عرض مشاركة واحدة
  #74  
قديم 15-04-2023, 12:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضان فى عيون الادباء متجدد

رمضان فى عيون الادباء


أنوارٌ رمضانية في رؤى شعرية
شمس الدين حسين درمش

سمو النفس وطهرها في رمضان:
ويعبر الشعراء عن صفاء النفوس وسموها وطهرها في رمضان؛ لإقبالها على الله - سبحانه -، وامتثالها أمره صياماً وصلاة، فالشاعر محمد التهامي(5) يخصص عدداً من القصائد لشهر رمضان مثل (دعائي ليلة القدر ص7، أهلاً رمضان ص14، هلّ الصيام ص17، في نور الصيام ص19) يظهر من خلالها أثر الصيام في تزكية النفس فيقول في قصيدته (أهلا رمضان):
له نفس يطهر كل حي *** ويجعل طينة الدنيا سماء
يطوف على جوارحنا دعاء *** يحيل عنادها الباغي رضاء
ويغرس في منايا النفس عزماً *** من الإيمان يحكم كيف شاء
ويلح الشاعر التهامي على معنى تطهير الصوم للنفوس فيقول في قصيدة (في نور الصيام):
الصوم للحيران طوق نجاة *** وطريقه الهادي إلى الجنات
وعليه معراج اليقين إلى الهدى *** يمتد فوق مهالك الشهوات
ويطهر الإنسان حتى إنه *** روح يكاد يضيء في الظلمات
رمضان وتصحيح المسيرة:
ويعد الشعراء مجيء رمضان فرصة لتصحيح مسيرة الحياة لدى الإنسان المسلم، ففي أحد عشر شهراً تغفو القلوب، وتجدب الهمم، وترتع النفوس في شهواتها من مباهج الحياة، وتميل مع الأهواء، فإذا جاء (رمضان) أحدث يقظة في الغافلين، وبعث صيحة في النائمين فهبوا من رقدتهم، وانتبهوا من غفلتهم، يقول الشاعر ياسين الفيل (7):
رمضان جئت فما عساي أقول *** والدمع من ألم الفراق يسيل
عام مضى.. غفت القلوب وأجدبت *** همم.. وأنكرت الثمار حقول
واستنفرتنا للمباهج أنفس... الكل نام *** مالت مع الأهواء حيث تميل
عن الحقيقة لاهياً *** والعام في طرق الزمان يجول
وتجيء يفجؤنا المجيء كأنما *** ركضت على فرس النيام خيول
ونلوذ بالتقوى ونلتمس الهدى *** بك يا أجل من اصطفاه جليل
ولهذا الأثر الإيجابي الكبير الذي يتركه رمضان في النفوس، يرى الشاعر أنه شهر ليس له مثيل فيقول:
رمضان جئت فما لمثلك روعة *** أبداً ولا لك في الشهور مثيل
تأتي فينطلق الرجاء مؤملاً... أنا لا *** أن لا يضل عن القطيع فصيل
أشك فأنت حين تجيئنا *** يهتز شوقاً للعطاء بخيل
ويغادر العصيان قبو ضلاله *** ويعز بالإسلام فيك ذليل
الصعود إلى رمضان:
شعور المفارقة لدرجة النقيض بين سمو رمضان وألقه، وما تعيشه الأمة عامة من تراجع في وجودها يسيطر على الشعراء الذين يتحدثون عن رمضان. والشاعر الذي يمثل الفرد المسلم بأحاسيسه يصور لنا هذا الشعور تصويراً محسوساً تخييلياً، فهذا ناصر بن علي عليان (8) يقول:
جئت من عالم الضياء وجئنا *** من غيابات ذلنا والمقابر
تاقت الأنفس الظماء لريّاك *** فشدت للأفق قلباً وناظر
تتراءى هلالك الباسم الثغر *** يحيي سناه باد وحاضر
فأكبت عليك تلثمك الروح *** اشتياقا وتجتليك المحاجر
فبين مجيء رمضان من عالم الضياء العلوي، ومجيئنا من غيابات ذلنا والمقابر رسم أبعد نقطتين في طرفي التناقض يرمي الشاعر من ورائه إظهار المدى الأبعد الذي يرفعنا إليه رمضان، مما يهيئ لذلك الاستقبال الروحي بقوله:
فأكبت عليك تلثمك الروح *** اشتياقاً وتجتليك المحاجر
ويفتح رمضان بوابته الواسعة ليدخل منها جموع المحبين المشتاقين:
أي بوابة إلى ساحة الغفران *** أشرعت داعياً كل تاجر
ربح البيع قلتها للمخبين *** وقد أدلجوا وشدوا المآزر
فلهم في الدجى ترانيم مشتاق *** وتسبيح مستهام وذاكر
بسخين الدموع يطفون ما قد *** أوقد الخوف والرجا من مجامر
رمضان بشرى الصائمين:
ويعقب ذلك الإقبال من المؤمنين نحو رمضان مدلجين في السير، وقد شدوا المآزر وهجروا المضاجع ولهم أزيز النحل بترانيم التسبيح والذكر، يعقب ذلك كله بشرى بالأجر العظيم والغفرآن العميم، ولهذا يعبر الشاعر محمد ذيب النطافي (9) فيقول:
يا صائماً شهر الهدى بُشراكا *** نلتَ الثوابَ وفزتَ في دنياكا
أعطاكَ ربُّكَ في الحياة كرامة *** وأعدَّ جنتَه غداً للقاكا
فالأرضُ حولكَ روضةٌ فواحةٌ *** والجنة الفيحاءُ عن يمناكا
مفتوحةٌ لك والطريقُ سلامُ
فالشاعر ينقلنا إلى الغاية القصوى وهي الفوز بثواب الله في الغد الآتي جنة أعدها الله سبحانه للقاء الصائمين مفتوحة والطريق إليها سلام: ( سَلامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ) [ يس: 58 ] ( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ) [الأحزاب:44] ( وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) [الرعد:23ـ24] (( أَفْشُوا السَّلاَمَ بَينَكُمْ)) [رواه مسلم]. تأتي عبارة الشاعر كلمة واحدة تفتح في ذاكرتنا كل أبواب السلام.
يتبع








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.49 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]