
09-03-2023, 04:29 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,706
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس
الحلقة (230)
صــــــــــ 290 الى صـــــــــــ 295
ولو كان المرض عارضا لها حتى لا يقدر على أن يجامع مثلها لم يكن عليه سبيل ما كانت مريضة فإذا قدر على جماع مثلها وقفناه حتى يفيء أو يطلق (قال): ولو وقفناه فحاضت لم يكن عليه شيء حتى تطهر فإذا طهرت قيل له أصب أو طلق (قال): ولو أنها سألت الوقف فوقف فهربت منه أو أقرت بالامتناع منه لم يكن عليه الإيلاء حتى تحضر وتخلي بينه وبين نفسها فإذا فعلت فإذا فاء وإلا طلق أو طلق عليه، ولو أنها طلبت الوقف فوقف لها فأحرمت مكانها بإذنه أو بغير إذنه فلم يأمرها بإحلال لم يكن عليه طلاق حتى تحل ثم يوقف فإما أن يفيء وإما أن يطلق، وهكذا لو ارتدت عن الإسلام لم يكن عليه طلاق حتى ترجع إلى الإسلام في العدة فإذا رجعت قيل له فئ أو طلق وإن لم ترجع حتى تنقضي العدة بانت منه بالردة ومضي العدة (قال): وإذا كان منع الجماع من قبلها بعد مضي الأربعة الأشهر قبل الوقف أو معه لم يكن لها على الزوج سبيل حتى يذهب منع الجماع من قبلها ثم يوقف مكانه لأن الأربعة الأشهر قد مضت وإذا كان منع الجماع من قبلها في الأربعة الأشهر بشيء تحدثه غير الحيض الذي خلقه الله عز وجل فيها ثم أبيح الجماع من قبلها أجل من يوم أبيح أربعة أشهر كما جعل الله تبارك وتعالى له أربعة أشهر متتابعة فإذا لم تكمل له حتى يمضي حكمها استؤنفت له متتابعة كما جعلت له أولا (قال): ولو كان آلى منها ثم ارتد عن الإسلام في الأربعة الأشهر أو ارتدت أو طلقها أو خالعها ثم راجعها أو رجع المرتد منهما إلى الإسلام في العدة استأنف في هذه الحالات كلها أربعة أشهر من يوم حل له الفرج بالمراجعة أو النكاح أو رجوع المرتد منهما إلى الإسلام ولا يشبه هذا الباب الأول لأنها في هذا الباب صارت محرمة كالأجنبية الشعر والنظر والجس والجماع وفي تلك الأحوال لم تكن محرمة بشيء غير الجماع وحده.
فأما الشعر والنظر والجس فلم يحرم منها وهكذا لو ارتدا معا (قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو آلى من امرأته ثم طلق إحدى نسائه في الأربعة الأشهر ولم يدر أيتهن طلق فمضت أربعة
أشهر فطلبت أن يوقف فقال هي التي طلقت حلف للبواقي وكانت التي طلق ومتى راجعها فمضت أربعة أشهر وقفته أبدا حتى يمضي طلاق الملك كما وصفت، ولو مضت الأربعة الأشهر ثم طلبت أن يوقف فقال لا أدري أهي التي طلقت أم غيرها.
قيل له إن قلت هي التي طلقت فهي طالق وإن قلت ليست هي حلفت لها إن ادعت الطلاق ثم فئت أو طلقت وإن قلت: لا أدري فأنت أدخلت منع الجماع على نفسك فإن طلقتها فهي طالق وإن لم تطلقها وحلفت أنها ليست التي طلقت أو صدقتك هي ففئ أو طلق وإن أبيت ذلك كله طلق عليك بالإيلاء لأنها زوجة مولى منها عليك أن تفيء إليها أو تطلقها.
فإن قلت لا أدري لعلها حرمت عليك فلم تحرم بذلك عليك تحريما يبينها عليك وأنت مانع الفيئة والطلاق فتطلق عليك.
فإن قامت بينة أنها التي طلقت عليك قبل طلاق الإيلاء سقط طلاق الإيلاء.
وإن لم تقم بينة لزمك طلاق الإيلاء وطلاق الإقرار معا.
ثم هكذا البواقي (قال): وإذا آلى وبينه وبين امرأته أكثر من أربعة أشهر فطلبت ذلك امرأته أو وكيل لها أمر بالفيء بلسانه والمسير إليها كما يمكنه وقيل فإن فعلت وإلا فطلق (قال): وأقل ما يصير به فائيا أن يجامعها حتى تغيب الحشفة.
وإن جامعها محرمة أو حائضا أو هو محرم أو صائم خرج من الإيلاء وأثم بالجماع في هذه الأحوال.
ولو آلى منها ثم جن فأصابها في حال جنونه أو جنت فأصابها في حال جنونها خرج من الإيلاء.
وكفر إذا أصابها وهو صحيح وهي مجنونة ولم يكفر إذا أصابها وهو مجنون لأن القلم عنه مرفوع في تلك الحال.
ولو أصابها وهي نائمة أو مغمى عليها خرج من الإيلاء وكفر (قال): وكذلك إذا أصابها أحلها لزوجها وأحصنها وإنما كان فعله فعلا بها لأنه يوجب لها المهر بالإصابة وإن كانت هي لا تعقل الإصابة فلزمها بهذا الحكم وأنه حق لها أداه إليها في الإيلاء كما يكون لو أدى إليها حقا في مال أو غيره برئ منه.
طلاق المولي قبل الوقف وبعده
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا أوقف المولي فطلق واحدة أو امتنع من الفيء بلا عذر فطلق عليه الحاكم واحدة فالتطليقة تطليقة يملك فيها الزوج الرجعة في العدة وإن راجعها في العدة فالرجعة ثابتة عليه والإيلاء قائم بحال ويؤجل أربعة أشهر من يوم راجعها وذلك يوم يحل له فرجها بعد تحريمه فإن مضت أربعة أشهر وقف لها فإن طلقها أو امتنع من الفيئة من غير عذر فطلق عليه فالطلاق يملك الرجعة.
وإن راجعها وهي في العدة فالرجعة ثابتة عليه فإن مضت أربعة أشهر من يوم راجعها وقف فإن طلق أو لم يفئ فطلق عليه فقد مضى الطلاق ثلاثا وسقط حكم الإيلاء فإن نكحت زوجا آخر وعادت إليه بنكاح بعد زوج لم يكن عليه حكم الإيلاء ومتى أصابها كفر.
(قال الشافعي): وهذا معنى القرآن لا يخالفه لأن الله تعالى جعل له إذا امتنع من الجماع بيمين أجل أربعة أشهر فلما طلق الأولى وراجع كانت اليمين قائمة كما كانت أولا فلم يجز أن يجعل له أجلا إلا ما جعل الله عز وجل له ثم هكذا في الثانية والثالثة.
وهكذا لو آلى منها ثم طلقها واحدة أو اثنتين ثم راجعها في العدة ما كانت لم تصر أولى بنفسها منه (قال): وإذا طلقها فكانت أملك بنفسها منه بأن تنقضي عدتها أو يخالعها أو يولي منها قبل أن يدخل بها ثم يطلقها.
فإذا فعل هذا ثم نكحها نكاحا جديدا بعد العدة أو قبلها سقط حكم الإيلاء عنه وإنما سقط حكم الإيلاء عنه بأنها قد صارت لو طلقها لم يقع عليها طلاقه، ولا يجوز أن يكون عليه حكم الإيلاء وهو لو أوقع الطلاق لم يقع.
وكذلك يكون بعد لو طلقها ثلاثا بهذه العلة ولو جاز أن تبين امرأة المولي منه حتى تصير أملك بنفسها منه ثم ينكحها فيعود عليه حكم الإيلاء إذا
نكحها جاز هذا بعد طلاق الثلاث وزوج غيره لأن اليمين قائمة بعينها يكفر إذا أصابها وكانت قائمة قبل الزوج.
وهكذا الظهار مثل الإيلاء لا يختلفان (قال الربيع) والقول الثاني أنه يعود عليه الإيلاء ما بقي من طلاق الثلاث شيء (قال الشافعي): وإذا بانت امرأة المتظهر منه ولم يحبسها بعد الظهار ساعة ثم نكحها نكاحا جديدا
لم يعد عليه التظهر لأنه لم يلزمه في الملك الذي تظهر منها كفارة ولو حبسها بعد التظهر ساعة ثم بانت منه لزمه التظهر لأنه قد عاد لما قال.
وكذلك لو ماتت في الوجهين معا (قال الشافعي): وإنما جعلت عليه الكفارة لأنها يمين لزمته.
ألا ترى أنه لو حلف لا يصيب غير امرأته فأصابها كانت عليه كفارة مع المأثم بالزنا.
إيلاء الحر من الأمة والعبد من امرأته وأهل الذمة والمشركين
(قال الشافعي): وإيلاء الحر من امرأته الأمة والحرة سواء فإن آلى من امرأته وهي أمة ثم اشتراها سقط الإيلاء بانفساخ النكاح فإن خرجت من ملكه ثم نكحها أمة أو حرة لم يعد الإيلاء لأن ملكه هذا غير الملك الذي آلى فيه وهكذا العبد يولي من امرأته حرة أو أمة فتملكه سقط بانفساخ النكاح فإن عتق فنكحها أو خرج من ملكها فنكحها لم يعد الإيلاء ولو أن الحر المشتري لامرأته الأمة بعد الإيلاء منها أصابها بالملك كفر إذا كانت يمينه والله لا أقربك وإن لم يصبها لم يكن عليه وقف إذا كانت إصابته بالملك كما لو آلى من أمته لم يكن موليا لأن الله تبارك وتعالى إنما جعل الإيلاء من الأزواج فإن خرجت من ملكه ثم نكحها لم يعد عليه الإيلاء لأنه قد حنث به مرة ولو كان قد قال لها والله لا أقربك وأنت زوجة لي ثم ملكها فأصابها بالملك لم يحنث ومتى نكحها نكاحا جديدا غير النكاح الذي آلى فيه لم يعد عليه الإيلاء، وهكذا العبد يولي من امرأته ثم تملكه ثم ينكحها، وهكذا لو كانت امرأة أحدهما أمة فارتدت فانفسخ النكاح ثم نكحته بعد لا يعود الإيلاء إذا حرم عليه نكاحها لأن هذا غير النكاح الذي آلى منه (قال): وإذا حلف العبد بالله أو بما لزمه فيه يمين من تبرر كان موليا، وإن حلف بكل شيء له في سبيل الله أو بعتق مماليكه أو صدقة شيء من ماله لم يكن موليا لأنه لا يملك شيئا وكذلك المدبر والمكاتب، ولو حلف المعتق بعضه بصدقة شيء من ماله لزمه الإيلاء لأن له ما كسب في يومه (قال الشافعي): والذمي كالمسلم فيما يلزمه من الإيلاء إذا حاكم إلينا لأن الإيلاء يمين يلزمه وطلاقه كطلاق المسلم وكذلك يلزمه من اليمين ما يلزم المسلمين.
ألا ترى أنه لو أعتق عبده أو أصاب امرأته ألزمناه الإيلاء لأن العتق حق لغيره وإن لم يؤجر فيه وإن أعتق عبده تبررا ألزمناه وإن لم يؤجر فيه في حاله تلك فكذلك ما سواه وفرض الله عز وجل على العباد واحد.
فإن قيل هو إن تصدق على المساكين لم يكفر عنه؟ قيل: وهكذا إن حد في زنا لم يكفر بالحد عنه والحدود للمسلمين كفارة للذنوب ونحن نحده إذا زنى وأتانا راضيا بحكمنا، وحكم الله عز وجل على العباد واحد وإنما حددناه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم يهوديين زنيا بما أمره الله تعالى به أن يحكم بينهم بما أنزل الله.
الإيلاء بالألسنة
(قال الشافعي): إذا كان لسان الرجل غير لسان العرب فآلى بلسانه فهو مول، وإذا تكلم بلسانه بكلمة تحتمل الإيلاء وغيره كان كالعربي يتكلم بالكلمة وتحتمل معنيين ليس ظاهرهما الإيلاء فيسأل
فإن قال أردت الإيلاء فهو مول وإن قال لم أرد الإيلاء فالقول قوله مع يمينه إن طلبته امرأته وإن كان عربيا يتكلم بألسنة العجم أو بعضها فآلى فأي لسان منها آلى به فهو مول.
وإن قال لم أرد الإيلاء دين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في الحكم.
وإن كان عربيا لا يتكلم بأعجمية فتكلم بإيلاء ببعض ألسنة العجم فقال ما عرفت ما قلت وما أردت إيلاء فالقول قوله مع يمينه.
وليس حاله كحال الرجل يعرف بأنه يتكلم بلسان من ألسنة العجم ويعقله.
وهكذا الأعجمي يولي بالعربية إذا كان يعرف الإيلاء بالعربية لم يصدق في الحكم على أن يقول لم أرد إيلاء ولكن سبقني لساني لم يدن في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى.
إيلاء الخصي غير المجبوب والمجبوب
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا آلى الخصي غير المجبوب مع امرأته فهو كغير الخصي وهكذا لو كان مجبوبا قد بقي له ما يبلغ به من المرأة ما يبلغ الرجل حتى تغيب حشفته كان كغير الخصي في جميع أحكامه.
وإذا آلى الخصي المجبوب من امرأته قيل له فئ بلسانك لا شيء عليه غيره لأنه ممن لا يجامع مثله وإنما الفيء الجماع وهو ممن لا جماع عليه (قال): ولو تزوج رجل امرأة ثم آلى منها ثم خصي ولم يجب كان كالفحل ولو جب كان لها الخيار مكانها في المقام معه أو فراقه فإن اختارت المقام معه قيل له إذا طلبت الوقف ففء بلسانك لأنه ممن لا يجامع (قال الربيع) إن اختارت فراقه فالذي أعرف للشافعي أنه يفرق بينهما وإن اختارت المقام معه فالذي أعرف للشافعي أن امرأة العنين إذا اختارت المقام معه بعد الأجل أنه لا يكون لها خيار ثانية والمجبوب عندي مثله (قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا آلى العنين من امرأته أجل سنة ثم خيرت إلا أن يطلقها عند الأربعة الأشهر فإن طلقها ثم راجعها في العدة عاد الإيلاء عليه وخيرت عند السنة في المقام معه أو فراقه.
إيلاء الرجل مرارا
(قال الشافعي): وإذا آلى الرجل من امرأته فلما مضى شهران أو أكثر أو أقل آلى منها مرة أخرى وقف عند الأربعة الأشهر الأولى فإما أن يفيء وإما أن يطلق فإن فاء حنث في اليمين الأولى واليمين الثانية ولم يعد عليه الإيلاء لأنه قد حنث في اليمينين معا وإن أراد باليمين الثانية الأولى فكفارة واحدة وإن أراد يمينا عليه غيرها فأحب إلي أن لو يكفر كفارتين وقد قيل كفارة واحدة تجزئه لأنهما يمينان في شيء واحد.
وهكذا لو آلى منها فلما مضت أربعة أشهر آلى ثانية قبل يوقف أو يطلق ولكنه لو آلى فوقف فطلق طلاقا يملك الرجعة ثم آلى في العدة ثم ارتجع أو فاء ثم آلى إيلاء آخر كان عليه إيلاء مستقبل (قال): وإذا آلى الرجل من امرأته فحيل بينه وبينها بأمر ليس من قبله قبل أن يكمل أربعة أشهر ثم قدر عليها استؤنف له أربعة أشهر كما جعل الله عز وجل له أربعة أشهر متتابعة فإذا لم يتكمل له حتى يمضي حكمها استؤنفت له متتابعة كما جعلت له أولا.
وذلك مثل أن تحبس فلا يقدر عليها.
ومثل أن يكون آلى منها صبية لا يقدر على جماعها بحال أو مضناة من مرض لا يقدر على جماعها بحال وإذا صارتا في حد من يجامع مثله وقف لهما بعد أربعة أشهر من يوم يقدر على جماعهما فإن فاء وإلا طلق وإن أبى طلق عليه
قال) وإن كانت مريضة يقدر على جماعها بحال أو صبية يجامع مثلها فهي كالصحيحة البالغ، وسواء آلى من بكر أو ثيب ولا فيئة في البكر إلا بذهاب العذرة ولا في الثيب إلا بمغيب الحشفة، وإذا كان الحبس عن الجماع في الأربعة الأشهر لا بسبب المرأة ولا منها ولا أنها حرمت عليه كما تحرم الأجنبية إلا بحال يحدثها فالإيلاء له لازم ولا يزاد على أربعة أشهر شيئا فإذا مضت الأربعة الأشهر وقف حتى يطلق أو يفيء فيء جماع أو فيء معذور وذلك مثل أن يؤلي فيمرض هو أربعة أشهر فإذا مضت وقف فإن كان يقدر على الجماع بحال فلا فيء له إلا فيء الجماع وإن كان لا يقدر عليه فاء بلسانه ومثل أن يؤلي فيحبس أو يؤلي وهو محبوس فإذا مضت أربعة أشهر وهو يقدر على الجماع بحال فاء أو طلق وإن لم يقدر على الجماع بحال للحبس فاء بلسانه (قال الشافعي): - رحمه الله -: ومن قلت له فئ بلسانك فإذا قدر على الجماع بحال وقفته مكانه فإن فاء وإلا طلق أو طلق عليه ولا أؤجله إلى أجل الصحيح إذا وقفته بعد أربعة أشهر (قال): وإذا آلى فغلب على عقله فإذا مضت أربعة أشهر لم يوقف حتى يرجع إليه عقله فإن عقل بعد الأربعة الأشهر وقف مكانه فإما أن يفيء وإما أن يطلق، وإذا آلى الرجل من امرأته ثم أحرم قيل له إذا مضت أربعة أشهر فإن فئت فسد إحرامك وخرجت من حكم الإيلاء وإن لم تفئ طلق عليك لأنك أحدثت منع الجماع وإن آلى ثم تظاهر وهو يجد الكفارة فإذا مضت أربعة أشهر وقف فقيل له أنت أدخلت منع الجماع على نفسك فإن فئت فأنت عاص بالإصابة وأنت متظاهر وليس لك أن تطأ قبل الكفارة وإن لم تفئ فطلق أو يطلق عليك، وهكذا لو تظاهر ثم آلى لأن ذلك كله جاء منه لا منها ولم تحرم عليه بالظهار حرمة الأجنبية.
اختلاف الزوجين في الإصابة
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا وقفنا المولي فقال قد أصبتها وقالت لم يصبني فإن كانت ثيبا فالقول قوله مع يمينه لأنها تدعي ما تكون به الفرقة التي هي إليه وإن كانت بكرا أريها النساء فإن قلن هي بكر فالقول قولها مع يمينها، وإذا قالت قد أصابني وإنما أدخله بيده حتى غيب الحشفة فذلك فيء إن صدقها (قال الربيع) وإن غلبته على نفسه حتى أدخلته بيدها فقد فاء وسقط عنه الإيلاء ولا كفارة عليه لأنه مكره (قال الشافعي): وإن وقف لأنها سألت وقفه فادعى إصابتها في الأربعة الأشهر وأنكرت فالقول فيها كالقول إذا وقفناه بعد أربعة أشهر يصدق إن كانت ثيبا وتصدق هي إن كانت بكرا.
من يجب عليه الظهار ومن لا يجب عليه
(أخبرنا الربيع بن سليمان) قال (قال الشافعي): - رحمه الله -: قال الله تبارك وتعالى {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور} (قال الشافعي): فكل زوج جاز طلاقه وجرى عليه الحكم من بالغ غير مغلوب على عقله وقع عليه الظهار سواء كان حرا أو عبدا أو من لم تكمل فيه الحرية أو ذميا من قبل أن أصل الظهار كان طلاق الجاهلية فحكم الله تعالى فيه بالكفارة فحرم الجماع على المتظاهر بتحريمه للظهار حتى
يكفر وكل هؤلاء ممن يلزمه الطلاق ويحرم عليه الجماع بتحريمه إذا كانوا بالغين غير مغلوبين على عقولهم (قال): وظهار كل واحد من هؤلاء يقع على زوجته دخل بها أو لم يدخل بها صغيرة كانت أو كبيرة يحل جماعها ويقدر عليه أو لا يحل ولا يقدر عليه بأن تكون حائضا أو محرمة أو رتقاء أو صغيرة لا يجامع مثلها أو خارجة من هذا كله (قال): ولو تظاهر من امرأته وهي أمة ثم اشتراها فسد النكاح والظهار بحاله لا يقربها حتى يكفر من قبل أن الظهار لزمه وهي زوجة؛ وإذا تظاهر السكران لزمه الظهار.
فأما المغلوب على عقله بغير سكر فلا يلزمه، وإذا تظاهر الأخرس وهو يعقل الإشارة أو الكتابة لزمه الظهار، وإذا تظاهر من امرأته ثم قال لامرأة له أخرى قد أشركتك معها أو قال أنت مثلها أو ما أشبه هذا يريد به الظهار فإن عليه فيها مثل ما عليه في التي تظاهر منها وهو ظهار، فإن لم يرد به ظهارا ولا تحريما فليس بظهار ولا شيء عليه وإذا قال لامرأة له أنت علي كظهر أمي إن شاء الله فليس بظهار، ولو قال إن شاء الله فلان فليس بظهار حتى يعلم أن فلانا قد شاء، وإذا تظاهر الرجل من امرأته ثم تركها أكثر من أربعة أشهر فهو متظاهر ولا إيلاء عليه يوقف له لأن الله تعالى قد حكم في الظهار غير حكمه في الإيلاء فلا يكون المتظاهر موليا ولا المولي متظاهرا بأحد القولين ولا يكون عليه بأحدهما إلا أيهما جعل على نفسه لأنه مطيع لله تعالى بترك الجماع في الظهار عاص لو جامع قبل أن يكفر وعاص بالإيلاء، وسواء كان مضارا بالظهار أو غير مضار إلا أنه يأثم بالضرار كما يأثم لو آلى أقل من أربعة أشهر يريد ضرارا ولا يحكم عليه حكم الإيلاء بالضرار ويأثم لو تركها الدهر بلا يمين يريد ضرارا ولا يحكم عليه حكم الإيلاء ولا يحال حكم عما أنزل الله تبارك وتعالى فيه.
الظهار
(قال الشافعي): - رحمه الله -: قال الله تعالى {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير - فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} (قال الشافعي): سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يذكر أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بثلاثة الظهار والإيلاء والطلاق فأقر الله تعالى الطلاق طلاقا وحكم في الإيلاء بأن أمهل الموالي أربعة أشهر ثم جعل عليه أن يفيء أو يطلق وحكم في الظهار بالكفارة فإذا تظاهر الرجل من امرأته يريد طلاقها أو يريد تحريمها بلا طلاق فلا يقع به طلاق بحال وهو متظاهر وكذلك إن تكلم بالظهار ولا ينوي شيئا فهو متظاهر لأنه متكلم بالظهار ويلزم الظهار من لزمه الطلاق ويسقط عمن سقط عنه وإذا تظاهر الرجل من امرأته قبل أن يدخل بها أو بعد ما دخل بها فهو متظاهر وإذا طلقها فكان لا يملك رجعتها في العدة ثم تظاهر منها لم يلزمه الظهار، وإذا طلق امرأتيه فكان يملك رجعة إحداهما ولا يملك رجعة الأخرى فتظاهر منهما في كلمة واحدة لزمه الظهار من التي يملك رجعتها ويسقط عنه من التي لا يملك رجعتها (قال الشافعي): وإذا تظاهر من أمته أم ولد كانت أو غير أم ولد لم يلزمه الظهار لأن الله عز وجل يقول {والذين يظاهرون من نسائهم} وليست من نسائه ولا يلزمه الإيلاء ولا الطلاق فيما لا يلزمه الظهار وكذلك قال الله تبارك وتعالى {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} فلو آلى من أمته لم يلزمه الإيلاء، وكذلك قال {والذين يرمون أزواجهم} وليست من الأزواج فلو رماها لم يلتعن لأنا عقلنا عن الله عز وجل أنها ليست من نسائنا وإنما نساؤنا أزواجنا ولو جاز أن يلزم واحدا من هذه الأحكام لزمها كلها لأن ذكر الله عز وجل لها واحد.
ما يكون ظهارا وما لا يكون
(قال الشافعي): - رحمه الله -: والظهار أن يقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فإذا قال لها أنت مني كظهر أمي أو أنت معي أو ما أشبه هذا كظهر أمي فهو ظهار، وكذلك لو قال لها فرجك أو رأسك أو بدنك أو ظهرك أو جلدك أو يدك أو رجلك علي كظهر أمي كان هذا ظهارا، وكذلك لو قال أنت أو بدنك علي كظهر أمي أو كبدن أمي أو كرأس أمي أو كيدها أو كرجلها كان هذا ظهارا لأن التلذذ بكل أمه محرم عليه كتحريم التلذذ بظهرها (قال): وإذا قال لامرأته أنت علي كظهر أختي أو كظهر امرأة محرمة عليه من نسب أو رضاع قامت في ذلك مقام الأم.
أما الرحم فإن ما يحرم عليه من أمه يحرم عليه منها، وأما الرضاع فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» فأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - الرضاع مقام النسب فلم يجز أن يفرق بينهما (قال الربيع) معنى قول الشافعي إن الله عز وجل نسب الظهار إلى الأم فقال عز وجل من قائل {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم} فكل ما كان محرما على المرء كما تحرم الأم فظاهر من امرأته فنسبه إلى من تحرم عليه كحرمة الأم لزمه الظهار، ولك مثل أن يقول أنت علي كظهر أختي ولم تزل أخته محرمة عليه لم تحل له قط فكان بذلك متظاهرا قال الربيع فإن قال أنت علي كظهر أجنبية لم يكن مظاهرا من قبل أن الأجنبية وإن كانت في هذا الوقت محرمة فهي تحل له لو تزوجها والأم لم تكن حلالا قط له ولا تكون حلالا أبدا.
فإن قال أنت علي كظهر أختي من الرضاعة فإن كانت قد ولدت قبل أن ترضعه أمها فقد كانت قبل أن يكون الرضاع حلالا له ولا يكون مظاهرا بها وليست مثل الأخت من النسب التي لم تكن حلالا قط له وهذه قد كانت حلالا له قبل أن ترضعه أمها فإن كانت أمها قد أرضعته قبل أن تلدها فهذه لم تكن قط حلالا له في حين لأنها ولدتها بعد أن صار ابنها من الرضاعة (قال الربيع) وكذلك امرأة أبيه فإذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر امرأة أبي.
فإن كان أبوه قد تزوجها قبل أن يولد فهو مظاهر من قبل أنها لم تكن له حلالا قط ولم يولد إلا وهي حرام عليه، وإن كان قد ولد قبل أن يتزوجها أبوه فقد كانت في حين حلالا له فلا يكون بها متظاهرا (قال الشافعي): - رحمه الله -: وإن قال أنت علي كظهر امرأة أبي أو امرأة ابني أو امرأة رجل سماه أو امرأة لاعنها أو امرأة طلقها ثلاثا لم يكن ظهارا من قبل أن هؤلاء قد كن وهن يحللن له.
وإن قال أنت علي كظهر أبي أو ابني لم يكن ظهارا من قبل أن ما يقع على النساء من تحريم وتحليل لا يقع على الرجال (قال): وإن قالت امرأة رجل له أنت علي كظهر أبي أو أمي لم يكن ظهارا ولا عليها كفارة من قبل أنه ليس لها أن توقع التحريم على رجل إنما للرجل أن يوقعه عليها (قال الشافعي): ويلزم الظهار من الأزواج من لزمه الطلاق ويلزم بما يلزم به الطلاق من الحنث لأن فيه تحريما للمرأة حتى يكفر، فإذا قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فدخلت الدار كان متظاهرا حين دخلت.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|