رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان

شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 596الى صــ 605
(36)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(6)

668 - وعن الزهري, عن عروة, عن عائشة؛ قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين, فعرض لنا طعان اشتهيناه, فأكلنا منه, فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبدرتني إليه حفصة, وكانت ابنة أبيها, فقالت: يا رسول الله! إن كنا صائمتين, فعرض لنا طعام اشتهيناه, فأكلنا, فقلنا: «اقضيا يوماً آخر مكانه». رواه أحمد والنسائي والترمذي [من حديث] جعفر بن برقان الزهري, وقال الترمذي: وروى صالح بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفص هذا الحديث عن الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة.
669 - قال: وروى مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله بن عمر وزياد بن [سعد] وغير واحد من الحفاظ, عن الزهري, عن عائشة؛ مرسلاً, ولم يذكر فيه عروة, وهذا أصح.
670 - وروي بإسناده عن ابن جريج؛ قال: سألت الزهري, فقلت: أحدثك عروة عن عائشة؟ فقال: لم أسمع من عروة في هذا شيئاً, ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض منْ سأل عائشة عن هذا الحديث.

ورواه أحمد والنسائي من حديث سفيان بن حسين عن الزهري.
ورواه النسائي أيضاً, من حديث صالح بن أبي الأخضر, عن الزهري؛ قال: وصالح بن أبي الأخضر ضعيف في الزهري وفي غير الزهري, وسفيان بن حسين وجعفر بن برقان ليسا بقويين في الزهري, ولا بأس بهما في غير الزهري, ثم رواه مرسلاً من حديث معمر ومالك وعبيد الله بن عمر.
ورواه عن سفيان؛ قال: سألوا الزهري وأنا شاهد: أهو عن عروة؟ قال: لا.
ورواه سعيد عن سفيان بن عيينة [فثنا الزهري؛ قال: قالت عائشة: فذكره, وفيه: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال: «صوما يوماً مكانه». قال سفيان: فسألت الزهري: عن عروة؟ فغضب وأبى أن يسنده.
671 - قال سعد: ثنا عاطف بن خالد, عن زيد بن أسلم؛ قال: قالت عائشة: مثله, وقال لنا: «صوما مكانه ولا تعودوا».
وفي حديث مالك وغيره: أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين متطوعتين.
672 - وعن ابن الهاد, عن زميل مولى عروة, عن عروة بن الزبير, عن عائشة؛ قالت: أهدي لحفصة طعام, وكنا صائمتين, فأفطرنا, ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقلنا: يا رسول الله! إنا أهديت لنا هدية, واشتهيناها, فأفطرنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عليكما, صوما يوماً آخر». رواه أبو داوود والنسائي وقال: زميل ليس بالمشهور. وقال البخاري: لا يعرف لزميل سماعاً عن عروة, ولا تقوم به الحجة.

673 - وعن جرير بن حازم, عن يحيى بن سعيد, عن عمرة, عن عائشة: نحوه. رواه النسائي وقال: هذا خطأ.
وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: تحفظ عن يحيى عن عمرة عن عائشة: «أصبحت أنا وحفصة صائمتين»؟ فأنكره وقال: مَنْ رواه؟ قلت: جرير. فقال: جرير يحدث بالتوهم, وأشياء عن [قتادة] يسندها جرير بن حازم باطلة.
674 - وعن سعيد بن جبير: «أن حفصة وعائشة أصبحتا صائمتين تطوعاً, فأفطرتا, فأمرهما رسول الله أن يقضياه». رواه سعيد.
675 - وعن أنس بن سيرين؛ قال: «صمت يوماً, فأجهدت, فأفطرت, فسألت ابن عمرو وابن عباس؟ فأمراني أن أقضي يوماً مكانه». رواه سعيد.
676 - وعن محمد بن أبي حميد, عن إبراهيم عن عبيد؛ قال: صنع أبو سعيد الخدري طعاماً, فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, فقال رجل من القوم: إني صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنع لك أخوك, وتكلف لك أخوك؛ أفطر وصم يوماً مكانه». رواه الدارقطني وقال: هذا مرسل.

ورواه حرب وقال: «كل وصم يوماً مكانه إن أحببت».
وقد تكلم في محمد بن أبي حميد.
677 - وعن ابن عيينة, عن طلحة بن يحيى, عن عائشة بن طلحة, عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها؛ قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً, فقربت له حيساً, فأكل منه وقال: «إني كنت أريد الصيام, ولكن أصوم يوماً مكانه». رواه عبد الرزاق عنه.
ورواه الدارقطني, ولفظه: قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «إني أريد الصيام». وأهدي إليه حيس, فقال: «إني آكل وأصوم يوماً مكانه».
قال الدارقطني: لم يروه بهذا اللفظ غير ابن عيينة عن محمد بن عمرو بن العباس الباهلي, ولم يتابع على قوله: «وأصوم يوماً مكانه» , ولعله شبه عليه, والله أعلم, لكثرة من خالفه عن ابن عيينة.
ورواية عبد الرزاق التي ذكرناها تدل على خلاف قول الدارقطني.
فهذا الحديث غايته أن يكون مرسلاً.

لكن قد أرسله الزهري وزيد بن أسلم وسعيد بن جبير, وعمل به الصحابة, والمرسل إذا تعدد مرسلوه وعمل به الصحابة؛ صار حجة بلا تردد, وقد أسند من غير حديث الزهري كما تقدم.
ولأنها عبادة, فلزمت بالشروع فيها ووجب القضاء بالخروج منها لغير عذر؛ كالحج, ولأن الشروع في العبادة التزام لها, فلزم الوفاء به كالنذر.
يحقق التماثل: أن الله تعالى قال في آية الصوم: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] كما قال في آية الحج: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196].
فإذا كان عليه إتمام ما دخل فيه من الحج والعمرة؛ فكذلك عليه إتمام ما دخل فيه من الصيام.
فعلى هذه الرواية: إنما تقضى إذا أفطر لغير عذر.
فأما إن أفطر لعذر من مرض أو سفر ونحو ذلك؛ فلا إعادة عليه.
وإن أفطر لكون الصوم مكروهاً, مثل أن يفرد يوماً بالصوم. . . .
678 - ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعي أحدكم إلى طعام؛ فإن كان مفطراً؛ فليطعم, وإن كان صائماً؛ فليصل».
ولو كان الأكل جائزاً؛ لبينه, ولاستحبه في الدعوة.
679 - ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصومن امرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه».
ولو كان التفطير جائزاً؛ لم يكن في شروعها في الصوم عليه ضرر.
والأول المذهب:

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|