
01-05-2023, 07:05 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,316
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (244)
صــــــــــ 62 الى صـــــــــــ 68
وكذلك لو أصاب المجني عليه منه أكلة وكان خيرا له أن يقطع الكف لئلا تمشي الأكلة في جسده فقطعها، والأطراف حية لم يضمن الجاني شيئا من قطع المجني عليه فإن مات جعلت على الجاني نصف ديته؛ لأن ظاهره أنه مات من جناية الجاني وجناية المجني عليه على نفسه وإذا داوى المجني عليه جراحه بسم فمات فعلى الجاني نصف
أرش المجني عليه؛ لأنه مات من السم والجناية فإن كان السم يوحي مكانه كما يوح الذبح فالسم قاتل وعلى الجاني أرش الجرح فقط، وإن كان السم مما يقتل ولا يقتل فالجناية من السم والجراح وعليه نصف الدية، وإن كان داوى جرحه بشيء لا يعرف فالقول قول المجني عليه أنه شيء لا يضر مع يمينه وقول ورثته بعده والجاني ضامن لما حدث في الجناية.
ولو أن رجلا جرح رجلا جرحا فخاط المجروح عليه الجرح ليلتئم فإن كانت الخياطة في جلد حي فالجارح ضامن للجرح وإن مات المجروح بعد الخياطة فعلى الجارح نصف الدية وأجعل الجناية من جرح الجاني وخياطة المجروح؛ لأن الخياطة ثقب في جلد حي وإن كانت الخياطة في جلد ميت فالدية كلها على الجارح ولا يعلم موت الجلد ولا اللحم إلا بإقرار الجاني أو بينة تقوم للمجني عليه من أهل العلم؛ لأن الظاهر أن ذلك حي حتى يعلم موته ولو لم يزد المجروح على أن ربط الجرح رباطا بلا خياطة ولاحم بينه بدمه أو بدواء لا يأكل اللحم الحي وليس بسم فمات المجني عليه كان الجاني ضامنا لجميع النفس؛ لأن المجني عليه لم يحدث فيها جناية إنما أحدث فيها منفعة وغير ضرر.
(قال الشافعي): ولو أن المجني عليه كوى الجرح كان كيه إياه تكميدا بصوف أو ما أشبهه مما يقول أهل العلم: إن هذا ينفع ولا يضر من بلغ هذا أو أكثر منه ضمن الجارح الجناية وما زاد فيها وإن كان بلغ كيها أن أحرق معها صحيحا أو قيل: قد كواها كيا ينفع مرة ويضر أخرى أو يدخل بداخله حال فهو جان على نفسه كما وصفت في الباب قبله يسقط نصف النفس بجنايته على نفسه ويلزم الجاني نصفها إن صارت الجناية نفسا. .
من يلي القصاص
(قال الشافعي): وإذا قطع الرجل أو جرح فسأل أن يخلى بينه وبين أن يقتص لنفسه لم يخل وذلك، وكذلك لا يخلى وذلك ولي له ولا عدو للمقتص منه ولا يقتص إلا عالم بالقصاص عدل فيه ويكفي فيه الواحد؛ لأنه لا يقتص الاثنان ويأمر الواحد من يعينه ولا يستعين بظنين على المقتص منه بحال. وعلى السلطان أن يرزق من يأخذ القصاص ويقيم الحدود في السرقة وغيرها من سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخمس كما يرزق الحكام ولا يكلف ذلك الناس فإن لم يفعل الحاكم فأجر المقتص على المقتص منه؛ لأن عليه أن يعطي كل حق وجب عليه ولا يكمل إعطاؤه إياه إلا بأن يسقط المؤنة عن أخذه كما يكون عليه أن يعطي أجر الكيال للحنطة والوزان للدنانير وهكذا كل قصاص دون النفس يليه غير المقتص له ووليه. وإذا قتل رجل رجلا فسأل أولياؤه أن يمكن من القاتل يضرب عنقه أمكن منه وينبغي للإمام أن يتحفظ فيأمر من ينظر إلى سيفه فإن كان صارما وإلا أمره أن يأخذ سيفا صارما لئلا يعذبه، ثم يدعه وضربه فإن ضربه ضربة فقتله فقد أتى على القود وإن ضربه على كتفيه أو في رأسه منعه العودة وأحلفه ما عمد ذلك فإن لم يحلف على ذلك عاقبه وإن حلف تركه ولا أرش فيها وأمر هو بضرب عنقه بأمر الولي وجبر الولي على ذلك إلا أن يعفو، وإن كان القاتل ضرب المقتول ضربات في عنقه تركه يضربه حتى يبلغ عدد الضربات فإن مات وإلا يأمر غيره بقتله، وإذا أمر الإمام الرجل غير الظنين
على المستقاد منه أن يقتله فضربه ضربات فلم يقتله أعاد الضرب حتى يأتي على نفسه. وينبغي أن يأمر بسيف أصرم من سيفه ويأمر رجلا أضرب منه ليوحيه فإن كان القاتل قطع يدي المقتول أو رجليه أو شجه أو أجافه، ثم قتله أو نال منه ما يشبه ذلك فسأل الولي أن يصنع ذلك به ولينا من يحسن تلك الجراح كلها كما تولى الجارح دون النفس فإن مات وإلا ولينا الولي ضرب عنقه لا يلي الولي إلا قتلة وحية من ضرب عنق أو ذبح إن كان القاتل ذبحه أو خنقه أو ما أشبهه من الميتات الوحية. فإذا بلغ من خنقه بقدر ما مات الأول ولم يمت منعناه الخنق وأمرناه بضرب عنقه، ولو كان القاتل ضرب وسط المقتول ضربة فأبانه خلينا بين وليه وبين أن يضربه حيث ضربه فإن أبانه وإلا أمرناه أن يضرب عنقه، ولو كان لم يبنه إلا بضربات خلينا بينه وبين عدد ضربات فإن لم يبنه قتلناه بأيسر القتلتين ضربة تبين ما بقي منه أو ضربة عنق. .
خطأ المقتص
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا أمر المقتص أن يقتص فوضع الحديدة في موضع القصاص ثم جرها جرا فزاد على قدر القصاص سئل أهل العلم فإن قالوا: قد يخطأ بمثل هذا سئل فإن قال أخطأت أحلف ولا قصاص عليه وعقل ذلك عنه عاقلته، وإن قالوا لا يخطأ بمثل هذا فللمستقاد منه القصاص بقدر الزيادة إلا أن يشاء منه الأرش فيأخذه من ماله، وكذلك إن قالوا: قد يخطأ بمثله وقيل للمقتص احلف لقد أخطأت به فإن أقر أقص منه أو أخذ من ماله الأرش وإن لم يقر ونكل قيل: للمجني عليه احلف لقد عمد فإن حلف فله القود وإن نكل فلا شيء له حتى يحلف فيستقيد أو يأخذ المال.
وهكذا إذا وضع الحديدة في موضع غير موضع القود لا يختلف فيه الجواب فيما أمكن أن يكون خطأ وما لم يمكن، وإذا وضع الحديدة في غير موضعها أعدته حتى يضعها في موضعها حتى يستقيد للمجني عليه الأول ولا يتخذ إلا أمينا لخطئه وعمده فإذا كان القصاص على يمين فأخطأ المقتص فقطع يسارا أو كان على أصبع فأخطأ فقطع غيرها فإن كان يخطأ بمثل هذا درئ عنه الحد وكان العقل على عاقلته (قال الربيع) وفيه قول آخر: أن ذلك عليه في ماله ولا تحمله العاقلة؛ لأنه عمد أن يقطع يده ولكنا درأنا عنه القود لظنه أنها اليد التي وجب فيها القصاص فأما قطعه إياها فعمد.
(قال الشافعي): وإذا كان لا يخطأ به اقتص منه، وإذا برأت جراحته التي أخطأ بها المقتص اقتص الأول، ولو قال المقتص للمقتص منه: أخرج يسارك فقطعها وأقر أنه عمد إخراج يساره وقد علم أن القصاص على يمينه وأن المقتص أمر بإخراج يمينه فلا عقل ولا قود على المقتص، وإذا برئ اقتص منه لليمنى، وإن قال: أخرجتها له ولم أعلم أنه قال: أخرج يمينك ولا أن القصاص على اليمنى. أو رأيت أني إذا أخرجتها فاقتص منها سقط القصاص عني أحلف على ذلك ولزمت دية يده المقتص ولا قود ولا عقوبة عليه وإنما يسقط العقل والقود إذا أقر المقتص منه أنه دلسها وهو يعلم أن القود على غيرها، ولو كان المقتص منه في هذه الأحوال كلها مغلوبا على عقله فأخطأ المقتص فإن كان مما يخطأ بمثله فعلى عاقلته، وإن كان مما لا يخطأ بمثله فعليه القود إلا إذا أفاق الذي نال ذلك منه وسواء إذا كان المقتص منه مغلوبا على عقله أذن له أو دلس له أو لم يدلس؛ لأنه لا أمر له في نفسه، وإذا أمر أبو الصبي أو سيد المملوك الختان بختنهما ففعل فماتا فلا عقل ولا قود ولا كفارة على الختان وإن ختنهما بغير أمر أبي الصبي أو أمر الحاكم ولا
سيد المملوك وماتا فعليه الكفارة وعلى عاقلته دية الصبي وقيمة العبد ولو كان حين أمره أن يختنهما أخطأ فقطع طرف الحشفة وذلك مما يخطئ مثله بمثله فلا قصاص وعليه من دية الصبي وقيمة العبد بحساب ما بقي ويضمن ذلك العاقلة.
ولو قطع الذكر من أصله وذلك لا يخطأ بمثله حبس حتى يبلغ الصبي فيكون له القود أو أخذ الدية أو يموت فيكون لوارثه القصاص أو الدية تامة، ولو كانت بواحد منهما أكلة في طرف من أطرافه فأمره أبو الصبي وسيد العبد بقطع الطرف وليس مثلها يتلف فتلف فلا عقل ولا قود ولا كفارة وإن أمره بقطع رأس الصبي فقطعه أو وسط الصبي فقطعه أو بقطع حلقومه فقطعه عوقب الأب على ذلك وعلى القاطع القود إذا مات منه الصبي، وإذا أمره بذلك في مملوكه ففعله فمات المملوك فعلى القاطع عتق رقبة ولا قود عليه (قال الربيع) ليس على قاطع مملوك قيمة؛ لأن سيده الذي أمره وإذا أمره بذلك في دابة له ففعله فلا قيمة عليه؛ لأنه أتلفها بأمر مالكها.
(قال الربيع) والعبد عندي في هذا مثل الدابة هو مال (قال الشافعي): ولو جاء رجل بصبي ليس بابنه ولا مملوكه وليس له بولي إلى ختان أو طبيب فقال: اختن هذا أو بط هذا الجرح له أو اقطع هذا الطرف له من قرحة به فتلف كان على عاقلة الطبيب والختان ديته وعليه رقبة ولا يرجع عاقلته على الآمر بشيء وهو كمن أمر رجلا بقتل.
(قال الشافعي): وكل قصاص وجب لصبي أو مغلوب على عقله فليس لأبي واحد منهما ولا وليه من كان أخذ القصاص ولا عفوه ويحبس الجاني حتى يبلغ الصبي أو يفيق المعتوه فيقتصا أو يدعا أو يموتا فتقوم ورثتهما مقامهما (قال الربيع) قال أبو يعقوب: ولو أمر رجل رجلا أن يفعل برجل حر بالغ مغلوب على عقله فعلا - الأغلب منه أنه لا يتلف به ففعله فتلف ضمنت عاقلة الفاعل دون الآمر ولا يرجع عليه بشيء؛ لأنه كان له أن يمتنع منه
(قال الشافعي): ولو كان قال له: هذا ابني أو غلامي فافعل به كذا وكذا ففعل به فتلف ضمنت عاقلة الفاعل دية الحر وقيمة العبد وعليه كفارة في ماله.
(قال الربيع) قال أبو يعقوب: وإن كان ابنه أو غلامه فليس له عليه في غلامه شيء إلا الكفارة إذا فعل به ما لا يجوز للسيد فعله به وأما ابنه فإن كان صغيرا أو كبيرا معتوها ففعل به بأمر أبيه ما فيه منفعة لهما فلا شيء عليه وإن كان فعل بهما ما ليس فيه منفعة فعليه الكفارة وعلى عاقلته الدية، وإن كان الابن الكبير يعقل الامتناع فلا عقل ولا قود ولا كفارة إلا أن يفعل به ما لا يجوز للابن أن يفعله بنفسه فتكون عليه الكفارة (قال الشافعي): وإن جاءه بدابة فقال له: شق ودجها أو شق بطنها أو عالجها ففعل فتلفت ضمن قيمتها إن لم تكن للآمر ولا يضمن إن كانت للآمر شيئا.
(قال الشافعي): وإذا أمر الحاكم ولي الدم أن يقتص من رجل في قتل فقطع يده أو يديه ورجليه وفقأ عينه وجرحه، ثم قتله أو لم يقتله عاقبه الحاكم ولا عقل ولا قود ولا كفارة؛ لأن النفس كلها كانت مباحة له، ولا ينبغي للإمام أن يمكنه من القصاص إلا وبحضرته عدلان أو أكثر يمنعانه من أن يتعدى في القصاص، وإذا أمكنه أن يقتص فيما دون النفس فقد أخطأ الحاكم وإن اقتص فقد مضى القصاص ولا شيء على المقتص وإن أمكنه أن يقتص من يسرى يديه فقطع يمناها أو أمكنه من أن يشجه في رأسه موضحة فشجه منقلة أو شجه في غير الموضع الذي شجه فيه فادعى الخطأ فما كان من ذلك مما يخطأ بمثله أحلف عليه وغرم أرشه وإن مات منه ضمن ديته وإن برئ منه غرم أرش ما نال منه وكان عليه القصاص فيما نال من المجني عليه ولم يبطل قصاص المجني عليه بأن يتعدى في الاقتصاص على الجاني وإن كان ذلك لا يخطأ بمثله أو أقر فيما يخطأ بمثله أنه عمد فيها ما ليس له اقتص منه مما فيه القصاص إلا أن يشاء الذي نال ذلك منه أن يأخذ منه العقل.
وإذا عدا الرجل على الرجل فقتله ثم أقام عليه البينة أنه قتل ابنه وهو ولي ابنه لا
وارث له غيره أو قطع يده اليمنى فأقام عليه البينة أنه قطع يده اليمنى فلا عقل ولا قود عليه ويعزز بأخذه حقه لنفسه. .
ما يكون به القصاص
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وما قلت إني أقتص به من القاتل إذا صنعه بالمقتول فلولاة المقتول أن يفعلوا بالقاتل مثله وذلك مثل أن يشدخ رأسه بصخرة فيخلى بين ولي المقتول وبين صخرة مثلها ويصير له القاتل حتى يضربه بها عدد ما ضربه القاتل إن كانت ضربة فلا يزيد عليها وإن كانت اثنتين فاثنتين، وكذلك إن كان أكثر فإذا بلغ ولي المقتول عدد الضرب الذي ناله القاتل من المقتول فلم يمت خلى بينه وبين أن يضرب عنقه بالسيف ولم يترك وضربه بمثل ما ضربه به إن لم يكن له سيف وذلك أن القصاص بغير السيف إنما يكون بمثل العدد فإذا جاوز العدد كان تعديا من جهة أنه ليس من سنة القتل وإنما أمكنته من قتله بالسيف؛ لأنه كانت له إفاتة نفسه مع ما ناله به من ضرب فإذا لم تفت نفسه بعدد الضرب أفتها بالسيف الذي هو أوحى القتل.
وهكذا إذا كان قتله بخشبة ثقيلة أو ضربة شديدة على رأسه وما أشبه هذا من الدامغ أو الشادخ أمكنت منه ولي القتيل فإن كان الضرب بعصا خفيفة أو سياط رددها حتى تأتي على نفسه لم أمكن منه ولي القتيل؛ لأن الضربة بالخفيف تكون أشد من الضربة بالثقيل وليس هذه ميتة وحية في الظاهر وقلت لولي القتيل: إن شئت أن تأمر من يرفق به فيقال له تحر مثل ضربه حتى تعلم أن قد جئت بمثل ضربه وأخف حتى تبلغ العدد فإن مات وإلا خليت وضرب عنقه بالسيف، وإن كان ربطه، ثم ألقاه في نار أحميت له نار كتلك النار لا أكثر منها وخلى ولي القتيل بين ربطه بذلك الرباط وإلقائه في النار قدر المدة التي مات فيها الملقى فإن مات وإلا أخرج منها وخلي ولي القتيل فضرب عنقه وهكذا إذا ربطه وألقاه في ماء فغرقه أو ربط برجله رحا فغرقه خلي بين ولي القتيل وبينه فألقاه في ماء قدر ذلك الوقت فإن مات وإلا أخرج فضربت عنقه.
وإن ألقاه في مهواة خلي بينه وبين ولي القتيل فألقاه في المهواة بعينها أو في مثلها في البعد وشدة الأرض لا في أرض أشد منها فإن مات وإلا ضربت عنقه
(قال الشافعي): فإن كان خنقه بحبل حتى قتله خلي بين ولي القتيل وخنقه بمثل ذلك الحبل حتى يقتله إذا كان ما صنع به من القتل الموحي خليت بين ولي القتيل وبينه، وإذا كان مما يتطاول به التلف لم أخل بينه وبينه وقتلته بأوحى الميتة عليه وإذا كان قطع يديه ورجليه من المفصل أو جرحه جائفة أو موضحة أو غير ذلك من الجراح لم يقتص منه ولي القتيل؛ لأن هذا مما لا يكون تلفا وحيا وخلي بين من يقطع الأيدي والأرجل إن أراد ذلك ولي القتيل فقطع يديه ورجليه.
ومن يقتص من الجراح فاقتص منه في الجراح فإن مات مكانه وإلا خلي بين ولي القتيل وضرب عنقه، وإن كان القاتل ضرب وسط المقتول بسيف ضربة فأبانه باثنين خلي بين ولي المقتول وبين أن يضربه ضربة بسيف فإن كان القاتل بدأها من قبل البطن خلي ولي القتيل فبدأها من قبل البطن فإن أبانه وإلا أمر بضرب عنقه
(قال الشافعي): وما خلي بين ولي المقتول وبينه من هذا الضرب فضرب في موضع غيره منع الضرب فيما يستقبل وأمر غيره ممن يؤمن عليه به وسواء كان ذلك في ضرب عنقه أو وسطه أو غيره كأن أمر بأن يضرب عنقه فضرب كتفيه أو ضرب رأسه فوق عنقه ليطول الموت عليه، فإذا قطع الرجل يدي الرجل ورجليه وجنى عليه جناية فمات من تلك الجنايات أو بعضها فلأوليائه الخيار بين
القصاص أو الدية فإن اختاروا الدية وسألوا أن يعطوا أرش الجراحات كلها والنفس أو أرش الجراحات دون النفس لم يكن ذلك لهم وكانت لهم دية واحدة تكون الجراحات ساقطة بالنفس إذا كانت النفس من الجراحات أو بعضها.
وهكذا لو جنى عليه رجلان أو ثلاثة فلم تلتئم الجراحة حتى مات فاختاروا الدية كانت لهم دية واحدة، ولو برئ في المسألتين معا أو كان غير ضمن من الجراح، ثم مات قبل أن تلتئم الجراح أو بعد التئامها فسأل ورثته القصاص من الجراح أو أرشها كلها أخذ الجاني بالقصاص أو أرشها كلها وإن كانت ديات كثيرة؛ لأنها لم تصر نفسا وإنما هي جراح ولو اختلف الجاني وورثة المجني عليه فقال: الجاني مات منها وقال ورثة المجني عليه: لم يمت منها كان القول قول ورثة المجني عليه مع أيمانهم وعلى الجاني البينة بأنه لم يزل منها ضمنا حتى مات أو ما أشبه ذلك مما يثبت موته منها ولو قطع رجل يده وآخر رجله وجرحه آخر، ثم مات فقال ورثته: برئ من جراح أحدهم ومات من جراح الآخر فإن صدقهم الجانون فالقول ما قالوا وعلى الذي مات من جراحه القصاص في النفس أو الأرش وعلى الذي برأت جراحته القصاص من الجراح أو دية الجراح وإن صدقهم الذي قال إن جراحه برأت وكذبهم الذي قال إن جراحه لم تبرأ فقال بل مات من جراح الذي زعمت أن جراحه برأت وبرأت جراحي فالقول قوله مع يمينه، ولا يلزمه القتل أبدا ولا النفس حتى يشهد الشهود أن المجروح لم يزل مريضا من جراح الجارح حتى مات ولو قال مات من جراحنا معا فمن قتل اثنين بواحد جعل على الذي أقر القتل فإن أرادوا أن يأخذوا منه الدية لم يجعل عليه إلا نصفها؛ لأنه يقول إنه مات من جراحنا معا. .
العلل في القود
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كسر الرجل سن الرجل من نصفها سألت أهل العلم فإن قالوا نقدر على كسرها من نصفها بلا إتلاف لبقيتها ولا صدع أقدته وإن قالوا: لا نقدر على ذلك لم نقده لتفتتها وإذا قلع رجل ظفر رجل فسأل القود قيل لأهل العلم: تقدرون على قلع ظفره بلا تلف على غيره؟ فإن قالوا نعم أقيد، وإن قالوا لا ففي الظفر حكومة وإن قطع الرجل أنملة رجل ولا ظفر للمقطوعة أنملته فسأل القصاص لم يكن له، وكذلك إن كان ظفرها مقطوعا قطعا لا يثبت لا قليلا ولا كثيرا لنقصها عن أنملة المقتص منه وما كان في سن أو ظفر من عوار لا يفسد الظفر وإن كان يعيبه وكان لا يفسد السن بقطع ولا سواد ينقص المنفعة أو كان أثر قرحة خفيفا كان له القصاص، وإن كان رجل مقطوع أنملة فقطع رجل أنملته الوسطى، والقاطع وافر تلك الأصبع فسأل المقطوعة أنملته الوسطى القصاص لم يكن له ولا يجوز أن يقطع له الأنملة التي من طرف بوسطى ولا الوسطى فتقطع بأنملته التي قطع من طرف ولم يقطعها.
(قال الشافعي): ولو قطع أنملة خنصر من طرف من رجل وأنملة خنصر الوسطى من آخر من أصبع واحدة فإن جاءا معا اقتص منه لأنملة الطرف ثم اقتص منه أنملة الخنصر الوسطى وإن جاء صاحب الوسطى قبل صاحب الطرف قيل: لا قصاص لك وقضي له بالدية وإن جاء صاحب الطرف فقطع له الطرف فسأل المقضي له بالدية ردها إن كان أخذها أو إبطالها إن كان لم يأخذها، ويقطع له أنملة الوسطى قصاصا لم يجب إلى ذلك؛ لأنه قد أبطل القصاص وجعل أرشا، وكذلك لو قطع وسط أنملة رجل الوسطى فقضي له بالأرش، ثم انقطع طرف أنملته، فسأل القصاص لم يقص له به ولو لم يأت صاحب الوسطى حتى انقطع طرف أنملته أو قطع بقصاص كان له القصاص. وإذا قطع الرجل يد الرجل
والمقطوعة يده نضو الخلق ضعيف الأصابع قصيرها أو قبيحها أو معيب بعضها عيبا ليس بشلل والقاطع تام اليد والأصابع حسنها قطعت بها، وكذلك لو كان المقطوع هو التام اليد والقاطع هو الناقصها كانت له لا فضل بينهما في القصاص.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|