عرض مشاركة واحدة
  #431  
قديم 03-05-2023, 04:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,545
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (431)
صــ 202إلى صــ 216

7821 - حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ يَفْرَغُ ، فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ، مِنَ الْقِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ : "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ " ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ : "اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعِيَاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ! اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِيِّ يُوسُفَ ! اللَّهُمَّ الْعَنْ لَحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصِيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ! " . ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ : ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) .
القول في تأويل قوله ( ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم ( 129 ) ) [ ص: 203 ]

قال أبو جعفر : يعني بذلك تعالى ذكره : ليس لك يا محمد ، من الأمر شيء ، ولله جميع ما بين أقطار السماوات والأرض من مشرق الشمس إلى مغربها ، دونك ودونهم ، يحكم فيهم بما يشاء ، ويقضي فيهم ما أحب ، فيتوب على من أحب من خلقه العاصين أمره ونهيه ، ثم يغفر له ، ويعاقب من شاء منهم على جرمه فينتقم منه ، وهو الغفور الذي يستر ذنوب من أحب أن يستر عليه ذنوبه من خلقه بفضله عليهم بالعفو والصفح ، والرحيم بهم في تركه عقوبتهم عاجلا على عظيم ما يأتون من المآثم . كما : -

7822 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "والله غفور رحيم " ، أي يغفر الذنوب ، ويرحم العباد ، على ما فيهم .
[ ص: 204 ] القول في تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون ( 130 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله ، لا تأكلوا الربا في إسلامكم بعد إذ هداكم له ، كما كنتم تأكلونه في جاهليتكم .

وكان أكلهم ذلك في جاهليتهم : أن الرجل منهم كان يكون له على الرجل مال إلى أجل ، فإذا حل الأجل طلبه من صاحبه ، فيقول له الذي عليه المال : أخر عنى دينك وأزيدك على مالك . فيفعلان ذلك . فذلك هو "الربا أضعافا مضاعفة " ، فنهاهم الله عز وجل في إسلامهم عنه ، . كما : -

7823 - حدثنا محمد بن سنان قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : كانت ثقيف تداين في بني المغيرة في الجاهلية ، فإذا حل الأجل قالوا : نزيدكم وتؤخرون ؟ فنزلت : " لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة " .

7824 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة " ، أي : لا تأكلوا في الإسلام إذ هداكم الله له ، ما كنتم تأكلون إذ أنتم على غيره ، مما لا يحل لكم في دينكم .

7825 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة " قال : ربا الجاهلية .

7826 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول [ ص: 205 ] في قوله : "لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة " ، قال : كان أبي يقول : إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السن . يكون للرجل فضل دين ، فيأتيه إذا حل الأجل فيقول له : تقضيني أو تزيدني ؟ فإن كان عنده شيء يقضيه قضى ، وإلا حوله إلى السن التي فوق ذلك إن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة لبون في السنة الثانية ، ثم حقة ، ثم جذعة ، ثم رباعيا ، ثم هكذا إلى فوق وفي العين يأتيه ، فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل ، فإن لم يكن عنده أضعفه أيضا ، فتكون مائة فيجعلها إلى قابل مائتين ، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمائة ، يضعفها له كل سنة أو يقضيه . قال : فهذا قوله : "لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة " .

وأما قوله : "واتقوا الله لعلكم تفلحون " ، فإنه يعني : واتقوا الله أيها المؤمنون ، في أمر الربا فلا تأكلوه ، وفي غيره مما أمركم به أو نهاكم عنه ، وأطيعوه فيه "لعلكم تفلحون " ، يقول : لتنجحوا فتنجوا من عقابه ، وتدركوا ما رغبكم فيه من ثوابه والخلود في جنانه ، كما : -

7827 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "واتقوا الله لعلكم تفلحون " ، أي : فأطيعوا الله لعلكم أن تنجوا مما حذركم من عذابه ، وتدركوا ما رغبكم فيه من ثوابه .
[ ص: 206 ] القول في تأويل قوله ( واتقوا النار التي أعدت للكافرين ( 131 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين : واتقوا ، أيها المؤمنون ، النار أن تصلوها بأكلكم الربا بعد نهيي إياكم عنه التي أعددتها لمن كفر بي ، فتدخلوا مدخلهم بعد إيمانكم بي ، بخلافكم أمري ، وترككم طاعتي . كما : -

7828 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " واتقوا النار التي أعدت للكافرين " ، التي جعلت دارا لمن كفر بي .
القول في تأويل قوله ( وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ( 132 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وأطيعوا الله ، أيها المؤمنون ، فيما نهاكم عنه من أكل الربا وغيره من الأشياء ، وفيما أمركم به الرسول . يقول : وأطيعوا الرسول أيضا كذلك "لعلكم ترحمون " ، يقول : لترحموا فلا تعذبوا .

وقد قيل إن ذلك معاتبة من الله عز وجل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خالفوا أمره يوم أحد ، فأخلوا بمراكزهم التي أمروا بالثبات عليها .

ذكر من قال ذلك :

7829 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " [ ص: 207 ] وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون " ، معاتبة للذين عصوا رسوله حين أمرهم بالذي أمرهم به في ذلك اليوم وفي غيره - يعني : في يوم أحد .
القول في تأويل قوله ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ( 133 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وسارعوا " ، وبادروا وسابقوا "إلى مغفرة من ربكم " ، يعني : إلى ما يستر عليكم ذنوبكم من رحمته ، وما يغطيها عليكم من عفوه عن عقوبتكم عليها "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، يعني : وسارعوا أيضا إلى جنة عرضها السماوات والأرض .

ذكر أن معنى ذلك : وجنة عرضها كعرض السماوات السبع والأرضين السبع ، إذا ضم بعضها إلى بعض .

ذكر من قال ذلك :

7830 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، قال : قال ابن عباس : تقرن السماوات السبع والأرضون السبع ، كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض ، فذاك عرض الجنة .

وإنما قيل : "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، فوصف عرضها بالسماوات والأرضين ، والمعنى ما وصفنا : من وصف عرضها بعرض السماوات والأرض ، [ ص: 208 ] تشبيها به في السعة والعظم ، كما قيل : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ سورة لقمان : 28 ] ، يعني : إلا كبعث نفس واحدة ، وكما قال الشاعر :


كأن عذيرهم بجنوب سلى نعام قاق في بلد قفار


أي : عذير نعام ، وكما قال الآخر :


حسبت بغام راحلتي عناقا! وما هي ، ويب غيرك بالعناق


يريد صوت عناق .

قال أبو جعفر : وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له : [ ص: 209 ] هذه الجنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار ؟ فقال : هذا النهار إذا جاء ، أين الليل .

ذكر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره .

7831 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني مسلم بن خالد ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلى بن مرة قال : لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص ، شيخا كبيرا قد فند . قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل ، فناول الصحيفة رجلا عن يساره . قال : قلت : من صاحبكم الذي يقرأ ؟ قالوا : معاوية . فإذا كتاب صاحبي : "إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، فأين النار ؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ [ ص: 210 ]

7832 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : [ ص: 211 ] حدثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب : أن ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن "جنة عرضها السماوات والأرض " ، أين النار ؟ قال : أرأيتم إذا جاء الليل ، أين يكون النهار ؟ "فقالوا : اللهم نزعت بمثله من التوراة ! .

7833 - حدثني محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب : أن عمر أتاه ثلاثة نفر من أهل نجران ، فسألوه وعنده أصحابه فقالوا : أرأيت قوله : " وجنة عرضها السماوات والأرض " ، فأين النار ؟ فأحجم الناس ، فقال عمر : "أرأيتم إذا جاء الليل ، أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار ، أين يكون الليل ؟ " فقالوا : نزعت مثلها من التوراة .

7834 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : أخبرنا شعبة ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بنحوه ، في الثلاثة الرهط الذين أتوا عمر فسألوه : عن جنة عرضها كعرض السماوات والأرض ، بمثل حديث قيس بن مسلم . [ ص: 212 ]

7835 - حدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا جعفر بن عون قال : أخبرنا الأعمش ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : جاء رجل من اليهود إلى عمر فقال : تقولون : "جنة عرضها السماوات والأرض " ، أين تكون النار ؟ فقال له عمر : أرأيت النهار إذا جاء أين يكون الليل ؟ أرأيت الليل إذا جاء ، أين يكون النهار ؟ فقال : إنه لمثلها في التوراة ، فقال له صاحبه : لم أخبرته ؟ فقال له صاحبه : دعه ، إنه بكل موقن .

7836 - حدثني أحمد بن حازم قال : أخبرنا أبو نعيم قال : حدثنا جعفر بن برقان قال : حدثنا يزيد بن الأصم : أن رجلا من أهل الكتاب أتى ابن عباس فقال : تقولون "جنة عرضها السماوات والأرض " ، فأين النار ؟ فقال ابن عباس : أرأيت الليل إذا جاء ، أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار ، أين يكون الليل ؟ [ ص: 213 ]

قال أبو جعفر : وأما قوله : "أعدت للمتقين " فإنه يعني : إن الجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرضين السبع ، أعدها الله للمتقين ، الذين اتقوا الله فأطاعوه فيما أمرهم ونهاهم ، فلم يتعدوا حدوده ، ولم يقصروا في واجب حقه عليهم فيضيعوه . كما : -

7837 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " ، أي : دارا لمن أطاعني وأطاع رسولي .
القول في تأويل قوله جل ثناؤه ( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ( 134 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " الذين ينفقون في السراء والضراء " ، أعدت الجنة التي عرضها السماوات والأرض للمتقين ، وهم المنفقون أموالهم في سبيل الله ، إما في صرفه على محتاج ، وإما في تقوية مضعف على النهوض لجهاده في سبيل الله .

وأما قوله : "في السراء " ، فإنه يعني : في حال السرور ، بكثرة المال ورخاء العيش [ ص: 214 ] "والسراء " مصدر من قولهم "سرني هذا الأمر مسرة وسرورا "

"والضراء " مصدر من قولهم : "قد ضر فلان فهو يضر " ، إذا أصابه الضر ، وذلك إذا أصابه الضيق ، والجهد في عيشه .

7838 - حدثنا محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " الذين ينفقون في السراء والضراء " ، يقول : في العسر واليسر .

فأخبر جل ثناؤه أن الجنة التي وصف صفتها ، لمن اتقاه وأنفق ماله في حال الرخاء والسعة ، وفي حال الضيق والشدة ، في سبيله .

وقوله : "والكاظمين الغيظ " ، يعني : والجارعين الغيظ عند امتلاء نفوسهم منه .

يقال منه : "كظم فلان غيظه " ، إذا تجرعه ، فحفظ نفسه من أن تمضي ما هي قادرة على إمضائه ، باستمكانها ممن غاظها ، وانتصارها ممن ظلمها .

وأصل ذلك من "كظم القربة " ، يقال منه : "كظمت القربة " ، إذا ملأتها ماء . و "فلان كظيم ومكظوم " ، إذا كان ممتلئا غما وحزنا . ومنه قول الله عز وجل ، ( وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) [ سورة يوسف : 84 ] يعني : ممتلئ من الحزن . ومنه قيل لمجاري المياه : "الكظائم " ، لامتلائها بالماء . ومنه قيل : "أخذت بكظمه " يعني : بمجاري نفسه . [ ص: 215 ]

و"الغيظ " مصدر من قول القائل : "غاظني فلان فهو يغيظني غيظا " ، وذلك إذا أحفظه وأغضبه .

وأما قوله : " والعافين عن الناس " ، فإنه يعني : والصافحين عن الناس عقوبة ذنوبهم إليهم وهم على الانتقام منهم قادرون ، فتاركوها لهم .

وأما قوله : " والله يحب المحسنين " ، فإنه يعني : فإن الله يحب من عمل بهذه الأمور التي وصف أنه أعد للعاملين بها الجنة التي عرضها السماوات والأرض ، والعاملون بها هم "المحسنون " ، وإحسانهم ، هو عملهم بها ، . كما : -

7839 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "الذين ينفقون في السراء والضراء " الآية : " والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " ، أي : وذلك الإحسان ، وأنا أحب من عمل به .

7840 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " ، قوم أنفقوا في العسر واليسر ، والجهد والرخاء ، فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل ، ولا قوة إلا بالله . فنعمت والله يا ابن آدم ، الجرعة تجترعها من صبر وأنت مغيظ ، وأنت مظلوم .

7841 - حدثني موسى بن عبد الرحمن قال : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثنا محرز أبو رجاء ، عن الحسن قال : يقال يوم القيامة : ليقم من كان له على الله أجر . فما يقوم إلا إنسان عفا ، ثم قرأ هذه الآية : " والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " . [ ص: 216 ]

7842 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن رجل من أهل الشام يقال له عبد الجليل ، عن عم له ، عن أبي هريرة في قوله : " والكاظمين الغيظ " : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ، ملأه الله أمنا وإيمانا .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.76 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.59%)]