| 
 
30-01-2023, 10:39 PM
 | 
| 
|  | قلم ذهبي مميز |  | 
تاريخ التسجيل: Feb 2019 مكان الإقامة: مصر الجنس :   
المشاركات: 164,787
 
الدولة :        |  | 
| 
 رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد 
   تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
 الإمام محمد بن جرير الطبري
 الجزء الخامس
 تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(361)
 الحلقة (375)
 صــ 501  إلى صــ 520
 
 
 
 
 قالوا : فلقول القائل : " صرت الشيء " معنيان : أملته ، وقطعته . وحكوا سماعا : " صرنا به الحكم " : فصلنا به الحكم .   [ ص: 501 ]
 
 قال أبو جعفر    : وهذا القول الذي ذكرناه عن البصريين : من أن معنى الضم في " الصاد " من قوله : ( فصرهن إليك     ) والكسر سواء بمعنى واحد - وأنهما لغتان ، معناهما في هذا الموضع :  فقطعهن - وأن معنى " إليك " تقديمها قبل " فصرهن " من أجل أنها صلة قوله : "  فخذ " أولى بالصواب من قول الذين حكينا قولهم من نحويي الكوفيين ، الذين  أنكروا أن يكون للتقطيع في ذلك وجه مفهوم إلا على معنى القلب الذي ذكرت -  لإجماع أهل التأويل على أن معنى قوله : ( فصرهن ) غير خارج من أحد معنيين :  إما " قطعهن " وإما " اضممهن إليك " بالكسر قرئ ذلك أو بالضم . ففي إجماع  جميعهم على ذلك على غير مراعاة منهم كسر الصاد وضمها ، ولا تفريق منهم بين  معنيي القراءتين - أعني الكسر والضم - أوضح الدليل على صحة قول القائلين من  نحويي أهل البصرة  في  ذلك ما حكينا عنهم من القول ، وخطأ قول نحويي الكوفيين ; لأنهم لو كانوا  إنما تأولوا قوله : ( فصرهن ) بمعنى فقطعهن ، على أن أصل الكلام " فاصرهن "  ثم قلبت فقيل : " فصرهن " بكسر " الصاد " لتحول " ياء " " فاصرهن " مكان  رائه ، وانتقال رائه مكان يائه ، لكان لا شك - مع معرفتهم بلغتهم وعلمهم  بمنطقهم - قد فصلوا بين معنى ذلك إذا قرئ بكسر صاده ، وبينه إذا قرئ بضمها ،  إذ كان غير جائز لمن قلب " فاصرهن " إلى " فصرهن " أن يقرأه " فصرهن " بضم  " الصاد " وهم - مع اختلاف قراءتهم ذلك - قد تأولوه تأويلا واحدا على أحد  الوجهين اللذين ذكرنا . ففي ذلك أوضح الدليل على خطأ قول من قال : إن ذلك  إذا قرئ بكسر " الصاد " بتأويل التقطيع ، مقلوب من : " صري يصرى " إلى "  صار يصير " وجهل من زعم أن قول القائل : " صار يصور " و " صار يصير " غير  معروف في كلام العرب بمعنى قطع .   [ ص: 502 ]
 
 ذكر من حضرنا قوله في تأويل قول الله - تعالى ذكره - : ( فصرهن ) أنه بمعنى : فقطعهن .
 
 5994 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار  قال : حدثنا محمد بن الصلت  قال : حدثنا أبو كدينة  ، عن عطاء ،  عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس    : ( فصرهن ) قال : هي نبطية ، فشققهن   .
 
 5995 - حدثني  محمد بن المثنى  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا شعبة ،  عن  أبي جمرة ،  عن ابن عباس  أنه قال في هذه الآية : ( فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك    ) ، قال : إنما هو مثل . قال : قطعهن ، ثم اجعلهن في أرباع الدنيا ، ربعا ههنا ، وربعا ههنا ، ثم ادعهن يأتينك سعيا   .
 
 5996 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية ،  عن علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس    : ( فصرهن ) قال : قطعهن   .
 
 5997 - حدثني يعقوب  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا حصين  ، عن أبي مالك  في قوله : ( فصرهن إليك    ) يقول : قطعهن   .
 
 5998 - حدثني المثنى  قال : حدثنا  عمرو بن عون  قال : أخبرنا هشيم  ، عن حصين  ، عن أبي مالك  مثله .
 
 5999 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا يحيى بن يمان  ، عن أشعث  ، عن   [ ص: 503 ] جعفر  ، عن سعيد    : ( فصرهن ) قال : قال : جناح ذه عند رأس ذه ، ورأس ذه عند جناح ذه   .
 
 6000 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا المعتمر بن سليمان  ، عن أبيه ، قال : زعم أبو عمرو  ، عن عكرمة  في قوله : ( فصرهن إليك    ) قال : قال عكرمة  بالنبطية : قطعهن   .
 
 6001 - حدثنا أحمد بن إسحاق  قال : حدثنا أبو أحمد  قال : حدثنا إسرائيل  ، عن يحيى  ، عن مجاهد    : ( فصرهن إليك    ) قال : قطعهن   .
 
 6002 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد    : ( فصرهن إليك    ) انتفهن بريشهن ولحومهن تمزيقا ، ثم اخلط لحومهن بريشهن   .
 
 6003 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم ،  عن عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد    : ( فصرهن إليك    ) قال : انتفهن بريشهن ولحومهن تمزيقا   .
 
 6004 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا  يزيد بن زريع  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة    : ( فصرهن إليك    ) أمر نبي الله - عليه السلام - أن يأخذ أربعة من الطير فيذبحهن ، ثم يخلط بين لحومهن وريشهن ودمائهن   .
 
 6005 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة  في قوله : ( فصرهن إليك    ) قال : فمزقهن . قال : أمر أن يخلط الدماء بالدماء ، والريش بالريش ، " ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا    " .
 
 6006 - حدثت عن الحسين بن الفرج  قال : سمعت أبا معاذ  قال : أخبرنا   [ ص: 504 ] عبيد بن سليمان  قال : سمعت الضحاك    : ( فصرهن إليك    ) يقول : فشققهن ، وهو بالنبطية " صرى " وهو التشقيق   .
 
 6007 - حدثني موسى  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي    : ( فصرهن إليك    ) يقول قطعهن   .
 
 6008 - حدثت عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع  في قوله : ( فصرهن إليك    ) يقول : قطعهن إليك ومزقهن تمزيقا   .
 
 6009 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق    : ( فصرهن إليك    ) أي قطعهن ، وهو " الصور " في كلام العرب   .
 
 قال أبو جعفر    : ففيما ذكرنا من أقوال - من روينا قوله في تأويل قوله : ( فصرهن إليك    ) أنه بمعنى : فقطعهن إليك - دلالة واضحة على صحة ما قلنا في ذلك ، وفساد قول من خالفنا فيه .
 
 وإذ كان ذلك كذلك ، فسواء قرأ القارئ ذلك بضم " الصاد " : " فصرهن " إليك  أو كسرها " فصرهن " إذ كانت لغتين معروفتين بمعنى واحد . غير أن الأمر -  وإن كان كذلك - فإن أحبهما إلي أن أقرأ به " فصرهن إليك " بضم " الصاد " ؛  لأنها أعلى اللغتين وأشهرهما ، وأكثرهما في أحياء العرب .
 
 [ وأما قول من تأول قوله : ( فصرهن إليك    ) بمعنى : اضممهن إليك ووجهن نحوك واجمعهن ، فهو قول قال به من أهل التأويل نفر قليل ] .   [ ص: 505 ]
 
 ذكر من قال ذلك :
 
 6010 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس    : ( فصرهن إليك    ) " صرهن " : أوثقهن   .
 
 6011 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  ، عن  ابن جريج  قال : قلت لعطاء  قوله : ( فصرهن إليك    ) قال : اضممهن إليك   .
 
 6012 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد    : ( فصرهن إليك    ) قال : اجمعهن   .
 القول في تأويل قوله : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا    )
 
 قال أبو جعفر    : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا    ) .
 
 فقال بعضهم : يعني بذلك : على كل ربع من أرباع الدنيا جزءا منهن .
 
 ذكر من قال ذلك :
 
 6013 - حدثني المثنى  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا شعبة ،  عن  أبي جمرة  ، عن ابن عباس    : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا    ) قال : اجعلهن في أرباع الدنيا : ربعا ههنا ، وربعا ههنا ، وربعا ههنا ، وربعا ههنا ، ( ثم ادعهن يأتينك سعيا    )   .   [ ص: 506 ]
 
 6014 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس    : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا    ) قال : لما أوثقهن ذبحهن ، ثم جعل على كل جبل منهن جزءا   .
 
 6015 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة     : قال : أمر نبي الله أن يأخذ أربعة من الطير فيذبحهن ، ثم يخلط بين  لحومهن وريشهن ودمائهن ، ثم يجزئهن على أربعة أجبل ، فذكر لنا أنه شكل على  أجنحتهن ، وأمسك برءوسهن بيده ، فجعل العظم يذهب إلى العظم ، والريشة إلى  الريشة ، والبضعة إلى البضعة ، وذلك بعين خليل الله إبراهيم    - صلى الله عليه وسلم - . ثم دعاهن فأتينه سعيا على أرجلهن ، ويلقي إلى كل طير برأسه . وهذا مثل آتاه الله إبراهيم ،  يقول : كما بعث هذه الأطيار من هذه الأجبل الأربعة كذلك يبعث الله الناس يوم القيامة من أرباع الأرض ونواحيها   .
 
 6016 - حدثت عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع  قال  : ذبحهن ، ثم قطعهن ، ثم خلط بين لحومهن وريشهن ، ثم قسمهن على أربعة  أجزاء ، فجعل على كل جبل منهن جزءا ، فجعل العظم يذهب إلى العظم ، والريشة  إلى الريشة ، والبضعة إلى البضعة ، وذلك بعين خليل الله إبراهيم    . ثم دعاهن فأتينه سعيا ، يقول : شدا على أرجلهن . وهذا مثل أراه الله إبراهيم  ، يقول : كما بعثت هذه الأطيار من هذه الأجبل الأربعة ، كذلك يبعث الله الناس يوم القيامة من أرباع الأرض ونواحيها   .
 
 6017 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  قال : حدثنا ابن إسحاق  ، عن بعض أهل العلم : أن أهل الكتاب  يذكرون أنه أخذ الأطيار الأربعة ، ثم قطع   [ ص: 507 ] كل  طير بأربعة أجزاء ، ثم عمد إلى أربعة أجبال ، فجعل على كل جبل ربعا من كل  طائر ، فكان على كل جبل ربع من الطاووس ، وربع من الديك ، وربع من الغراب  وربع من الحمام . ثم دعاهن فقال : " تعالين بإذن الله كما كنتن " فوثب كل  ربع منها إلى صاحبه حتى اجتمعن ، فكان كل طائر كما كان قبل أن يقطعه . ثم  أقبلن إليه سعيا ، كما قال الله . وقيل : يا إبراهيم  هكذا  يجمع الله العباد ، ويحيي الموتى للبعث من مشارق الأرض ومغاربها ، وشامها  ويمنها . فأراه الله إحياء الموتى بقدرته ، حتى عرف ذلك - يعني ما قال  نمروذ من الكذب والباطل -   .
 
 6018 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد    : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا     ) قال : فأخذ طاووسا ، وحمامة ، وغرابا ، وديكا ، ثم قال : فرقهن ، اجعل  رأس كل واحد وجؤشوش الآخر وجناحي الآخر ورجلي الآخر معه . فقطعهن وفرقهن  أرباعا على الجبال ، ثم دعاهن فجئنه جميعا ، فقال الله : كما ناديتهن فجئنك  ، فكما أحييت هؤلاء وجمعتهن بعد هذا ، فكذلك أجمع هؤلاء - أيضا يعني -  الموتى .
 
 وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم اجعل على كل جبل من الأجبال التي كانت الأطيار والسباع التي كانت تأكل من لحم الدابة التي رآها إبراهيم  ميتة ، فسأل إبراهيم  عند رؤيته إياها أن يريه كيف يحييها وسائر الأموات غيرها . وقالوا : كانت سبعة أجبال   .
 
 ذكر من قال ذلك :
 
 6019 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  ، عن  ابن جريج  قال : لما قال إبراهيم  ما قال - عند رؤيته الدابة التي تفرقت الطير   [ ص: 508 ] والسباع عنها حين دنا منها ، وسأل ربه ما سأل - قال : ( فخذ أربعة من الطير    ) - قال  ابن جريج     : فذبحها - ثم اخلط بين دمائهن وريشهن ولحومهن ، ثم اجعل على كل جبل منهن  جزءا حيث رأيت الطير ذهبت والسباع . قال : فجعلهن سبعة أجزاء ، وأمسك  رءوسهن عنده ، ثم دعاهن بإذن الله ، فنظر إلى كل قطرة من دم تطير إلى  القطرة الأخرى ، وكل ريشة تطير إلى الريشة الأخرى ، وكل بضعة وكل عظم يطير  بعضه إلى بعض من رءوس الجبال ، حتى لقيت كل جثة بعضها بعضا في السماء ، ثم  أقبلن يسعين ، حتى وصلت رأسها   .
 
 6020 - حدثني موسى  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي  قال : ( فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك    ) ، ثم اجعل على سبعة أجبال ، فاجعل على كل جبل منهن جزءا ، ثم ادعهن يأتينك سعيا ! فأخذ إبراهيم  أربعة  من الطير ، فقطعهن أعضاء ، لم يجعل عضوا من طير مع صاحبه . ثم جعل رأس هذا  مع رجل هذا ، وصدر هذا مع جناح هذا ، وقسمهن على سبعة أجبال ، ثم دعاهن  فطار كل عضو إلى صاحبه ، ثم أقبلن إليه جميعا   .
 
 وقال آخرون : بل أمره الله أن يجعل ذلك على كل جبل .
 
 ذكر من قال ذلك :
 
 6021 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم ،  عن عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد    : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا    ) ، قال : ثم بددهن على كل جبل يأتينك سعيا ، وكذلك يحيي الله الموتى   .
 
 6022 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد    : ثم اجعلهن أجزاء على كل جبل ، ثم ادعهن يأتينك سعيا ، كذلك يحيي الله الموتى . هو مثل ضربه الله لإبراهيم    .   [ ص: 509 ]
 
 6023 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثنا حجاج  قال : قال  ابن جريج ،  قال مجاهد    : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا    ) ثم بددهن أجزاء على كل جبل ثم ( ادعهن ) تعالين بإذن الله . فكذلك يحيي الله الموتى . مثل ضربه اللهلإبراهيم    - صلى الله عليه وسلم -   .
 
 6024 - حدثني المثنى  قال : حدثني إسحاق  قال : حدثنا أبو زهير ،  عن جويبر ،  عن الضحاك  قال : أمره أن يخالف بين قوائمهن ورءوسهن وأجنحتهن ، ثم يجعل على كل جبل منهن جزءا .
 
 6025 - حدثت عن الحسين بن الفرج  قال : سمعت أبا معاذ  قال : أخبرنا عبيد  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا    ) ، فخالف إبراهيم  بين قوائمهن وأجنحتهن   .
 
 قال أبو جعفر    : وأولى التأويلات بالآية ما قاله مجاهد ،  وهو أن الله - تعالى ذكره - أمر إبراهيم  بتفريق أعضاء الأطيار الأربعة بعد تقطيعه إياهن على جميع الأجبال التي كان يصل إبراهيم  في وقت تكليف الله إياه تفريق ذلك وتبديدها عليها أجزاء ؛ لأن الله - تعالى ذكره - قال له : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا    ) " والكل " حرف يدل على الإحاطة بما أضيف إليه ، لفظه واحد ومعناه الجمع .
 
 فإذا كان ذلك كذلك ، فلن يجوز أن تكون الجبال التي أمر الله إبراهيم  بتفريق أجزاء الأطيار الأربعة عليها خارجة من أحد معنيين : إما أن تكون بعضا ، أو جميعا .
 
 فإن كانت " بعضا " فغير جائز أن يكون ذلك البعض إلا ما كان لإبراهيم   [ ص: 510 ] السبيل إلى تفريق أعضاء الأطيار الأربعة عليه .
 
 أو يكون " جميعا " فيكون أيضا كذلك .
 
 وقد أخبر الله - تعالى ذكره - أنه أمره بأن يجعل ذلك على " كل جبل " وذلك إما كل جبل وقد عرفهن إبراهيم  بأعيانهن ، وإما ما في الأرض من الجبال .
 
 فأما قول من قال : " إن ذلك أربعة أجبل " وقول من قال : " هن سبعة " فلا  دلالة عندنا على صحة شيء من ذلك فنستجيز القول به ، وإنما أمر الله إبراهيم    - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل الأطيار الأربعة أجزاء متفرقة على كل جبل ؛ ليرى إبراهيم  قدرته  على جمع أجزائهن وهن متفرقات متبددات في أماكن مختلفة شتى ، حتى يؤلف  بعضهن إلى بعض ، فيعدن كهيئتهن قبل تقطيعهن وتمزيقهن وقبل تفريق أجزائهن  على الجبال أطيارا أحياء يطرن فيطمئن قلب إبراهيم ،  ويعلم  أن كذلك جمع الله أوصال الموتى لبعث القيامة ، وتأليفه أجزاءهم بعد البلى  ورد كل عضو من أعضائهم إلى موضعه كالذي كان قبل الردى .
 
 قال أبو جعفر    : "  والجزء " من كل شيء هو البعض منه ، كان منقسما جميعه عليه على صحة أو غير  منقسم . فهو بذلك من معناه مخالف معنى " السهم " ؛ لأن " السهم " من الشيء  هو البعض المنقسم عليه جميعه على صحة . ولذلك كثر استعمال الناس في كلامهم  عند ذكرهم أنصباءهم من المواريث : " السهام " دون " الأجزاء " .   [ ص: 511 ]
 
 وأما قوله : ( ثم ادعهن ) فإن معناه ما ذكرت آنفا عن مجاهد  أنه قال : هو أنه أمر أن يقول لأجزاء الأطيار بعد تفريقهن على كل جبل : " تعالين بإذن الله " .
 
 فإن قال قائل : أمر إبراهيم  أن  يدعوهن وهن ممزقات أجزاء على رءوس الجبال أمواتا ، أم بعدما أحيين ؟ فإن  كان أمر أن يدعوهن وهن ممزقات لا أرواح فيهن ، فما وجه أمر من لا حياة فيه  بالإقبال ؟ وإن كان أمر بدعائهن بعدما أحيين ، فما كانت حاجة إبراهيم  إلى دعائهن ، وقد أبصرهن ينشرن على رءوس الجبال ؟ قيل : إن أمر الله - تعالى ذكره - إبراهيم    - صلى الله عليه وسلم - بدعائهن وهن أجزاء متفرقات ، إنما هو أمر تكوين كقول الله للذين مسخهم قردة بعدما كانوا إنسا : ( كونوا قردة خاسئين    ) [ البقرة : 65 ] لا أمر عبادة ، فيكون محالا إلا بعد وجود المأمور المتعبد .
 القول في تأويل قوله : ( واعلم أن الله عزيز حكيم    ( 260 ) )
 
 قال أبو جعفر    : يعني - تعالى ذكره - بذلك : ( واعلم ) يا إبراهيم ،  أن  الذي أحيا هذه الأطيار بعد تمزيقك إياهن ، وتفريقك أجزاءهن على الجبال ،  فجمعهن ورد إليهن الروح ، حتى أعادهن كهيئتهن قبل تفريقكهن ( عزيز ) في  بطشه إذا بطش بمن بطش من الجبابرة والمتكبرة الذين خالفوا أمره ، وعصوا  رسله ، وعبدوا غيره ، وفي نقمته حتى ينتقم منهم ( حكيم ) في أمره .
 
 6026 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  قال : حدثنا ابن إسحاق    : ( واعلم أن الله عزيز حكيم    ) قال : عزيز في بطشه ، حكيم في أمره   .   [ ص: 512 ]
 
 6027 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع : ( واعلم أن الله عزيز    ) في نقمته ( حكيم ) في أمره   .
 القول في تأويل قوله ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة    )
 
 قال أبو جعفر    : وهذه الآية مردودة إلى قوله : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون    ) [ البقرة : 245 ] والآيات التي بعدها إلى قوله : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله    ) ، من قصص بني إسرائيل  وخبرهم مع طالوت  وجالوت  ، وما بعد ذلك من نبإ الذي حاج إبراهيم  مع إبراهيم  ، وأمر الذي مر على القرية الخاوية على عروشها ، وقصة إبراهيم  ومسألته  ربه ما سأل ، مما قد ذكرناه قبل - اعتراض من الله - تعالى ذكره - بما  اعترض به من قصصهم بين ذلك ، احتجاجا منه ببعضه على المشركين الذين كانوا  يكذبون بالبعث وقيام الساعة وحضا منه ببعضه للمؤمنين على الجهاد في سبيله  الذي أمرهم به في قوله : ( وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم     ) [ البقرة : 244 ] يعرفهم فيه أنه ناصرهم وإن قل عددهم وكثر عدد عدوهم ،  ويعدهم النصرة عليهم ، ويعلمهم سنته فيمن كان على منهاجهم من ابتغاء رضوان  الله أنه مؤيدهم ، وفيمن كان على سبيل أعدائهم من الكفار بأنه خاذلهم  ومفرق جمعهم وموهن كيدهم وقطعا منه ببعض عذر اليهود  الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما أطلع نبيه عليه من خفي أمورهم ، [ ص: 513 ] ومكتوم أسرار أوائلهم وأسلافهم التي لم يعلمها سواهم ؛ ليعلموا أن ما آتاهم به محمد    - صلى الله عليه وسلم - من عند الله ، وأنه ليس بتخرص ولا اختلاق ، وإعذارا منه به إلى أهل النفاق منهم ؛ ليحذروا بشكهم في أمر محمد     - صلى الله عليه وسلم - أن يحل بهم من بأسه وسطوته مثل الذي أحلهما  بأسلافهم الذين كانوا في القرية التي أهلكها ، فتركها خاوية على عروشها .
 
 ثم عاد - تعالى ذكره - إلى الخبر عن ( الذي يقرض الله قرضا حسنا    ) وما عنده له من الثواب على قرضه فقال : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله     ) يعني بذلك مثل الذين ينفقون أموالهم على أنفسهم في جهاد أعداء الله  بأنفسهم وأموالهم ( كمثل حبة ) من حبات الحنطة أو الشعير ، أو غير ذلك من  نبات الأرض التي تسنبل ريعها بذرها زارع . " فأنبتت " يعني : فأخرجت ( سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة    ) يقول : فكذلك المنفق ماله على نفسه في سبيل الله ، له أجره سبعمائة ضعف على الواحد من نفقته . كما : -
 
 6028 - حدثني موسى بن هارون  قال : حدثنا عمرو بن حماد  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي    : ( كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة    ) فهذا لمن أنفق في سبيل الله ، فله أجره سبعمائة .   .
 
 6029 - حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء    ) قال : هذا الذي ينفق على نفسه في سبيل الله ويخرج   .   [ ص: 514 ]
 
 6030 - حدثت عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع  قوله : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة     ) الآية ، فكان من بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على الهجرة ،  ورابط مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، ولم يلق وجها إلا بإذنه ،  كانت الحسنة له بسبعمائة ضعف ، ومن بايع على الإسلام كانت الحسنة له عشر  أمثالها   .
 
 قال أبو جعفر    : فإن قال قائل : وهل رأيت سنبلة فيها مائة حبة أو بلغتك فضرب بها مثل المنفق في سبيل الله ماله ؟ .
 
 قيل : إن يكن ذلك موجودا فهو ذاك ، وإلا فجائز أن يكون معناه : كمثل سنبلة  أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، إن جعل الله ذلك فيها .
 
 ويحتمل أن يكون معناه : في كل سنبلة مائة حبة ، يعني أنها إذا هي بذرت  أنبتت مائة حبة فيكون ما حدث عن البذر الذي كان منها من المائة الحبة ،  مضافا إليها ،   [ ص: 515 ] لأنه كان عنها . وقد تأول ذلك على هذا الوجه بعض أهل التأويل .
 
 ذكر من قال ذلك :
 
 6031 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا أبو زهير  ، عن جويبر  ، عن الضحاك  قوله : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة    ) ، قال : كل سنبلة أنبتت مائة حبة ، فهذا لمن أنفق في سبيل الله : ( والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم    )   .
 القول في تأويل قوله ( والله يضاعف لمن يشاء    )
 
 قال أبو جعفر    : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( والله يضاعف لمن يشاء     ) . فقال بعضهم : الله يضاعف لمن يشاء من عباده أجر حسناته . يعد الذي  أعطى غير منفق في سبيله دون ما وعد المنفق في سبيله من تضعيف الواحدة  سبعمائة . فأما المنفق في سبيله فلا ينقصه عما وعده من تضعيف السبعمائة  بالواحدة .
 
 ذكر من قال ذلك :
 
 6032 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا أبو زهير ،  عن جويبر  ، عن الضحاك  قال : هذا يضاعف لمن أنفق في سبيل الله - يعني السبعمائة -   [ ص: 516 ]   ( والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم    ) ، يعني لغير المنفق في سبيله   .
 
 وقال آخرون : بل معنى ذلك : والله يضاعف لمن يشاء من المنفقين في سبيله على السبعمائة إلى ألفي ألف ضعف . وهذا قول ذكر عن ابن عباس  من وجه لم أجد إسناده ، فتركت ذكره .
 
 قال أبو جعفر    : والذي هو أولى بتأويل قوله : ( والله يضاعف لمن يشاء     ) والله يضاعف على السبعمائة إلى ما يشاء من التضعيف لمن يشاء من  المنفقين في سبيله ؛ لأنه لم يجر ذكر الثواب والتضعيف لغير المنفق في سبيل  الله ، فيجوز لنا توجيه ما وعد - تعالى ذكره - في هذه الآية من التضعيف إلى  أنه عدة منه على [ العمل في غير سبيله أو ] على غير النفقة في سبيل الله .
 القول في تأويل قوله ( والله واسع عليم    ( 261 ) )
 
 قال أبو جعفر    : يعني -  تعالى ذكره - بذلك : ( والله واسع ) أن يزيد من يشاء من خلقه المنفقين في  سبيله على أضعاف السبعمائة التي وعده أن يزيده . ( عليم ) من يستحق منهم  الزيادة كما : -
 
 6033 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم    ) قال : ( واسع ) : أن يزيد من سعته ( عليم ) : عالم بمن يزيده   .   [ ص: 517 ]
 
 وقال آخرون : معنى ذلك : ( والله واسع ) لتلك الأضعاف ( عليم ) بما ينفق الذين ينفقون أموالهم في طاعة الله .
 القول في تأويل قوله ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون    ( 262 ) )
 
 قال أبو جعفر    : يعني -  تعالى ذكره - بذلك : المعطي ماله المجاهدين في سبيل الله معونة لهم على  جهاد أعداء الله . يقول - تعالى ذكره - : الذين يعينون المجاهدين في سبيل  الله بالإنفاق عليهم وفي حمولاتهم ، وغير ذلك من مؤنهم ، ثم لم يتبع نفقته  التي أنفقها عليهم منا عليهم بإنفاق ذلك عليهم ، ولا أذى لهم . فامتنانه به  عليهم بأن يظهر لهم أنه قد اصطنع إليهم - بفعله وعطائه الذي أعطاهموه  تقوية لهم على جهاد عدوهم - معروفا ، ويبدي ذلك إما بلسان أو فعل . وأما "  الأذى " فهو شكايته إياهم بسبب ما أعطاهم وقواهم من النفقة في سبيل الله ،  أنهم لم يقوموا بالواجب عليهم في الجهاد ، وما أشبه ذلك من القول الذي يؤذي  به من أنفق عليه .
 
 وإنما شرط ذلك في المنفق في سبيل الله ، وأوجب الأجر لمن كان غير مان ولا  مؤذ من أنفق عليه في سبيل الله ؛ لأن النفقة التي هي في سبيل الله : ما  ابتغي به وجه الله وطلب به ما عنده . فإذا كان معنى النفقة في سبيل الله هو  ما وصفنا فلا وجه لمن المنفق على من أنفق عليه ؛ لأنه لا يد له قبله ولا  صنيعة يستحق بها   [ ص: 518 ] عليه  - إن لم يكافئه - عليها المن والأذى ، إذ كانت نفقته ما أنفق عليه احتسابا  وابتغاء ثواب الله وطلب مرضاته ، وعلى الله مثوبته ، دون من أنفق ذلك عليه  .
 
 وبنحو المعنى الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
 
 ذكر من قال ذلك :
 
 6034 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم    ) ، علم الله أن أناسا يمنون بعطيتهم ، فكره ذلك وقدم فيه فقال : ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم    )   .
 
 6035 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد    : قال للآخرين يعني : قال الله للآخرين ، وهم الذين لا يخرجون في جهاد عدوهم : ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى    ) قال : فشرط عليهم . قال : والخارج لم يشرط عليه قليلا ولا كثيرا - يعني بالخارج : الخارج في الجهاد الذي ذكر الله في قوله : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة    ) الآية . قال ابن زيد    : وكان أبي يقول : إن آذاك من يعطي من هذا شيئا أو يقوي في سبيل الله ، فظننت أنه يثقل عليه سلامك ، فكف سلامك عنه . قال ابن زيد    : فنهى عن خير الإسلام . قال : وقالت امرأة لأبي : يا أبا أسامة  تدلني على رجل يخرج في سبيل الله حقا ، فإنهم لا يخرجون إلا   [ ص: 519 ] ليأكلوا  الفواكه ! ! عندي جعبة وأسهم فيها . فقال لها : لا بارك الله لك في جعبتك ،  ولا في أسهمك ، فقد آذيتيهم قبل أن تعطيهم ! قال : وكان رجل يقول لهم :  اخرجوا وكلوا الفواكه !
 
 6036 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا أبو زهير  ، عن جويبر  ، عن الضحاك  قوله : ( لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى    ) قال : أن لا ينفق الرجل ماله خير من أن ينفقه ثم يتبعه منا وأذى   .
 
 وأما قوله : ( لهم أجرهم عند ربهم    ) ، فإنه يعني للذين ينفقون أموالهم في سبيل الله على ما بين . " والهاء والميم " في " لهم " عائدة على " الذين " .
 
 ومعنى قوله : ( لهم أجرهم عند ربهم    ) ، لهم ثوابهم وجزاؤهم على نفقتهم التي أنفقوها في سبيل الله ، ثم لم يتبعوها منا ولا أذى .
 
 وقوله : ( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون    ) ، يقول : وهم مع ما لهم من الجزاء والثواب على نفقتهم التي أنفقوها على ما شرطنا ( لا خوف عليهم    ) عند مقدمهم على الله وفراقهم الدنيا ، ولا في أهوال القيامة ، وأن ينالهم من مكارهها أو يصيبهم فيها من عقاب الله ( ولا هم يحزنون    ) على ما خلفوا وراءهم في الدنيا .
 
 [ ص: 520 ] القول في تأويل قوله ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم    ( 263 ) )
 
 قال أبو جعفر    : يعني - تعالى ذكره - بقوله : ( قول معروف     ) قول جميل ، ودعاء الرجل لأخيه المسلم ( ومغفرة ) يعني : وستر منه عليه  لما علم من خلته وسوء حالته . ( خير ) عند الله ( من صدقة ) يتصدقها عليه (  يتبعها أذى    ) يعني يشتكيه عليها ، ويؤذيه بسببها كما : -
 
 
 
 
__________________  سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك  فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى. 
 |