عرض مشاركة واحدة
  #46  
قديم 11-02-2023, 10:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان



شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 696الى صــ 705
(46)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(16)





* فصل:
ولا يصح الاعتكاف إلا من مسلم عاقل؛ لأن الكافر والمجنون ليسا من أهل العبادة.
فأما الصبي. . . .
* فصل:

قال أصحابنا: ليس للرقيق قِنّاً كان أو مدبراً أو أم ولد الاعتكاف بغير إذن السيد, ولا للزو
جة الاعتكاف بدون إذن الزوج؛ لأن منافع العبد والزوجة مستحقة للسيد والزوج, وفي الاعتكاف تعطيل منافعهم عليه, فإن أذن له في الاعتكاف؛ اعتكف ما شاء, ولم يخرج إلى الجمعة؛ لأنها غير واجبة على أحد منهم.

فإن أراد السيد أو الزوج منع من أذن له بعد الدخول فيه؛ فله ذلك؛ لأنه تطوع, والخروج منه جائز. هكذا قال أصحابنا.
ويتخرج على قولنا: إن التطوع يلزم بالشروع: أنه ليس أن يخرجهما منه. . . .
فإذا كان نذراً, وقد دخل فيه بإذنه؛ لم يكن له أن يخرجه منه؛ كما لو أذن له في الإِحرام والصيام والواجب, سواء كان معيناً أو مطلقاً. . . .
وإن دخل في النذر بغير إذنه, و [هو قد] كان نذره بإذنه, [وهو معين؛ لم يملك منعه,
وإن كان نذره بإذنه] , وهو غير معين؛ ففيه وجهان.
وإن لم يأذن في النذر؛ فقيل: له منعه منه وقطعه عليه؛ لأنه لا يملك تفويت حقه. وقيل:. . .
وأما المكاتب؛ فله أن يعتكف بدون إذن سيده؛ لأنه لا يستحق منافعه؛ كما له أن يحج في ال
منصوص عنه إذا لم يحل نجم في غيبته؛ لأنه بمنزلة المدين.
والمعتق بعضه ليس له أن يعتكف إلا أن يكون بينه وبين السيد [مهاياة] , فيعتكف في أيامه خاصة.
مسألة:
ويصح من المرأة في كل مسجد, ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة, واعت
كافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل.
في هذا الكلام فصول:
الأول: أن الاعتكاف لا يصح إلا في مسجد, ويصح في كل مسجد في الجملة, سواء ف
ي ذلك مساجد الأنبياء, وهي المساجد الثلاثة أو غيرها؛ لأن الله تعالى قال: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: آية 187].
فلم ينه عن المباشرة إلا من عكف في المسجد, وتخصيصه بالذكر يقتضي أن ما عداه بخلافه, وتبقى مباشرة العاكف في غير المسجد على الإِباحة.

وإذا لم يكن العاكف في غير المسجد منهيّاً عن المباشرة؛ علم أنه ليس باعتكاف شرعي؛ لأنا لا نعني بالاعتكاف الشرعي إلا ما تحرم معه المباشرة؛ كما أنا لا نعني بالصوم الشرعي إلا ما حرم فيه الكل والشرب, ولأن كل معتك
ف تحرم عليه المباشرة؛ فلو كان المقيم في غير المسجد معتكفاً؛ لحرمت عليه المباشرة كغيره.
فإن قيل: فقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}: دليل على أنه قد يكون عاكفاً في غير المسجد؛ لأن التقييد بالصفة [بما لولا هو] لدخل في المطلق.
قلنا: لا ريب أن كل مقيم في مكان ملازم له فهو عاكف كما تقدم, لكن الكلام في النوع الذي شرعه الله ت
عالى؛ كما أن كل ممسك يسمى صائماً, وكل قاصد يسمى متيمماً, ثم لما أمر الله تعالى بتيمم الصعيد وأمر بالإِمساك عن المفطرات؛ صار ذلك هو النوع المشروع.
على أن الصفة قد تكون للتبيين والإِيضاح؛ كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [المؤمنون: آية 117] , وقوله: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: آية 61] , ونحو ذلك.

فإن قيل: فلو لزم الإِنسان بقعة, يعبد الله تعالى فيها خالياً من الناس أو غير خال, مثل كهف أو غار أو بيت أو شعب؛ فهل يشرع ذلك ويستحب؟. . . .
قيل: أما إذا قصد مكاناً خالياً. . . .
وإنما جاز في كل مسجد؛ لأن الله سبحانه عمَّ المساجد بالذكر, ولم يخص مسجداً دون مسجد, وهو اسم جمع, معرف باللام, والمباشرة نكرة في سياق النفي, فيكون معنى الكلام: لا تفعلوا شيئاً من المباشرة وأنتم عاكفون في
مسجد من المساجد.
وله أن يلزم بقعة بعينه لاعتكافه, وإن كره ذلك لغيره؛ لأن الاعتكاف عبادة واحدة؛ فلزوم المكان لأجلها كلزومه لصلاة واحدة وإقراء قرآن في وقت ونحو ذلك, وقيامه منه لحاجة لا تسقط حقه منه؛ لأن مَن قام
من مجلس [ثم] عاد إليه؛ فهو أحق به.
وأصل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في موضع بعينه من المسجد.
792 - قال نافع: «قد [أراني] ابن العمر الموضع الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد». رواه مسلم.
الفصل الثاني: أن المسجد هو المكان المبني للصلوات الخمس, وبيت قناديله وسطحه منه, وحوائطه, والمنارة المبنية في حيطانه أو داخله.
فلو اعتكف فيها أو صعد عليها؛ جاز عند أصحابن
ا.
قال أصحابنا: ويستحب الأذان لكل أحد, ونحن للمعتكف أشد استحباباً, وإن كانت متصلة بحائط المسجد, وهي خارجة عن سمت حائط المسجد؛ فهي منه كالمحرا
ب.
قال القاضي: كلها منه منفصلة أو متصلة. . . .
وإن كانت المنارة خارج المسجد وخارج رحبته, فخرج المعتكف للتأذين فيها؛ ففيه وجهان:
أحدهما: لا يبطل؛ لأنها مبنية للمسجد, فأشبهت المتصلة به.
والثاني: يبطل.

قال ابن عقيل: وهو الشبه؛ لأنها ليست من المسجد.
وأما الرحبة: ففيها روايتان:
إحداهما: هي من المسجد.
قال في رواية المروذي: يخرج المعتكف إلى الرحبة, هي من المسجد.
والثانية: ليست منه.

قال في رواية ابن الحكم: إذا سمع أذان العصر في رحبة المسجد الجامع؛ انصرف ولم يصل, ليس هو بمنزلة المسجد, حدّ المسجد هو الذي جعل عليه حائط وباب.
793 - وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المعتكف
ات إذا حضن أن يقمن في رحاب المسجد.
قال القاضي: إن كانت محوطة عن الطريق, وعليها أبواب؛ فهي تابعة للمسجد.
وإن كانت [مشروعة] عن الطريق وغير محازة؛ مثل: رحاب جامع المنصور, ورحاب جامع دمشق؛ فحكمها حكم الطريق, لا يجوز الخروج إليها لغير حاجة.

فإن قلنا: الرحبة من المسجد؛ فكذلك المنارة التي فيها.
وإن قلنا: ليست هي منه؛ ففي الخروج إلى المنارة التي فيها وجهان.
الفصل الثالث: أمنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تقام فيه الصلوات الخمس جماعة, سواء كانت الجماعة تتم بدون المعتكف أو لا تتم إلا به, حتى لو اعتكف رجلان في مسجد, فأقاما به الجماعة؛ جاز.
فإن رجا أن يجمع فيه, وغلب على ظنه ذلك, مثل إن نوى أن يؤذن فيه, فيجيء من يصلي معه؛ صار مسجد جماعة.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.62 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]