رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان

شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 636الى صــ 645
(40)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(10)

* فصل:
ويكره استقبال رمضان باليوم واليومين.
716 - لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «[لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين]؛ إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً؛ فليصمه». رواه الجماعة.
فأما حديث عمران ومعاوية. . . .
فأما استقباله بالثلاثة؛ فالمشهور في المذهب أنه لا بأس به.
وقال بعض أصحابنا: لا يستحب الصوم بعد منتصف شعبان إلا لمن قد صام قبله.
717 - لما روى العلاء بن عبد الرحمن, عن أبيه, عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛ فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان». رواه الخمسة, وقال الترمذي: حديث حسن. وقال النسائي: لا نعلم أحداً روى هذا الحديث غير العلاء.
وقد أجاب أحمد عن هذا الحديث:

قال حرب: سمعت أحمد يقول في الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلا رمضان»؛ قال: هذا حديث منكر. قال: وسمعت أحمد يقول: لم يحدث (يعني: العلاء) حديثاً أنكر من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلا رمضان» , وأنكر أحمد هذا الحديث, وقال: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث عن سهيل, ورواية محمد بن يحيى الكحال هذا الحديث ليس بمحفوظ, والمحفوظ الذي يروى عن أبي سلمة [عن أم سلمة]: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان ورمضان.
واعتمد في رواية عبد الله على حديث أبي هريرة المتقدم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين»؛ فإن مفهوم هذا الحديث يجوز التقدم بالثلاثة.
ولأنه إنما كره التقدم خشية أن يزاد في الشهر ويلحق به ما ليس منه, وهذا أكثر ما يقع في اليوم واليومين, فأما الثلاثة؛ فلا يقع فيها لبس. والله أعلم.

فأما صيام اليوم واليومين قبل رمضان قضاء أو نذراً أو كفارة. . . .
* فصل:
ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم.
718 - لما روى محمد بن عباد بن جعفر؛ قال: «سألت جابر بن عبد الله: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم». متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: «أن ينفرد بصومه».
719 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يوم الجمعة؛ إلا وقبله يوم, أو بعده يوم». رواه الجماعة إلا النسائي.
وفي رواية لمسلم: «لا تختصوا ليلة الجمعة بالقيام من بين الليالي, ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام؛ إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم».
وفي رواية لأحمد: «يوم الجمعة يوم عيد, ولا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم؛ إلا أن تصوموا قبله أو بعده».
720 - وقد تقدم عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل على جويرية يوم جمعة وهي صائمة, فقال لها: «أصمت أمس؟». قالت: لا. قال: «تصومين غداً؟». قالت: لا. قال: «فأفطري».

721 - وعن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يوم الجمعة وحده». رواه أحمد.
واحتج به في رواية حنبل, فقال عكرمة عن ابن عباس: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يوم الجمعة وحده». قال أبو عبد الله: ولا أحب لرجل أن يتعمد صيامه, فإن وافق نذراً؛ صامه؛ لأن هذا أسهل من العيدين, ولا يخصه رجل بصيام.
فأما يوم الفطر ويوم النحر؛ فهما مخصوصان بالنهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا نعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في صومهما, وقد استثنى في يوم الجمعة, فقال: «إلا رجل كلن يصوم صوماً فليصمه».
فأما إن لم يقصده بعينه, بل صام قبله يوماً [أو] بعده يوماً, أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً؛ [فإنه يصوم] يوم الجمعة دون ما قبله وما بعده, لكن في جملة أيام, أو أراد أن يصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء, فكان يوم جمعة ونحو ذلك؛ لم يكره؛ فإن النهي إنما هو عن تعمده بعينه: كما قال في رواية حنبل.

وقال في رواية الأثرم, وقد سئل عن صيام يوم الجمعة, فذكر حديث النهي أن يفرد, ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه؛ فأما أن يفرد؛ فلا. فقيل له: فإن كان يصوم يوماً ويفطر يوماً, فوقع فطره يوم الخميس وصومه الجمعة وفطره السبت, فصام الجمعة مفرداً؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة, وإنما كره أن يتعمد, وهذا لم يتعمد.
وقال أيضاً في رواية إبراهيم, وقد سأله عن صوم الجمعة, وهو يوم عرفة, ولا يتقدمه بيوم ولا يومين؟ فقال: لا يبالي, إنما أراد يوم عرفة, وإنما نهى عن صوم عرفة بعرفات.
وهذا لما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن في صومه إذا صام قبله أو بعده.
ولأنه جعل أفضل الصيام صيام داوود, ومعلوم أن من صام يوماً وأفطر يوماً؛ صام يوم الجمعة, وكذلك من صام يومين وأفطر يوماً, أو من صام يوماً وأفطر يومين.

وقد تقدم عن ابن مسعود رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قلما كان يفطر يوم الجمعة».
لأنه كان يصوم الخميس فيصله بالجمعة.
ولا يكره صوم وحده عن فرض من قضاء أو نذر ونحو ذلك. قاله القاضي.
فأما صومه بعينه؛ فينبغي أن يكون مكروهاً.
فإن صام معه يوماً من أيام الأسبوع, لا يليه, مثل الاثنين والأحد ونحو ذلك. . . .
* فصل:
ويكره إفراد يوم السبت بالصيام عند أكثر أصحابنا.
قال الأثرم: قال أبو عبد الله: أما صيام يوم السبت ينفرد به؛ فقد جاء فيه حديث الصماء, وكان يحيى بن سعيد يتقيه, وأبى أن يحدثني به, وسمعته من أبي عاصم.
وقال في رواية الأثرم, وقد سأله عن صيام يوم السبت بغير فرض؟ فقال: قد جاء فيه الحديث: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم».
وعنه ما لا يدل على أنه لا يكره.
قال في رواية الأثرم: قد جاء في صيام يوم السبت ذاك الحديث مفرد, حديث الصماء عن النبي صلى الله عليه وسلم, وكان يحيى يتقيه.
وهذا يدل على توقفه عن الأخذ به؛ لأن ظاهر الحديث خلاف الإِجماع.
ولذلك قال الأثرم في «مختلف الحديث»: جاء هذا الحديث ثم خالفته الأحاديث كلها, وذكر الأحاديث في صوم المحرم وشعبان, وفيهما السبت, والأحاديث في إتباع رمضان بست من شوال, وقد يكون فيها السبت, وأشياء كثيرة توافق هذه الأحاديث. وقد روي عن السلف أنهم أنكروه: فروى أبو داود عن ابن شهاب: أنه كان إذا ذُكر له أنه نهي عن صيام يوم السبت؛ يقول ابن شهاب: هذا حديث حمصي. وعن الأوزاعي؛ قال: ما زلت له كاتماً حتى رأيته انتشر (يعني: حديث ابن بسر في صوم يوم السبت). قال أبو داود: قال: مالك: هذا [كذب]. وقال أبو داوود: هذا الحديث منسوخ.
ووجه الأول:

722 - ما روى ثور بن يزيد, عن خالد بن معدان, عن عبد الله بن بسر السلمي، عن أخته الصماء: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم, وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة (وفي لفظ: إلا لحاء عنب أو عود شجرة)؛ فليمصه». رواه الخمسة, وقال الترمذي: حديث حسن.
وقد رواه أحمد والنسائي من وجوه أخرى عن خالد عن عبد الله بن بسر.
723 - ورواه أيضاً عن الصماء, عن عائشة. وإسناده إسناد جيد.
وقول أبي داوود: وهو منسوخ: يدل على جودة إسناده.
724 - ورواه أحمد من حديث ابن لهيعة؛ قال: ثنا موسى بن وردان, عن عبيد الأعرج؛ [قال: حدثتني جدتي]: أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السبت وهو يتغدى, فقال: «تعالي فكلي». فقالت: إني صائمة. فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: «كلي؛ فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك».
وإنما حُمل على الإِفراد؛ لأن في حديث جويرية وغيره: «أصمت أمس؟». قالت: لا. قال: «أتصومين غداً؟». قالت: لا.
فعلم أن صومه مع الجمعة لا بأس به.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|