عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-03-2023, 12:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,400
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (422)
صــ 67 إلى صــ 81


7548 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن [ ص: 67 ] قيس بن سعد ، عن طاوس : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " ، أن يطاع فلا يعصى .

7549 - حدثنا محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد ، عن الحسن في قوله : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " قال "حق تقاته " ، أن يطاع فلا يعصى .

7550 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ثم تقدم إليهم - يعني إلى المؤمنين من الأنصار - . فقال : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، أما " حق تقاته " ، يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر .

7551 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج بن المنهال قال : حدثنا همام ، عن قتادة : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " ، أن يطاع فلا يعصى ، قال : " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " .

وقال آخرون : بل تأويل ذلك ، كما : -

7552 - حدثني به المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " اتقوا الله حق تقاته " ، قال : " حق تقاته " ، أن يجاهدوا في الله حق جهاده ، ولا يأخذهم في الله لومة لائم ، ويقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم .

ثم اختلف أهل التأويل في هذه الآية : هل هي منسوخة أم لا ؟ [ ص: 68 ]

فقال بعضهم : هي محكمة غير منسوخة .

ذكر من قال ذلك :

7553 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " اتقوا الله حق تقاته " أنها لم تنسخ ، ولكن " حق تقاته " ، أن تجاهد في الله حق جهاده . ثم ذكر تأويله الذي ذكرناه عنه آنفا .

7554 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن قيس بن سعد ، عن طاوس : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " ، فإن لم تفعلوا ولم تستطيعوا ، فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون .

7555 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال طاوس قوله : " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، يقول : إن لم تتقوه فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون .

وقال آخرون : هي منسوخة ، نسخها قوله : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) [ سورة التغابن : 16 ] .

ذكر من قال ذلك :

7556 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أنزل التخفيف واليسر ، وعاد بعائدته ورحمته على ما يعلم من ضعف خلقه فقال : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ، فجاءت هذه الآية ، فيها تخفيف وعافية ويسر .

7557 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال الأنماطي قال : [ ص: 69 ] حدثنا همام ، عن قتادة : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، قال : نسختها هذه الآية التي في "التغابن " : ( فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ) ، وعليها بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما استطاعوا .

7558 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس قال : لما نزلت : " اتقوا الله حق تقاته " ، ثم نزل بعدها : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ، فنسخت هذه الآية التي في "آل عمران " .

7559 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، فلم يطق الناس هذا ، فنسخه الله عنهم ، فقال : ( فاتقوا الله ما استطعتم )

7560 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " ، قال : جاء أمر شديد! قالوا : ومن يعرف قدر هذا أو يبلغه ؟ فلما عرف أنه قد اشتد ذلك عليهم ، نسخها عنهم ، وجاء بهذه الأخرى فقال : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) فنسخها . [ ص: 70 ]

وأما قوله : " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، فإن تأويله كما : -

7561 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن قيس بن سعد ، عن طاوس : " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، قال : على الإسلام ، وعلى حرمة الإسلام .
القول في تأويل قوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وتعلقوا بأسباب الله جميعا . يريد بذلك تعالى ذكره : وتمسكوا بدين الله الذي أمركم به ، وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم ، من الألفة والاجتماع على كلمة الحق ، والتسليم لأمر الله .

وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى "الاعتصام "

وأما "الحبل " فإنه السبب الذي يوصل به إلى البغية والحاجة ، ولذلك سمي الأمان "حبلا " ، لأنه سبب يوصل به إلى زوال الخوف ، والنجاة من الجزع والذعر ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة :

وإذا تجوزها حبال قبيلة أخذت من الأخرى إليك حبالها [ ص: 71 ]

ومنه قول الله عز وجل : ( إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) [ سورة آل عمران : 112 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

7562 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا العوام ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، قال : الجماعة .

7563 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم ، عن العوام ، عن الشعبي ، عن عبد الله في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، قال : حبل الله ، الجماعة .

وقال آخرون : عنى بذلك القرآن والعهد الذي عهد فيه .

ذكر من قال ذلك :

7564 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، حبل الله المتين الذي أمر أن يعتصم به : هذا القرآن .

7565 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " قال : بعهد الله وأمره . [ ص: 72 ]

7566 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : إن الصراط محتضر تحضره الشياطين ، ينادون : يا عبد الله ، هلم هذا الطريق! ليصدوا عن سبيل الله ، . فاعتصموا بحبل الله ، فإن حبل الله هو كتاب الله .

7567 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، عن أسباط ، عن السدي : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، أما "حبل الله " ، فكتاب الله .

7568 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " بحبل الله " ، بعهد الله .

7569 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء : " بحبل الله " ، قال : العهد .

7570 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله : " واعتصموا بحبل الله " قال : حبل الله : القرآن .

7571 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، قال : القرآن .

7572 - حدثنا سعيد بن يحيى قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كتاب الله ، هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض . [ ص: 73 ]

وقال آخرون : بل ذلك هو إخلاص التوحيد لله .

ذكر من قال ذلك :

7573 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، يقول : اعتصموا بالإخلاص لله وحده .

7574 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، قال : الحبل ، الإسلام . وقرأ " ولا تفرقوا " .
[ ص: 74 ] القول في تأويل قوله عز وجل ( ولا تفرقوا )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " ولا تفرقوا " ، ولا تتفرقوا عن دين الله وعهده الذي عهد إليكم في كتابه ، من الائتلاف والاجتماع على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والانتهاء إلى أمره . كما : -

7575 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم " ، إن الله عز وجل قد كره لكم الفرقة ، وقدم إليكم فيها ، وحذركموها ، ونهاكم عنها ، ورضي لكم السمع والطاعة والألفة والجماعة ، فارضوا لأنفسكم ما رضي الله لكم إن استطعتم ، ولا قوة إلا بالله .

7576 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبى العالية : " ولا تفرقوا " ، لا تعادوا عليه ، يقول : على الإخلاص لله ، وكونوا عليه إخوانا .

7577 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح : أن الأوزاعي حدثه ، أن يزيد الرقاشي حدثه أنه سمع أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة ، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة ، كلهم في النار إلا واحدة . قال : فقيل : يا رسول الله ، وما هذه الواحدة ؟ قال : فقبض يده وقال : الجماعة ، " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " . [ ص: 75 ]

7578 - حدثني عبد الكريم بن أبي عمير قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : سمعت الأوزاعي يحدث ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه .

7579 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا المحاربي ، عن ابن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن ثابت بن قطبة المدني ، عن عبد الله : أنه قال : "يا أيها الناس ، عليكم بالطاعة والجماعة ، فإنها حبل الله الذي أمر به ، وإن ما تكرهون في الجماعة والطاعة ، هو خير مما تستحبون في الفرقة " .

7580 - حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال : أخبرنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن ثابت بن قطبة قال : سمعت ابن مسعود وهو يخطب وهو يقول : يا أيها الناس ، ثم ذكر نحوه . [ ص: 76 ]

7581 - حدثنا إسماعيل بن حفص الأبلي قال : حدثنا عبد الله بن نمير أبو هشام قال : حدثنا مجالد بن سعيد ، عن عامر ، عن ثابت بن قطبة المدني قال : قال عبد الله : عليكم بالطاعة والجماعة ، فإنها حبل الله الذي أمر به ، ثم ذكر نحوه .
القول في تأويل قوله تعالى ( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : " واذكروا نعمة الله عليكم " ، واذكروا ما أنعم الله به عليكم من الألفة والاجتماع على الإسلام .

واختلف أهل العربية في قوله : " إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم " .

فقال بعض نحويي البصرة في ذلك : انقطع الكلام عند قوله : " واذكروا نعمة الله عليكم " ، ثم فسر بقوله : " فألف بين قلوبكم " ، وأخبر بالذي كانوا فيه قبل التأليف ، كما تقول : "أمسك الحائط أن يميل " .

وقال بعض نحويي الكوفة : قوله " إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم " ، تابع قوله : " واذكروا نعمة الله عليكم " غير منقطعة منها . [ ص: 77 ]

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن قوله : " إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم " ، متصل بقوله : " واذكروا نعمة الله عليكم " ، غير منقطع عنه .

وتأويل ذلك : واذكروا ، أيها المؤمنون ، نعمة الله عليكم التي أنعم بها عليكم ، حين كنتم أعداء في شرككم ، يقتل بعضكم بعضا ، عصبية في غير طاعة الله ولا طاعة رسوله ، فألف الله بالإسلام بين قلوبكم ، فجعل بعضكم لبعض إخوانا بعد إذ كنتم أعداء تتواصلون بألفة الإسلام واجتماع كلمتكم عليه ، كما : -

7582 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم " ، كنتم تذابحون فيها ، يأكل شديدكم ضعيفكم ، حتى جاء الله بالإسلام ، فآخى به بينكم ، وألف به بينكم . أما والله الذي لا إله إلا هو ، إن الألفة لرحمة ، وإن الفرقة لعذاب .

7583 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء " ، يقتل بعضكم بعضا ، ويأكل شديدكم ضعيفكم ، حتى جاء الله بالإسلام ، فألف به بينكم ، وجمع جمعكم عليه ، وجعلكم عليه إخوانا .

قال أبو جعفر : فالنعمة التي أنعم الله على الأنصار التي أمرهم تعالى ذكره في هذه الآية أن يذكروها ، هي ألفة الإسلام ، واجتماع كلمتهم عليها والعداوة التي كانت بينهم ، التي قال الله عز وجل : " إذ كنتم أعداء " فإنها عداوة الحروب التي كانت بين الحيين من الأوس والخزرج في الجاهلية قبل الإسلام ، يزعم العلماء بأيام العرب أنها تطاولت بينهم عشرين ومائة سنة ، . كما : - [ ص: 78 ]

7584 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : قال ابن إسحاق : كانت الحرب بين الأوس والخزرج عشرين ومائة سنة ، حتى قام الإسلام وهم على ذلك ، فكانت حربهم بينهم وهم أخوان لأب وأم ، فلم يسمع بقوم كان بينهم من العداوة والحرب ما كان بينهم . ثم إن الله عز وجل أطفأ ذلك بالإسلام ، وألف بينهم برسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

فذكرهم جل ثناؤه إذ وعظهم ، عظيم ما كانوا فيه في جاهليتهم من البلاء والشقاء بمعاداة بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا ، وخوف بعضهم من بعض ، وما صاروا إليه بالإسلام واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، والإيمان به وبما جاء به ، من الائتلاف والاجتماع ، وأمن بعضهم من بعض ، ومصير بعضهم لبعض إخوانا ، وكان سبب ذلك ما : -

7585 - حدثنا به ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثني ابن إسحاق قال : حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة المدني ، عن أشياخ من قومه ، قالوا : قدم سويد بن صامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجا أو معتمرا . قال : وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم الكامل لجلده وشعره ونسبه وشرفه . قال : فتصدى له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به ، فدعاه إلى الله عز وجل وإلى الإسلام ، قال : فقال له سويد : فلعل الذي معك مثل الذي معي! قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وما الذي معك ؟ قال : مجلة لقمان - يعني : حكمة لقمان - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اعرضها علي " فعرضها عليه ، فقال : "إن هذا لكلام حسن ، معي أفضل من هذا ، قرآن أنزله الله علي هدى ونور . قال : فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، ودعاه إلى الإسلام ، فلم يبعد منه ، وقال : إن هذا لقول حسن! ثم [ ص: 79 ] انصرف عنه وقدم المدينة ، فلم يلبث أن قتلته الخزرج . فإن كان قومه ليقولون : قد قتل وهو مسلم . وكان قتله قبل يوم بعاث .

7586 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، أحد بني عبد الأشهل : أن محمود بن لبيد ، أحد بني عبد الأشهل قال : لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ، ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج ، سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاهم فجلس إليهم فقال "هل لكم إلى خير مما جئتم له ؟ " قالوا : وما ذاك ؟ قال : "أنا رسول الله ، بعثني إلى العباد أدعوهم إلى الله أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ، وأنزل علي الكتاب . ثم ذكر لهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، فقال إياس بن معاذ ، وكان غلاما حدثا : أي قوم ، هذا والله خير مما جئتم له! قال : فيأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من البطحاء ، فضرب بها وجه إياس بن معاذ ، وقال : دعنا منك ، فلعمري لقد جئنا لغير هذا! قال : فصمت إياس بن معاذ ، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ، وانصرفوا [ ص: 80 ] إلى المدينة ، وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج . قال . ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك . قال : فلما أراد الله إظهار دينه ، وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإنجاز موعده له ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقي فيه النفر من الأنصار يعرض نفسه على قبائل العرب ، كما كان يصنع في كل موسم . فبينا هو عند العقبة ، إذ لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا .

قال ابن حميد قال : سلمة قال : محمد بن إسحاق ، فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ; عن أشياخ من قومه قالوا : لما لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : "من أنتم ؟ " قالوا : نفر من الخزرج قال : أمن موالي يهود ؟ قالوا : نعم قال : أفلا تجلسون حتى أكلمكم ؟ قالوا : بلى! . قال : فجلسوا معه ، فدعاهم إلى الله ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن . قال : وكان مما صنع الله لهم به في الإسلام ، أن يهود كانوا معهم ببلادهم ، وكانوا أهل كتاب وعلم ، وكانوا أهل شرك ، أصحاب أوثان ، وكانوا قد غزوهم ببلادهم . فكانوا إذا كان بينهم شيء ، قالوا لهم : إن نبيا الآن مبعوث قد أظل زمانه ، نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم ! . فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله عز وجل ، قال بعضهم لبعض : يا قوم ، تعلمون والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود ، فلا يسبقنكم إليه! فأجابوه فيما دعاهم إليه ، بأن صدقوه وقبلوا منه [ ص: 81 ] ما عرض عليهم من الإسلام ، وقالوا له : إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم ، وعسى الله أن يجمعهم بك ، وسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين; فإن يجمعهم الله عليه ، فلا رجل أعز منك . ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم ، قد آمنوا وصدقوا وهم فيما ذكر لي ستة نفر . قال : فلما قدموا المدينة على قومهم ، ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعوهم إلى الإسلام ، حتى فشا فيهم ، فلم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم . حتى إذا كان العام المقبل ، وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوه بالعقبة ، وهي العقبة الأولى ، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء ، وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.28%)]