عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 02-03-2023, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,846
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين

عبد العزيز الداخل





2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ)

محاسبته لنفسه
كان عمر رضي الله عنه شديد المحاسبة لنفسه، عظيم الورع، بصيراً بمداخل الشيطان، وأحوال النفس.
- قال مالك بن أنس، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: سمعت عمر بن الخطاب، يوما وخرجت معه حتى دخل حائطا فسمعته يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط: «عمر بن الخطاب أمير المؤمنين!! بخ! والله بُنيَّ الخطاب لتتقينَّ الله أو ليعذبنك». رواه مالك في الموطأ، وابن سعد في الطبقات، وأبو داوود في الزهد.

إلهامه وتحديثه
- قال إبراهيم بن سعد الزهري، عن أبيه سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: « قد كان يكون في الأمم قبلكم محدَّثون؛ فإن يكن في أمتي منهم أحد؛ فإنَّ عمر بن الخطاب منهم». رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وزاد: قال ابن وهب: (تفسير محدَّثون: ملهمون).
- وقال زكريا بن أبي زائدة، عن سعد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم « لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يُكَلَّمون من غير أن يكونوا أنبياء؛ فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر». رواه البخاري.
- وقال حيوة بن شريح الحضرمي: حدثنا بكر بن عمرو [المعافري] أن مشرح بن هاعان أخبره أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو كان من بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطاب)). رواه أحمد.

موافقته لبعض ما في القرآن قبل نزوله
كان عمر من أعلم الصحابة وأفقههم، وأعرفهم بمراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان ملهماً محدّثاً، وموفقاً مسدداً، ربما نزل الوحي بتأييده وتصديق قوله.
- قال حميد الطويل: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (وافقت ربي في ثلاث: فقلت يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن)، فنزلت هذه الآية). رواه أحمد والبخاري من طرق عن حميد.
- وقال جويرية بن أسماء: أخبرنا عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال عمر: « وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر ». رواه مسلم.
- وقال عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لما توفي عبد الله بن أبي، جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه؛ فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله تصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنما خيرني الله فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة}، وسأزيده على السبعين)).
قال: إنه منافق!
قال: فصلَّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا، ولا تقم على قبره}). رواه البخاري، ومسلم.
- وقال الليث بن سعد: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دُعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبتُ إليه، فقلت: يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا: كذا وكذا؟!!
قال: أعدد عليه قوله؛ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «أخّر عني يا عمر».
فلما أكثرت عليه قال: «إني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها».
قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} إلى قوله {وهم فاسقون}.
قال: (فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم). رواه البخاري.
- وقال عبد العزيز بن محمد الدراوردي: أخبرني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه )). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، وابن حبان في صحيحه.
- وقال أبو عامر العقدي: حدثنا خارجة بن عبد الله الأنصاري، عن نافع عن ابن عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عزّ وجلّ جعل الحق على قلب عمر ولسانه)).
وقال ابن عمر: (ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال عمر بن الخطاب إلا نزل القرآن على نحو مما قال عمر). رواه أحمد والترمذي وابن حبان.
- وقال محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف بن الحارث، قال: مررتُ بعمر ومعه نفر من أصحابه، فأدركني رجلٌ منهم؛ فقال: يا فتى! ادع الله لي بخير بارك الله فيك.
قال: قلت: ومن أنت رحمك الله؟
قال: أنا أبو ذر.
قال: قلت: يغفر الله لك! أنت أحق!!
قال: إني سمعت عمر يقول: (نعم الغلام)
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ الله وضع الحق على لسان عمر يقول به». رواه أحمد بهذا السياق، ورواه ابن أبي شيبة وأبو داوود وابن ماجة ويعقوب بن سفيان مختصراً.
- وقال هارون بن إسحاق الهمداني: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان بن الغاز، ومحمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف، عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل جعل الحق على لسان عمر يقول به)). رواه أبو القاسم البغوي.
- وقال ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن، عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: كانت تحتي امرأة أُحبّها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلقها؛ فأبيتُ فأتى النبي صلي الله عليه وسلم؛ فذكر ذلك له، فأرسل إليّ، فقال: "يا عبد الله، طلق امرأتَك"، فطلقتُها). رواه أحمد، وأبو داوود الطيالسي، وغيرهما.

شدّته في أمر الله وهيبة الناس له
كان لعمر رضي الله عنه من الشدة في أمر الله تعالى، والقوّة والمهابة ما عرف به واشتهر حتى كانت شياطين الإنس والجن تفرق منه، وكان الناس يهابونه هيبة شديدة.
- قال خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وإن لكل أمة أمينا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح». رواه أبو داوود الطيالسي، وأحمد، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي في السنن الكبرى.
- وقال يعقوب بن إبراهيم الزهري: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد، أن محمد بن سعد بن أبي وقاص، أخبره أن أباه سعد بن أبي وقاص، قال: استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، قال: «عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب».
قال عمر: فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن!
ثم قال: أي عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك». رواه البخاري، ومسلم.
- وقال زيد بن الحباب الكوفي: أخبرني خارجة بن عبد الله قال: أخبرنا يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت الصبيان، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها فقال: يا عائشة " تعالي فانظري، فجئت فوضعت ذقني على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه فقال لي: «أما شبعت؟» فجعلت أقول: « لا » لأنظر منزلتي عنده إذ طلع عمر فارفض الناس عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر».
قالت: «فرجعت». رواه الترمذي والنسائي.
- وقال علي بن الحسين بن واقد: حدثني أبي قال: حدثني عبد الله بن بريدة، قال: سمعت أبي بريدة، يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا». فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف». رواه الترمذي.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى من طريق علي بن الحسن بن شقيق عن الحسين بن واقد بنحوه.
ورواه أحمد وابن حبان من طريق أبي تميلة يحيى بن واضح عن حسين بن واقد به مختصراً من غير ذكر دخول عمر.
- وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: أخبرني عبيد بن حنين، أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما، يحدث أنه قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجا فخرجت معه، فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له، قال: فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه، فقلت: يا أمير المؤمنين! من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه؟
فقال: (تلك حفصة وعائشة).
قال: فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع هيبة لك.
قال: (فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به). رواه البخاري ومسلم.

فرار الشيطان منه
تقدّم في ذلك أحاديث سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وبريدة بن الحصيب رضي الله عنهم.
- قال زيد بن الحباب: حدثني حسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأحسب الشيطان يفر منك يا عمر)). رواه ابن حبان.

خشيته ووقوفه عند آيات الله
مما عرف عن عمر شدّة خشيته من الله تعالى، ووقوفه عند آياته، وسرعة استجابته لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم
- قال ابن شهاب الزهري: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر؛ فنزل على ابن أخيه الحرّ بن قيس بن حصن، وكان من النفر الذين يُدنيهم عمر، وكان القراء أصحابَ مجلس عمر ومشاورته، كهولاً كانوا أو شباناً، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي! هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟
قال: سأستأذن لك عليه.
قال ابن عباس: فاستأذنَ لعيينة؛ فلما دخل، قال: "يا ابن الخطاب! والله ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل"؛ فغضب عمر حتى همَّ بأن يقع به، فقال الحر: يا أمير المؤمنين! إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}، وإنَّ هذا من الجاهلين؛ «فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله». رواه البخاري في صحيحه.

علمه بالقضاء
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوّل قاضٍ للمسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد ولاه أبو بكر القضاء، وولّى أبا عبيدة بن الجراح الفيء، ولما تولى عمر الخلافة كان يقضي في المدينة، ويولّي القضاء في الأمصار؛ فكان القضاة يرفعون إليه ما يشكل عليهم؛ فيقضي فيه.
- قال هشام الدستوائي: أخبرنا عطاء بن السائب قال: لما استُخلف أبو بكر أصبح غادياً إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتّجر بها؛ فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح؛ فقالا له: أين تريد يا خليفة رسول الله؟
قال: السوق.
قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟
قال: فمن أين أطعم عيالي؟
قالا له: انطلق حتى نفرض لك شيئاً؛ فانطلق معهما ففرضوا له كل يومٍ شطر شاة وماكسوه في الرأس والبطن.
فقال عمر: (إليَّ القضاء).
وقال أبو عبيدة: (وإليَّ الفيء).
قال عمر: (فلقد كان يأتي عليَّ الشهر ما يختصم إليَّ فيه اثنان). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال عبد الله بن إدريس، عن مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار قال: (لما ولي أبو بكر ولى أبا عبيدة بيت المال وولى عمر القضاء فمكث سنة لا يختصم إليه أحد). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب العلل لأبيه.
- وقال محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، عن أشعث بن سوار، عن عامر الشعبي، قال: (إذا اختلف الناس في أمر فانظر كيف قضى فيه عمر، فإنه لم يكن يقضي في أمر لم يقض فيه قبله حتى يشاور). رواه ابن سعد.
- وقال أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين قال: سألت عَبيدة عن شيء من الجد، فقال: ما تريد إليه؟! لقد حفظت فيه مِئَة قضية عن عمر.
قلت: كلها عن عمر؟
قال: (كلها عن عمر). رواه ابن سعد.

فراسته
- قال ابن وهب: حدثني عمر، أن سالماً حدَّثه عن عبد الله بن عمر، قال: ما سمعت عمر، لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس إذ مرَّ به رجلٌ جميل، فقال: لقد أخطأ ظني أو إنَّ هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم، عليَّ الرجل؛ فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيتُ كاليوم استُقبل به رجلٌ مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني.
قال: كنت كاهنَهم في الجاهلية.
قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك؟!
قال: بينما أنا يوماً في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع؛ فقالت: ألم تر الجنَّ وإبلاسها؟! ويأسها من بعد إنكاسها؟! ولحوقها بالقلاص وأحلاسها؟!
قال عمر: صدق بينما أنا نائم عند آلهتهم إذ جاء رجلٌ بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخاً قطّ أشدّ صوتاً منه يقول: يا جليح! أمرٌ نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله، فوثب القوم.
قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول لا إله إلا الله؛ فقمت، فما نشبنا أن قيل: (هذا نبي). رواه البخاري.
وشيخ ابن وهب في هذا الحديث هو عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، نزيل عسقلان.
- وقال القاسم بن الفضل الحداني: حدثني معاوية بن قرة، عن الحكم بن أبي العاص الثقفي قال: كنت قاعداً مع عمر بن الخطاب، فأتاه رجلٌ فسلّم عليه، فقال له عمر: «بينك وبين أهل نجران قرابة؟ ».
قال الرجل: لا.
قال عمر: « بلى ».
قال الرجل: لا.
قال عمر: « بلى والله، أنشد الله كلَّ رجل من المسلمين يعلم أنَّ بين هذا وبين أهل نجران قرابة لما تكلم ».
فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! بلى، بينه وبين أهل نجران قرابة من قبل كذا وكذا.
فقال له عمر: « مه، فإنا نقفو الآثار ». رواه ابن سعد.
- وقال مسعر بن كدام، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: إن كان الرجل ليحدث عمر بن الخطاب بالحديث، فيكذب فيقول: «احبس هذه»، ثم يحدّث بالحديث فيكذب الكذب؛ فيقول: «احبس هذه» ، فيقول الرجل: (كلّ ما حدّثتك به حق إلا ما أمرتني أن أحبسه). رواه أبو بكر الخرائطي في مساوئ الأخلاق.
- قال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية: (ولله فراسة من هو إمام المتفرسين، وشيخ المتوسمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي لم تكن تخطئ له فراسة، وكان يحكم بين الأمة بالفراسة المؤيدة بالوحي).
- وقال ابن القيم أيضاً في مدارج السالكين: (وكان الصديق رضي الله عنه أعظم الأمة فراسة، وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووقائع فراسته مشهورة؛ فإنه ما قال لشيء أظنه كذا إلا كان كما قال، ويكفي في فراسته موافقته ربه في المواضع المعروفة).

كراماته
- قال ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنَّ عمر بن الخطاب بعث جيشاً وأمَّر عليهم رجلاً يدعى سارية، قال: فبينا عمر يخطب قال: فجعل يصيح وهو على المنبر يا سارية! الجبل، يا سارية! الجبل.
قال: فقدم رسول الجيش؛ فسأله؛ فقال: يا أمير المؤمنين! لقينا عدونا فهزمونا، وإنَّ الصائح ليصيح: يا سارية! الجبل، يا سارية! الجبل، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل؛ فهزمهم الله.
فقيل لعمر: (إنك كنت تصيح بذلك). رواه البيهقي في دلائل النبوة، وفي الاعتقاد، وأبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين، وأبو نعيم في دلائل النبوة، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وهذا إسناد جيد، وقد روي في شأن هذه روايات باطلة بأسانيد واهية؛ فلا يلتفت إليها.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]