقة، لكن كلامه مخلوق، خلقه في غيره، وهو قول المعتزلة وغيرهم، والقول الآخر للجهمية.
وعلى هذين القولين، فليس لله كلام قائم به حتى يتحد بالمسيح، أو يحل به، والمخلوق عرض من الأعراض ليس بإله خالق، وكثير من أهل الكتاب: اليهود، والنصارى، من يقول بهذا وهذا.
وأما القول الأول، وهو قول سلف الأمة وأئمتها، وجمهورها، وقول كثير من سلف أهل الكتاب، وجمهورهم - فإما أن يقال: الكلام قديم النوع، بمعنى أنه لم يزل يتكلم بمشيئته، أو قديم العين، وإما أن يقال: ليس بقديم، بل هو حادث، والأول هو القول المعروف عن أئمة السنة والحديث.
وأما القائلون بقدم العين، فهم يقولون: الكلام لا يتعلق بمشيئته وقدرته، لاعتقادهم أنه لا تحله الحوادث، وما كان بمشيئته وقدرته لا يكون إلا حادثا.
ولهم قولان: منهم من قال: القديم معنى واحد، أو خمسة معان، وذلك المعنى يكون أمرا ونهيا وخبرا، وهذه صفات له لا أقسام له، وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عبر عنه بالعبرية كان توراة.
ومنهم من قال: هو حروف، أو حروف وأصوات قديمة الأعيان.
والقول الثالث: إنه متكلم بمشيئته وقدرته كلاما قائما بذاته، قالوا: وهو حادث، ويمتنع أن يكون قديما، لامتناع كون المقدور المراد قديما، وهذه الطوائف بنوا أقوالهم على أن ما لم يخل عن الحوادث، فهو حادث لامتناع وجود ما لا نهاية له عندهم، وإذا امتنع ذلك تعين أن يكون لنوع الحوادث ابتداء، كما للحادث المعنى ابتداء، وما لم يسبق الحوادث كان معه أو بعده، فيكون حادثا، فلهذا منع هؤلاء أن تكون كلمات الله لا نهاية لها في الأزل، وإن كان من هؤلاء من يقول بدوام وجودها في الأبد.
وأما القول بأن كلمات الله لا نهاية لها مع أنها قائمة بذاته، فهو القول المأثور عن أئمة السلف، وهو قول أكثر أهل الحديث، وكثير من أهل الكلام، ومن الفلاسفة، وهذه الأقوال قد بسط الكلام عليها في غير موضع.
والمقصود هنا أن قول النصارى باطل على كل قول من هذه الأقوال الأربعة، كما تقدم بيان بطلانه على ذينك القولين، فإنه - على قول الجمهور الذين يجعلون لله كلمات كثيرة - إما كلمات لا نهاية لها ولم تزل، وإما كلمات لها ابتداء، وإذا كان له كلمات كثيرة فالمسيح ليس هو الكلمات التي لا نهاية لها، وليس هو كلمات كثيرة، بل إنما خلق بكلمة من كلمات الله كما في الكتب الإلهية: القرآن والتوراة، إنه يخلق الأشياء بكلماته.
قال تعالى في قصة بشارة مريم بالمسيح:
{قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} [آل عمران: 47].
وقال أيضا:
{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} [آل عمران: 59].
وقال: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون - ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} [مريم: 34 - 35].
وقد أخبر الله في القرآن بخلقه للأشياء بكلماته في غير موضع، بقوله:
{إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82].
وفي التوراة: ليكن يوم الأحد، ليكن كذا ليكن كذا.
وأيضا فعلى قول هؤلاء وعلى قول من يجعل كلامه إما معنى واحدا، وإما خمسة معان، وإما حروف وأصوات هي شيء واحد؛ فكلهم يقولون: إن الكلام صفة قائمة بالموصوف لا يتصور أن يكون جوهرا قائما بنفسه، ولا يتصور أن يكون خالقا، ولا للكلام مشيئة، ولا هو جوهر آخر غير جوهر المتكلم، ولا يتحد بغير المتكلم، بل جمهورهم يقولون: إنه لا يحل أيضا بغير المتكلم.
ومن قال بالحلول منهم فلا يقول: إن الحال جوهر، ولا إله خالق، فتبين أن ما قاله النصارى باطل على جميع الأقوال التي قالها الناس في كلام الله مع أن أكثر هذه الأقوال خطأ، ولما كان قول النصارى فساده أظهر للعقلاء كان الخطأ الذي في أكثر هذه الأقوال قد خفي على العقلاء الذين قالوها، ولم يخف عليهم فساد قول النصارى.
وأيضا فالذين قالوا بالحلول من الغلاة الذين يكفرهم المسلمون، كالذين يقولون بحلوله في بعض أهل البيت أو بعض المشايخ، هم وإن كانوا كفارا شاركوا النصارى في الحلول، ولكن لم يقولوا: إن الكلمة التي حلت هي الإله الخالق، فيتناقضون تناقضا ظاهرا، مثل ما في قول النصارى من التناقض البين ما ليس في قول هؤلاء، وإن كانوا في بعض الوجوه قولهم شر من قول النصارى.
الوجه الرابع: أن يقال: لو كان المسيح نفس كلمة الله فكلمة الله ليست هي الإله الخالق للسماوات والأرض، ولا هي تغفر الذنوب، وتجزي الناس بأعمالهم، سواء كانت كلمته صفة له أو مخلوقة له كسائر صفاته ومخلوقاته، فإن علم الله وقدرته وحياته لم تخلق العالم، ولا يقول أحد: يا علم الله اغفر لي، ويا قدرة الله توبي علي، ويا كلام الله ارحمني، ولا يقول: يا توراة الله أو يا إنجيله أو يا قرآنه اغفر لي وارحمني، وإنما يدعو الله سبحانه، وهو سبحانه متصف بصفات الكمال، فكيف والمسيح ليس هو نفس الكلام؟
فإن المسيح جوهر قائم بنفسه، والكلام صفة قائمة بالمتكلم، وليس هو نفس الرب المتكلم، فإن الرب المتكلم هو الذي يسمونه الأب، والمسيح ليس هو الأب عندهم، بل الابن، فضلوا في قولهم من جهات:
منها: جعل الأقانيم ثلاثة، وصفات الله لا تختص بثلاثة.
ومنها: جعل الصفة خالقة، والصفة لا تخلق.
ومنها: جعلهم المسيح نفس الكلمة، والمسيح خلق بالكلمة، فقيل له كن فكان كما سيأتي إن شاء الله تعالى تفسير ذلك، وإنما خص المسيح بتسميته كلمة الله دون سائر البشر، لأن سائر البشر خلقوا على الوجه المعتاد في المخلوقات، يخلق الواحد من ذرية آدم من نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم ينفخ فيه الروح، وخلقوا من ماء الأبوين: الأب والأم.
والمسيح عليه السلام لم يخلق من ماء رجل، بل لما نفخ روح القدس في أمه حبلت به، وقال الله: كن فكان، ولهذا شبهه الله بآدم في قوله:
{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} [آل عمران: 59].
فإن آدم عليه السلام خلق من تراب وماء، فصار طينا، ثم أيبس الطين، ثم قال له: كن فكان، وهو حين نفخ الروح فيه صار بشرا تاما، لم يحتج بعد ذلك إلى ما احتاج إليه أولاده بعد نفخ الروح، فإن الجنين بعد نفخ الروح يكمل خلق جسده في بطن أمه، فيبقى في بطنها نحو خمسة أشهر، ثم يخرج طفلا يرتضع، ثم يكبر شيئا بعد شيء، وآدم عليه السلام حين خلق جسده قيل له كن فكان بشرا تاما بنفخ الروح فيه، ولكن لم يسم كلمة الله لأن جسده خلق من التراب والماء وبقي مدة طويلة يقال: أربعين سنة، فلم يكن خلق جسده إبداعيا في وقت واحد،، بل خلق شيئا فشيئا، وخلق الحيوان من الطين معتاد في الجملة.
وأما المسيح عليه السلام فخلق جسده خلقا إبداعيا بنفس نفخ روح القدس في أمه، قيل له: كن فكان، فكان له من الاختصاص بكونه خلق بكلمة الله ما لم يكن لغيره من البشر، ومن الأمر المعتاد في لغة العرب وغيرهم أن الاسم العام إذا كان له نوعان خصت أحد النوعين باسم، وأبقت الاسم العام مختصا بالنوع، كلفظ الدابة والحيوان، فإنه عام في كل ما يدب، وكل حيوان، ثم لما كان للآدمي اسم يخصه بقي لفظ الحيوان يختص به البهيم، ولفظ الدابة يختص به الخيل أو هي والبغال والحمير ونحو ذلك، وكذلك لفظ الجائز والممكن، وذوي الأرحام، وأمثال ذلك، فلما كان لغير المسيح ما يختص به أبقي اسم الكلمة العامة مختصا بالمسيح.
الطريق الثاني: أن ما ذكروه حجة عليهم، فإن الله إذا لم يكلم أحدا من الأنبياء إلا وحيا أو من وراء حجاب، فالمسيح عيسى ابن مريم يجب أن لا يكلمه إلا وحيا، أو من وراء حجاب، أو يرسل إليه رسولا.
وقوله تعالى:
{وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب} [الشورى: 51].
يعم كل بشر: المسيح وغيره.
وإذا امتنع أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب فامتناع أن يتحد به أو يحل فيه أولى وأحرى.
فإن ما اتحد به وحل فيه كلمة الله من غير حجاب بين اللاهوت والناسوت، وهم قد سلموا أن الله لا يكلم بشرا إلا من وراء حجاب.
الوجه الثالث: أن قوله.
{وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب} [الشورى: 51].
يقتضي أن يكون الحجاب حجابا يحجب البشر كما حجب موسى، فيقتضي ذلك أنهم لا يرونه في الدنيا وإن كلمهم، كما أنه كلم موسى ولم يره موسى، بل سأل الرؤية فقال:
{قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} [الأعراف: 143].
قيل: أنا أول من آمن أنه لا يراك أحد في الدنيا، وعندهم في التوراة: إن الإنسان لا يمكنه أن يرى الله في الدنيا فيعيش،وكذلك قال عيسى لما سألوه عن رؤية الله فقال: إن الله لم يره أحد قط. وهذا معروف عندهم، وإذا كان كذلك فلا بد أن يكون الحجاب الحاجب للبشر ليس هو من البشر، وهذا يبطل قول النصارى فإنهم يقولون: إن الرب احتجب بحجاب بشري، وهو الجسد الذي ولدته مريم، فاتخذه حجابا وكلم الناس من ورائه، والقرآن يدل على أن الحجاب ليس من البشر.
يبين هذا الوجه الرابع: وهو أن ذلك الجسد الذي ولدته مريم هو من جنس أجسام بني آدم، فإن جاز أن يتحد به، ويحل فيه، ويطيق الجسد البشري ذلك في الدنيا بما يجعله الله فيه من القوة، جاز أن يتحد بغيره من الأجسام بما يجعله فيها من القوة، وإذا جاز أن يتحد بها جاز أن يكلمها بغير حجاب بينه وبينها بطريق الأولى والأحرى، وهذا خلاف ما ذكروه وخلاف القرآن.
فتبين أن نفي الأنبياء لأن يراه المرء في الدنيا هو نفي لمماسته ببشر بطريق الأولى والأحرى، والناسوت المسيحي هو بشر فإذا لم يمكنه أن يرى الله فكيف يمكنه أن يتحد به، ويماسه ويصير هو وإياه كاللبن والماء، والنار والحديد، أو كالروح والبدن؟
الوجه الخامس: أنه من المعلوم أن رؤية الآدمي له أيسر من اتحاده به، وحلوله فيه، وأولى بالإمكان، فإذا كانت الرؤية في الدنيا قد نفاها الله، ومنعها على ألسن رسله: موسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وسلامه، فكيف يجوز اتصاله بالبشر واتحاده به؟
الوجه السادس: أنه لو كان حلوله في البشر مما هو ممكن وواقع، لم يكن لاختصاص واحد من البشر بذلك دون من قبله وبعده معنى، فإن القدرة شاملة، والمقتضى - وهو وجود الله وحاجة الخلق - موجودة، ولهذا لما كانت الرسالة ممكنة أرسل من البشر غير واحد، ولما كان سماع كلامه للبشر ممكنا سمع كلامه غير واحد، ورؤيته في الدنيا بالأبصار لم تقع لأحد باتفاق علماء المسلمين، لكن لهم في النبي - صلى الله عليه وسلم - قولان، والذي عليه أكابر العلماء وجمهورهم أنه لم يره بعينه، كما دل على ذلك الكتاب والسنة.
والخلة لما كانت ممكنة اتخذ إبراهيم خليلا، واتخذ محمدا أيضا خليلا كما في الصحيح من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا» وقال صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله، يعني نفسه».
الوجه السابع: قولهم: وإذا كانت اللطائف لا تظهر إلا في الكثائف مثل الروح وغيرها - فكلمة الله التي بها خلقت الكثائف تظهر في غير كثيف كلا.
فيقال لهم: ظهور اللطائف في الكثائف كلام مجمل، فإن أردتم أن روح الإنسان تظهر في جسده، أو الجني يتكلم على لسان المصروع ونحو ذلك - فليس هذا مما نحن فيه، وإن أردتم أن الله تعالى نفسه يحل في البشر، فهذا محل النزاع، فأين الدليل عليه وأنتم لم تذكروا إلا ما يدل على نقيض ذلك؟
الوجه الثامن: أن هذا أمر لم يدل عليه عقل ولا نقل، ولا نطق نبي من الأنبياء بأن الله يحل في بشر، ولا ادعى صادق قط حلول الرب فيه، وإنما يدعي ذلك الكذابون، كالمسيح الدجال الذي يظهر في آخر الزمان، ويدعي الإلهية، فينزل الله تبارك وتعالى عيسى ابن مريم مسيح الهدى، فيقتل مسيح الهدى الذي ادعيت فيه الإلهية بالباطل المسيح الدجال الذي ادعى الإلهية بالباطل، ويبين أن البشر لا يحل فيه رب العالمين.
ولهذا لما أنذر النبي صلى الله عليه وسلم بالمسيح الدجال، وقال: «ما من نبي إلا وقد أنذر أمته المسيح الدجال حتى نوح أنذر قومه به» وذكر النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاث دلائل ظاهرة تظهر لكل مسلم، تبين كذبه:
أحدها: قوله: مكتوب بين عينيه كافر، " ك ف ر " يقرؤه كل مؤمن: قارئ وغير قارئ الثاني: قوله: «واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت» فبين أن الله لا يراه أحد في الدنيا بعينيه، وكل بشر فإنه يرى في الدنيا بالعين، فعلم أن الله لا يتحد ببشر.
الثالث: قوله: إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، ودلائل نفي الربوبية عنه كثيرة.
لكن لما كان حلول اللاهوت في البشر واتخاذه به مذهبا ضل به طوائف كثيرون من بني آدم النصارى وغيرهم، وكان المسيح الدجال يأتي بخوارق عظيمة، والنصارى احتجوا على إلهية المسيح بمثل ذلك - ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات كذبه أمورا ظاهرة لا يحتاج فيها إلى بيان موارد النزاع التي ضل فيها خلق كثير من الآدميين، فإن كثيرا من الناس، بل أكثرهم، تدهشهم الخوارق حتى يصدقوا صاحبها قبل النظر في إمكان دعواه، وإذا صدقوه صدقوا النصارى في دعوى إلهية المسيح، وصدقوا أيضا من ادعى الحلول والاتحاد في بعض المشايخ، أو بعض أهل البيت أو غيرهم من أهل الإفك والفجور.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|