عرض مشاركة واحدة
  #443  
قديم 03-05-2023, 05:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,564
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (443)
صــ 382إلى صــ 396




فموضع"الذين" نصب على الإبدال من"الذين نافقوا" . وقد يجوز أن [ ص: 382 ] يكون رفعا على الترجمة عما في قوله : "يكتمون" من ذكر"الذين نافقوا" .

فمعنى الآية : وليعلم الله الذين قالوا لإخوانهم الذين أصيبوا مع المسلمين في حربهم المشركين بأحد يوم أحد فقتلوا هنالك من عشائرهم وقومهم"وقعدوا" ، يعني : وقعد هؤلاء المنافقون القائلون ما قالوا - مما أخبر الله عز وجل عنهم من قيلهم - عن الجهاد مع إخوانهم وعشائرهم في سبيل الله"لو أطاعونا" ، يعني : لو أطاعنا من قتل بأحد من إخواننا وعشائرنا"ما قتلوا" يعني : ما قتلوا هنالك قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : "قل" ، يا محمد ، لهؤلاء القائلين هذه المقالة من المنافقين"فادرأوا" ، يعني : فادفعوا .

من قول القائل : "درأت عن فلان القتل" ، بمعنى دفعت عنه ، "أدرؤه درءا" ، ومنه قول الشاعر :


تقول وقد درأت لها وضيني أهذا دينه أبدا وديني


يقول تعالى ذكره : قل لهم : فادفعوا إن كنتم ، أيها المنافقون ، صادقين في قيلكم : لو أطاعنا إخواننا في ترك الجهاد في سبيل الله مع محمد صلى الله عليه وسلم وقتالهم أبا سفيان ومن معه من قريش ، ما قتلوا هنالك بالسيف ، ولكانوا أحياء بقعودهم معكم ، وتخلفهم عن محمد صلى الله عليه وسلم وشهود جهاد أعداء الله معه [ عن أنفسكم ] الموت ، فإنكم قد قعدتم عن حربهم وقد تخلفتم عن جهادهم ، وأنتم لا محالة ميتون . كما : - [ ص: 383 ]

8199 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " الذين قالوا لإخوانهم " ، الذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم" لو أطاعونا ما قتلوا " الآية ، أي : أنه لا بد من الموت ، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا . وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله ، حرصا على البقاء في الدنيا ، وفرارا من الموت .

ذكر من قال : الذين قالوا لإخوانهم هذا القول ، هم الذين قال الله فيهم : "وليعلم الذين نافقوا" .

8200 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا " الآية ، ذكر لنا أنها نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي .

8201 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : هم عبد الله بن أبي وأصحابه .

8202 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : هو عبد الله بن أبي الذي قعد وقال لإخوانه الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد : " لو أطاعونا ما قتلوا " ، الآية قال ابن جريج ، عن مجاهد قال : قال جابر بن عبد الله : هو عبد الله بن أبي ابن سلول .

8203 - حدثت عن عمار ، عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : " الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا " الآية ، قال : نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي .
[ ص: 384 ] القول في تأويل قوله جل ثناؤه ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ( 169 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : "ولا تحسبن" ، ولا تظنن . كما : -

8204 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ولا تحسبن" ، ولا تظنن .

وقوله : "الذين قتلوا في سبيل الله" ، يعني : الذين قتلوا بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمواتا" ، يقول : ولا تحسبنهم ، يا محمد ، أمواتا ، لا يحسون شيئا ، ولا يلتذون ولا يتنعمون ، فإنهم أحياء عندي ، متنعمون في رزقي ، فرحون مسرورون بما آتيتهم من كرامتي وفضلي ، وحبوتهم به من جزيل ثوابي وعطائي ، كما : -

8205 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق وحدثني [ ص: 385 ] يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية ، عن أبي الزبير المكي ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أصيب إخوانكم بأحد ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش . فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا! لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب! فقال الله عز وجل : أنا أبلغهم عنكم . فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الآيات . [ ص: 386 ]

8206 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد وحدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قالا جميعا : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق بن الأجدع قال : سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآيات : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله " الآية ، قال : أما إنا قد سألنا عنها فقيل لنا : إنه لما أصيب إخوانكم بأحد ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش ، فيطلع الله إليهم اطلاعة فيقول : يا عبادي ، ما تشتهون فأزيدكم؟ فيقولون : ربنا ، لا فوق ما أعطيتنا! الجنة نأكل منها حيث شئنا! ثلاث مرات - ثم يطلع فيقول : يا عبادي ، ما تشتهون فأزيدكم؟ فيقولون : ربنا ، لا فوق ما أعطيتنا! الجنة نأكل منها حيث شئنا! إلا أنا نختار أن ترد أرواحنا في أجسادنا ، ثم تردنا إلى الدنيا فنقاتل فيك حتى نقتل فيك مرة أخرى" . .

8207 - حدثنا الحسن بن يحيى المقدسي قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : سألنا [ ص: 387 ] عبد الله عن هذه الآية ثم ذكر نحوه وزاد فيه : إني قد قضيت أن لا ترجعوا . .

8208 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق قال : سألنا عبد الله عن أرواح الشهداء ، ولولا عبد الله ما أخبرنا به أحد! قال : أرواح الشهداء عند الله في أجواف طير خضر في قناديل تحت العرش ، تسرح في الجنة حيث شاءت ، ثم ترجع إلى قناديلها ، فيطلع إليها ربها ، فيقول : ماذا تريدون؟ فيقولون : نريد أن نرجع إلى الدنيا فنقتل مرة أخرى .

8209 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان وعبدة بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن الحارث بن فضيل ، عن محمود بن لبيد ، عن [ ص: 388 ] ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشهداء على بارق على نهر بباب الجنة في قبة خضراء وقال عبدة : "في روضة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا" .

8210 - حدثنا أبو كريب ، وأنبأنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني الحارث بن فضيل ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله إلا أنه قال : في قبة خضراء وقال : يخرج عليهم فيها .

8211 - حدثنا ابن وكيع ، وأنبأنا ابن إدريس ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني الحارث بن فضيل ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

8212 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق ، وحدثني الحارث بن الفضيل الأنصاري ، عن محمود بن لبيد الأنصاري ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء ، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا .

8213 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثني أيضا يعني إسماعيل بن عياش عن ابن إسحاق ، عن الحارث بن الفضيل ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

8214 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : قال محمد بن إسحاق ، وحدثني بعض أصحابي عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أبشرك يا جابر؟ [ ص: 389 ] قال قلت : بلى ، يا رسول الله! قال : إن أباك حيث أصيب بأحد ، أحياه الله ثم قال له : ما تحب يا عبد الله بن عمرو أن أفعل بك؟ قال : يا رب ، أحب أن تردني إلى الدنيا ، فأقاتل فيك فأقتل مرة أخرى" . .

8215 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ذكر لنا أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا ليتنا نعلم ما فعل [ ص: 390 ] إخواننا الذين قتلوا يوم أحد ! فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك القرآن : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " كنا نحدث أن أرواح الشهداء تعارف في طير بيض تأكل من ثمار الجنة ، وأن مساكنهم السدرة . .

8216 - حدثت عن عمار ، وأنبأنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بنحوه إلا أنه قال : تعارف في طير خضر وبيض وزاد فيه أيضا : وذكر لنا عن بعضهم في قوله : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء " ، قال : هم قتلى بدر وأحد .

8217 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن محمد بن قيس بن مخرمة قال : قالوا : يا رب ، ألا رسول لنا يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنا بما أعطيتنا؟ فقال الله تبارك وتعالى : أنا رسولكم ، فأمر جبريل عليه السلام أن يأتي بهذه الآية : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله " ، الآيتين .

8218 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق قال : سألنا عبد الله عن هذه الآيات : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " ، قال : أرواح الشهداء عند الله كطير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح في الجنة حيث شاءت . قال : فاطلع إليهم ربك اطلاعة فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا : ربنا ، ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا! ثم اطلع عليهم الثالثة فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا : تعيد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيلك مرة أخرى! فسكت عنهم . [ ص: 391 ]

8219 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله : أنهم قالوا في الثالثة حين قال لهم : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا : تقرئ نبينا عنا السلام ، وتخبره أن قد رضينا ورضي عنا .

8220 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، يرغب المؤمنين في ثواب الجنة ويهون عليهم القتل : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " ، أي : قد أحييتهم ، فهم عندي يرزقون في روح الجنة وفضلها ، مسرورين بما آتاهم الله من ثوابه على جهادهم عنه . [ ص: 392 ]

8221 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك قال : كان المسلمون يسألون ربهم أن يريهم يوما كيوم بدر ، يبلون فيه خيرا ، يرزقون فيه الشهادة ، ويرزقون فيه الجنة والحياة في الرزق ، فلقوا المشركين يوم أحد ، فاتخذ الله منهم شهداء ، وهم الذين ذكرهم الله فقال : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا " الآية .

8222 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : ذكر الشهداء فقال : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم " إلى قوله : " ولا هم يحزنون " ، زعم أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ، في قناديل من ذهب معلقة بالعرش ، فهي ترعى بكرة وعشية في الجنة ، تبيت في القناديل ، فإذا سرحن نادى مناد : ماذا تريدون؟ ماذا تشتهون؟ فيقولون : ربنا ، نحن فيما اشتهت أنفسنا! فيسألهم ربهم أيضا : ماذا تشتهون؟ وماذا تريدون؟ فيقولون : نحن فيما اشتهت أنفسنا! فيسألون الثالثة ، فيقولون ما قالوا : ولكنا نحب أن ترد أرواحنا في أجسادنا! لما يرون من فضل الثواب .

8223 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا عباد قال : حدثنا إبراهيم بن معمر ، عن الحسن قال : ما زال ابن آدم يتحمد حتى صار حيا ما يموت . ثم تلا هذه الآية : "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" .

8224 - حدثنا محمد بن مرزوق قال : حدثنا عمر بن يونس ، عن عكرمة قال : [ ص: 393 ] حدثنا إسحاق بن أبي طلحة قال : حدثني أنس بن مالك في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل بئر معونة ، قال : لا أدري أربعين أو سبعين . قال : وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري ، فخرج أولئك النفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتوا غارا مشرفا على الماء قعدوا فيه ، ثم قال بعضهم لبعض : أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء؟ فقال - أراه أبو ملحان الأنصاري - : أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فخرج حتى أتى حيا منهم ، فاحتبى أمام البيوت ثم قال : يا أهل بئر معونة ، إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم ، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فآمنوا بالله ورسوله . فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح ، فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر ، فقال : الله أكبر ، فزت ورب الكعبة! فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه ، فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل قال : قال إسحاق : حدثني أنس بن مالك : إن الله تعالى أنزل فيهم قرآنا ، رفع بعدما قرأناه زمانا . وأنزل الله : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) . . [ ص: 394 ]

8225 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، [ ص: 395 ] عن الضحاك قال : لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوا ربهم ، فأكرمهم ، فأصابوا الحياة والشهادة والرزق الطيب ، قالوا : يا ليت بيننا وبين إخواننا من يبلغهم أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا! فقال الله تبارك وتعالى : أنا رسولكم إلى نبيكم وإخوانكم . فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " إلى قوله : "ولا هم يحزنون" . فهذا النبأ الذي بلغ الله رسوله والمؤمنين ما قال الشهداء .

وفي نصب قوله : "فرحين" وجهان .

أحدهما : أن يكون منصوبا على الخروج من قوله : "عند ربهم" . والآخر من قوله : "يرزقون" . ولو كان رفعا بالرد على قوله : "بل أحياء فرحون" ، كان جائزا .
القول في تأويل قوله تعالى ( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 170 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك تعالى ذكره : ويفرحون بمن لم يلحق بهم من إخوانهم الذين فارقوهم وهم أحياء في الدنيا على مناهجهم من جهاد أعداء الله مع رسوله ، لعلمهم بأنهم إن استشهدوا فلحقوا بهم صاروا من كرامة الله إلى مثل الذي صاروا هم إليه ، فهم لذلك مستبشرون بهم ، فرحون أنهم إذا صاروا كذلك [ ص: 396 ] " لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " ، يعني بذلك : لا خوف عليهم ، لأنهم قد أمنوا عقاب الله ، وأيقنوا برضاه عنهم ، فقد أمنوا الخوف الذي كانوا يخافونه من ذلك في الدنيا ، ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم من أسباب الدنيا ونكد عيشها ، للخفض الذي صاروا إليه والدعة والزلفة . .

ونصب"أن لا" بمعنى : يستبشرون لهم بأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

8226 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم " الآية ، يقول : لإخوانهم الذين فارقوهم على دينهم وأمرهم ، لما قدموا عليه من الكرامة والفضل والنعيم الذي أعطاهم .

8227 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم " الآية ، قال : يقولون : إخواننا يقتلون كما قتلنا ، يلحقونا فيصيبون من كرامة الله تعالى ما أصبنا .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.09 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]