عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-03-2023, 11:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,749
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات فقهية وفتاوى لشهر رمضان للشيخ سلمان العودة يوميا إن شاء الله

وقفات فقهية وفتاوى لشهر رمضان
للشيخ سلمان العودة
(10)





فضل قراءة القرآن
الوقفة العاشرة هي مع قول الله عز وجل: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185].

فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، أما إني لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف} رواه الترمذي وهو حديث صحيح.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه}رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران}.

وقد أمر الله عز وجل بتلاوة كتابه، وبين أن هذا دأب الصالحين السابقين، فقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر:29-30].
أسباب اعتناء الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان بالقرآن




قراءة القرآن الكريم هي التجارة الرابحة التي لا تبور، وهذا في جميع الدهور وعلى مدى الأيام والشهور؛ لكنه في رمضان خاصة له وضع آخر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتني بالقرآن في رمضان أكثر مما يعتني به في بقية شهور العام، وذلك لأسباب:أولها: أن ابتداء نـزول القرآن كان في رمضان، أي أن الليلة التي نـزل فيها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَق * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم [العلق:1-4] كانت في رمضان، في الشهر الذي هو في الحقيقة شهر رمضان، وقد جاءت قصة نـزول جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: {أن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء الليالي ذوات العدد يتحنث -وهو التعبد- قبل أن ينـزع إلى أهله، ثم ينـزع إلى أهله ويتزود لمثلها، حتى جاءه الملك فقال له: اقرأ.


فقال: ما أنا بقارئ، قال عليه الصلاة والسلام: فأخذني فغتني أو فغطني -يعني ضغطه- حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ، -أي: أنا لا أحسن القراءة، لأنه كان أمياً عليه الصلاة والسلام- ثم فعل به ذلك ثلاثاً، ثم أرسله فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1].
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة ترجف بوادره، يقول: زملوني زملوني، فزملوه وغطوه حتى سكن ما به، ثم أخبرها الخبر وقال: لقد خشيت على نفسي. فقالت له: {أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق}. ثم انطلقت به إلى ورقة بن نوفل وكان امرءاً تنصر في الجاهلية، فهو يقرأ من الإنجيل بالعبرانية، ويكتب ما شاء الله أن يكتب، فأخبره الخبر، فقال: هذا الناموس الذي كان يأتي موسى، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك.


قال: أو مخرجي هم؟
قال: نعم، لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزرا. ثم لم يلبث ورقة أن مات، وفتر الوحي فترة } فهذه الحادثة كانت في رمضان على ما ذكره ابن إسحاق، وأبو سليمان الدمشقي، كما نقله ابن الجوزي في كتابه: زاد المسير في علم التفسير.

إذاً: فأول آيات أنـزلت من القرآن الكريم كانت في رمضان، وعلى هذا حمل بعض أهل العلم قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185] أي: ابتدأ إنـزاله، ويحتمل -أيضاً- أن يكون هذا هو معنى قوله عز وجل: إِنَّا أَنـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1] وفي الآية الأخرى: إِنَّا أَنـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ [الدخان:3] فهي ليلة القدر وهي من رمضان.
السبب الثاني: في أن عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالقرآن في رمضان تتضاعف: أن رمضان هو الذي أنـزل فيه القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه وأطبق عليه السلف، أن الله تبارك وتعالى أنـزل القرآن من اللوح المحفوظ، إلى بيت العزة في السماء الدنيا في رمضان، وفي ليلة القدر، ثم كان ينـزل على الرسول صلى الله عليه وسلم منجماً بحسب الوقائع والأحوال والملابسات، كما هو معروف في أسباب النـزول، ولذلك جاء عن جابر رضي الله عنه أنه قال: [[إن صحف إبراهيم أنـزلت في أول يوم من رمضان، وإن التوراة أنـزلت على موسى بعد مضي ستة أيام من رمضان، وإن الزبور أنـزل على داود بعد مضي اثني عشر يوماً من رمضان، وإن الإنجيل أنـزل على عيسى بعد مضي ثمانية عشر يوماً من رمضان، وإن القرآن أو الفرقان أنـزل على محمد صلى الله عليه وسلم بعد مضي أربعة وعشرين يوماً من رمضان]] وقد نقل هذا المعنى عن جماهة من الصحابة، كـواثلة بن الأسقع، وعائشة رضي الله عنهما وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً وموقوفاً، ونقل أيضاً أن الحسن بن علي رضي الله عنه، لما قتل أبوه رضي الله عنه قال: [[لقد قتلتم رجلاً في ليلة أنـزل فيها القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، ورفع فيها عيسى إلى السماء، وقتل فيها يوشع بن نون، وتيب فيها على بني إسرائيل]] والآثار في ذلك عن السلف كثيرة جداً، خلاصتها أن القرآن الكريم أنـزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر في رمضان.


السبب الثالث: -لتضاعف اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالقرآن في رمضان-: أن جبريل كان يأتيه في رمضان فيدارسه القرآن كل ليلة، كما في الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان يلقاه في كل ليلة، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وفي العام الذي توفي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عارضه جبريل بالقرآن مرتين} فقد خصص جبريل عليه السلام شهر رمضان من الحول؛ لينـزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ليلة فيتدارس معه ما أنـزل من القرآن، أي من الحول إلى الحول، فكان رمضان فرصةً لمراجعة ما سبق نـزوله من رمضان الماضي إلى رمضان الحاضر مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن فيقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل يستمع إليه، ويتم من خلال هذه العرضة إثبات ما أمر الله بإثباته، ونسخ ما أمر الله بنسخه: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَاب [الرعد:39].


كما أنه قد يكون من ضمن ذلك شرح معاني القرآن ومدارستها بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين جبريل، ومن هذا أخذ أهل العلم مشروعية ختم القرآن في رمضان، لأن جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم كانا ينهيان ما سبق نـزوله من القرآن الكريم، وفي آخر سنة تم ختم القرآن مرتين من خلال المعارضة والمدارسة بين جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم، فهذا دليل على أنه يستحب للمسلم أن يقرأ القرآن الكريم في رمضان مرةً أو أكثر، بل إن السنة للإنسان أن يختم القرآن في كل شهر مرة، بل إن استطاع في كل أسبوع مرة، بل لو استطاع أن يختم القرآن في كل ثلاث ليال لكان مستحباً له ذلك، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك كان السلف رضي الله عنهم يخصصون جزءاً كبيراً من رمضان لقراءة القرآن، حتى قال الزهري رحمه الله: إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام، وكان الإمام مالك رحمه الله إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث، وأقبل على قراءة القرآن الكريم من المصحف.


ونقل عن جماعة من السلف كـالنخعي، والأسود وغيرهم، أنهم كانوا يختمون القرآن في كل ثلاث ليال مرة، فإذا دخل رمضان ختموه في كل ليلتين مرة، فإذا كان في العشر الأواخر ختموه في كل ليلة.

النوم في نهار رمضان
السؤال: إن من الشائع لدى بعض الشباب المتوسم فيه الخير، السهر طول الليل مع اللعب والمرح، ويزعمون أن نوم بعض الليل صعب وثقيل، أرجو بيان وجه الحق في هذه القضية؟
الجواب:
لا شك أن ما يقع فيه اليوم كثير من الناس ويتحول ليلهم في رمضان إلى نهار، ويتحول نهارهم إلى ليل، حتى إن منهم من ينام النهار كله وربما نام عن الصلوات، لا شك أن هذا فيه من فوات المصالح الشيء الكثير، أما من يفوت الصلاة فهذا أمره آخر، لكن حتى الذي يصلي مع الجماعة ثم ينام، فهذا ما تحقق في حقه المقصود من الصيام، من استشعار الجوع والعطش، بل الأولى إذا كانت ظروف الإنسان مواتية أن ينام من الليل ولو بعضه، وينام من النهار ولو بعضه، ويحرص على أن يكون معتدلاً في ذلك.
صيام يوم قبل رمضان
الجواب: لا يجوز وصل شعبان برمضان على سبيل الاحتياط والتقديم بين يدي الشهر، أما إذا كان كما جاء في الحديث الصحيح: {إلا رجل كان يصوم صومه فليصمه} وفي لفظ: {إلا أن يوافق يوماً كان يصومه أحدكم} فلا بأس.



السؤال:
ورد في مجمل حديثكم أنه يجوز صيام اليوم الذي قبل رمضان إذا كان يوافق عادة للمرء، إلا أن من المفهوم أنه لا يجوز وصل شعبان برمضان؟
الجواب: لا يجوز وصل شعبان برمضان على سبيل الاحتياط والتقديم بين يدي الشهر، أما إذا كان كما جاء في الحديث الصحيح: {إلا رجل كان يصوم صومه فليصمه} وفي لفظ: {إلا أن يوافق يوماً كان يصومه أحدكم} فلا بأس.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.25 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.10%)]