عرض مشاركة واحدة
  #234  
قديم 09-03-2023, 06:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,018
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (234)
صــــــــــ 1 الى صـــــــــــ 6




ولا يثبت عليها بالاعتراف شيء من الحد إلا أن تشاء هي أن يثبت عليها فتحد،
وإذا قذف الرجل امرأته ثم جاء بأربعة شهداء متفرقين يشهدون عليها بالزنا سقط عنه الحد وحدت، وإن كان نفى مع ذلك ولدا لم ينف عنه حتى يلتعن هو ولو شهد ابنا المرأة على أبيهما أنه قذف أمهما والأب يجحد والأم تدعي فالشهادة باطلة لأنهما يشهدان لأمهما وكذلك لو شهد أبوها وابنها أو شهد رجل وامرأتان لا تجوز شهادة النساء في غير الأموال وما لا يراه الرجال ولو شهد لامرأة ابنان لها على زوج لها غير أبيهما أنه قذفها أو على أجنبي أنه قذفها لم تجز شهادتهما لأمهما، ولو شهد شاهد على رجل أنه قذف امرأته بالزنا يوم الخميس وشهد آخر أن الزوج أقر أنه قذفها بالزنا يوم الخميس وهو يجحد لم يكن عليه حد ولا لعان لأن الإقرار بالقذف غير قول القذف، ولو شهد رجل أنه قذفها بالزنا يوم الخميس وشهد آخر أنه قذفها بالزنا يوم الجمعة لم تجز شهادتهما، ولو شهد شاهد أنه قذف امرأته بالزنا والآخر أنه قال لابنها منه يا ولد الزنا لم تجز الشهادة فإذا لم تجز فلا حد ولا لعان، وإن طلبت أن يحلف لها أحلف بالله ما قذفها فإن حلف برئ وإن نكل حلفت لقد قذفها ثم قيل له إن التعنت وإلا حددت، وكذلك لو ادعت عليه القذف ولم تقم عليه شاهدا حلف، ولو شهد شاهد أنه قذفها بالفارسية وآخر أنه قذفها بالعربية في مقام واحد أو مقامين فسواء لا تجوز الشهادة لأن كل واحد من هذا كلام غير الكلام الآخر.
ولو شهد عليه شاهد أنه قال لها زنى بك فلان وآخر أنه قال لها زنى بك فلان رجل آخر لم تجز الشهادة لأن
هذين قذفان مفترقان بتسمية رجلين مفترقين، ولو قذفها برجل بعينه فجاءت تطلب الحد وجاء الرجل يطلب الحد قيل له إن التعنت فلا حد للرجل وإن لم تلتعن حددت لهما حدا واحدا لأنه قذف واحد، وإن جاء الرجل يطلب الحد قبل المرأة والمرأة ميتة أو حية التعن وبطل عنه الحد فإن لم يلتعن حد، وكذلك إن كانت المرأة حية ولم تطلب الحد أو ميتة ولم يطلب ذلك ورثتها قيل له إن شئت التعنت فدرأت حد المرأة والرجل، وإن شئت لم تلتعن فحددت لأيهما طلب فإن جاء الآخر فطلب حده لم يكن له لأن حكمه حكم الواحد إذا كان لعان واحد، وإذا شهد عليه شاهدان أنه قذف أمهما وامرأته في كلمتين متفرقتين جازت شهادتهما لغير أمهما وبطلت لأمهما وسواء كانت المقذوفة مع أمهما امرأة القاذف وأمهما امرأته أو لم يكونا أو كانت إحداهما ولم تكن الأخرى، وإذا شهد شاهدان على زوج بقذف حبس حتى يعدلا فيحد أو يلتعن وإن شهد شاهد فشاءت أن يحلف أحلف وإن لم تشأ لم يحبس بشاهد واحد، ولا يقبل في رجل في حد ولا لعان، وإذا شهد ابنا الرجل على أبيهما وأمهما امرأة أبيهما أنه قذف امرأة له غير أمهما جازت شهادتهما لأنهما شاهدان عليه بحد وللأب أن يلتعن وليس ذلك عليه فالتعانه إحداث طلاق ولم يشهدا عليه بطلاق، ولو شهدا أنه طلق امرأة له غير أمهما فقد قيل ترد شهادتهما لأن أمهما تنفرد بأبيهما وما هذا عندي ببين لأن لأبيهما أن ينكح غيرها ولا أعلم في هذا جر منفعة إلى أمهما بشهادتهما، وكل من قلت تجوز شهادته فلا تجوز حتى يكون عدلا، ولو أن شاهدين شهدا على رجل بقذف امرأته أو غيرها ثم ماتا مضى عليه الحد أو اللعان، وكذلك لو عميا ولو تغيرت حالاهما حتى يصيرا ممن لا تجوز شهادتهما بفسق فلا حد ولا لعان حتى يكونا يوم يكون الحكم بالحد واللعان غير مجروحين في أنفسهما.
(قال): وتقبل الوكالة في تثبيت البينة على الحدود فإذا أراد القاضي يقيم الحد أو يأخذ اللعان أحضر المأخوذ لها الحد واللعان إن كانت حية حاضرة، وإذا شهد شاهدان على قذف وهما صغيران أو عبدان أو كافران فأبطلنا شهادتهما ثم بلغ الصغيران وعتق العبدان وأسلم الكافران فأقامت المرأة البينة بالقذف أجزنا شهادتهم لأنا ليس إنما رددناها بأن لم يكونوا شهودا عدولا في تلك الحال وسواء كانوا عدولا أو لم يكونوا عدولا، ولو كان شهد على ذلك حران مسلمان مجروحان في أنفسهما فأبطلت شهادتهما ثم عدلا وطلبت المرأة حدها لم يكن لها من قبل أنا حكمنا على هذين بأن شهادتهما باطلة ومثلهما في تلك الحال قد يكون شاهدا لو كان عدلا غير عدو.
ولو شهد هؤلاء على رؤية أو سماع يثبت حقا لأحد أو عليه في تلك الحال التي لا يجوز فيها شهادتهم وأقاموا الشهادة عليه في الحال التي يجوز فيها شهادتهم أجزتها، وكذلك أن يكون عدوان لرجل أو فاسقان سمعا رجلا يقذف امرأة فلم تطلب ذلك المرأة أو طلبته فلم يشهدا حتى ذهبت عداوتهما للرجل أو عدلا جازت شهادتهما لأنه لم يحكم برد شهادتهما حتى يشهدا، وكذلك العبيد يسمعون والصبيان والكفار ثم لا يقيمون الشهادة إلا بعد أن يبلغ الصبيان أو يعتق العبيد ويسلم الكفار فإذا قذف الرجل امرأته فأقر أو أقامت عليه بينة فجاء بشاهدين يشهدان على إقرارها بالزنا فلا حد عليه ولا لعان ولا عليها ولا يقام عليها حد بأحد يشهد عليها بإقرار وإن كانوا أربعة حتى تقر هي وتثبت على الإقرار حتى يقام عليها الحد، ولو جاء بشاهد وامرأتين يشهدون على إقرارها بالزنا فلا حد عليها ولا يدرأ عنه الحد لأن شهادة النساء لا تجوز في هذا ويحد أو يلاعن، وكذلك لو شهد عليها ابناها منه بالإقرار بالزنا كانت شهادتهما لأبيهما باطلا وحد أو لاعن، ولو عفت امرأته عن القذف أو أجنبية ثم أرادت القيام به عليه بعد العفو لم يكن لها، ولو أقرت بالزنا فلا حد ولا لعان على الزوج، ولو شهد شاهدان على رجل قد ادعيا عليه أنه قذفهما ثم
شهدا أنه قذف امرأته أو قذف امرأته ثم قذفهما لم أجز شهادتهما للمرأة لأن دعواهما عليه القذف عداوة وخصومة ولو عفوا القذف لم أجز شهادتهما عليه لامرأته إلا أن لا يشهدا عليه إلا بعد عفوهما عنه وبعد أن يرى ما بينه وبينهما حسن لا يشبه العداوة فأجيز شهادتهما لامرأته لأني قد اختبرت صلحه وصلحهما بعد الكلام الذي كان عداوة وليسا له بخصمين ولا يجرحان بعداوة ولا خصومة، وإذا أقرت المرأة بالزنا مرة فلا حد على قذفها.
وإذا شهد شاهدان على رجل أنه قذف امرأته فأقام الزوج شاهدين أنها كانت أمة أو ذمية يوم وقع القذف فلا حد ولا لعان ويعزر إلا أن يلتعن ولو كان شاهدا المرأة شهدا أنها كانت يوم قذفها حرة مسلمة لأن كل واحدة من من البينتين تكذب الأخرى في أن لها الحد فلا يحد ويعزر إلا أن يلتعن، ولو لم يقم بينة وشهد شاهداها على القذف ولم يقولا كانت حرة يوم قذفت ولا مسلمة وهي حين طلبت حرة مسلمة فقال الزوج كانت يوم قذفتها أمة أو كافرة كان القول قوله ودرأت الحد عنه حتى تقيم البينة أنها كانت حرة مسلمة فإن كانت حرة الأصل أو مسلمة الأصل فالقول قولها وعليه الحد أو اللعان إلا أن يقيم البينة على أنها كانت مرتدة يوم قذفها
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا قذف الرجل امرأته فادعى بينة على أنها زانية أو مقرة بالزنا وسأل الأجل لم يؤجل في ذلك أكثر من يوم أو يومين فإن لم يأت ببينة حد أو لاعن، وإذا قذف الرجل امرأته فرافعته وهي بالغة فقال قذفتك وأنت صغيرة فالقول قوله وعليها البينة أنه قذفها كبيرة، ولو أقام البينة أنه قذفها وهي صغيرة وأقامت هي البينة أنه قذفها كبيرة لم يكن هذا اختلافا من البينة وكان هذان قذفين قذفا من الصغر وقذفا في الكبر وعليه الحد إلا أن يلاعن ولو اتفق الشهود على يوم واحد فقال شهود المرأة كانت حرة مسلمة بالغة وشهود الرجل كانت صبية أو غير مسلمة فلا حد ولا لعان لأن كل واحدة من البينتين تكذب الأخرى، ولو أقامت المرأة بينة أن الزوج أقر بولدها لم يكن له أن ينفيه فإن فعل وقذفها فمتى أقامت المرأة البينة أن زوجها قذفها بعد أو أقر أخذ لها بحدها إلا أن يلاعن فارقها أو لم يفارقها، ولو فارقها وكانت عند زوج غيره فطلبت حدها حد لها إلا أن يلتعن، أخبرنا الربيع قال الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء الرجل يقول لامرأته يا زانية وهو يقول لم أر ذلك عليها أو عن غير حمل قال يلاعنها.

(قال الشافعي): من حلف بالله أو باسم من أسماء الله تعالى فعليه الكفارة إذا حنث ومن حلف بشيء غير الله فليس بحالف ولا كفارة عليه إذا حنث، والمولي من حلف بالذي يلزمه به كفارة.
ومن أوجب على نفسه شيئا يجب عليه إذا أوجبه فأوجبه على نفسه إن جامع امرأته فهو في معنى المولي لأنه لم يعد إن كان ممنوعا من الجماع إلا بشيء يلزمه ما ألزم نفسه مما لم يكن يلزمه قبل إيجابه أو كفارة يمين ومن أوجب على نفسه شيئا لا يجب عليه ما أوجب ولا بدل منه فليس بمول وهو خارج من الإيلاء.

كتاب جراح العمد
أصل تحريم القتل من القرآن

أخبرنا الربيع قال (قال الشافعي): قال الله تبارك وتعالى {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به} الآية وقال الله عز وجل {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما} الآية وقال الله تبارك وتعالى {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق} وقال {أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض} الآية، وقال الله عز وجل {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر} إلى {فأصبح من النادمين} وقال عز وجل {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} الآية.
قتل الولدان

(قال الشافعي): - رحمه الله - قال الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} الآية وقال جل ثناؤه {وإذا الموءودة سئلت - بأي ذنب قتلت} وقال {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} (قال الشافعي): كان بعض العرب تقتل الإناث من ولدها صغارا خوف العيلة عليهم، والعار بهم فلما نهى الله عز ذكره عن ذلك من أولاد المشركين دل على تثبيت النهي عن قتل أطفال المشركين في دار الحرب وكذلك دلت عليه السنة مع ما دل عليه الكتاب من تحريم القتل بغير حق قال الله عز وجل {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} الآية (قال الشافعي) وأخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي معاوية عمرو النخعي قال سمعت أبا عمرو الشيباني يقول سمعت «ابن مسعود يقول سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الكبائر أكبر؟ فقال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت ثم أي؟ قال أن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك».
تحريم القتل من السنة
أخبرنا الثقة عن حماد عن يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عثمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يحل قتل امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): والذي يحل أن يعمد مسلم بالقتل

ثلاث: كفر ثبت عليه بعد إيمانه أو زنا بعد إحصانه أو قتل نفس عمدا بغير حق وهذا موضوع في مواضعه (قال الشافعي) أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبد الله بن عدي بن الخيار «عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقتله فقلت يا رسول الله إنه قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» (قال الربيع) معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " فإنك إن قتلته فإنه بمنزلتك " يريد أنه حرام الدم قبل أن تقتله وإنك بمنزلته مباح الدم يريد بقتله قبل أن يقول كلمته التي قال إذ كان مباح الدم قبل أن يقولها لا أن يكون كافرا مثله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من قتل نفسه بشيء من الدنيا عذب به يوم القيامة» أخبرنا مسلم بن خالد بإسناد لا يحضرني ذكره «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقتيل فقال من به فلم يذكر له أحد فغضب ثم قال والذي نفسي بيده لو اشترك فيه أهل السماء وأهل الأرض لأكبهم الله في النار» وأخبرنا مسلم أيضا بإسناد لا أحفظه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «قتل المؤمن يعدل عند الله زوال الدنيا» أخبرنا الثقة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من أعان على قتل امرئ مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله» مع التشديد في القتل.

جماع إيجاب القصاص في العمد

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): قال الله جل وعز {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل} (قال الشافعي): في قول الله عز وجل {فلا يسرف في القتل} لا يقتل غير قاتله وهذا يشبه ما قيل والله أعلم قال الله عز وجل {كتب عليكم القصاص في القتلى} فالقصاص إنما يكون ممن فعل ما فيه القصاص لا ممن لم يفعله فأحكم الله - عز ذكره - فرض القصاص في كتابه وأبانت السنة لمن هو وعلى من هو (قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال «وجد في قائم سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاب إن أعدى الناس على الله القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه ومن تولى غير مواليه فقد كفر بما أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم -» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق قال قلت لأبي جعفر محمد بن علي - رضي الله عنه - ما كان في الصحيفة التي كانت في قراب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان فيها
«لعن الله القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه ومن تولى غير ولي نعمته فقد كفر بما أنزل الله - جل ذكره - على محمد - صلى الله عليه وسلم -» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم أو عن عيسى بن أبي ليلى قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من اعتبط مؤمنا بقتل فهو قود به إلا أن يرضى ولي المقتول فمن حال دونه فعليه لعنة الله وغضبه لا يقبل منه صرف ولا عدل» أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر عن إياد بن لقيط «عن أبي رمثة قال دخلت مع أبي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أبي الذي بظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: دعني أعالج هذا الذي بظهرك فإني طبيب فقال: أنت رفيق وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا معك فقال: ابني أشهد به فقال أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه». .
من عليه القصاص في القتل وما دونه

(قال الشافعي): لا قصاص على من لم تجب عليه الحدود، وذلك من لم يحتلم من الرجال أو تحض من النساء أو يستكمل خمس عشرة سنة، وكل مغلوب على عقله بأي وجه ما كانت الغلبة إلا بالسكر فإن القصاص والحدود على السكران كهي على الصحيح وكل من قلنا عليه القصاص فهو بالغ غير مغلوب على عقله والمغلوب على عقله من السكر دون غيره (قال الشافعي): وإذا أقر الرجل البالغ وهو غير محجور عليه بالغ يجوز إقراره أنه جنى جناية عمدا ووصف الجناية فأثبتها، ثم جن أو غلب على عقله فعليه القصاص في العمد منها وأرش الخطأ في ماله ولا يحول ذهاب عقله دون أخذ الحق منه (قال الشافعي): ولو أقر بحق لله من زنا أو ارتد، ثم ذهب عقله لم أقم عليه حد الزنا ولم أقتله بالردة؛ لأني أحتاج إلى ثبوته على الإقرار بالزنا وهو يعقل.

وكذلك أحتاج إلى أن أقول له وهو يعقل: إن لم ترجع إلى الإسلام قتلتك.
(قال الشافعي): ولو أقر وهو بالغ أنه جنى على رجل جناية عمدا وقال كنت يوم جنيت عليه صغيرا كان القول قوله في أن لا قود عليه وعليه أرشها في ماله خطأ فإن أقر بها خطأ لم يضمن العاقلة ما أقر به وضمنه هو في ماله ولو قال: كنت يوم جنيتها عليه ذاهب العقل بالغا فإن كان يعلم أنه ذهب عقله قبل منه وإن لم يعلم أقيد المجني عليه منه (قال الشافعي): وحيث قبلت منه فعليه اليمين إن طلبها المدعي (قال الشافعي): ولو شهد الشهود على رجل أنه جنى على رجل جناية عمدا سألتهم أكان بالغا أو صغيرا؟. فإن لم يثبتوه بالغا والمشهود عليه ينكر الجناية أو يقول: كانت وأنا صغير جعلتها جناية صغير وجعلت أرشها في ماله ولم أقد منه.
(قال): ولو أن رجلا يجن ويفيق جنى على رجل فقال جنيت عليه في حال جنونه كان القول قوله، ولو شهد الشهود عليه بالجناية ولم يثبتوا كان ذلك في حال جنونه أو إفاقته كان هكذا وإن أثبتوا أنه كان في حال إفاقته فعليه القصاص وهكذا من غلب على عقله بمرض أي مرض كان أو وجه من الوجوه ما كان غير السكر ولو أثبتوا أن مجنونا جنى وهو سكران وقالوا: لا ندري ذهاب عقله من السكر أو من العارض الذي به؟ جعلت القول قوله، ولو أثبتوا أنه كان مفيقا من الجنون وأن السكر كان أذهب عقله جعلت عليه القود ولو شهد شهود على أنه جنى مغلوبا على عقله، وآخرون أنه جنى هذه الجناية غير مغلوب على عقله ألغيت البينتين لتكافئهما وجعلت القول قوله مع يمينه ولو كان يجن ويفيق فشهد له شهود بأنه جنى مغلوبا على عقله وقال هو بل جنيت وأنا أعقل قبلت قوله وجعلت عليه القود.
باب العمد الذي يكون فيه القصاص.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: جماع القتل ثلاثة وجوه: عمد فيه قصاص فلولي المجني عليه عمد القصاص إن شاء وعمد بما ليس فيه قصاص وخطأ فليس في واحد من هذين الوجهين قصاص (قال): فالعمد في النفس بما فيه القصاص أن يعمد الرجل الرجل فيصيبه بالسلاح الذي يتخذ لينهر الدم ويذهب في اللحم، وذلك الذي يعقل كل أحد أنه السلاح المتخذ للقتل والجراح وهو الحديد المحدد كالسيف والسكين والخنجر وسنان الرمح والمخيط وما أشبهه مما يشق بحده إذا ضرب أو رمي به الجلد واللحم دون ثقله فيجرح.

(قال الشافعي): وهو السلاح - والله أعلم - الذي أمر الله عز ذكره أن يؤخذ في صلاة الخوف وكذلك كل ما كان في معناه من شيء له صلابة فحدد حتى صار إذا وجئ به أو رمي به يخرق حده قبل ثقله مثل العود يحدد والنحاس والفضة والذهب وغيره فكل من أصاب أحدا بشيء من هذا جرحه فمات من الجرح ففيه القصاص (قال الشافعي): وإن ضربه بعرض سيف أو عرض خنجر أو مخيط فلم يجرحه فمات فلا قود فيه حتى يكون الحديد جارحا أو شادخا مثل الحجر الثقيل يفضخ به رأسه وعمود الحديد وما أشبهه (قال الشافعي): وكذلك لو ضربه بعمود حديد خفيف لا يشدخ مثله أو بشيء من الحديد لا يشدخ وما كان لا يجرح أو كان خفيفا لا يشدخ، وكذلك لو ضربه بحد السيف أو غيره فلم يجرحه ومات ففيه العقل

(قال الشافعي): وما كان من شيء من الحديد أو غيره على عصا خفيفة شبيهة بالنصيب فضرب به الضربة الواحدة فميت منه فلا قود عليه؛ لأن هذا لا يتخذ لينهر دما ولا يتخذ يمات به وإن قتل قتل بالثقل لا بالحد (قال): وكذلك المعراض يرمي به فلا يجرح ويصيب بعرضه فيموت أو يصيب بنصله فلا يجرح فيموت (قال): وهكذا لو ضربه بحجر لا حد له خفيف فرضخه فمات فلا قود ولو شجه، وكذلك لو ضربه بسوط فبضع فيه أو ضربه أسواطا يرى أن مثله لا يموت من مثلها فلا قود ولو كان نضوا فضربه عشرة أسواط ومثله يموت فيما يرى من مثلها فمات ففيه القود ولو كان محتملا فضربه مائة والأغلب أن مثله لا يموت من مثلها فمات فلا قود وكل حديد له حد يجرح فجرح به جرحا صغيرا أو كبيرا فمات منه ففيه القود؛ لأنه يجرح بحده والحجر يجرح بثقله ولو كان من المرو أو من الحجارة شيء يحدد حتى يمور مور الحديد فجرح به ففيه القود إن مات المجروح وإن ما جاوز هذا فكان الأغلب منه أن من ضرب به أو ألقي فيه أو ألقي عليه لم يعش، فضرب به رجل رجلا أو ألقاه فيه وكان لا يستطيع الخروج منه أو ألقاه عليه فمات الرجل ففيه القصاص، وذلك مثل أن يضرب الرجل بالخشبة العظيمة التي تشدخ رأسه أو صدره فيشدخه أو خاصرته فيقتله مكانه أو ما أشبه هذا مما الأغلب أنه لا يعاش من مثله أو بالعصا الخفيفة فيتابع عليه الضرب حتى يبلغ من عدد الضرب ما يكون الأغلب أنه لا يعاش من مثله، وكذلك السياط وما في هذا المعنى، وذلك أن يضربه على خاصرته أو في بطنه أو على ثدييه ضربا متتابعا أو على ظهره المائتين أو الثلثمائة أو على أليتيه فإذا فعل هذا فلم يقلع عنه إلا ميتا أو مغمى عليه، ثم مات ففيه القود وفي أن يسعر الحفرة حتى إذا انجحمت ألقاه فيها أو يسعر النار على وجه الأرض ثم يلقيه فيها مربوطا أو يربطه ليغرقه في الماء فإن فعل هذا فمات في مكانه أو مات بعد من ألم ما أصابه ففيه القود.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]