
13-02-2023, 12:31 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,405
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (400)
صــ 318 إلى صــ 332
[ ص: 318 ] القول في تأويل قوله ( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير ( 29 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : " قل " يا محمد ، للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين " إن تخفوا ما في صدوركم " من موالاة الكفار فتسروه ، أو تبدوا ذلكم من نفوسكم بألسنتكم وأفعالكم فتظهروه " يعلمه الله " فلا يخفى عليه . يقول : فلا تضمروا لهم مودة ولا تظهروا لهم موالاة ، فينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به ، لأنه يعلم سركم وعلانيتكم ، فلا يخفى عليه شيء منه ، وهو محصيه عليكم حتى يجازيكم عليه بالإحسان إحسانا ، وبالسيئة مثلها ، كما : -
6839 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : أخبرهم أنه يعلم ما أسروا من ذلك وما أعلنوا ، فقال : " إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه " .
وأما قوله : " ويعلم ما في السموات وما في الأرض " فإنه يعني أنه إذا كان لا يخفى عليه شيء هو في سماء أو أرض أو حيث كان ، فكيف يخفى عليه - أيها القوم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين - ما في صدوركم من الميل إليهم بالمودة والمحبة ، أو ما تبدونه لهم بالمعونة فعلا وقولا .
وأما قوله : " والله على كل شيء قدير " فإنه يعني : والله قدير على معاجلتكم بالعقوبة على موالاتكم إياهم ومظاهرتكموهم على المؤمنين ، وعلى ما يشاء من الأمور كلها ، لا يتعذر عليه شيء أراده ، ولا يمتنع عليه شيء طلبه .
[ ص: 319 ]
القول في تأويل قوله - عز وجل - ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : ويحذركم الله نفسه في يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا موفرا ، " وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " يعني غاية بعيدة ، فإن مصيركم أيها القوم يومئذ إليه ، فاحذروه على أنفسكم من ذنوبكم .
وكان قتادة يقول في معنى قوله : " محضرا " ما : -
6840 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا " يقول : موفرا .
قال أبو جعفر : وقد زعم [ بعض ] أهل العربية أن معنى ذلك : واذكر يوم تجد . وقال : إن ذلك إنما جاء كذلك ، لأن القرآن إنما نزل للأمر والذكر ، كأنه قيل لهم : اذكروا كذا وكذا ، لأنه في القرآن في غير موضع : " واتقوا يوم كذا ، وحين كذا " .
وأما " ما " التي مع " عملت " فبمعنى " الذي " ولا يجوز أن تكون جزاء ، لوقوع " تجد " عليه . وأما قوله : " وما عملت من سوء " فإنه معطوف على قوله : " ما " الأولى ، و " عملت " صلة بمعنى الرفع ، لما قيل : " تود " . [ ص: 320 ] فتأويل الكلام : يوم تجد كل نفس الذي عملت من خير محضرا ، والذي عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا
" والأمد " الغاية التي ينتهى إليها ، ومنه قول الطرماح :
كل حي مستكمل عدة ال عمر ، ومود إذا انقضى أمده
يعني : غاية أجله . وقد : -
6841 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " مكانا بعيدا .
6842 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " أمدا بعيدا " قال : أجلا .
6843 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا [ ص: 321 ] عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " قال : يسر أحدهم أن لا يلقى عمله ذاك أبدا يكون ذلك مناه ، وأما في الدنيا فقد كانت خطيئة يستلذها .
القول في تأويل قوله ( ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ( 30 ) )
قال أبو جعفر : يقول - جل ثناؤه - : ويحذركم الله نفسه : أن تسخطوها عليكم بركوبكم ما يسخطه عليكم ، فتوافونه يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ، وهو عليكم ساخط ، فينالكم من أليم عقابه ما لا قبل لكم به . ثم أخبر - عز وجل - أنه رءوف بعباده رحيم بهم ، وأن من رأفته بهم : تحذيره إياهم نفسه ، وتخويفهم عقوبته ، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معاصيه ، كما : -
6844 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن عمرو ، عن الحسن في قوله : " ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد " ، قال : من رأفته بهم أن حذرهم نفسه .
[ ص: 322 ] القول في تأويل قوله ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ( 31 ) )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في السبب الذي أنزلت هذه الآية فيه . فقال بعضهم : أنزلت في قوم قالوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنا نحب ربنا " فأمر الله جل وعز نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم : " إن كنتم صادقين فيما تقولون ، فاتبعوني ، فإن ذلك علامة صدقكم فيما قلتم من ذلك .
ذكر من قال ذلك :
6845 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، عن بكر بن الأسود قال : سمعت الحسن يقول : قال قوم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا محمد ، إنا نحب ربنا ! فأنزل الله - عز وجل - : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " فجعل اتباع نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - علما لحبه ، وعذاب من خالفه .
6846 - حدثني المثنى قال : حدثنا علي بن الهيثم قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن أبي عبيدة قال : سمعت الحسن يقول : قال أقوام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا محمد ، إنا لنحب ربنا ! فأنزل الله جل وعز بذلك قرآنا : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " فجعل الله اتباع نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - علما لحبه ، وعذاب من خالفه . [ ص: 323 ]
6847 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ، قال : كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله ، يقولون : إنا نحب ربنا ! فأمرهم الله أن يتبعوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، وجعل اتباع محمد علما لحبه .
6848 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله : " إن كنتم تحبون الله الآية ، قال : إن أقواما كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزعمون أنهم يحبون الله ، فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل ، فقال : " إن كنتم تحبون الله " الآية ، كان اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - تصديقا لقولهم .
وقال آخرون : بل هذا أمر من الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لوفد نجران الذين قدموا عليه من النصارى : إن كان الذي تقولونه في عيسى من عظيم القول ، إنما يقولونه تعظيما لله وحبا له ، فاتبعوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر من قال ذلك :
6849 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : " قل إن كنتم تحبون الله " أي : إن كان هذا من قولكم - يعني : في عيسى - حبا لله وتعظيما له ، فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " أي : ما مضى من كفركم " والله غفور رحيم " . [ ص: 324 ]
قال أبو جعفر : وأولى القولين بتأويل الآية ، قول محمد بن جعفر بن الزبير . لأنه لم يجر لغير وفد نجران في هذه السورة ولا قبل هذه الآية ، ذكر قوم ادعوا أنهم يحبون الله ، ولا أنهم يعظمونه ، فيكون قوله . " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني " جوابا لقولهم ، على ما قاله الحسن .
وأما ما روى الحسن في ذلك مما قد ذكرناه ، فلا خبر به عندنا يصح ، فيجوز أن يقال إن ذلك كذلك ، وإن لم يكن في السورة دلالة على أنه كما قال . إلا أن يكون الحسن أراد بالقوم الذين ذكر أنهم قالوا ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفد نجران من النصارى ، فيكون ذلك من قوله نظير اختيارنا فيه .
فإذ لم يكن بذلك خبر على ما قلنا ، ولا في الآية دليل على ما وصفنا ، فأولى الأمور بنا أن نلحق تأويله بالذي عليه الدلالة من آي السورة ، وذلك هو ما وصفنا . لأن ما قبل هذه الآية من مبتدأ هذه السورة وما بعدها ، خبر عنهم ، واحتجاج من الله لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ودليل على بطول قولهم في المسيح . فالواجب أن تكون هي أيضا مصروفة المعنى إلى نحو ما قبلها ومعنى ما بعدها .
قال أبو جعفر : فإذا كان الأمر على ما وصفنا ، فتأويل الآية : قل ، يا محمد ، للوفد من نصارى نجران : إن كنتم كما تزعمون أنكم تحبون الله ، وأنكم تعظمون المسيح وتقولون فيه ما تقولون ، حبا منكم ربكم فحققوا قولكم الذي تقولونه ، إن كنتم صادقين ، باتباعكم إياي ، فإنكم تعلمون أني لله رسول إليكم ، كما كان عيسى رسولا إلى من أرسل إليه ، فإنه إن اتبعتموني وصدقتموني على [ ص: 325 ] ما أتيتكم به من عند الله يغفر لكم ذنوبكم ، فيصفح لكم عن العقوبة عليها ، ويعفو لكم عما مضى منها ، فإنه غفور لذنوب عباده المؤمنين ، رحيم بهم وبغيرهم من خلقه .
القول في تأويل قوله ( قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ( 32 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : قل ، يا محمد ، لهؤلاء الوفد من نصارى نجران : أطيعوا الله والرسول محمدا ، فإنكم قد علمتم يقينا أنه رسولي إلى خلقي ، ابتعثته بالحق ، تجدونه مكتوبا عندكم في الإنجيل ، فإن تولوا فاستدبروا عما دعوتهم إليه من ذلك ، وأعرضوا عنه ، فأعلمهم أن الله لا يحب من كفر بجحد ما عرف من الحق ، وأنكره بعد علمه ، وأنهم منهم ، بجحودهم نبوتك ، وإنكارهم الحق الذي أنت عليه ، بعد علمهم بصحة أمرك ، وحقيقة نبوتك ، كما : -
6850 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : " قل أطيعوا الله والرسول " فأنتم تعرفونه - يعني الوفد من نصارى نجران - وتجدونه في كتابكم " فإن تولوا " على كفرهم " فإن الله لا يحب الكافرين " .
[ ص: 326 ] القول في تأويل قوله ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ( 33 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : إن الله اجتبى آدم ونوحا واختارهما لدينهما وآل إبراهيم وآل عمران لدينهم الذي كانوا عليه ؛ لأنهم كانوا أهل الإسلام . فأخبر الله - عز وجل - أنه اختار دين من ذكرنا على سائر الأديان التي خالفته .
وإنما عنى ب آل إبراهيم وآل عمران المؤمنين .
وقد دللنا على أن آل الرجل أتباعه وقومه ، ومن هو على دينه .
وبالذي قلنا في ذلك روي القول عن ابن عباس أنه كان يقوله .
6851 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد ، يقول الله - عز وجل - : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ) [ سورة آل عمران : 68 ] ، وهم المؤمنون .
6852 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " رجلان نبيان اصطفاهما الله على العالمين .
6853 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " قال : ذكر الله أهل بيتين صالحين ، ورجلين صالحين ، ففضلهم [ ص: 327 ] على العالمين ، فكان محمد من آل إبراهيم .
6854 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدثنا عباد ، عن الحسن في قوله : " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم " إلى قوله : " والله سميع عليم " قال : فضلهم الله على العالمين بالنبوة ، على الناس كلهم ، كانوا هم الأنبياء الأتقياء المصطفين لربهم .
القول في تأويل قوله ( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ( 34 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك : إن الله اصطفى آل إبراهيم وآل عمران " ذرية بعضها من بعض " .
ف " الذرية " منصوبة على القطع من " آل إبراهيم وآل عمران " لأن " الذرية " نكرة ، " وآل عمران " معرفة .
ولو قيل نصبت على تكرير " الاصطفاء " لكان صوابا ؛ لأن المعنى : اصطفى ذرية بعضها من بعض .
وإنما جعل بعضهم من بعض " في الموالاة في الدين ، والمؤازرة على الإسلام والحق . كما قال - جل ثناؤه - : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) [ سورة التوبة : 71 ] وقال في موضع آخر : ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ) [ سورة التوبة : 67 ] يعني : أن دينهم واحد وطريقتهم واحدة ، فكذلك قوله : [ ص: 328 ] " ذرية بعضها من بعض " إنما معناه : ذرية دين بعضها دين بعض ، وكلمتهم واحدة ، وملتهم واحدة في توحيد الله وطاعته كما : -
6855 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ذرية بعضها من بعض " يقول : في النية والعمل والإخلاص والتوحيد له .
وقوله : " والله سميع عليم " يعني بذلك : والله ذو سمع لقول امرأة عمران ، وذو علم بما تضمره في نفسها ، إذ نذرت له ما في بطنها محررا .
القول في تأويل قوله ( إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ( 35 ) )
يعني بقوله - جل ثناؤه - : " إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني " ف " إذ " من صلة " سميع " .
وأما " امرأة عمران " فهي أم مريم ابنة عمران أم عيسى ابن مريم صلوات الله عليه . وكان اسمها فيما ذكر لنا حنة ابنة فاقوذ بن قبيل ، كذلك : -
6856 - حدثنا به محمد بن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق في نسبه وقال غير ابن حميد : ابنة فاقود - بالدال - ابن قبيل .
فأما زوجها " عمران " فإنه : عمران بن ياشهم بن أمون بن منشا بن حزقيا بن [ ص: 329 ] أحزيق بن يوثم بن عزاريا بن أمصيا بن ياوش بن أحزيهو بن يارم بن يهفاشاط بن أسابر بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود بن إيشا كذلك : -
6857 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق في نسبه .
وأما قوله : " رب إني نذرت لك ما في بطني محررا " فإن معناه : إني جعلت لك يا رب نذرا أن لك الذي في بطني محررا لعبادتك . يعني بذلك : حبسته على خدمتك وخدمة قدسك في الكنيسة ، عتيقة من خدمة كل شيء سواك ، مفرغة لك خاصة .
ونصب " محررا " على الحال مما في الصفة من ذكر " الذي " .
" فتقبل مني " أي : فتقبل مني ما نذرت لك يا رب " إنك أنت السميع [ ص: 330 ] العليم " يعني : إنك أنت يا رب " السميع " لما أقول وأدعو " العليم " لما أنوي في نفسي وأريد ، لا يخفى عليك سر أمري وعلانيته .
وكان سبب نذر حنة ابنة فاقوذ امرأة عمران الذي ذكره الله في هذه الآية فيما بلغنا ، ما : -
6858 - حدثنا به ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثني محمد بن إسحاق قال : تزوج زكريا وعمران أختين ، فكانت أم يحيى عند زكريا ، وكانت أم مريم عند عمران ، فهلك عمران وأم مريم حامل بمريم ، فهي جنين في بطنها . قال : وكانت - فيما يزعمون - قد أمسك عنها الولد حتى أسنت ، وكانوا أهل بيت من الله - جل ثناؤه - بمكان . فبينا هي في ظل شجرة نظرت إلى طائر يطعم فرخا له ، فتحركت نفسها للولد ، فدعت الله أن يهب لها ولدا ، فحملت بمريم ، وهلك عمران . فلما عرفت أن في بطنها جنينا ، جعلته لله نذيرة و " النذيرة " أن تعبده لله ، فتجعله حبيسا في الكنيسة ، لا ينتفع به بشيء من أمور الدنيا .
6859 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير قال ثم ذكر امرأة عمران وقولها : " رب إني نذرت لك ما في بطني محررا أي نذرته . تقول : جعلته عتيقا لعبادة الله ، لا ينتفع به بشيء من أمور الدنيا " فتقبل مني إنك أنت السميع العليم " .
6860 - حدثني عبد الرحمن بن الأسود قال : حدثنا محمد بن ربيعة [ ص: 331 ] قال : حدثنا النضر بن عربي ، عن مجاهد في قوله : " محررا " قال : خادما للبيعة .
6861 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا جابر بن نوح ، عن النضر بن عربي ، عن مجاهد قال : خادما للكنيسة .
6862 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا جابر بن نوح قال : أخبرنا إسماعيل ، عن الشعبي في قوله : " إني نذرت لك ما في بطني محررا " قال : فرغته للعبادة .
6863 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي في قوله : " إني نذرت لك ما في بطني محررا " قال : جعلته في الكنيسة ، وفرغته للعبادة .
6864 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن إسماعيل ، عن الشعبي نحوه .
6865 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " إني نذرت لك ما في بطني محررا " قال : للكنيسة يخدمها .
6866 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
6867 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد : " إني نذرت لك ما في بطني محررا " قال : خالصا ، لا يخالطه شيء من أمر الدنيا .
6868 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، [ ص: 332 ] عن سعيد بن جبير : " إني نذرت لك ما في بطني محررا " قال : للبيعة والكنيسة .
6869 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد : " إني نذرت لك ما في بطني محررا " قال : محررا للعبادة .
6870 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا " الآية ، كانت امرأة عمران حررت لله ما في بطنها ، وكانوا إنما يحررون الذكور ، وكان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة لا يبرحها ، يقوم عليها ويكنسها .
6871 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " إني نذرت لك ما في بطني محررا ، قال : نذرت ولدها للكنيسة .
6872 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم " قال : وذلك أن امرأة عمران حملت ، فظنت أن ما في بطنها غلام ، فوهبته لله محررا لا يعمل في الدنيا .
6873 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : كانت امرأة عمران حررت لله ما في بطنها . قال : وكانوا إنما يحررون الذكور ، فكان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة لا يبرحها ، يقوم عليها ويكنسها .
6874 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك في قوله : " إني نذرت لك ما في بطني محررا " قال : جعلت ولدها لله ، وللذين يدرسون الكتاب ويتعلمونه .
6875 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن القاسم بن أبي بزة : أنه أخبره عن عكرمة وأبي بكر ، عن عكرمة : أن امرأة عمران كانت عجوزا عاقرا تسمى حنة ، وكانت لا تلد ، فجعلت تغبط النساء لأولادهن .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|