عرض مشاركة واحدة
  #446  
قديم 03-05-2023, 05:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,175
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ آل عمران
الحلقة (446)
صــ 427إلى صــ 441





وقال آخرون بما : -

8275 - حدثنا به ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " وما كان الله ليطلعكم على الغيب " ، أي : فيما يريد أن يبتليكم به ، لتحذروا ما يدخل [ ص: 427 ] عليكم فيه"ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء" ، يعلمه .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بتأويله : وما كان الله ليطلعكم على ضمائر قلوب عباده ، فتعرفوا المؤمن منهم من المنافق والكافر ، ولكنه يميز بينهم بالمحن والابتلاء كما ميز بينهم بالبأساء يوم أحد وجهاد عدوه ، وما أشبه ذلك من صنوف المحن ، حتى تعرفوا مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم . غير أنه تعالى ذكره يجتبي من رسله من يشاء فيصطفيه ، فيطلعه على بعض ما في ضمائر بعضهم ، بوحيه ذلك إليه ورسالته ، كما : -

8276 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء " ، قال : يخلصهم لنفسه .

وإنما قلنا هذا التأويل أولى بتأويل الآية ، لأن ابتداءها خبر من الله تعالى ذكره أنه غير تارك عباده - يعني بغير محن - حتى يفرق بالابتلاء بين مؤمنهم وكافرهم وأهل نفاقهم . ثم عقب ذلك بقوله : " وما كان الله ليطلعكم على الغيب " ، فكان فيما افتتح به من صفة إظهار الله نفاق المنافق وكفر الكافر ، دلالة واضحة على أن الذي ولي ذلك هو الخبر عن أنه لم يكن ليطلعهم على ما يخفى عنهم من باطن سرائرهم ، إلا بالذي ذكر أنه مميز به نعتهم إلا من استثناه من رسله الذي خصه بعلمه .
[ ص: 428 ] القول في تأويل قوله ( فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ( 179 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "وإن تؤمنوا" ، وإن تصدقوا من اجتبيته من رسلي بعلمي وأطلعته على المنافقين منكم"وتتقوا" ربكم بطاعته فيما أمركم به نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وفيما نهاكم عنه" فلكم أجر عظيم " ، يقول : فلكم بذلك من إيمانكم واتقائكم ربكم ، ثواب عظيم ، كما : -

8277 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا " ، أي : ترجعوا وتتوبوا"فلكم أجر عظيم" .
القول في تأويل قوله ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك :

فقرأه جماعة من أهل الحجاز والعراق : ( " ولا تحسبن الذين يبخلون" ) بالتاء من"تحسبن" .



وقرأته جماعة أخر : ( ولا يحسبن ) بالياء .

[ ص: 429 ]

ثم اختلف أهل العربية في تأويل ذلك .

فقال بعض نحويي الكوفة : معنى ذلك : لا يحسبن الباخلون البخل هو خيرا لهم فاكتفى بذكر"يبخلون" من"البخل" ، كما تقول : "قدم فلان فسررت به" ، وأنت تريد : فسررت بقدومه . و"هو" ، عماد .

وقال بعض نحويي أهل البصرة : إنما أراد بقوله : " ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم ""لا يحسبن البخل هو خيرا لهم" ، فألقى الاسم الذي أوقع عليه"الحسبان" به ، هو البخل ، لأنه قد ذكر"الحسبان" وذكر ما آتاهم الله من فضله" ، فأضمرهما إذ ذكرهما . [ ص: 430 ] قال : وقد جاء من الحذف ما هو أشد من هذا ، قال : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ) ولم يقل : "ومن أنفق من بعد الفتح" ، لأنه لما قال : ( أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد ) [ سورة الحديد : 10 ] ، كان فيه دليل على أنه قد عناهم .

وقال بعض من أنكر قول من ذكرنا قوله من أهل البصرة : إن"من" في قوله : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح ) في معنى جمع . ومعنى الكلام : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح في منازلهم وحالاتهم ، فكيف من أنفق من بعد الفتح؟ فالأول مكتف . وقال : في قوله "لا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم " محذوف ، غير أنه لم يحذف إلا وفي الكلام ما قام مقام المحذوف ، لأن"هو" عائد البخل ، و"خيرا لهم" عائد الأسماء ، فقد دل هذان العائدان على أن قبلهما اسمين ، واكتفى بقوله : "يبخلون" من"البخل" .

قال : وهذا إذا قرئ ب"التاء" ، ف"البخل" قبل"الذين" ، وإذا قرئ ب"الياء" ، ف"البخل" بعد"الذين" ، وقد اكتفى ب"الذين يبخلون" ، من البخل ، كما قال الشاعر :


[ ص: 431 ] إذا نهي السفيه جرى إليه وخالف والسفيه إلى خلاف


كأنه قال : جرى إلى السفه ، فاكتفى عن"السفه" ب"السفيه" ، كذلك اكتفى ب"الذين يبخلون" ، من"البخل" .

قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندي ، قراءة من قرأ : ( " ولا تحسبن الذين يبخلون" ) بالتاء ، بتأويل : ولا تحسبن ، أنت يا محمد ، بخل الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم ثم ترك ذكر"البخل" ، إذ كان في قوله : " هو خيرا لهم " دلالة على أنه مراد في الكلام ، إذ كان قد تقدمه قوله : " الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله " .

وإنما قلنا : قراءة ذلك بالتاء أولى بالصواب من قراءته بالياء ، لأن"المحسبة" من شأنها طلب اسم وخبر ، فإذا قرئ قوله : " ولا يحسبن الذين يبخلون " بالياء : لم يكن للمحسبة اسم يكون قوله : " هو خيرا لهم " خبرا عنه . وإذا قرئ ذلك بالتاء ، كان قوله : "الذين يبخلون" اسما له قد أدى عن معنى"البخل" الذي هو اسم المحسبة المتروك ، وكان قوله : "هو خيرا لهم" خبرا لها ، فكان جاريا مجرى المعروف من كلام العرب الفصيح . فلذلك اخترنا القراءة ب"التاء" في ذلك على ما بيناه ، وإن كانت القراءة ب"الياء" غير خطأ ، ولكنه ليس بالأفصح ولا الأشهر من كلام العرب .

قال أبو جعفر : وأما تأويل الآية الذي هو تأويلها على ما اخترنا من القراءة في ذلك : ولا تحسبن ، يا محمد ، بخل الذين يبخلون بما أعطاهم الله في الدنيا من الأموال ، فلا يخرجون منه حق الله الذي فرضه عليهم فيه من الزكوات ، هو خيرا [ ص: 432 ] لهم عند الله يوم القيامة ، بل هو شر لهم عنده في الآخرة ، كما : -

8278 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم " ، هم الذين آتاهم الله من فضله ، فبخلوا أن ينفقوها في سبيل الله ، ولم يؤدوا زكاتها .

وقال آخرون : بل عنى بذلك اليهود الذين بخلوا أن يبينوا للناس ما أنزل الله في التوراة من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونعته .

ذكر من قال ذلك :

8279 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله " إلى" سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، يعني بذلك أهل الكتاب ، أنهم بخلوا بالكتاب أن يبينوه للناس .

8280 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : " ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله " ، قال : هم يهود ، إلى قوله : ( والكتاب المنير ) [ سورة آل عمران : 184 ] .

وأولى التأويلين بتأويل هذه الآية ، التأويل الأول ، وهو أنه معني ب"البخل" في هذا الموضع ، منع الزكاة ، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تأول قوله : ( سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ) قال : البخيل الذي منع حق الله منه ، أنه يصير ثعبانا في عنقه ولقول الله عقيب هذه الآية : ( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ) ، فوصف جل ثناؤه قول المشركين من [ ص: 433 ] اليهود الذين زعموا عند أمر الله إياهم بالزكاة أن الله فقير .
القول في تأويل قوله ( سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "سيطوقون" ، سيجعل الله ما بخل به المانعون الزكاة ، طوقا في أعناقهم كهيئة الأطواق المعروفة ، كالذي : -

8281 - حدثني الحسن بن قزعة قال : حدثنا مسلمة بن علقمة قال : حدثنا داود ، عن أبي قزعة ، عن أبي مالك العبدي قال : ما من عبد يأتيه ذو رحم له ، يسأله من فضل عنده فيبخل عليه ، إلا أخرج له الذي بخل به عليه شجاعا أقرع . قال : وقرأ : " ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " إلى آخر الآية . [ ص: 434 ]

8282 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا داود ، عن أبى قزعة ، عن رجل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل جعله الله عنده ، فيبخل به عليه ، إلا أخرج له من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه" .

8283 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم قال : حدثنا داود ، عن أبي قزعة حجر بن بيان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل أعطاه الله إياه ، فيبخل به عليه ، إلا أخرج له يوم القيامة شجاع من النار يتلمظ حتى يطوقه" . ثم قرأ : " ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله " حتى انتهى إلى قوله : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " . [ ص: 435 ]

8284 - حدثني زياد بن عبيد الله المري قال : حدثنا مروان بن معاوية وحدثني عبد الله بن عبد الله الكلابي قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد ، واللفظ ليعقوب جميعا ، عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة ، عن أبيه . عن جده قال : سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يأتي رجل مولاه فيسأله من فضل مال عنده ، فيمنعه إياه ، إلا دعي له يوم القيامة شجاع يتلمظ فضله الذي منع . [ ص: 436 ]

8285 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، قال : ثعبان ينقر رأس أحدهم ، يقول : أنا مالك الذي بخلت به ! .

8286 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت أبا وائل يحدث : أنه سمع عبد الله قال في هذه الآية : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، قال : شجاع يلتوي برأس أحدهم .

8287 - حدثني ابن المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة قال : حدثنا خلاد بن أسلم قال : أخبرنا النضر بن شميل قال : أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بمثله - إلا أنهما قالا قال : شجاع أسود .

8288 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، [ ص: 437 ] عن أبي إسحاق ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : يجيء ماله يوم القيامة ثعبانا ، فينقر رأسه فيقول : أنا مالك الذي بخلت به! فينطوي على عنقه .

8289 - حدثت عن سفيان بن عيينة قال : حدثنا جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله ، إلا مثل له شجاع أقرع يطوقه . ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم " الآية . [ ص: 438 ]

8290 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثني أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أما" سيطوقون ما بخلوا به " ، فإنه يجعل ماله يوم القيامة شجاعا أقرع يطوقه ، فيأخذ بعنقه ، فيتبعه حتى يقذفه في النار .

8291 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا خلف بن خليفة ، عن أبي هاشم ، عن أبي وائل قال : هو الرجل الذي يرزقه الله مالا فيمنع قرابته الحق الذي جعل الله لهم في ماله ، فيجعل حية فيطوقها ، فيقول : ما لي ولك! فيقول : أنا مالك!

8292 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو غسان قال : حدثنا إسرائيل ، عن حكيم بن جبير ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن مسروق قال : سألت ابن مسعود عن قوله : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، قال : يطوقون شجاعا أقرع ينهش رأسه .

وقال آخرون : معنى ذلك : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، فيجعل في أعناقهم طوقا من نار .

ذكر من قال ذلك :

8293 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، قال : طوقا من النار . [ ص: 439 ]

8294 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم أنه قال في هذه الآية : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، قال : طوقا من نار .

8295 - حدثنا الحسن قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم في قوله : " سيطوقون" ، قال : طوقا من نار .

8296 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، قال : طوقا من نار .

وقال آخرون : معنى ذلك : سيحمل الذين كتموا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أحبار اليهود ، ما كتموا من ذلك .

ذكر من قال ذلك :

8297 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قوله : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، ألم تسمع أنه قال : ( يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ) [ سورة النساء : 37\ سورة الحديد : 24 ] ، يعني أهل الكتاب : يقول : يكتمون ، ويأمرون الناس بالكتمان .

وقال آخرون : معنى ذلك : سيكلفون يوم القيامة أن يأتوا بما بخلوا به في الدنيا من أموالهم .

ذكر من قال ذلك :

8298 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، قال : سيكلفون أن يأتوا بما بخلوا به ، إلى قوله : "والكتاب المنير" . [ ص: 440 ]

8299 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " سيطوقون" ، سيكلفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به من أموالهم يوم القيامة .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية ، التأويل الذي قلناه في ذلك في مبدأ قوله : " سيطوقون ما بخلوا به " ، للأخبار التي ذكرنا في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد أعلم بما عنى الله تبارك وتعالى بتنزيله ، منه عليه السلام .
القول في تأويل قوله ( ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير ( 180 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : أنه الحي الذي لا يموت ، والباقي بعد فناء جميع خلقه .

فإن قال قائل : فما معنى قوله : "له ميراث السماوات والأرض" ، و"الميراث" المعروف ، هو ما انتقل من ملك مالك إلى وارثه بموته ، ولله الدنيا قبل فناء خلقه وبعده؟

قيل : إن معنى ذلك ما وصفنا ، من وصفه نفسه بالبقاء ، وإعلام خلقه أنه كتب عليهم الفناء . وذلك أن ملك المالك إنما يصير ميراثا بعد وفاته ، فإنما قال جل ثناؤه : " ولله ميراث السماوات والأرض " ، إعلاما بذلك منه عباده أن أملاك جميع [ ص: 441 ] خلقه منتقلة عنهم بموتهم ، وأنه لا أحد إلا وهو فان سواه ، فإنه الذي إذا أهلك جميع خلقه فزالت أملاكهم عنهم ، لم يبق أحد يكون له ما كانوا يملكونه غيره .

وإنما معنى الآية : " ولا تحسبن الذي يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، بعد ما يهلكون وتزول عنهم أملاكهم ، في الحين الذي لا يملكون شيئا ، وصار لله ميراثه وميراث غيره من خلقه .

ثم أخبر تعالى ذكره أنه بما يعمل هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضل وغيرهم من سائر خلقه ، ذو خبرة وعلم ، محيط بذلك كله ، حتى يجازي كلا منهم على قدر استحقاقه ، المحسن بالإحسان ، والمسيء على ما يرى تعالى ذكره .
القول في تأويل قوله ( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق )

قال أبو جعفر : ذكر أن هذه الآية وآيات بعدها نزلت في بعض اليهود الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]