عرض مشاركة واحدة
  #52  
قديم 17-02-2023, 10:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,312
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان





شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 756الى صــ 765
(52)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(22)



848 - ويدل على ذلك ما روى أبو سعيد؛ قال: اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان, فخرجنا صبيحة عشرين. قال: فخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين, فقال: «إني رأيت ليلة القدر, وإني أنسيتها, فالتمسوها في العشر الأواخر في وتر؛ فإني رأيت إني أسجد في ماء وطين, ومن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فليرجع».
فرجع الناس إلى المسجد, وما نرى في السماء قزعة. قال: فجاءت سحابة, فمطرت, وأقيمت الصلاة, فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطين والماء, حتى رأيت الطين في أرنبته وجبهته. رواه البخاري.
وفي لفظ له: «من كان اعتكف معي؛ فليعتكف العشر الأواخر؛ فقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها».
وقد بين صلى الله عليه وسلم أن من اعتكف العشر الأواخر؛ فإنه يعتكف ليلة إحدى وعشرين.
وعنه: فيمن يعتكف العشر: أنه يدخل بعد صلاة الصبح أو قبل طلوع الفجر على الروايتين في اليوم.

وقد ذكر ابن أبي موسى رواية فيمن أراد اعتكاف شهر: أنه يدخل قبل طلوع الفجر من أوله. وسيأتي إن شاء الله.
849 - فإن قيل: فقد روي عن عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف؛ صلى الفجر, ثم دخل معتكفه, وأنه أمر بخبائه, فضرب, ثم أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان». متفق عليه.

قلنا: قد أجيب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن يعتكف الأيام لا الليالي, ويشبه والله أعلم أن يكون دخوله معتكفه صبيحة العشرين قبل الليلة الحادية والعشرين؛ فإنه ليس في حديث عائشة أنه كان يدخل معتكفه صبيحة إحدى
وعشرين, وإنما ذكرت أنه كان يدخل المعتكف بعد صلاة الفجر, مع قولها: «إنه أمر بخبائه فضرب, ثم أراد الاعتكاف في العشر الأواخر». والعشر صفة لليالي لا للأيام؛ فمحال أن يريد الاعتكاف في الليالي العشر وقد مضت ليلة منها, وإنما كون ذلك إذا استقبلها بالاعتكاف, وقد ذكرت أنه اعتكف عشراً قضاء للعشر التي تركها, وإنما يقضي عشراً من كان يريد أن يعتكف عشراً.
وفي حديث أبي سعيد: «أنه لما كان صبيحة عشرين؛ أمر الناس بالرجوع إلى المسجد»؛ فقد علم من عادته أنه يدخل المعتكف نهاراً, يستقبل العشر الذي يعتكفه, ويؤيد ذلك أنه لم يكن يدخل معتكفه إلا بعد صلاة الفجر, وقد مضى من النهار جزء,
مع أنه لم يكن يخرج من منزله إلى المسجد حتى يصلي ركعتي الفجر في بيته, وهذا لا يكون مستوعباً للنهار أيضاً.
وذكر القاضي فقال: يحتمل أنه كان يفعل ذلك في اليوم العشرين استظهاراً ببياض يوم زيادة قبل دخول العشر الأواخر, وقد نقل عن هذا عنه.
850 - فروت عمرة عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجاور صبيحة عشرين من رمضان».
فثبت أن المر على ما تأولنا.


* فصل:
ومن نذر اعتكاف ليلة؛ لم يلزمه يومها.
وإن نذر اعتكاف يوم؛ لم تلزمه ليلته.
قال في رواية علي بن سعيد: وقيل له: مالك يقول: إذا نذر أن يعتكف ليلة؛ فعليه أن يعتكف يوماً وليلته. فقال أحمد: هذا خلاف ما أوجبه على نفسه.

وعليه أن يعتكف يوماً متصلاً أو ليلة متصلة, وليس له أن يفرق الاعتكاف في ساعات من أيام؛ لأن اليوم المطلق عبارة عن بياض نهار متصل, وكذلك الليلة المطلقة عبارة عن سواد ليلة متصلة.
فإن قال: عليَّ أن أعتكف يوماً من وقتي هذا, وكان في بعض نهار؛ لزمه الاعتكاف من ذلك الوقت إلى مثله, ويدخل فيه الليل؛ لأنه من نذره, وإنما لزمه بعض يومين لتعيينه.

فإن كان المنذور ليلة؛ دخل معتكفه قبل الغروب, أو خرج منه بعد طلوع الفجر الثاني.
وإن كان يوماً؛ لزمه - إذا قلنا: ليس من شرط الاعتكاف الصوم- أن يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر, ويخرج منه بعد غروب الشمس؛ لأن اليوم والليلة يتعاقبان, وآخر الليلة طلوع الفجر, فهو أول اليوم. هذا هو المشهور من المذهب
.
وروي عنه: يدخل معتكفه وقت صلاة الفجر, ويخرج منه بعد غروب الشمس؛ لحديث عائشة المتقدم, ولأن اليوم محقق إنما هو من طلوع الشمس, وقبل ذلك مشترك بين اليوم والليلة؛ فقد يتبع هذا تارة ويتبع هذا تارة.
وإن نذر اعتكاف شهر بعينه؛ دخل معتكفه قبل غروب الشمس من أول ليلة في الشهر, فإذا طلع هلال الشهر الثاني؛ خرج من معتكفه, فإن طلع الهلال نهاراً؛ لم يخرج من الاعتكاف في المشهور عنه, بناء على الاحتياط في الهلال المرئي نهاراً, وعلى أنه للمستقبلة بكل حال, وإن قلنا: هو للماضية؛ خرج. هذا هو المنصوص عنه المشهور عند أصحابه.

قال ابن أبي موسى: وقيل عنه فيمن أراد اعتكاف شهر: أن يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر من أوله, ويخرج منه بعد غروب الشمس من آخره.
ووجه هذا من حديث عائشة: [أنه بنى] على أن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم, وإنما يصح في الليل تبعاً للنهار, أو أول ليلة من الشهر, ليس بصيام,فلا يبتدئ الاعتكاف في وقت لا يصلح للصوم.
وإن قيل: إن الصوم فيه مستحب؛ فقد يقال: يحمل القصد والنذر على الوجه الأحسن الأكمل, وهو ما فيه صوم, وإن كان شهراً مطلقاً. . . .
وإن نذر اعتكاف عشرة أيام متتابعة إما مطلقة أو معينة:
فذكر أبو بكر وابن عقيل فيها روايتين:

إحداهما: وهي الصريحة: أنه لا يدخل فيه الليلة الأولى؛ كما نقله أبو طالب, وهي اختيار أبي بكر وابن عقيل والقاضي أخيراً. وفرق أحمد وأبو بكر بين الأيام والشهر, سواء كانت الأيام معينة أو مطلقة.

والرواية الثانية: يدخل أول ليلة على وجه التبع؛ لأن الأيام تذكر ويدخل فيها الليالي, وليست صريحة.
وذكر القاضي عن أصحابنا طريقين:
أحدهما: لا تدخل الليلة الأولى لا في المطلقة ولا في المعينة. على رواية أبي طالب والأثرم, وهذا اختياره في «خلافه».
والثانية: (تدخل). وهي قوله في «المجرد»
.
وقال القاضي في «المجرد» وابن عقيل: إن عيَّن أياماً من الشهر, مثل أن يقول: أعتكف العشر الأواخر من رم
ضان, أو [عيَّن] نذراً نذره أو تطوع به؛ فهذا يلزمه أن يدخل ليلة الحادي والعشرين؛ لأن الليلة تابعة ليومها, فلزمه أن يأتي بالتابع كالليالي التي تتخلل الأيام؛ فههنا هو عبارة عن أول اليوم.
قال: وعلى هذا يحمل كلامه في رواية أبي طالب والأثرم.

وإن قال: عليَّ أن أعتكف هذه العشر أو العشر الأواخر من رمضان؛ فعلى ما ذكره القاضي: هو مثل أن يقال: هذه الأيام. حتى قال في «خلافه»: لو نذر اعتكاف عشر بعينه, كالعشر الأواخر من رمضان؛ لم يدخل ليلة العشر فيه. وغيره: تدخل الليلة هنا, وإن لم يدخل في لفظ الأيام.

وإذا نذر اعتكاف العشر؛ لم يكن له أن يخرج إلى هلال شوال. ذكره القاضي. وإن كان العشر عبارة عن الليالي؛ لأن بياض نهار كل يوم يدخل في ليلته, ويجزيه, سواء كان الشهر تامّاً أو ناقصاً؛ لأنه إذا أطلق العشر؛ فإنما يفهم منه ما بين العشر الأوسط وهلال شوال.
ولو نذر اعتكاف عشر مطلق أو عشرة أيام؛ لم يجزه إلا عشرة تامة, فإذا اعتكف العشر الآخر من رمضان, وكان ناقصاً؛
لزمه أن يعتكف يوم العيد.
وإذا نذر عشراً مطلقاً, أو عشر ليال؛ فهل يلزمه بياض اليوم الذي يلي آخر ليلة؟. . . .


* فصل:
وإذا نذر اعتكاف شهر مطلق؛ أجزأه ما بين الهلالين إن كان ناقصاً.
وإن كان شرع في أثناء شهر؛ لزمه استيفاء ثلاثين يوماً, فإن شرع في أثناء يوم. . . .
وإن قال: ثلاثين يوماً؛ لم يجزه إلا ثلاثين, فإذا كان ناقصاً؛ فعليه يوم آخر.

وإذا نذر اعتكاف شهر؛ لزمه أن يعتكف شهراً متتابعاً, سواء قلنا فيمن نذر صوم شهر يلزمه التتابع أم لا. قاله القاضي وأصحابه. لأن الاعتكاف يصح بالليل والنهار, فاقتضى التتابع؛ كمدة الإِيلاء والعِنَّة.
وإذا حلف لا يكلمه شهر وعليه الصوم. . . .
ومن أصحابنا من خرج في هذه المسألة وجهين؛ قياساً على مَن نذر أن يصوم شهراً: هل يلزمه التتابع أو يجوز له التفريق؟ على روايتين.
لأنها عبادة يجوز فعلها متتابعة ومفرقة, فأشبهت الصوم, والأول أجود؛ لأنه لو نذر اعتكاف عشر؛ لزمه متتابعاً, وإن جاز
تفريقه؛ فكذلك الشهر.
وإذا نذر اعتكاف ثلاثين يوماً؛ فقال القاضي: يلزمه التتابع كما يلزمه في الشهر؛ كما لو حلف لا يكلمه عشرة أيام.
فعلى هذا إن نذر اعتكاف ليلتين:

فقال: يحتمل أن يلزمه ليلتان ويوم.
وقال أبو الخطاب: يجوز أن يفرقهما, وإن أوجبنا التتابع في لفظ الشهر؛ لأن أحمد فرق ب
ين اللفظين في نذر الصيام:
فقال في رواية ابن الحكم في رجل قال: لله عليَّ أن أصوم عشرة أيام: يصومها متتابعاً. وإذا قال: شهراً؛ فهو متتابع, وإذا قال: ثلاثين يوماً؛ فله أن يفرق.
فعلى هذا: إن نذر اعتكاف عشرة أيام؛ تلزمه متتابعة كما يلزمه الصوم.
وقال ابن عقيل عن أحمد: الفرق بين الأيام والشهر, فأوجب التتابع في الشهر دون الأيام.
وزعم القاضي أنه لا فرق بين ثلاثين يوماً وعشرة أيام. قال: ولعله سهو من الراوي.

وليس كما قال؛ لأن عدول الحالف عن لفظ (شهر) إلى لفظ (ثلاثين يوماً) , مع أنه أصل, وهو خلاف المعتاد: دليل على أنه أراد معنى يختص به؛ بخلاف لفظ عشرة أيام؛ فإنه ليس لها إلا لفظ واحد, والمطلق في القرآن من الصوم محمول على التتابع؛ فكذلك في كلام الآدميين.

وإذا وجب التتابع؛ لزمه اعتكاف الليالي التي تتخلل الأيام, فأما ليلة أول يوم؛ فلا تلزمه؛ مثل أن يقول: لله عليَّ اعتكاف يومين. فتجب الليلة التي بينهما دون التي قبلهما, هذا هو المشهور. وعلى الرواية المذكورة.
قيل: تجب الليلة التي قبل.

قال ابن عقيل: ويتخرج وجوب يومين بلا ليلة أصلاً؛ كما لو أفرد؛ لأن ليلة اليوم الأول لما لم يلزم أن تدخل في اعتكافه؛ كذلك ليلة اليوم الثاني.
وأما إذا لم يجب التتابع؛ فإنما تجب عشرة أيام بلا ليال. ذكره ابن عقيل وغيره. كما لو قال: عليَّ أن أعتكف يوماً؛ فإن اليو
م اسم لبياض النهار خاصة, وهذا كله عند الإِطلاق.
فإن نوى شيئاً أو شرطه بلفظه؛ عمل بمقتضاه قولاً واحداً. . . .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.01 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]