عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28-02-2023, 05:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة : Egypt
افتراضي رد: امرؤ القيس بن حجر ومعلقته

امرؤ القيس بن حجر ومعلقته (2-2)




معلقة امرئ القيس قصيدة لامية على بحر الطويل، وقد اختلف الرواة في عدد أبياتها فهي برواية الأصمعي سبعة وسبعون بيتًا، وفي شرح المعلقات للزوزني واحد وثمانون بيتًا.
وهي أشهر المعلقات الجاهلية، وأكملها دربة فنية، وأقصاها بعدًا نفسيًا، وقد سار على نهجها معظم قصائد العصر الجاهلي، وردحًا بعيدًا من الشعر في الإسلام.
ويرى د. "عبدالحميد محمد بدران" في دراسة له بعنوان "معلقة امرئ القيس وأثرها في الشعر العربي" أن هذه المعلقة "مثلت منهجًا متميزًا من مناهج المعالجة الشعرية في الأدب العربي"، حيث أنه على الرغم من تأرجح الشاعر الجاهلي في تلك القصيدة بين الذكرى الوجدانية والشهوة المجونية؛ إلا أنها بما أحدثته من رصيد فني عميق التأثير ظلت حاضرة في وجدان الشاعر العربي المسلم على مر العصور، حيث تناول كثير من الشعراء والنقاد القصيدة بالتضمين والترميز والتشطير والمطارحات الشعرية، حتى إن الشعر الحديث أو شعر التفعيلة وليد بدايات القرن العشرين قد أخذ حظه من التأثر بهذه القصيدة؛ على الرغم من الفارق الزمني البعيد واختلاف الأسلوب الشعري بين المدرستين!
إلى جانب أنها "تمثل اتجاهًا فريدًا في معالجة التجربة يقوم على المغامرة والقص، ويتكيء على التشويق والإثارة في إجادة الحكي وتتابع الأحداث" [صـ 3 - 4].
أما عن سبب إنشاء القصيدة فذهب بعضهم إلى أنّ الدافع الذي دفع امرأ القيس إلى نظم المعلّقة هو يوم "دارة جلجل" وهو غدير في منازل (كِنْدَة) بنجدٍ حيث التقى بعُنَيْزةَ ابنة عمه تتنزه مع العذارى فذبح لها ناقته وأنشد في ذلك معلقته. [ديوان امرئ القيس ت عبد الرحمن المصطاوي (ص: 14)].
والقصيدة بدأها امرؤ القيس بالوقوف على الأطلال وبكاء آثار ديار محبوبته وما جرى لها؛ وهو ما سبق به أقرانه من الشعراء وتفرد به، ثم جره ذلك إلى الحديث عن سبب ذلك وهو ترك الحبيبة لها، فتحدث عن موكب الارتحال، وأثر ذلك في نفسه، فعاد به ذلك إلى تذكر ما كان من مواقف مع الحبيبة وسبب تأثيرها عليه، وهو جمالها فقام بوصفها وصفًا حسيًا، فأثار ذلك كله الهموم التي أقضت مضجعه في الليل، فوصف ما يعانيه المهموم الحزين من الليل، وحتى إذا أصبح فلن يسرّى عنه الهم ما دام في جو الذكريات، وحينئذ ليس أمامه إلا أن يترك هذا المكان بأسرع ما يستطيع فيخرج مبكرًا في رحلة صيد ممتعة يعجبه فيها كل شيء، فيصف الحصان ومنظر البقر الوحشي، ومعركة الصيد، وكيف كانت نهايتها حلوة يتناول ما لذ وطاب من ألوان اللحوم، وفي إحدى روحاته أو غدواته تغير الجو وتلبدت السماء بالغيوم، ونزل المطر، فسالت الأودية والروابي، وعم الخير وعبق العطر، فانتشى الطير، وازينت الأرض فاكتست حللًا جميلة، متنوعة الأشكال والألوان، وبذلك نجد أن الروابط في المعلقة تكاد تكون خفية تحتاج إلى تأمل. [في تاريخ الأدب الجاهلي لعلي الجندي (صـ 329- 330)].
يقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي في وصف المعلقة:
«أما القصيدة فقد وقف فيها واستوقف، وبكى واستبكى، وذكر الديار والآثار، ثم استشعر العزاء وتجلد، ثم التاع وتنهد، ثم كأنه عفا وتجدد، وذكر يوم الغدير، ووصف عقر ناقته للعذارى، وتبذله لهن تبذل الجآذر، وارتماءهن بلحمها وشحمها، ثم ألم بأطراف العفاف من ابنة عمه، وتعهر في ذلك حتى كأن الكلام لا يمر بقلبه بل يخلقه لسانه خلقًا، إلا في أبيات قليلة، ووصف الجمال وصفًا ظاهرًا يبلغ شهوة النظر، ثم وصف طول الليل وخرج من الفخر إلى صفة الخيل، واستتبع ذلك بالصيد والقنص والطعام، ثم رفع عينيه إلى البرق والسحاب، وخفضها إلى الجبل فزمله من المطر في ثياب، ثم أغمضها وسكت كما يسكت على خير جواب" [تاريخ آداب العرب (3/ 128)].
ويمكن تقسيم المعلقة موضوعيًا إلى سبعة أقسام:
القسم الأول: وصف الأطلال: ويقع في ستة أبيات أولها:
قفا نبكِ من ذِكرى حبيبٍ ومنزلِ *** بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخولِ فحَوْملِ
القسم الثاني: الغزل الصريح، ووصف محاسن المرأة، وهو أطول الأقسام، وعدد أبياته سبعة وثلاثون بيتًا، أوله قوله:
وَبَيْضَةِ خِدرٍ لا يُرامُ خِباؤُهَا *** تَمَتَّعْتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ
القسم الثالث: وفيه يشكو الشاعر همه ويصف ليله الطويل الثقيل وهو أربعة أبيات يبدأ من قوله:
وَليلٍ كَمَوْجِ البَحرِ أرْخَى سُدولَهُ *** عَلَيَّ بأنواعِ الهمومِ ليَبْتَلي
القسم الرابع: وفيه يفخر الشاعر باحتماله كَلَّ الصديق، وبتجشمه مخاطر الطريق ومقابلته الذئب ومقارنته بنفسه وبالتفرد وهو أربعة أبيات أيضًا ويبدأ من قوله:
وَقِرْبَةِ أَقوامٍ جَعَلْتُ عِصامَها *** على كاهلٍ منِّي ذَلُولٍ مُرَحَّلِ
القسم الخامس: وفيه وصف دقيق للفرس، يذكر سرعته وحمرته ونشاطه، وضمور خصره، وعدوه ونزوه، وطول فخذيه، وذكاء قلبه، وقوة صلبه. وهذا القسم أحد عشر بيتًا أولها:
وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّير في وُكنَاتِهَا *** بِمُنْجَردٍ قَيدِ الأوابِدِ هَيْكلِ
القسم السادس: وهو الطردُ، إذْ يصف الشاعر البقر الوحشي وهو سبعة أبيات أولها:
فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كأنّ نِعاجَه *** عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
القسم السابع: وفيه يصف الطبيعة، يصف منها البرق وهو آخر الأقسام ويقع في اثني عشر بيتًا ويبدأ من قوله:
أصاحِ تَرَى برقًا أُريكَ ومَيضَهُ *** كَلَمْعِ اليَدَينِ في حَبيٍّ مكلَّلِ
وينتهي في معلقته عند قوله:
كأنّ السِّباعَ فِيهِ غَرْقَي عَشِيّةً *** بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أنابيشُ عُنْصُلِ
وبهذا البيت تنتهي المعلقة. ويقول الأستاذ "عبد الرحمن المصطاوي" تعليقًا على تلك الخاتمة المفاجئة: «فانظر كيف ختمها، إذ لم بجعل لها قاعدة كما فعل غيره، وذلك عندما ينهون قصائدهم والنفس بها متعلقة وفيها راغبة مشتهية... لقد كانت الواقعية التامّة، والعضوية في تناول الأغراض وعرضها، وعمق التجربة الشعورية التي يصوّرها الشاعر، وصبّها في جوّ نفسي واحد، ووضوح شخصية امرئ القيس، والسرد القصصي الذي يبهر السامع، وبث الحركة والحياة في أوصال النص من أهم سمات المعلّقة» [ديوان امرئ القيس ت المصطاوي (ص: 17)].
نص المعلقة بشرح الزوزني:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ *** بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 04-03-2023 الساعة 09:57 AM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.65 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]