
09-03-2023, 04:53 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس
الحلقة (232)
صــــــــــ 303 الى صـــــــــــ 308
قيل: والحدود نزلت كفارات للذنوب «وحد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهوديين بالرجم» ونحن نعلم أنها ليست كفارة لهما بخلافهما في دين الإسلام ولكنها كانت عقوبة عليهما فأخذت وإن لم تكتب لهما، ولو كان عليه صوم فصامه في ردته لم يجزه لأن الصوم عمل على البدن والعمل على البدن لا يجزئ عنه ولا يجزئ إلا لمن يكتب له.
الكفارة بالإطعام
قال الله تعالى {فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير - فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} (قال الشافعي): - رحمه الله - فمن تظاهر ولم يجد رقبة ولم يستطع حين يريد الكفارة عن الظهار صوم شهرين متتابعين بمرض أو علة ما كانت أجزأه أن يطعم قال ولا يجزئه أن يطعم أقل من ستين مسكينا كل مسكين مدا من طعام بلده الذي يقتاته حنطة أو شعيرا أو أرزا أو تمرا أو سلتا أو زبيبا أو أقطا ولو أطعم ثلاثين مسكينا مدين مدين في يوم واحد أو أيام متفرقة لم يجزه إلا عن ثلاثين وكان متطوعا بما زاد كل مسكين على مد لأن معقولا عن الله عز وجل إذا أوجب طعام ستين مسكينا أن كل واحد منهم غير الآخر كما كان ذلك معقولا عنه في عدد الشهود وغيرهما مما أوجب ولا يجزئه أن يعطيهم ثمن الطعام أضعافا ولا يعطيهم إلا مكيلة طعام لكل واحد ولا يجزئه أن يغديهم وإن
أطعمهم ستين مدا أو أكثر لأن أخذهم الطعام يختلف فلا أدري لعل أحدهم يأخذ أقل من مد والآخر أكثر لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما سن مكيلة الطعام في كل ما أمر به من كفارة ولا يجزئه أن يعطيهم دقيقا ولا سويقا ولا خبزا حتى يعطيهم حبا، ولا يجوز أن يكسوهم مكان الطعام، وكل مسكين أعطاه مدا أجزأ عنه ما خلا أن يكون مسكينا يجبر على نفقته فإنه لا يجزئه أن يعطي مسكينا يجبر على نفقته، ولا يجزئه إلا مسكين مسلم وسواء الصغير منهم والكبير ولا يجزئه أن يطعم عبدا ولا مكاتبا ولا أحدا على غير دين الإسلام وإن أعطى رجلا وهو يراه مسكينا فعلم بعد أنه أعطاه وهو غني أعاد الكفارة لمسكين غيره، ولو شك في غناه بعد أن يعطيه على أنه مسكين فليست عليه إعادة ومن قال له إني مسكين ولا يعلم غناه أعطاه، وسواء السائل من المساكين والمتعفف في أنه يجزئ (قال): ويكفر في الطعام قبل المسيس لأنها في معنى الكفارة قبلها.
تبعيض الكفارة
(قال الشافعي): ولا يكون له أن يبعض الكفارة ولا يكفر إلا كفارة كاملة من أي الكفارات كفر لا يكون له أن يعتق نصف رقبة ثم لا يجد غيرها فيصوم شهرا ولا يصوم شهرا ثم يمرض فيطعم ثلاثين مسكينا ولا يطعم مع نصف رقبة حتى يكفر أي الكفارات وجبت عليه بكمالها (قال): وإن فرق الطعام في أيام مختلفة أجزأه إذا أتى على ستين مسكينا (قال الشافعي): وكفارة الظهار وكل كفارة وجبت على أحد بمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تختلف الكفارات وكيف تختلف وفرض الله عز وجل تنزل على رسوله وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أنه يمده وكيف يجوز أن يكون بمد من لم يولد في عهده أو بمد أحدث بعد مده بيوم واحد؟.
كتاب اللعان
(أخبرنا الربيع بن سليمان) قال (أخبرنا الشافعي) قال: قال الله تعالى {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} الآية (قال الشافعي): ثم لم أعلم مخالفا في أن ذلك إذا طلبت ذلك المقذوفة الحرة ولم يأت القاذف بأربعة شهداء يخرجونه من الحد، وهكذا كل ما أوجبه الله تعالى لأحد وجب على الإمام أخذه له إن طلبه أخذه له بكل حال.
فإن قال قائل فما الحجة في ذلك؟ قيل قول الله تعالى اسمه {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل} فبين أن السلطان للولي ثم بين فقال في القصاص {فمن عفي له من أخيه شيء} فجعل العفو إلى الولي وقال: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} فأبان في هذه الآيات أن الحقوق لأهلها وقال في القتل {النفس بالنفس} إلى قوله {والجروح قصاص} (قال): فأبان الله عز وجل أن ليس حتما أن يأخذ هذا من وجب له ولا أن حتما أن يأخذه الحاكم لمن وجب له ولكن حتما أن يأخذه الحاكم لمن وجب له إذا طلبه.
(قال): وإذا قذف الرجل زوجته فلم تطلب الحد حتى فارقها أو لم يفارقها ولم تعفه ثم طلبته التعن أو حد إن أبى أن يلتعن، وكذلك لو ماتت كان لوليها أن يقوم به فيلتعن الزوج أو يحد وقال الله تعالى
{والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين} إلى قوله {أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} (قال الشافعي): فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن الله أخرج الزوج من قذف المرأة بشهادته {أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين - والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين} كما أخرج قاذف المحصنة غير الزوجة بأربعة شهود يشهدون عليها بما قذفها به من الزنا، وكانت في ذلك دلالة أن ليس على الزوج أن يلعن حتى تطلب المرأة المقذوفة حدها وكما ليس على قاذف الأجنبية حد حتى تطلب حدها (قال): وكانت في اللعان أحكام بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها الفرقة بين الزوجين ونفي الولد قد ذكرناها في مواضعها.
من يلاعن من الأزواج ومن لا يلاعن
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ولما ذكر الله عز وجل اللعان على الأزواج مطلقا كان اللعان على كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض، وكذلك على كل زوجة لزمها الفرض وسواء كان الزوجان حرين مسلمين أو كان أحدهما حرا والآخر مملوكا أو كانا مملوكين معا أو كان الزوج مسلما والزوجة ذمية أو كانا ذميين تحاكما إلينا لأن كلا زوج وزوجة، يجب عليه الفرض في نفسه دون صاحبه وفي نفسه لصاحبه ولعانهم كلهم سواء لا يختلف القول فيه والقول في نفي الولد وتختلف الحدود لمن وقعت له وعليه وسواء في ذلك الزوجان المحدودان في قذف والأعميان وكل زوج يجب عليه فرض وسواء قال الزوج رأيتها تزني أو قال زنت أو قال يا زانية كما يكون ذلك سواء إذا قذف أجنبية، وإذا قذف الزوج الذي لا حد عليه امرأته وهي ممن عليه الحد أو ممن لا حد عليه فسواء ولا حد عليه ولا لعان ولا فرقة بينه وبينها ولا ينفي الولد إن نفاه عنه ولا طلاق له لو طلقها، وكذلك المعتوه وكل مغلوب على عقله بأي وجه كانت الغلبة على العقل غير السكر لأن القول والفعل يلزم السكران ولا يلزم الفعل ولا القول من غلب على عقله بغير سكر، وكذلك الصبي لم يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها وإن كان عاقلا فلا يلزمه حد ولا لعان (قال): ومن عزب عقله من مرض في حال فأفاق في أخرى فما صنع في حال عزوب عقله سقط عنه وما صنع في الحال التي يثوب فيها عقله لزمه طلاق ولعان وقذف وغيره.
وإن اختلف الزوجان فقالت المرأة قذفتني في حال إفاقتك وقال ما قذفتك في حال إفاقتي ولئن كنت قذفتك ما قذفتك إلا وأنا مغلوب على عقلي فالقول قوله وعليها البينة إذا كانت المرأة تقر، أو كان يعلم أنه يذهب عقله، ولو قذفها فقال قذفتك وعقلي ذاهب من مرض وقالت ما كنت ذاهب العقل فإن لم يعلم أنه كان في الوقت الذي قذفها فيه وقبله ومعه في مرض قد يذهب عقله فيه فلا يصدق وهو قاذف يلتعن أو يحد وإن علم ذلك صدق وحلف (قال): وإذا كان الزوج أخرس يعقل الإشارة والجواب أو يكتب فيعقل فقذف لاعن بالإشارة أو حد فإن لم يعقل فلا حد ولا لعان وإن استطلق لسانه فقال قد قذفت ولم يلتعن حد إلا أن يلتعن، وإن قال لم أقذف ولم ألتعن لم يحد ولا ترد إليه امرأته بقوله لم ألتعن وقد ألزمناه الفرقة بحال ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يمسكها، وكذلك لو طلق فألزمناه الطلاق ثم أفاق فقال ما طلقت لم نردها إليه ووسعه فيما بينه وبين الله تعالى المقام عليها، ولو أصابه هذا من مرض تربصوا به حتى يفيق أو يطول ذلك به ويشير إشارة تعقل أو يكتب كتابا يعقل فيصير كالأخرس الذي ولد أخرس (قال): وإذا كانت هي الخرساء لم نكلفها لعانه إلا أن تكون تعقل لأنه لا معنى لها في
الفرقة ولا نفي الولد ولأنها غير قاذفة لأحد يسأل أن نأخذ له حقه.
فإن قيل فعليها حق الله تعالى؟ قيل: لا يجب إلا ببينة أو اعتراف وهي لا تعقل الاعتراف.
وإن كانت تعقل كما تعقل الإشارة أو الكتابة التعنت وإن لم تلتعن حدت إن كانت لا يشك في عقلها، فإن شك في عقلها لم تحد إن أبت الالتعان.
ولو قالت له قذفتني فأنكر وأتت بشاهدين أنه قذفها لاعن وإن لم يلاعن حد.
وليس إنكاره إكذابا لنفسه بقذفها إنما هو جحد أن يكون قذفها.
(قال): ولو قذفها قبل بلوغه بساعة ثم بلغ فطلبت الالتعان أو الحد لم يكن لها إلا أن يحدث لها قذفا بعد البلوغ.
وكذلك لو قذفها مغلوبا على عقله ثم أفاق بعد ذلك بساعة (قال): ولا يكون على الزوج لعان حتى تطلب ذلك الزوجة فإن قذف الزوج زوجته البالغة فتركت طلب ذلك لم يكن عليه لعان وإن ماتت فترك ذلك ورثتها لم يكن عليه لعان وإن اعترفت بالزنا الذي قذفها به لم يكن عليه لعان وإن شاء هو أن يلتعن ليوجب عليها الحد وتقع الفرقة وينفي ولدا إن كان، كان ذلك له، ولو كانت محدودة في زنا، ثم قذفها بذلك الزنا أو زنا كان في غير ملكه عزر إن طلبت ذلك إن لم يلتعن، وإن أردنا حده لامرأته أو تعزيره لها قبل اللعان أو بعد اللعان فأكذب نفسه وألحق به ولدها فأرادت امرأته العفو عنه أو تركته فلم تطلبه لم نحده ولا نحده إلا بأن تكون طالبة بحدها غير عافية عنه، ولو كانت زوجته ذمية فقذفها أو مملوكة أو جارية يجامع مثلها ولم تبلغ فقذفها بالزنا وطلبت أن يعزر قيل له إن التعنت خرجت من أن تعزر ووقعت الفرقة بينك وبين زوجتك وإن لم تلتعن عزرت وهي زوجتك بحالها وإن التعنت وأبت أن تلتعن فكانت كتابية أو صبية لم تبلغ لم تلتعن ولم تحد الكتابية البالغ إلا أن تأتينا طالبة لحكمنا وإن كانت مملوكة بالغة فعليها خمسون جلدة ونفي نصف سنة وإن قلن نحن نلتعن التعنت المملوكة ليسقط الحد ولا التعان على صبية لأنه لا حد عليها ولا أجبر النصرانية على الالتعان إلا أن ترغب في أن نحكم عليها فتلتعن فإن لم تفعل حددناها إن ثبتت على الرضا بحكمنا وإن رجعت عنه تركناها.
فإن كانت زوجته خرساء أو مغلوبة على عقلها فقذفها قيل له إن التعنت فرقنا بينك وبينها وإن انتفيت من حمل أو ولدها فلاعنت نفيناه عنك مع الفرقة وإن لم تلتعن فهي امرأتك ولا نجبرك على الالتعان لأنه لا حد عليك ولا تعزير إذا لم تطلبه وهي لا يطلب مثلها ونحن لا ندري لعلها لو عقلت اعترفت فسقط ذلك كله عنك (قال): وإن التعن فلا حد على الخرساء ولا المغلوبة على العقل، ولو طلب أولياؤها أن يلتعن الزوج أو يحد لم يكن ذلك لهم، وكذلك لو قذف امرأته وهي أمة بالغة فلم تطلبه فطلب سيدها أن يلتعن أو يعزر أو قذف صغيرة فطلب ذلك وليها لم يكن ذلك لواحد منهم وإنما الحق في ذلك لها فإن لم تطلبه لم يكن لأحد يطلبه لها ما كانت حية، ولو لم تطلبه واحدة من هؤلاء ولا كبيرة قذفها زوجها ولم تعفه الكبيرة ولم تعترف حتى ماتت أو فورقت فطلبه وليها بعد موتها أو هي بعد فراقها كان على الزوج أن يلتعن أو يحد للكبيرة الحرة المسلمة ويعزر لغيرها.
(قال): ولو أن رجلا طلق امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة ثم قذفها في العدة فطلبت القذف لاعن فإن لم يفعل حد وإن التعن فعليها الالتعان فإن لم تلتعن حدت لأنها في معاني الأزواج، وهكذا لو مضت العدة وقد قذفها في العدة (قال): وإذا كان الطلاق لا يملك فيه الرجعة فقذفها في العدة أو كان يملك فيه الرجعة فقذفها بعد مضي العدة بزنا نسبه إلى أنه كان وهي زوجته أو لم ينسبه إلى ذلك فطلبت حدها، حد ولا لعان إن لم يكن ينفي به ولدا ولدته أو حملا يلزمه (قال): وإنما حددته إذا قذفها وهي بائن منه أنها غير زوجة ولا بينها وبينه بسبب النكاح ولد يلزم نسبه
ولا حكم من حكم الأزواج فكانت محصنة مقذوفة.
فإن قال قائل: أفرأيت إن ظهر بها حمل أو حدث لها ولد يلحق نسبه به فانتفى منه بأن قذفها والقذف كان وهي غير زوجة كيف لاعنت بينهما؟ قيل له إن شاء الله تعالى كما ألحقت الولد به وإن كانت بائنا منه بأنها كانت زوجته فجعلت حكم ولدها منه غير حكمها منفردة دون الولد بأنها كانت زوجة فكذلك لاعنت بينهما بالولد لأنها كانت زوجة ألا ترى أنها في لحوق الولد بعد بينونتها منه كهي لو كانت معه وكذلك يلتعن وينفيه وإذا نفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الولد وهي زوجة فأزال الفراش كان الولد بعدما تبين أولى أن ينفى أو في مثل حاله قبل أن تبين ولو قال رجل لامرأته قد ولدت هذا الولد وليس بابني قيل له ما أردت؟ فإن قال زنت به لاعن أو حد إذا طلبت ذلك وإذا لاعن نفي عنه وإن سكت لم ينف عنه ولم يلاعن فإن طلبت الحد حلف ما أراد قذفها فإن حلف برئ وإن نكل حد أو لاعن وذلك أنه يقال قد تستدخل المرأة ماء الرجل فتحبل فلذلك لم أجعله قذفا ولا ألاعن بينهما حتى يقذفها بالزنا فيحد أو يلتعن لأنه الموضع الذي جعل الله عز وجل فيه اللعان لا غير ولو قال قد حبسك رجل أو فتشك أو نال منك ما دون الجماع لم يلاعنها لأن هذا ليس بقذف في زنا وعزر لها إن طلبت ذلك قال ولو قال لها أصابك رجل في دبرك فطلبت ذلك حد أو لاعن لأن هذا جماع يجب عليها به الحد ولا يحد لها إلا في القذف بجماع يجب عليها فيه حد لو فعلته وحد على مجامعتها إذا كان حراما ولو قال لها عبثت بك امرأة فأفحش لم يحد ولم يلاعن ويعزر إن طلبت ذلك ولو قال لها ركبت أنت رجلا حتى غاب ذلك منه في ذلك منك كان قذفا يلاعن به أو يحد لأن عليهما معا الحد ولو قال لها وهي زوجة زنيت قبل أن أنكحك فلا لعان ويحد إن طلبت ذلك ولو قال لها بعدما تبين منه زنيت وأنت امرأتي ولا ولد ولا حبل ينفيه حد ولم يلاعن لأنه قاذف غير زوجته ولو قال لامرأته يا زانية بنت الزانية وأمها حرة مسلمة غير حاضرة فطلبت امرأته حد أمها لم يكن لها وإذا طلبته أمها أو وكيلها حد لها إن لم يأت بأربعة شهداء على ما قال: قال ومتى طلبت امرأته حدها كان عليه أن يلتعن أو يحد ولو طلبناه جميعا حد للأم مكانه وقيل له التعن لامرأتك فإن لم يلتعن حبس حتى يبرأ جلده فإذا برأ حد إلا أن يلتعن ومتى أبى اللعان فجلدته ثم رجع فقال أنا ألتعن قبلت رجوعه وإن لم يبق إلا سوط واحد ولا شيء له فيما مضى من الضرب.
أين يكون اللعان
(قال الشافعي): - رحمه الله - روي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين الزوجين على المنبر» فإذا لاعن الحاكم بين الزوجين بمكة لاعن بينهما بين المقام والبيت فإذا لاعن بينهما بالمدينة لاعن بينهما على المنبر وإذا لاعن بينهما ببيت المقدس لاعن بينهما في مسجده وكذلك يلاعن بين كل زوجين في مسجد كل بلد قال ويبدأ فيقيم الرجل قائما والمرأة جالسة فيلتعن ثم يقيم المرأة قائمة فتلتعن إلا أن يكون بأحدهما علة لا يقدر على القيام معها فيلتعن جالسا أو مضطجعا إذا لم يقدر على الجلوس وإن كانت المرأة حائضا التعن الزوج في المسجد والمرأة على باب المسجد وإن كان الزوج مسلما والزوجة مشركة التعن الزوج في المسجد والزوجة في الكنيسة وحيث تعظم وإن شاءت الزوجة المشركة أن تحضر الزوج في المساجد كلها حضرته إلا أنها لا تدخل المسجد الحرام لقول الله تعالى {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} (قال الشافعي): - رحمه الله - وإن أخطأ الإمام بمكة أو المدينة أو غيرهما فلاعن بين
الزوجين في غير المسجد لم يعد اللعان عليهما لأنه قد قضي اللعان عليهما ولأنه حكم قد مضى.
بينهما وكذلك إن لاعن ولم يحضر أحدهما الآخر.
قال: وإذا كان الزوجان مشركين لاعن بينهما معا في الكنيسة وحيث يعظمان وإذا كانا مشركين لا دين لهما تحاكما إلينا لاعن بينهما في مجلس الحكم.
أي الزوجين يبدأ باللعان؟
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ويبدأ الرجل باللعان حتى يكمله فإذا أكمله خمسا التعنت المرأة وإن أخطأ الحاكم فبدأ بالمرأة قبل الزوج فالتعنت أو بدأ بالرجل فلم يكمل اللعان حتى أمر المرأة أن تلتعن فالتعنت فإذا أكمل الرجل اللعان عادت المرأة فالتعنت ولو لم يبق من لعان الرجل إلا حرف واحد من قبل أن الله عز وجل بدأ بالرجل في اللعان فلا يجب على المرأة لعان حتى يكمل الرجل اللعان لأنه لا معنى لها في اللعان إلا رفع الحد عن نفسها والحد لا يجب حتى يلتعن الرجل ثم يجب لأنها تدفع الحد عن نفسها بالالتعان وإلا حدت وإذا بدأ الرجل فالتعن قبل أن يأتي الحاكم أو بعدما أتاه قبل أن يأمره بالالتعان أو المرأة أو هما أعاد أيهما بدأ قبل أمر الحاكم إياه بالالتعان لأن ركانة أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بطلاق امرأته ألبتة وحلف له فأعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - اليمين على ركانة ثم رد إليه امرأته بعد حلفه بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يرد امرأته إليه قبل حلفه بأمره (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك قال حدثني ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره «أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي فقال له أرأيت يا عاصم لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال عاصم لعويمر لم تأتني بخير قد كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسألة التي سألته عنها فقال عويمر والله لا أنتهي حتى أسأله فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسط الناس فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها فقال سهل بن سعد فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغا قال عويمر لقد كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» قال ابن شهاب فكانت تلك سنة في المتلاعنين أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سهل عن رجل وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع؟ فسأل عاصم النبي - صلى الله عليه وسلم - فعاب النبي - صلى الله عليه وسلم - المسائل فلقيه عويمر فقال ما صنعت؟ فقال إنك لم تأتني بخير سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعاب المسائل فقال عويمر والله لآتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأسألنه فأتاه فوجده قد أنزل عليه فيهما فدعا بهما فلاعن بينهما فقال عويمر لئن انطلقت بها لقد كذبت عليها ففارقها قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «انظروها فإن جاءت به أسحم أدعج عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا» فجاءت به على النعت المكروه قال ابن شهاب فصارت سنة المتلاعنين أخبرنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي أن عويمرا جاء إلى عاصم فقال أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله
أتقتلونه؟ سل لي يا عاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فكره المسائل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعابها فرجع عاصم إلى عويمر فأخبره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره المسائل وعابها فقال عويمر والله لآتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه وقد نزل القرآن خلاف عاصم فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال «قد أنزل الله عز وجل فيكما القرآن فتقدما فتلاعنا» ثم قال كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ففارقها وما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضت سنة المتلاعنين وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «انظروها فإن جاءت به أحمر قصيرا كأنه وحرة فلا أحسبه إلا قد كذب عليها وإن جاءت له أسحم أعين ذا أليتين فلا أحسبه إلا قد صدق عليها» فجاءت به على النعت المكروه (أخبرنا الشافعي) قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «إن جاءت به أشيقر سبطا فهو لزوجها وإن جاءت به أديعج فهو للذي يتهمه» قال فجاءت به أديعج أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد أخي بني ساعدة أن رجلا من الأنصار جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فأنزل الله عز وجل في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «قد قضي فيك وفي امرأتك» قال فتلاعنا وأنا شاهد ثم فارقها عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين قال وكانت حاملا فأنكره فكان ابنها يدعى إلى أمه أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد قال شهدت ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - يحدث بحديث المتلاعنين فقال له ابن شداد أهي التي قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «لو كنت راجما أحدا بغير بينة رجمتها؟» فقال ابن عباس لا تلك امرأة كانت قد أعلنت أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهادي عن عبد الله بن يونس أنه سمع المقبري يحدث القرظي قال المقبري حدثني أبو هريرة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لما نزلت آية الملاعنة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله تعالى جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله تعالى منه وفضحه به على رءوس الخلائق من الأولين والآخرين» سمعت سفيان بن عيينة يقول أخبرنا عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمتلاعنين حسابكما على الله عز وجل أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها» فقال يا رسول الله ما لي. فقال «لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها أو منه» أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن سعيد بن جبير قال سمعت ابن عمر يقول فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أخوي بني العجلان وقال هكذا بإصبعيه المسبحة والوسطى فقرنها والتي تليها يعني المسبحة وقال «الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب» أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر «أن رجلا لاعن امرأته في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وانتفى من ولدها ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما وألحق الولد بالمرأة».

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|