
01-05-2023, 10:07 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,435
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (249)
صــــــــــ 89 الى صـــــــــــ 95
غم الرجل وخنقه
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو خنق رجل رجلا أو غمه ثم أرسله ولا أثر به منه لم يكن عليه فيه غرم وعزر ولو حبسه فقطع به في ضيقته ولم ينله في يديه بشيء ولم يمنعه طعاما ولا شرابا فقد أثم ويعزر ولا غرم عليه، وكل ما ناله من خدش أو أثر في يديه يبقى ففيه حكومة وإن كان أثرا يذهب، مثل الخضرة من اللطمة فلا حكومة. .
الحكومة
(قال الشافعي): - رحمه الله -: الجنايات التي فيها الحكومة كل جناية كان لها أثر باق: جرح أو خدش أو كسر عظم أو ورم باق أو لون باق فأما كل ضرب ورم أو لم يورم فلم يبق له أثر فلا حكومة فيه، وكل ما قلت فيه حكومة فالحكومة فيه من وجوه منها أن يجرحه في رأسه أو في وجهه جرحا دون الموضحة فيبرأ كلم المجروح فأقدره من الموضحة، ثم أنظر كم قدر الجرح الذي فيه الحكومة من الموضحة، فإن قال أهل العلم به: جرحه قدر نصف موضحة جعل فيه ما في نصف موضحة فإن قالوا: أكثر أو أقل جعل فيه بقدر ما قالوا إنه موقعه من الموضحة في الألم وبطء البرء وما أشبهه
(قال الشافعي): وإن قالوا لا ندري لمغيب العظم وأنه قد يكون دونه لحم كثير وقليل كم قدرها من الموضحة قيل: احتاطوا فإن قلتم لا شك في أنها نصف موضحة وقد نشك في أن تكون ثلثين؛ لأنها تشبه ذلك قيل: فهي النصف الذي لا تشكون فيه ولا يعطى منه بالشك شيء
(قال الشافعي): وإذا شان الوجه أو الرأس جرح نظر في الجرح كما وصفت ونظر في الشين مع الجرح فإن كان الشين أكثر أرشا من الجرح أخذ بالشين وإن كان الجرح أكثر أرشا من الشين أخذ بالجرح ولم يزد للشين شيء وإن قيل: الشين أرش موضحة أو أكثر منه نقص من موضحة شيئا ما كان الشين وإنما منعني أن أبلغ به موضحة أن الموضحة لو كانت فشانت لم يزد على أرش موضحة، إذا كان الشين مع ما هو أقل من موضحة لم يجز أن يبلغ الشين مع الجرح دون موضحة أرش موضحة، وإن كان الضرب لم يجرح وبقي منه شين فهكذا أولا يؤخذ للشين شيء إلا أن يكون شين لا يذهب بحال أو ينال اللحم بما يحشفه أو يفجر منه شيئا أو يجرحه فإن جرحه في الرأس أو الوجه جرحا دون الموضحة قيل لأهل البصر بذلك قدروا لذلك بقدره من الموضحة واحتاطوا فإن قلتم لا نشك في أنها نصف موضحة وقد نشك في أن تكون ثلثين؛ لأنها تشبه ذلك قيل فهي النصف الذي لا تشكون فيه ولا يعطى منه بالشك شيء وإذا كان هكذا أخذ له أرش وإن سود اللون أو خضره سوادا يبقى أو خضرة كذلك فشان الوجه سئل أهل العلم فإن قالوا: صار إلى هذا بموت من اللحم أخذ للشين فيه أرش وإن قالوا هذا مشكل وإن بلغ مدة كذا ولم يذهب أبدا ترك إلى تلك المدة فإن لم يذهب أخذ له أرش ومتى أخذ له شيء مما وصفت غير أثر الجرح الذي يعلم أنه لا يذهب أرشا، ثم ذهب رد الأرش الذي أخذ له وما قلت من الجراح التي لا قدر فيها وكسر العظام والشين سواء في الحر والحرة والمملوك والمملوكة والذمي والذمية يقوم في دية كل واحد منهما كما يقوم في ثمن المملوك ويحد في دية كل واحد من الأحرار بقدرها، فيحد في دية المجوسي بقدر الموضحة وفي دية المرأة بقدر موضحتها، وكذلك النصراني واليهودي، وكذلك الحر فيكون في موضحته وما دون موضحته بقدر ديته كان ديته ثمنا له كما تكون قيمة المملوك ثمنا له، وإذا كان الجرح في غير الرأس والوجه في عضو فيه أرش معلوم فليس في جرحه إذا التأم إلا قدر الشين الباقي بعد التئامه من قبل أنه ليس في جراح الجسد قدر معلوم إلا الجائفة لخوف تلفها وإذا بلغ شين الجرح الذي في العضو الذي فيه قدر معلوم أكثر من ذلك العضو نقصت الحكومة على قدره، وذلك مثل أن يجرح في أنملة من أطراف أصابع يديه أو رجليه أو ينزع له ظفرا فيكون أرش الشين فيها أكثر من دية الأنملة فلا يبلغ به دية أنملة؛ لأنه لو قطعت أنملته وشانته لم يزد على قدرها فلا يبلغ بما هو دونها من شينها قدرها ولو كان الجرح في وسط الأنامل أو أسافلها وكان قدر شينه أكثر من أرش أنملة لم يبلغ به أرش أنملة كما وصفت وإن كان الجرح في الكف أو القدم فشان بأكثر من أرش الكف أو القدم لم يبلغ به أرش كف ولا قدم؛ لأنهما لو قطعتا فشانتا لم يزد على أرشهما بالشين شيئا فلا يبلغ بما دون قطعهما من الجناية عليهما أرش قطعهما ولا شللهما وهكذا إن كان في الذراع أو العضد أو الساق أو القدم لم يبلغ بشينه قدر دية يد تامة ولا رجل تامة ولو كان الجرح والشين أو أحدهما في جميع البدن كله كان فيه ما شان المجروح لا يبلغ به دية المجروح للشين إن كان حرا لا قيمته إن كان عبدا؛ لأن في قطع اليدين الدية فإن قال قائل: فكيف حددت في الشين الذي تواريه الثياب فقلت يبلغ به ما دون الدية فجعلته في الوجه الذي يبدو الشين فيه أقبح محدودا بموضحة وهي نصف عشر الدية؟ قلت: لما وصفت من أنه لا يجوز أن يبلغ شين لا جرح فيه أرش جرح في موضع من المواضع لا يبلغ بموضحة ما أبلغ فيه شين موضحة وهي أكثر مما دونها فحددت لو كان في موضعها أقل منها بأن لا أبلغ به قدرها؛ لأنه لا يجوز أن يبلغ بها ما لم يبلغها من الشين، وكذلك قلت في كل جرح وشين بعضو له قدر
ولم أحد الديات على شين موضحة ولا ألم، ألا ترى أن في الأذن نصف الدية وفي اليد نصف الدية وليست منفعة الأذن والشين ذهابها قريبا من منفعة اليد والشين ذهابها، ألا ترى أن في الأنملة ثلاثا من الإبل وثلثا وفي الموضحة خمس من الإبل وفي الهاشمة عشر وذهاب الأنملة أشين وأضر من موضحة وهاشمة ومواضح وهواشم ولولا ما وصفت كان في الشين أبدا ما نقص الشين كما يكون ذلك في متاع جنى عليه فنقص به بعيب دخله
(قال الشافعي): وإذا كسر عظم من العظام، ثم جبر على غير عتم ففيه حكومة بقدر ألم أو جرح أو ضعف إن كان فيه وإن جبر على عثم أو شين غير العثم ففيه حكومة على ما وصفت لا يبلغ بها دية العظم لو قطع، كان بكسر أنملة أو بكسر ذراع ولا يبلغ بحكومة شين الأنملة أرش أنملة ولا بحكومة للذراع أرش يد وهذا هكذا في الفخذ والساق والقدم والأنف والفخذ، فأما الضلع إذا كسر وجبر فلا يبلغ به دية جائفة؛ لأن أكثر ما فيه أن يصير منه الجائفة. .
التقاء الفارسين
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا اصطدم الراكبان على أي دابة كان كل واحد منهما فماتا معا فعلى عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه من قبل أن كل واحد منهما جان على نفسه وعلى غيره وأن كل واحد منهما مات من صدمته وصدمة غيره فتبطل جنايته على نفسه ويؤخذ له جناية غيره كما لو جرح نفسه وجرحه غيره كان على الجارح نصف الدية؛ لأنه مات من جنايته وجناية غيره وهكذا القوم يرمون بالمنجنيق معا فيرجع الحجر عليهم فيقتل منهم رجلا فإن كانوا عشرة فقد مات من جنايته على نفسه وجناية التسعة مع نفسه عليه فترفع حصته من جنايته على نفسه وتؤخذ له جناية غيره عليه فيؤخذ لورثته تسعة أعشار ديته من الذين رموا بالمنجنيق معه من عاقلة كل واحد منهم عشر ديته وسواء كان أحد الراكبين على فيل والآخر على كبش أو كانا على دابتين سواء ومتفاوتين وإن ماتت دابتاهما ضمن كل واحد منهما في ماله نصف قيمة دابة صاحبه ولو اصطدم الفارس والراجل كانا كالفارسين يصطدمان.
وكذلك الراجلان يصطدمان وسواء كانا أعميين أو صحيحين أو أحدهما أعمى والآخر صحيح يضمن الأعمى من جنايته ما يضمن البصير وسواء غلبتهما دابتاهما أو غلبت إحداهما أو لم تغلبهما ولا واحدا منهما، وكذلك لو تقهقرت بهما دابتاهما فرجعت كل واحدة منهما على عقبيها فاصطدما فماتا، أو فعلت هذا دابة أحدهما وكان الآخر مقبلا على دابته ولو كان أحدهما عبدا والآخر حرا ضمنت عاقلة الحر نصف قيمة العبد بالغة ما بلغت وكان نصف دية الحر في عنق العبد فإن كان في نصف قيمة العبد فضل عن نصف دية حر دفع إلى سيد العبد فإن كان وفاء فهو قصاص ولا شيء لسيده وإن كان فيه نقص أقص بقدره ولا شيء على سيد العبد (قال الربيع) إذا كانا حيين فأما إذا مات العبد فإن الجناية في رقبته ولا شيء على سيده وعلى عاقلة الحر نصف قيمة العبد تؤخذ من عاقلة الحر وترد على ورثة الحر إن كان مثل نصف ديته أو أقل؛ لأن قيمة العبد تقوم مقام بدنه لو كان حيا فيتبع بالجناية فأما
إذا كان زائدا على نصف قيمة الحر فهو رد على سيده ومتى أخذ من نصف قيمة العبد رجع ورثة الحر وأخذوا نصف دية قتيلهم فإن عجزت قيمة العبد فلا شيء لهم.
(قال الشافعي): وإذا كان المصطدمان عبدين كان نصف قيمة كل واحد منهما في عنق صاحبه وبطلت الجناية من قبل أن الجانيين جميعا قد ماتا ولا يضمن عنهما عاقلة ولا مال لهما وسواء في الاصطدام الفارسان اللذان يعقلان والمعتوهان والأعميان والبصيران وأن يكون أحدهما معتوها والآخر عاقلا أو أحدهما صبيا والآخر بالغا إذا كانا راكبي الدابتين بأنفسهما أو حملهما عليهما أبواهما أو ولياهما في النسب إن لم يكن لهما أب فإن كان حملهما أجنبيان، ومثلهما لا يضبط الدابة فدية من أصابا على عاقلة الذي حملهما؛ لأن حملهما عدوان عليهما فيضمن ما أصابا في حمله.
(قال الشافعي): واصطدام الرجلين عمدا وخطأ سواء إلا في المأثم ولا قود في الصدمة وهي خطأ عمد تحملها العاقلة، والدية فيها إذا كانا مقبلين مغلظة وإذا كانا مدبرين وحرنت بهما دابتاهما فاصطدما مدبرين غير مقبلين عامدي الصدمة فنصف دية مغلظة وإن كان أحدهما مقبلا فنصف دية الذي أقبل مغلظة ونصف ديته إذا كان مات من صدمته، وصدمه مدبر غير مغلظة. .
صدمة الرجل الآخر
(قال الشافعي): وإذا كان الفارس أو الراجل واقفا في ملكه أو غير ملكه أو مضطجعا أو راقدا فصدمه رجل فقتله والمصدوم يبصر ويقدر على أن ينحرف أو لا يبصر ولا يقدر على أن ينحرف أو أعمى لا يبصر فسواء ودية المصدوم مغلظة على عاقلة الصادم.
(قال الشافعي): ولو مات الصادم كانت ديته هدرا؛ لأنه جنى على نفسه ولو أن الواقف انحرف عن موضعه فالتقى هو وآخر مقبلين فصدمه فماتا مصطدمين فنصف دية كل واحد منهما على عاقلة صادمه؛ لأن له فعلا في التحرف ولو كان تحرفه موليا عنه فكان الفارس أو الراجل الصادم له كان كهو لو كان واقفا فتضمن عاقلة الصادم ديته، ولو مات الصادم كان دمه هدرا لأنه جنى على نفسه، وإذا ماتت الدابتان من الاصطدام فنصف ثمن كل واحدة منهما على الصادم؛ لأن العاقلة لا تضمن ثمن دابة.
اصطدام السفينتين
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا اصطدم السفينتان فكسرت إحداهما الأخرى ومات من فيهما وتلفت حمولتهما أو ما تلف منهما أو مما فيهما أو من إحداهما فلا يجوز فيها إلا واحد من قولين: إما أن يضمن القائم في حاله تلك بأمر السفينة نصف كل ما أصابت سفينته لغيره أو لا يضمن بحال إلا أن يكون يقدر أن يصرفها بنفسه ومن يطيعه فلا يصرفها، فأما إذا غلبته فلا يضمن ومن قال هذا القول قال: القول قول الذي يصرفها في أنها غلبته ولم يقدر أن يصرفها أو غلبتها ريح أو موج وإذا ضمن ضمن غير النفس في ماله وضمنت النفوس عاقلته إلا أن يكون عبدا فيكون ذلك في عنقه، وسواء كان الذي يلي
تصريفها مالكا لها أو موكلا فيها أو متعديا في ضمان ما أصابت إلا أنه إذا كان متعديا فيها ضمن ما أصابها هي وأصابت.
وهكذا إن صدمت ولم تصدم أو صدمت وصدمت فأصابت وأصيبت فسواء من ضمن راكبها بكل حال ضمنها وإن غلب أو غلبا ومن لم يضمن إلا من قدر على تصريفها فتركها ضمن الذي لم يغلب على تصريفها وجعله كعامد الصدم ولم يضمن المغلوب (قال الشافعي): وإذا صدمت سفينة بغير أن يعمد بها الصدم لم يضمن شيئا مما في سفينته بحال؛ لأن الذين فيها دخلوا غير متعدى عليهم ولا على أموالهم وإذا عرض لراكبي السفينة ما يخافون به التلف عليها وعلى من فيها وما فيها أو بعض ذلك فألقى أحدهم بعض ما فيها رجاء أن تخف فتسلم فإن كان ما ألقى لنفسه فماله أتلف فلا يعود بشيء منه على غيره وإن كان بعض ما ألقى لغيره ضمن ما ألقى لغيره دون أهل السفينة فإن قال بعض أهل السفينة لرجل منهم: ألق متاعك فألقاه لم يضمن له شيئا؛ لأنه هو ألقاه وإن قال ألقه على أن أضمنه فأذن له فألقاه ضمنه.
وإن قال: ألقه على أن أضمنه وركاب السفينة فأذن له بذلك فألقاه ضمنه له دون ركاب السفينة إلا أن يتطوعوا بضمانه معه فإن خرق رجل من السفينة شيئا أو ضربه فانخرق أو انشق فغرق أهل السفينة وما فيها ضمن ما فيها في ماله وضمن ديات ركبانها عاقلته وسواء كان الفاعل هذا بها مالكا للسفينة أو القائم بأمرها أو راكبا لها أو أجنبيا مر بها. .
جناية السلطان
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقام السلطان حدا من قطع أو حد قذف أو حد زنا ليس برجم على رجل أو امرأة عبد أو حر فمات من ذلك فالحق قتله؛ لأنه فعل به ما لزمه وكذلك إن اقتص منه في جرح يقتص منه من مثله وإذا ضرب في خمر أو سكر من شراب بنعلين أو طرف ثوب أو يد أو ما أشبهه ضربا يحيط به العلم أنه لا يبلغ أربعين أو يبلغها ولا يجاوزها فمات من ذلك فالحق قتله وما قلت الحق قتله فلا عقل فيه ولا قود ولا كفارة على الإمام ولا على الذي يلي ذلك من المضروب، ولو ضربه بما وصفت أربعين أو نحوه لم يزد عليه شيئا فكذلك وذلك أن أبا بكر سأل من حضر ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له فكان فيما ذكروا عنده أربعين أو نحوها فإن ضربه أربعين أو أقل منها بسوط أو ضربه أكثر من أربعين بالنعال أو غير ذلك فمات فديته على عاقلة الإمام دون بيت المال.
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن علي بن يحيى عن الحسن أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال ما أحد يموت في حد من الحدود فأجد في نفسي منه شيئا إلا الذي يموت في حد الخمر فإنه شيء أحدثناه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن مات منه فديته إما قال في بيت المال وإما على عاقلة الإمام الشك من الشافعي
(قال الشافعي) وبلغنا أن عمر أرسل إلى امرأة ففزعت فأجهضت ذا بطنها فاستشار عليا - رضي الله عنهما - فأشار عليه بدية وأمر عمر عليا فقال عزمت عليك لتقسمنها في قومك.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا وقع على الرجل حد فضربه الإمام وهو مريض أو في برد شديد أو حر شديد كرهت ذلك، وإن مات من ذلك الضرب فلا عقل ولا قود ولا كفارة ولو كانت المحدودة امرأة كانت هكذا إلا أنها إن كانت حاملا لم يكن له حدها لما في بطنها فإن حدها فأجهضت ضمن ما في بطنها وإن ماتت فأجهضت لم يضمنها وضمن ما في بطنها؛ لأنه لم يتعد عليها وإنما قلت ليس له أن يحدها للذي في بطنها فضمنته الجنين؛ لأنه بسبب فعله ولم أضمنه إياها؛ لأن الحق قتلها.
(قال الشافعي): وإذا حد الإمام رجلا بشهادة عبدين أو عبد وحر أو ذمي ومسلم أو شهادة غير عدلين في أنفسهما أو غير عدلين على المشهود عليه حين شهدا فمات ضمنته عاقلته؛ لأن هذا كله خطأ في الحكم، وكذلك لو أقر عنده صبي أو معتوه بحد فحده ضمنهما إن ماتا ومن قلت يضمنه إن مات ضمن الحكومة في جلده أو أثر إن بقي به وعاش، وكذلك يضمن دية يده إن قطعه، وكل ما قلت يضمنه من خطئه فالدية فيه على عاقلته، وإذا أمر الجالد بجلد الرجل ولم يوقت له ضربا فضربه الجالد أكثر من الحد فمات ضمن الإمام دون الجالد فإن كان حده ثمانين فزاد سوطا فمات فلا يجوز فيها إلا واحد من قولين.
أحدهما: أن يضمن الإمام نصف ديته كما لو جنى رجلان على رجل أحدهما ضربة والآخر ثمانين ضربة أو أقل أو أكثر ضمنا الدية نصفين، أو يضمن سهما من أحد وثمانين سهما من ديته ويكون كواحد وثمانين قتلوه فيغرم حصته.
ولو قال له: اضربه ثمانين فأخطأ الجالد فزاده واحدة ضمن الجالد دون الإمام، ولو قال له اجلده ما شئت أو ما رأيت أو ما أحببت أو ما لزمه عندك فتعدى عليه ضمن الجالد العدوان وليس كالذي يأمره بأن يضربه أمامه ولا يسمي له عددا وهو يحصي عليه ولو كان الإمام للمضروب ظالما ضمن ما أصابه من الضرب بأمره ولم يضمنه الجالد إلا أن يعلم الجالد أن الإمام ظالم بأن يقول الإمام: أنا أضرب هذا ظالما أو يقول الجالد: قد علمت أنه يضربه ظالما بلا شبهة فيضمن الجالد والإمام معا، ولو قال الجالد: ضربته وأنا أرى الإمام مخطئا عليه وعلمت أن ذلك رأي بعض الفقهاء ضمن الجالد وليس للضارب أن يضرب إلا أن يرى أن ما أمره به الإمام حق أو مغيب عنه سبب ضربه أو يأمره بضربه فيكون ذلك عنده على أنه لم يأمره إلا بما لزم المضروب، وإذا ضرب الإمام فيما دون الحد تعزيرا فمات المضروب ضمنت عاقلة الإمام ديته، وهكذا إن خاف الرجل نشوز امرأته فضربها فماتت أو فقأ عينها خطأ ضمنت عاقلته نفسها وعينها، فإن قيل: فمن أين؟ قلت له: أن يعزر ولم زعمت أنه إن مات مما جعلت له لم تسقط عنه الدية؟.
قلت: إني قلت له أن يفعل إباحة من جهة الرأي وكان له في بعض التعزير أن يترك وعليه في الحد أن يقيمه وليس له تركه بحال وإذا بعث السلطان إلى امرأة أو رجل عند امرأة ففزعت المرأة لدخول الرسل أو غلبتهم أو انتهارهم أو الذعر من السلطان فأجهضت فعلى عاقلة السلطان دية جنينها إذا كان ما أحدثه الرسل بأمره فإن كان الرسل أحدثوا شيئا بغير أمر السلطان فذلك على عواقلهم دون عاقلة السلطان؛ لأن معروفا أن المرأة تسقط من الفزع ولو أن امرأة أو رجلا بعث إليه السلطان فمات فزعا لم تضمن عاقلة السلطان؛ لأن الأغلب أن أحدا لا يموت من فزع رسول السلطان ولو سجن السلطان رجلا فمنعه الطعام والشراب أو أحدهما فمات من ساعته لم يضمن شيئا إلا أن يقر السلطان أنه مات من فقد ما منعه.
وإن حبسه مدة يمكن أن يموت فيها من حبسها عطشا أو جوعا فمات ضمنه إذا ادعى ورثته أنه مات من فقد ما منعه، وكذلك لو أخذه فذكر جوعا أو عطشا فحبسه مدة يمكن أن يموت من أتت عليه فيها من ذكر مثل جوعه أو عطشه، وكذلك لو حبسه فجرده ومنعه الأدفية في برد أو حر فإن كان البرد والحر مما يقتل مثله فمات ضمنه وإن كان مما لا يقتل مثله لم يضمنه من قبل أنه قد يموت فجأة من غير مرض يعرف ولا يضمنه حتى يكون الأغلب أنه مات بمنعه إياه مدة يموت من منع مثل ما منعه فيها. فإذا كان لرجل سلعة فأمر السلطان بقطعها أو أكلة فأمر السلطان بقطع عضوه الذي هي فيه، والذي هي به لا يعقل إما صبي وإما مغلوب على عقله أو عاقل فأكرهه على ذلك فمات فعلى السلطان القود في المكره إلا أن تشاء ورثته أن يأخذوا الدية وقد قيل: عليه القود في الذي لا يعقل، وقيل: لا قود على السلطان في الذي لا يعقل وعليه الدية في ماله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|