عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 27-03-2023, 12:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,251
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان







اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(5)
في دارسه القرآن (2)


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
لقد كان القرآن الكريم مدرسة ربانية تربى فيها المسلمون الأوائل حينما أدركوا أن الفلاح والنجاح منوطاً بالإقبال على هذا القرآن وفهم معانية ، ولذلك كانت قراءتهم قراءة تدبُّر ، وفهم للمعاني ، ونقلت لنا السير حال القوم عند قراءة القرآن والإقبال عليه فهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .(33) .

وبات ليلة من الليالي يقرأ آية ويرددها حتى بلق الفجر وهي قوله تعالى : (( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .)) سورة المائدة (118) ، وهذا ابن مليكة رحمه الله تعالى يقول : سافرت مع ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من مكة إلى المدينة فكان يقوم نصف الليل فيقرأ القرآن حرفاً حرفاً ثم يبكي حتى تسمع له نشيجاً ويقول اسحاق ابن إبراهيم الطبري عن الفضيل ابن عياض ـ رحمه الله تعالى ـ كانت قراءته شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنساناً ، وكان إذا مرّ بآية فيها ذكر الجنة يردد فيها ويسأل . وعن سعيد ابن جبير ـ رحمه الله تعالى ـ أنه ردد قوله تعالى :
(( واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله )) البقرة (281) .. وردد قول الله تع
الى : (( فسوف يعلمون * إذِ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يُسحبون )) غافر (71) ، وروي أنه أحرم بنافلة فاستفتح إذا السماء انفطرت فلم يزل فيها حتى نادى مناد السحر .

وعن عامر ابن عبد قيس ـ رحمه الله تعالى ـ أنه قرأ ليلة سورة المؤمن ، فلما انتهى إلى قوله تعالى (( وأنذرهم يوم الآزفة إذِ القلوب لدى الحناجر كاظمين )) غافر (18) ، فلم يزل يرد
دها حتى أصبح ، ونقل عنه أنه قرأ قوله تعالى (( فقالوا ياليتنا نُرد ولا نكذّب بآيات ربنا )) الأنعام (27) .
فجعل يبكي ويرددها حتى أسحر .
وردد الحسن البصري رحمه الله ليلة : (( وإن تعدوا نعمة الله لا
تحصوها )) النحل (18) ، حتى أصبح فقيل له في ذلك فقال : إن فيها معتبراً ما نرفع طرفاً ولا نرده إلا وقع على نعمة ، ومالا نعلمه من نعم الله أكثر .
وبات تميم الداري يردد قول الله تعالى : (( أم حسب الذين يعملون السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات )) الجاثية (21) . قال النووي رحمه الله تعالى : وقد
بات جماعة من السلف يتلوا الواحد منهم الآية الواحدة ليلة كاملة أو معظمها يتدبرها عند القراءة (34). وقال ابن القيّم رحمه الله تعالى : هذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصبح . .

وقال رحمه الله تعالى : فإذا قرأه بتفكّر حتى إذا مر بآية وهو محتاج إليها في
شفاء قلبه ، كررها ولو مئة مرة ولو ليلة ، فقراءة آية بتفكّر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبّر وتفهّم ، وأنفع لقلب ، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن .
وقال ابن قدامه رحمه الله تعالى : وليعلم ان ما يقرأه ليس بكلام بشر ، وأن
يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ، ويتدبر كلامه ، فإن التدبّر هو المقصود من القراءة ، وإن لم يحصل التدبّر إلا بترديد الآية فليرددها . اهـ . (35) هكذا كانت حياة القوم ، وهكذا كانت قراءتهم وملازمتهم لكتاب ربهم تبارك وتعالى ، أفلا ترون أيها الصائمون أننا في أمس الحاجة إلى هذه النوعية من الإقبال والقراءة والتدبّر ؟

إن أخذ كتاب الله تعالى على أنه مصدر عز الأمة وفلاحها هو الحل لأن نعود إلى هذا القرآن من جديد . وحين يتحقق ذلك في واقع الأمة تحقيقاً عملياً حينها يمكن أن نحقق لذواتنا وأ
متنا الأمل المنشود .

نفعنا الله وإياكم بالقرآن ورزقنا تبره وفهم معانية إنه ولي ذلك والقادر عليه .
______________________________ _____
(33) رواه أهل السنن والإمام أحمد .
(34) الأذكار
(35) المدارج ـ تدبر القرآن للسنيدي .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.55%)]