عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 11-03-2023, 01:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,470
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل

5: سيرة معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري (ت:18هـ)




بعثته إلى اليمن
- قال يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: «إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب». رواه البخاري.
- وقال شعبة بن الحجاج: حدثنا سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم جده أبا موسى ومعاذا إلى اليمن، فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا».
فقال أبو موسى: يا نبي الله إنَّ أرضنا بها شراب من الشعير المزر، وشراب من العسل البتع.
فقال: «كل مسكر حرام».
فانطلقا؛ فقال معاذ لأبي موسى: كيف تقرأ القرآن؟
قال: قائماً وقاعداً وعلى راحلتي، وأتفوّقه تفوّقاً.
قال: (أما أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي).
وضرب فسطاطا، فجعلا يتزاوران، فزار معاذ أبا موسى فإذا رجل موثق، فقال: ما هذا؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلم ثم ارتد، فقال معاذ: (لأضربن عنقه). رواه البخاري في صحيحه.
- وقال أبو اليمان الحكم بن نافع: حدثنا صفوان بن عمرو، عن راشد بن سعد، عن عاصم بن حميد السكوني أنَّ معاذاً لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم خرج معه النبي صلى الله عليه وسلم يوصيه، ومعاذ راكب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: (( يا معاذ! إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمرَّ بمسجدي وقبري))
فبكى معاذ بن جبل جشعاً لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا تبك يا معاذ، البكاء، أو إن البكاء من الشيطان )). رواه أحمد في المسند، والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في السنن الكبرى.
قال البيهقي: (وهذا في بعثته الثانية).
- وقال أبو النضر هاشم بن القاسم الليثي: حدثنا أبو معاوية شيبان، عن أشعث، عن الأسود بن يزيد، قال: (أتانا معاذ بن جبل باليمن معلّماً وأميراً؛ فسألناه عن رجل توفي وترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف والأخت النصف). رواه البخاري.
- وقال الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قدم علينا معاذ بن جبل اليمن رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلينا، قال: فسمعت تكبيرةً مع الفجر لرجلٍ أجشّ الصوت.
قال: فألقيت عليه محبَّتي.
قال: (فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتاً، ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت ابن مسعود فلزمته حتى مات). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، والبيهقي في السنن الكبرى.


سماحته وورعه
- قال معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: كان معاذ بن جبل رجلاً سمحاً شاباً جميلاً من أفضل شباب قومه، وكان لا يمسكُ شيئاً؛ فلم يزل يدّان حتى أغلق ماله كله من الدين، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يطلب إليه أن يسأل غرماءَه أن يضعوا له، فأبوا، فلو تركوا لأحد من أجل أحد، تركوا لمعاذ بن جبل من أجل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فباع النبي صلى الله عليه وسلم كلَّ ماله في دينه، حتى قام معاذ بغير شيء، حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن أميراً ليجبره؛ فمكث معاذ باليمن وكان أوَّل من اتّجر في مال الله هو، ومكث حتى أصاب، وحتى قُبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قبض قال عمر لأبي بكر: (أرسل إلى هذا الرجل، فدع له ما يعيّشه، وخذ سائره منه).
فقال أبو بكر: (إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليجبره، ولست بآخذٍ منه شيئاً إلا أن يعطيني).
فانطلق عمر إلى معاذ إذ لم يطعه أبو بكر، فذكر ذلك عمر لمعاذ، فقال معاذ: (إنما أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبرني، ولست بفاعلٍ).
ثم لقي معاذ عمر فقال: (قد أطعتك، وأنا فاعل ما أمرتني به، إني أريت في المنام أني في حومة ماء، قد خشيت الغرق، فخلصتني منه يا عمر).
فأتى معاذٌ أبا بكر فذكر ذلك له، وحلف له أنه لم يكتمه شيئاً حتى بيَّن له سوطه.
فقال أبو بكر: (لا والله لا آخذه منك، قد وهبته لك).
قال عمر: (هذا حين طاب وحلَّ).
قال: (فخرج معاذ عند ذلك إلى الشام). رواه عبد الرزاق في مصنفه، والبيهقي في دلائل النبوة.
وأما قوله: (حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن أميراً) إن كانت هذه العبارة محفوظة ففيها تجوّز؛ لأنه ثبت شهوده لغزوة تبوك، وإنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة تبوك البعثة الأولى وذلك عام تسع للهجرة، ثم بعثه ثانية بعد ذلك بعام.
- وقال عبيد بن غنام بن حفص بن غياث النخعي: حدثني أبي، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم واستخلفوا أبا بكر رضي الله عنه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فاستعمل أبو بكر رضي الله عنهما عمر على الموسم، فلقي معاذاً بمكة ومعه رقيق، فقال: ما هؤلاء؟
فقال: «هؤلاء أهدوا لي، وهؤلاء لأبي بكر».
فقال له عمر: إني أرى لك أن تأتي بهم أبا بكر.
قال: فلقيه من الغد، فقال: «يا ابن الخطاب، لقد رأيتني البارحة وأنا أنزو إلى النار وأنت آخذ بحجزتي، وما أراني إلا مطيعك».
قال: فأتى بهم أبا بكر، فقال: «هؤلاء أُهْدوا لي وهؤلاء لك».
قال: فإنا قد سلمنا لك هديتك، فخرج معاذ إلى الصلاة، فإذا هم يصلون خلفه، فقال معاذ: «لمن تصلون؟»
قالوا: لله عز وجل.
فقال: «فأنتم له، فأعتقهم». رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في دلائل النبوة.
وروى ابن سعد والحاكم أيضاً نحوه من طريق شيبان بن عبد الرحمن عن الأعمش، عن شقيق.
- وقال أبو إسحاق السبيعي، عن سعيد بن وهب الخيواني قال: جلب أعرابيٌّ غنماً فمرَّ به معاذ بن جبل فساومه، فحلف الأعرابي أن لا يبيعه بذلك، ثم مرَّ به الأعرابي بعد ذلك، فقال لمعاذ: هل لك فيها؟
قال: «بكم؟»
قال: بالثمن الذي أعطيتني.
فقال معاذ: « ما كنت لأوثمك ». رواه عبد الرزاق.


صفاته وشمائله
- قال جعفر بن برقان الكلابي: أخبرنا حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم الخولاني قال: دخلت مسجد حمص فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلاً من أصحاب النبي عليه السلام، وإذا فيهم شاب أكحل العينين، برّاق الثنايا، ساكت لا يتكلم، فإذا امترى القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه.
فقلت لجليس لي: من هذا؟
قال: (معاذ بن جبل). رواه ابن سعد، وابن عساكر، وزاد: (فوقع له في نفسي حبّ؛ فكنت معهم حتى تفرّقوا، ثم هجَّرتُ إلى المسجد؛ فإذا معاذ بن جبل قائمٌ يصلّي إلى سارية؛ فسكتّ لا يكلمني؛ فصليت ثم جلست بيني وبينه السارية؛ فاحتبيت بردائي، ثم جلس فسكت، لا يكلمني، وسكت لا أكلمه، ثم قلت: (والله إني لأحبك).
قال: (فيم تحبني؟).
قال: قلت: (في الله).
قال: فأخذ بحبوتي؛ فجرَّني إليه هنية ثم قال: (أبشر إن كنت صادقاً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء)).
قال: فخرجت فلقيت عبادة بن الصامت فقلت: يا أبا الوليد ألا أحدثك بما حدثني به معاذ بن جبل في المتحابين؟!
قال: فأنا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه إلى الربّ تعالى قال: [حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين في، وحقت محبتي للمتواصلين في].
ورواه أحمد وابن حبان بنحوه من طريق أبي المليح الرقي عن حبيب بن أبي مرزوق به.
-وقال أبو حازم بن دينار، عن أبي إدريس الخولاني أنه قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شاب براق الثنايا، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه، وصدروا عن قوله، فسألت عنه، فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجّرتُ فوجدتُه قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي.
قال: فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه، فسلمت عليه، ثم قلت: والله
إني لأحبك لله
فقال: أالله؟
فقلت: أالله.
فقال: أالله؟
فقلت: أالله.
فقال: أالله؟
فقلت: أالله.
قال: فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه، وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ)). رواه مالك في الموطأ، وأحمد في المسند، وابن سعد في الطبقات، والبيهقي في شعب الإيمان.
قلت: كان عمر أبي إدريس الخولاني عشر سنين حين رآه، وذلك أنه ولد عام حنين.
- وقال ابن وهب: أخبرني مالك بن أنس، عن أبي حازم بن دينار، عن أبي إدريس الخولاني قال: (دخلت مسجد دمشق فإذا أنا برجل براق الثنايا، طويل الصمت، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألت عنه فقيل: معاذ بن جبل رضي الله عنه). رواه الحاكم في المستدرك.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]