
09-02-2023, 04:14 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,663
الدولة :
|
|
رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان

شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 676الى صــ 685
(44)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(14)

* فصل:
وعلامتها ما تقدم أن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها, كأنها الطست حتى ترتفع, ذكر معنى ذلك مرفوعاً في حديث أبي وابن مسعود, وجاء عن ابن عباس أيضاً.
768 - وعن عبادة بن الصامت؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أمارة ليلة القدر أنها صافية [بلجة] , كأن فيها قمراً ساطعاً, ساكنة ساجية, لا برد فيها ولا حر, ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح, وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر, لا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ». رواه أحمد.
769 - وعن حماد بن سلمة, عن حميد, عن الحسن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر؛ التاسعة, والسابعة, والخامسة, وآخر ليلة, هي ليلة بلجة, لا حارة ولا باردة, ولا يرمى فيها بنجم, ولا ينبح فيها كلب». رواه هدبة بن خالد عنه.
770 - وعن عبيد بن عمير؛ قال: «كنت ليلة السابع والعشرين في البحر. فأخذت من مائه, فوجدته عذباً سلساً. . .».

* فصل:
ويستحب الاجتهاد في العشر مطلقاً.
771 - لما روي عن عائشة؛ قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر؛ أحيا الليل, وأيقظ أهله, وشد المئزر». متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: «وجدَّ وشدَّ المئزر».
وفي رواية له: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.
772 - وعن علي؛ قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان». رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
ورواه عبد الله بن أحمد, ولفظه: «إذا دخل العشر الأواخر؛ شد المئزر».

وفي لفظ: «رفع المئزر, وأيقظ نساءه».
قيل لأبي بكر بن عياش: ما رفع المئزر؟ قال: اعتزل النساء.
773 - وعن عائشة: أنها قالت: يا رسول الله! أرأيت إن وافقت ليلة [القدر] ما أقول؟ قال: «[تقولين:] اللهم! إنك عفو تحب العفو فاعف عني». رواه الخمسة إلى أبا داود, وصححه الترمذي, ولفظه: قلت: يا رسول الله! إن علمت أي ليلة القدر؛ ما أقول؟ قال: قولي: (فذكره).
774 - ويحصل النصيب منها؛ لحديث أبي [ذر]؛ [فإنه] يقتضي أن قيامها يحصل بالقيام مع الإِمام.
775 - وعن مالك: أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول: «من شهد العشاء ليلة القدر؛ فقد أخذ بحظه».
776 - وعن الضحاك: «أنه قيل له: أرأيت النفساء والحائض والنائم والمسافر؛ هل لهم في ليلة القدر نصيب؟ قال: نعم؛ كل من تقبَّل الله عمله سيعطيه نصيبه من ليلة القدر لا يخيبه أبداً».
******
باب الاعتكاف

مسألة:
وهو لزوم مسجد لطاعة الله فيه.
جماع معنى الاعتكاف والاحتباس والوقوف والمقام.
يقال: عَكَفَ على الشيء يعكُف ويعكِف عُكوفاً, وربما قيل: عَكْفاً: إذا أقبل عليه مواظباً. ومنه قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: آية 138]. وقوله سبحانه حكاية عن إبراهيم عليه السلام {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52] وقوله أيضاً: {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} [الشعراء: 71].
فعداه باللام؛ لأن المعنى: أنتم لها عابدون ولها قانتون.
777 - ومرَّ علي رضي الله عنه بقوم يلعبون بالشطرنج, فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟!
ويقال: فلان عاكف على فرج حرام
وعكف حول الشيء: استداروا.
وقال الطرماح:

فَبَاتَ بَنَاتُ الَّيْلِ حَوْليَ عًكّفا عُكُوفَ البَواكِي بَيْنَهُنَّ صَرِيعُ ثم صار هذا في لسان الشرع عند الإِطلاق مختصّاً بالعكوف لله وعليه في بيته:
كما قال تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
وقال تعالى: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: آية 125].
وقال في موضع آخر: {لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ} [الحج: آية 26].
ولم يذكر العكوف لمن, وعلى مَن؛ لأن عكوف المؤمن لا يكون إلا لله.
ويستعمل متعدياً أيضاً, فيقال: عكفه يعكفُه ويعكِفه عكُفاً: إذا حبسه ووقفه؛ كما قال تعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: آية 25] , ويقال: ما عكفك عن كذا؟ أي: ما حبسك عنه, وعكف الجوهر في النظم.
والتاء في الاعتكاف تفيد ضرباً من المعالجة والمزاولة؛ لأن فيه كلفة؛ كما يقال: لست وألست, وعمل واعتمل, وقطع واقتطع.
وربما حسب بعضهم أنه مطاوع عكفه فاعتكف, كما يقال: انعكف عليه, وهو ضعيف.

ولما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا من يحبه ويعظمه؛ كما كان المشركون يعكفون على أصناهم وتماثيلهم, ويعكف أهل الشهوات على شهواتهم؛ شرع الله سبحانه لأهل الإِيمان أن يعكفوا على ربهم سبحانه وتعالى.
وأخص البقاع بذكر اسمه سبحانه والعبادة له بيوته المبنية لذلك؛ فلذلك كان الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله فيه.
ولو قيل: لعبادة الله فيه؛ كان أحسن؛ فإن الطاعة موافقة الأمر, وهذا يكون بما هو في الأصل عبادة؛ كالصلاة, وبما هو في الأصل غير عبادة, وإنما يصير عبادة بالنية؛ كالمباحات كلها؛ بخلاف العبادة؛ فإنها التذلل للإِله سبحانه وتعالى.
وأيضاً؛ فإن ما لم يؤمر به من العبادات, بل رغب فيه: هو عبادة, وإن لم يكن طاعة؛ لعدم الأمر.
ويسمى أيضاً الجوار والمجاورة.
778 - قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصغي إليَّ رأسه وهو مجاور في المسجد, فأرجله وأنا حائض». رواه البخاري.
لأنه قد جاور الله سبحانه بلزوم بيته ومكاناً واحداً لعبادته:
779 - كما في الحديث: يقول الله تعالى: أنا جليس مَن ذكرني».
ويسمى المقام بمكة مجاورة؛ لأنه مجاور بيت الله؛ كما يجاور الرجل بيت الرجل.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|