عرض مشاركة واحدة
  #441  
قديم 03-05-2023, 05:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,593
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (441)
صــ 352إلى صــ 366




8147 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا يزيد قال : أخبرنا [ ص: 352 ] جويبر ، عن الضحاك في قوله : " وما كان لنبي أن يغل " ، قال : ما كان له إذا أصاب مغنما أن يقسم لبعض أصحابه ويدع بعضا ، ولكن يقسم بينهم بالسوية .

وقال آخرون ممن قرأ ذلك بفتح"الياء" وضم"الغين" : إنما أنزل ذلك تعريفا للناس أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكتم من وحي الله شيئا .

ذكر من قال ذلك :

8148 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " ، أي : ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس ولا رغبة ، ومن يعمل ذلك يأت به يوم القيامة .

قال أبو جعفر : فتأويل قراءة من قرأ ذلك كذلك : ما ينبغي لنبي أن يكون غالا - بمعنى أنه ليس من أفعال الأنبياء خيانة أممهم .

يقال منه : "غل الرجل فهو يغل" ، إذا خان ، "غلولا" . ويقال أيضا منه : "أغل الرجل فهو يغل إغلالا" ، كما قال شريح : " ليس على المستعير غير المغل ضمان " ، يعني : غير الخائن . ويقال منه : "أغل الجازر" ، إذا سرق من اللحم شيئا مع الجلد .

وبما قلنا في ذلك جاء تأويل أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

8149 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا [ ص: 353 ] أسباط ، عن السدي : " وما كان لنبي أن يغل " ، يقول : ما كان ينبغي له أن يخون ، فكما لا ينبغي له أن يخون فلا تخونوا .

8150 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وما كان لنبي أن يغل " ، قال : أن يخون .

وقرأ ذلك آخرون : ( وما كان لنبي أن يغل ) بضم"الياء" وفتح"الغين" ، وهي قراءة عظم قرأة أهل المدينة والكوفة .

واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله .

فقال بعضهم : معناه : ما كان لنبي أن يغله أصحابه ، ثم أسقط"الأصحاب" ، فبقي الفعل غير مسمى فاعله . وتأويله : وما كان لنبي أن يخان .

ذكر من قال ذلك :

8151 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عوف ، عن الحسن أنه كان يقرأ : "وما كان لنبي أن يغل" قال عوف ، قال الحسن : أن يخان .

8152 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "وما كان لنبي أن يغل" ، يقول : وما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه من المؤمنين - ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، وقد غل طوائف من أصحابه .

8153 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : " وما كان لنبي أن يغل " ، قال : أن يغله أصحابه .

8154 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن [ ص: 354 ] الربيع ، قوله : " وما كان لنبي أن يغل " ، قال الربيع بن أنس ، يقول : ما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه - قال : ذكر لنا ، والله أعلم : أن هذه الآية أنزلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، وقد غل طوائف من أصحابه .

وقال آخرون منهم : معنى ذلك : وما كان لنبي أن يتهم بالغلول فيخون ويسرق . وكأن متأولي ذلك كذلك ، وجهوا قوله : " وما كان لنبي أن يغل " إلى أنه مراد به : "يغلل" ، ثم خففت"العين" من"يفعل" ، فصارت"يفعل" كما قرأ من قرأ قوله : ( فإنهم لا يكذبونك ) [ سورة الأنعام : 33 ] بتأول : يكذبونك .

قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندي ، قراءة من قرأ : ( وما كان لنبي أن يغل ) بمعنى : ما الغلول من صفات الأنبياء ، ولا يكون نبيا من غل .

وإنما اخترنا ذلك ، لأن الله عز وجل أوعد عقيب قوله : " وما كان لنبي أن يغل " أهل الغلول فقال : " ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة " ، الآية والتي بعدها . فكان في وعيده عقيب ذلك أهل الغلول ، الدليل الواضح على أنه إنما نهى بذلك عن الغلول ، وأخبر عباده أن الغلول ليس من صفات أنبيائه بقوله : " وما كان لنبي أن يغل " . لأنه لو كان إنما نهى بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغلول ، لعقب ذلك بالوعيد على التهمة وسوء الظن برسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا بالوعيد على الغلول . وفي تعقيبه ذلك بالوعيد على الغلول ، بيان بين ، أنه إنما عرف المؤمنين وغيرهم من عباده أن الغلول منتف من صفة الأنبياء وأخلاقهم ، لأن ذلك جرم عظيم ، والأنبياء لا تأتي مثله .

[ ص: 355 ]

فإن قال قائل ممن قرأ ذلك كذلك : فأولى منه"وما كان لنبي أن يخونه أصحابه" ، إن كان ذلك كما ذكرت ، ولم يعقب الله قوله : "وما كان لنبي أن يغل" إلا بالوعيد على الغلول ، ولكنه إنما وجب الحكم بالصحة لقراءة من قرأ : "يغل" بضم"الياء" وفتح"الغين" ، لأن معنى ذلك : وما كان للنبي أن يغله أصحابه ، فيخونوه في الغنائم؟

قيل له : أفكان لهم أن يغلوا غير النبي صلى الله عليه وسلم فيخونوه ، حتى خصوا بالنهي عن خيانة النبي صلى الله عليه وسلم؟

فإن قالوا : "نعم" ، خرجوا من قول أهل الإسلام . لأن الله لم يبح خيانة أحد في قول أحد من أهل الإسلام قط .

وإن قال قائل : لم يكن ذلك لهم في نبي ولا غيره .

قيل : فما وجه خصوصهم إذا بالنهي عن خيانة النبي صلى الله عليه وسلم ، وغلوله وغلول بعض اليهود بمنزلة فيما حرم الله على الغال من أموالهما ، وما يلزم المؤتمن من أداء الأمانة إليهما؟

وإذا كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن معنى ذلك هو ما قلنا ، من أن الله عز وجل نفى بذلك أن يكون الغلول والخيانة من صفات أنبيائه ، ناهيا بذلك عباده عن الغلول ، وآمرا لهم بالاستنان بمنهاج نبيهم ، كما قال ابن عباس في الرواية التي ذكرناها من رواية عطية ، ثم عقب تعالى ذكره نهيهم عن الغلول بالوعيد عليه فقال : "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" ، الآيتين معا .
[ ص: 356 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة )

قال أبو جعفر : يعني بذلك تعالى ذكره : ومن يخن من غنائم المسلمين شيئا وفيئهم وغير ذلك ، يأت به يوم القيامة في المحشر . كما : -

8155 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن فضيل ، عن يحيى بن سعيد أبي حيان ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قام خطيبا فوعظ وذكر ثم قال : ألا عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء ، يقول : يا رسول الله ، أغثني! فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك! ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة ، يقول : يا رسول الله ، أغثني! فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك! ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت ، يقول : يا رسول الله ، أغثني! فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك! ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته بقرة لها خوار ، يقول : يا رسول الله ، أغثني! فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك! ألا عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق [ ص: 357 ] يقول : يا رسول الله ، أغثني! فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك !

8156 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن أبي حيان ، عن أبى زرعة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل هذا زاد فيه [ ص: 358 ] "لا ألفين أحدكم على رقبته نفس لها صياح " .

8157 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا أبو حيان ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا يوما ، فذكر الغلول ، فعظمه وعظم أمره فقال : لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء ، يقول : يا رسول الله أغثني ثم ذكر نحو حديث أبي كريب ، عن عبد الرحمن .

8158 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا حفص بن بشر ، عن يعقوب القمي قال : حدثنا حفص بن حميد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ، ينادي : يا محمد ! يا محمد ! فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك! ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل جملا له رغاء يقول : يا محمد ! يا محمد ! فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد بلغتك! ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ينادي : يا محمد ! يا محمد ! فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد بلغتك! ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل قشعا من أدم ، [ ص: 359 ] ينادي : يا محمد ! يا محمد ! فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ، قد بلغتك .

8159 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أسباط بن محمد قال : حدثنا أبو إسحاق الشيباني ، عن عبد الله بن ذكوان ، عن عروة بن الزبير ، عن أبي حميد قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا فجاء بسواد كثير ، قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقبضه منه . فلما أتوه جعل يقول : هذا لي ، وهذا لكم . قال فقالوا : من أين لك هذا؟ قال : أهدي إلي! فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك ، فخرج فخطب فقال : "أيها الناس ، ما بالي أبعث قوما إلى الصدقة ، فيجيء أحدهم بالسواد الكثير ، فإذا بعثت من يقبضه قال : "هذا لي ، وهذا لكم"! فإن كان صادقا أفلا أهدي له وهو في بيت أبيه أو في بيت أمه؟" ثم قال : "أيها الناس ، من بعثناه على عمل فغل شيئا ، جاء به يوم القيامة على عنقه يحمله ، فاتقوا الله أن يأتي أحدكم يوم القيامة على عنقه بعير له رغاء ، أو بقرة تخور ، أو شاة تثغو " .

8160 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو معاوية وابن نمير وعبدة بن سليمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أبي حميد الساعدي قال : استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له" ابن الأتبية " على صدقات [ ص: 360 ] بني سليم ، فلما جاء قال : "هذا لكم ، وهذا هدية أهديت لي" . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلا يجلس أحدكم في بيته فتأتيه هديته! ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال : "أما بعد ، فإني أستعمل رجالا منكم على أمور مما ولاني الله ، فيقول أحدهم : هذا الذي لكم ، وهذا هدية أهديت إلي! أفلا يجلس في بيت أبيه أو في بيت أمه فتأتيه هديته؟ والذي نفسي بيده ، لا يأخذ أحدكم من ذلك شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ، فلا أعرفن ما جاء رجل يحمل بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر! ثم رفع يده فقال : "ألا هل بلغت" ؟

8161 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبد الرحيم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أبي حميد ، حدثه بمثل هذا الحديث قال : أفلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك؟ ثم رفع يده حتى إني لأنظر إلى بياض إبطيه ، ثم قال : "اللهم هل بلغت؟ " قال أبو حميد : بصر عيني وسمع أذني .

8162 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب وقال : حدثني عمي عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث : أن موسى بن جبير حدثه : أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري حدثه : أن عبد الله بن أنيس حدثه : أنه تذاكر هو وعمر يوما الصدقة فقال : ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر [ ص: 361 ] غلول الصدقة : " من غل منها بعيرا أو شاة ، فإنه يحمله يوم القيامة" ؟ قال عبد الله بن أنيس : بلى .

8163 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدقا ، فقال : إياك ، يا سعد ، أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله رغاء! قال : لا آخذه ولا أجيء به! فأعفاه . [ ص: 362 ]

8164 - حدثنا أحمد بن المغيرة الحمصي أبو حميد قال : حدثنا الربيع بن روح قال : حدثنا ابن عياش قال : حدثني عبيد الله بن عمر بن حفص ، عن نافع مولى ابن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه استعمل سعد بن عبادة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إياك ، يا سعد ، أن تجيء يوم القيامة تحمل على عنقك بعيرا له رغاء! فقال سعد : فإن فعلت يا رسول الله ، إن ذلك لكائن! قال : نعم! قال سعد : قد علمت يا رسول الله أني أسأل فأعطى! فأعفني . فأعفاه .

8165 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا زيد بن حبان قال : حدثنا عبد الرحمن بن الحارث قال : حدثني جدي عبيد بن أبي عبيد - وكان أول مولود [ ص: 363 ] بالمدينة - قال : استعملت على صدقة دوس ، فجاءني أبو هريرة في اليوم الذي خرجت فيه ، فسلم ، فخرجت إليه فسلمت عليه فقال : كيف أنت والبعير؟ كيف أنت والبقر؟ كيف أنت والغنم؟ ثم قال : سمعت حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أخذ بعيرا بغير حقه جاء به يوم القيامة له رغاء ، ومن أخذ بقرة بغير حقها جاء بها يوم القيامة لها خوار ، ومن أخذ شاة بغير حقها جاء بها يوم القيامة على عنقه لها يعار " ، فإياك والبقر فإنها أحد قرونا وأشد أظلافا .

8166 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا خالد بن مخلد قال : حدثني محمد ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن جده عبيد بن أبي عبيد قال : استعملت على صدقة دوس ، فلما قضيت العمل قدمت ، فجاءني أبو هريرة فسلم علي فقال : أخبرني كيف أنت والإبل ثم ذكر نحو حديثه عن زيد ، إلا أنه قال : جاء به يوم القيامة على عنقه له رغاء .

8167 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى " ، قال قتادة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غنم مغنما بعث مناديا : "ألا لا يغلن رجل مخيطا فما دونه ، ألا لا يغلن رجل بعيرا فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء ، ألا لا يغلن رجل فرسا ، فيأتي به على ظهره يوم القيامة له حمحمة " .
القول في تأويل قوله ( ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ( 161 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : "ثم توفى كل نفس" ، ثم تعطى كل نفس جزاء ما كسبت بكسبها ، وافيا غير منقوص ما استحقه واستوجبه من ذلك"وهم لا يظلمون" ، يقول : لا يفعل بهم إلا الذي ينبغي أن يفعل بهم ، من غير أن يعتدي عليهم فينقصوا عما استحقوه . كما : - [ ص: 365 ]

8168 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" ، ثم يجزى بكسبه غير مظلوم ولا متعدى عليه .
القول في تأويل قوله تعالى ( أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ( 162 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك :

فقال بعضهم : معنى ذلك : أفمن اتبع رضوان الله في ترك الغلول ، كمن باء بسخط من الله بغلوله ما غل؟

ذكر من قال ذلك :

8169 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا عيينة ، عن مطرف ، عن الضحاك في قوله : " أفمن اتبع رضوان الله " ، قال : من لم يغل"كمن باء بسخط من الله" ، كمن غل .

8170 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني سفيان بن عيينة ، عن مطرف بن طريف ، عن الضحاك قوله : " أفمن اتبع رضوان الله " ، قال : من أدى الخمس"كمن باء بسخط من الله" ، فاستوجب سخطا من الله .

وقال آخرون في ذلك بما : -

8171 - حدثني به ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : [ ص: 366 ] " أفمن اتبع رضوان الله " ، على ما أحب الناس وسخطوا"كمن باء بسخط من الله" ، لرضى الناس وسخطهم؟ يقول : أفمن كان على طاعتي فثوابه الجنة ورضوان من ربه ، كمن باء بسخط من الله ، فاستوجب غضبه ، وكان مأواه جهنم وبئس المصير؟ أسواء المثلان؟ أي : فاعرفوا .

قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بتأويل الآية عندي ، قول الضحاك بن مزاحم . لأن ذلك عقيب وعيد الله على الغلول ، ونهيه عباده عنه . ثم قال لهم بعد نهيه عن ذلك ووعيده : أسواء المطيع لله فيما أمره ونهاه ، والعاصي له في ذلك؟ أي : إنهما لا يستويان ، ولا تستوي حالتاهما عنده . لأن لمن أطاع الله فيما أمره ونهاه ، الجنة ، ولمن عصاه فيما أمره ونهاه النار .

فمعنى قوله : " أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله " إذا : أفمن ترك الغلول وما نهاه الله عنه عن معاصيه ، وعمل بطاعة الله في تركه ذلك ، وفي غيره مما أمره به ونهاه من فرائضه ، متبعا في كل ذلك رضا الله ، ومجتنبا سخطه"كمن باء بسخط من الله" ، يعني : كمن انصرف متحملا سخط الله وغضبه ، فاستحق بذلك سكنى جهنم" يقول : ليسا سواء .

وأما قوله : "وبئس المصير" ، فإنه يعني : وبئس المصير الذي يصير إليه ويئوب إليه من باء بسخط من الله جهنم .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.81 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.52%)]