ثم يقول: «في القرن السابع عشر انبرى كثير من الكتاب- الغربيين- للدفاع عن الإسلام ضد الإجحاف الذي ناله في العصور الوسطى، وضد مجادلات المتنقصين من قدره، وأثبتوا قيمة وإخلاص التقوى الإسلامية.. وكان ريشار سيمون أحد هؤلاء الكتاب، فقد كان كاثوليكياً مخلصاً، لكن سلامة تكوينه العلمي جعلته يكافح ضد التحريف المتزمت للحقائق الموضوعية.. ولقد عالج في كتابه (التاريخ النقدي لعقائد وعادات أمم الشرق) عام /1684/م عادات وطقوس النصارى الشرقيين أولاً، ثم عادات وطقوس المسلمين، وقد عرضها بوضوح واتزان، مستنداً إلى كتاب لأحد فقهاء المسلمين، دونما قدح أو انتقاص. وكان يُظهر التقدير وحتى الإعجاب بهذه العادات، وعندما اتهمه أرنولد بأنه كان موضوعياً أكثر من اللازم نحو الإسلام، نصحه بأن يتأمل (التعاليم الرائعة) للأخلاقيين الإسلاميين.
ثم جاء المستشرق أ. رولاند الذي كان أعمق تخصصاً في الإسلاميات من سيمون، فكتب عام /1705/م عن الإسلام من وجهة نظر موضوعية بالاستناد إلى مصادر إسلامية فقط.
وكتب الفيلسوف بيير بيل، وهو من المعجبين بالتسامح الإسلامي، في الطبعة الأولى من القاموس النقدي /1697/م عن حياة محمد بموضوعية.
وانتقل الجيل التالي من الموضوعية إلى مرحلة الإعجاب؛ فقد استشهد (بيل) وكثيرون غيره بتسامح الإمبراطورية العثمانية إزاء جميع أنواع الأقليات الدينية.. فكان ينظر إلى الإسلام كدين عقلاني بعيد كل البعد عن العقائد النصرانية المخالفة للعقل.. ثم إنه وفَّق بين الدعوة إلى حياة أخلاقية وبين حاجات الجسد والحواس والحياة في المجتمع. وخلاصة القول فهو كدين كان قريباً جداً من الدين الطبيعي الذي كان يعتقد به معظم (رجال عصر التنوير)..
في هذا الاتجاه كان (ليبنيز) يفكر. ثم ظهر كاتب مجهول لكراس يحمل عنواناً فيه الكثير من التحدي (محمد ليس دجالاً) عام /1720/م. وتلاه (هنري دوبولينفييه) الذي نشر كتاباً دفاعياً بعنوان (حياة محمد) عام/1730/م. وتبع ذلك (فولتير) وهو معجب بالحضارة الإسلامية[165]..»[166]. ويستمر (رودنسون) في هذا الفصل الذي كتبه باستعراض الكتَّاب والكتب التي تابعت مسيرة الدفاع عن نبي الإسلام وحضارة الإسلام حتى نهاية القرن الثامن عشر.. وبين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ظهر (غوته) الألماني. يقول رودنسون: «فشِعر غوته الذي يمجد فيه محمداً، وبخاصة (أنشودة محمد) عام /1774/م يفوق في شاعريته بما لا يقاس مؤلَّف فولتير (محمد) عام /1742/م.. وبعد أكثر من أربعين عاماً؛ في سنة /1819/م كتب (غوته) ديوانه الشرقي الغربي برسائله الاثنتي عشرة؛ وبمقدمته التي تحمل دعوة إلى الهجرة إلى الشرق، وبشروحه وتعليقاته التي تدل على معرفة واسعة بالشرق»[167].
ثم يقول: «يمكن القول بصورة عامة إن العلماء في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان يزيد ضررهم على نفعهم، وذلك لتأثرهم بالأحكام المغرضة الشائعة لا بالعلم»[168].
ومنذ القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين صار الغربيون الذين باتوا يقطفون ثمار النهضة العلمية؛ ينظرون إلى سواهم نظرة ازدراء وفوقية. يقول رودنسون: «عزا المبشرون النصارى نجاحات الأمم الأوربية إلى الديانة النصرانية، مثلما عزوا إخفاق العالم الإسلامي إلى الإسلام، فصُورت النصرانية على أنها بطبيعتها ملائمة للتقدم، وقرن الإسلام بالركود الثقافي والتخلف، وأصبح الهجوم على الإسلام على أشد ما يكون، وبُعثت حجج العصور الوسطى بعد أن أضيفت إليها زخارف عصرية، وصُورت الجماعات الدينية الإسلامية بصورة خاصة على أنها شبكة من التنظيمات الخطرة يغذيها حقد بربري على الحضارة»[169].
إلى أن يقول: «كانت حركة الجامعة الإسلامية هي الغول المرعب في تلك الفترة.. فكانت كل ظاهرة مناهضة للإمبريالية حتى ولو كان مبعثها مشاعر محلية خالصة؛ تعزى إلى تلك الحركة الإسلامية.. وبفضل الصحافة والأدب الشعبيين وكتب الأطفال؛ أخذت هذه النظرة تتسرب إلى عقول الجماهير الغفيرة من الأوربيين، ولم تخلُ من تأثير في العلماء أنفسهم»[170].
ويقول رودنسون أخيراً: «إن الثورة في التفكير الغربي.. التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى- جعلت التقييم النصراني لمحمد مسألة حساسة؛ فلم يعد بإمكانهم الزعم (الكاذب) بأنه (محتال شيطاني) كما كان عليه الحال في العصور الوسطى.. إننا نجد بعض الكاثوليك المتخصصين بالإسلام يعتبرونه (عبقرياً دينياً).. وعلى غرار ماسينيون أعجب بعض النصارى بالقيمة الروحية للتجارب الدينية الإسلامية، وأزعجتهم مواقف الظلم التاريخية التي وقفتها شعوبهم من الإسلام.. ويذهب مؤرخ مثل (نورمان دانييل) إلى حد النظر إلى أي انتقادات لمواقف النبي الأخلاقية؛ على أنها من بين المفاهيم المتشربة بروح العصور الوسطى أو الإمبريالية»[171].
• أما المستشرق (درايبر) فقد لخص المشكلة برمتها فقال: «ينبغي أن أنعي على الطريقة التي تحايل بها الأدب الأوربي ليخفي عن الأنظار مآثر المسلمين العلمية علينا! إن الجور المبني على الحقد الديني والغرور الوطني؛ لا يمكن أن يستمر إلى الأبد»[172].
• وأما المستشرقة الألمانية (زيغريد هونكه) فقد أوجزت المشكلة بطريقة أخرى فقالت في كتابها (شمس الله تسطع على الغرب): «إن موقف أوربة من العرب منذ نزول الوحي المحمدي موقف عدائي بعيد كل البعد عن االإنصاف والعدالة»[173].
وهنا قال جورج: عجباً لبني قومي! كيف جهلوا خلاصة دراسات النخبة من علمائهم هذه.
قلت: كان هذا فيما مضى، أما اليوم فقد أخذت الغمة تنجلي، والحقيقة تضيء.
قال: كيف؟
قلت: يقول الكاتب الفرنسي (موريس بوكاي) في كتابه (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم): «يظهر أن تغيراً جذرياً يتم في أيامنا على أعلى مستوى في العالم النصراني. والوثيقة التي صدرت عن أمانة الفاتيكان، ووزعت فيما بعد عن المجمع الفاتيكاني الثاني لغير النصارى، وفيها توجيهات للحوار بين النصارى والمسلمين[174]، وكانت ثالث طبعاتها بتاريخ /1970/م تشهد بعمق التغير في المواقف الرسمية.
وبعد أن دعت هذه الوثيقة إلى تنحية الصورة البالية الموروثة عن الماضي، أو المشوهة ببعض الأوهام والافتراءات التي كانت للنصارى عن الإسلام، أصرت على الاعتراف بأخطاء الماضي وانحرافاته التي اقترفها الغرب ذو النشأة النصرانية بحق المسلمين»[175].
ويعرض بوكاي نص الوثيقة فيقول: «تقول وثيقة الفاتيكان- السالفة الذكر- (ينبغي التخلي عن الصورة الباهتة الموروثة عن الماضي، أو المشوهة بالمزاعم الباطلة والافتراءات، والاعتراف بالظلامات التي اجترحها الغرب بحق المسلمين)»[176]. ثم يسوق بوكاي بعض الأمثلة التي توضح فحوى الوثيقة.. ثم يقول: «وتقابل الوثيقة الفكرة الذائعة عن الإسلام بأنه دين الخوف- الإرهاب- بتلك التي تقول بأنه دين الحب، حب الغير؛ المتأصل في عقيدة الله. كما تفند الفكرة الرائجة باطلاً، والتي تهدف إلى وصم الإسلام بأنه خال من النظام الأخلاقي»[177].
ثم يقول: «تورد الوثيقة عبارات من القرآن توضح أن ما كان يترجمه الغربيون خطأ بـ(الحرب المقدسة) هو ما يعبر عنه في العربية (الجهاد في سبيل الله) الجهاد لنشر الإسلام والدفاع عنه ضد المعتدين، وتتابع الوثيقة الفاتيكانية فتقول: (إن الجهاد ليس- الخريم التوراتي- ولا يتجه إلى الإبادة أبداً، ولكن لنشر شرائع الله وحقوق الإنسان في المقاطعات الجديدة»[178].
ويختم موريس بوكاي قائلاً: «إن هذا الدفاع عن الإسلام من الفاتيكان سيدهش دونما ريب كثيراً من المعاصرين المؤمنين؛ سواء كانوا مسلمين أو يهوداً أو نصارى. إنه مظهر صدق وفكر منفتح يتناقض تماماً مع المواقف التي خلت»[179].
ثم أردفت: أعرفت يا جورج أسباب الصورة المشوهة عن الإسلام لدى الغربيين؟
مشورة:
قال جورج: أجل؛ ولا أكتمك أن تلك الصورة المشوهة قد تبددت من مخيلتي الآن، وحل محلها صورة صحيحة حقيقية واضحة عن نبي المسلمين، وعن دين الإسلام وعن الحضارة الإسلامية؛ رسمها لي النخبة من الباحثين والدارسين من بني قومي. وإنني لأتساءل؟ ترى بماذا تشير هذه النخبة على بني البشر تجاه دين الإسلام؟
قلت: إنهم لم يضنوا بهذه المشورة على أحد.
قال: كيف؟
قلت:
• يقول العلامة الفرنسي (لوزون) أستاذ علم الكيمياء والفلك في كتابه (الله في السماء) بعد ما تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن رسالته: «رسول كهذا الرسول يجدر اتباع رسالته، والمبادرة إلى اعتناق دعوته؛ إذ أنها دعوة شريفة، قوامها معرفة الخالق، والحث على الخير، والنهي عن المنكر، بل كل ما جاء به يرمي إلى الصلاح والإصلاح، والصلاح أنشودة المؤمن. هذا هو الدين الذي أدعو إليه جميع النصارى»[180].
• ويقول الفيلسوف الإنجليزي الشهير (برنارد شو): «كنت على الدوام أنزل دين محمد منزلة كبيرة من الإعزاز والإكبار لعظمته التي لا تنكر، إنني أعتقد أن دين محمد هو الدين الوحيد الذي يناسب كل إنسان، ويصلح لكل زمان، ويتمشى مع كل بيئة في هذا العالم، وفي كل مرحلة من الحياة، وإنني أتنبأ بأن دين محمد سيلقى القبول في أوربة غداً، كما يلقاه فيها الآن»[181].
• ويقول (برنارد شو) أيضاً: «تمنيت دائماً أن يكون الإسلام هو سبيل العالم، فلا منقذ له سوى رسالة محمد»[182].
ويقول (برنارد شو) أيضاً: «إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة- أوربة- وإذا أراد العالم النجاة من شروره، فعليه بهذا الدين، إنه دين السلام والتعاون والعدالة في ظل شريعة متمدينة محكمة، لم تنس أمراً من أمور الدنيا إلا رسمته، ووزنته بميزان لا يخطئ أبداً، وقد ألَّفت كتاباً في (محمد)[183] ولكنه صودر- وأحرق- لخروجه عن تقاليد الإنجليز»[184].
• ويقول الفيلسوف الشهير (تولستوي): «إن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لِتوافقها وانسجامها مع العقل والحكمة فإنها سوف تسود العالم»[185].
موجز:
قال جورج: إنها لمشورة! ولا أكتمك أنني بت أتوق إلى معرفة ما يتضمنه القرآن وما تتضمنه السنة من تعاليم. فهل لك أن توجز لي هذا.
قلت:
• حباً وكرامة يا جورج؛ أما القرآن فقد أوجز لك مضمونه العلامة الشهير (وِل ديورانت) في كتابه (قصة الحضارة) إذ قال تحت عنوان (القرآن والأخلاق): «القانون والأخلاق في القرآن شيء واحد؛ فالسلوك الديني في كليهما يشمل أيضاً السلوك الدنيوي، وكل أمر فيهما موحى به من عند الله، والقرآن يشمل قواعد للآداب، وصحة الجسم، والزواج والطلاق، ومعاملة الأبناء والعبيد والحيوان، والتجارة والسياسة، والجريمة والعقاب، والحرب والسلم»[186].
ثم قال: «والقرآن يبعث في النفوس السليمة أسهل العقائد وأقلها غموضاً وأبعدها عن التعقيد بالمراسم والطقوس، وأكثرها تحرراً من الوثنية والكهنوتية. وقد كان له الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي»[187].
- أما مضمون السنَّة فقد أوجزته لك البريطانية الباحثة في الأديان (كارين أرمسترونج) في كتابها (سيرة النبي محمد) إذ قالت: «تكوِّن الأحاديث النبوية مع القرآن أصول الشريعة الإسلامية، كما أصبحت أيضاً أساساً للحياة اليومية والروحية لكل مسلم. فقد علَّمت السنَّة المسلمين محاكاة أسلوب محمد في الكلام، والأكل، والحب، والاغتسال، والعبادة، لدرجة يعيدون معها إنتاج حياة النبي محمد على الأرض في أدق تفاصيل حياتهم اليومية بأسلوب واقعي»[188].
وأردفتُ: أأزيدك موجزاً لدين الإسلام كله قرآناً وسنَّة؟
قال: حبذا لو فعلت!
قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»[189] هذا هو دين الإسلام يا جورج؛ هو (مكارم الأخلاق) التي بعث بها جميع الرسل والأنبياء. وبعث نبي المسلمين ليتممها لا لينقضها.
خاتمة المطاف:
وهنا بدت على وجه جورج مسحة من البهجة والسرور والإشراق نمَّت عما يختلج في نفسه من مشاعر وخلجات.. ثم أطرق كمن يمعن التفكير والتروي.. ثم رفع رأسه إلي قائلاً:
• إذا أراد امرؤ أن يدخل في دين الإسلام فماذا عليه أن يفعل؟
قلت: يتلفظ بالشهادتين.
قال: وما هما؟
قلت: هما: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله).
قال جورج: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
وهنا لم أتمالك نفسي! فهببت من مقعدي واقفاً ومددت يدي مصافحاً.. ثم اعتنقته وأنا أقول: حياك الله يا جورج! حياك الله يا أخي، فأنت منذ اليوم أخي وأخو جميع المسلمين، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [190].
[1] في تاريخ الطبري أنه كان في الثانية عشرة من عمره.
[2] كان أكبرهم في سن الزواج عند اقتران النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة.
[3] 1/340 ترجمة د. أحمد فخري.
[4] ص117.
[5] عن كتاب (محمد في الآداب العالمية المنصفة) لمحمد عثمان عثمان ص110.
[6] هذا تاريخ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، أما الذين اتبعوه فقد سبقوه في الهجرة.
[7] 2/341.
[8] ص84.
[9] ص47.
[10] انظر كتاب (محمد والإسلام) تعريب عمر أبو النصر ص81 ط. المكتبة الأهلية بيروت 1934.
[11] ص37.
[12] ص80.
[13] ص160.
[14] ص58-60 ترجمة محمد السباعي- ط. دار الكاتب العربي.
[15] عن كتاب (شمس الحضارة تسطع على الغرب) زيغريد هونكه ص465.
[16] ص13.
[17] ص17.
[18] عن كتاب (الإسلام نهر يبحث عن مجرى) د. شوقي أبو خليل ص15.
[19] ص18.
[20] ص59 ترجمة عادل زعيتر- ط. البابي الحلبي.
[21] ص152 ترجمة فتحي زغلول ط. مصر.
[22] الشورى 13.
[23] ص7.
[24] عن كتاب (محمد عند علماء الغرب) ص97 لخليل ياسين.
[25] 2/343 تعريب د. أحمد فخري.
[26] عن كتاب (محمد نبي الهدى والرسول الخاتم) لمحمد بهي الدين سالم.
[27] عن كتاب (محمد في الآداب العالمية المنصفة) ص110 محمد عثمان عثمان.
[28] ص31.
[29] عن كتاب (غوته والعالم الغربي) كاتارينا مومزن ص181-355.
[30] عن كتاب (قصة الحضارة) لديورانت 7/47.
[31] 7/53.
[32] عن كتاب (محمد رسول الإسلام) لمحمد فهمي عبد الوهاب- ط. تونس ص43.
[33] ص125- تعريب عادل زعيتر- القاهرة- ط3 البابي الحلبي.
[34] ص343- تعريب د. عبد الحليم محمود.
[35] ص43.
[36] ص54.
[37] ص45.
[38] ص56.
[39] ص67.
[40] ص83.