
03-05-2023, 08:00 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,552
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (452)
صــ 526إلى صــ 540
8441 - وبه عن سفيان ، عن رجل ، عن الضحاك قال : لا تعط فاسدا ، وتأخذ جيدا . [ ص: 526 ]
8442 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب " ، كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ويجعل مكانها الشاة المهزولة ، ويقول : "شاة بشاة"! ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف ، ويقول : "درهم بدرهم"!!
وقال آخرون : معنى ذلك : لا تستعجل الرزق الحرام فتأكله قبل أن يأتيك الذي قدر لك من الحلال .
ذكر من قال ذلك :
8443 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب " ، قال : لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدر لك .
8444 - وبه عن سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح مثله .
وقال آخرون : معنى ذلك ، كالذي : -
8445 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب " ، قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا يورثون الصغار ، يأخذه الأكبر وقرأ ( وترغبون أن تنكحوهن ) قال : إذا لم يكن لهم شيء : ( والمستضعفين من الولدان ) [ سورة النساء : 127 ] ، لا يورثونهم . قال : فنصيبه من الميراث طيب ، وهذا الذي أخذه خبيث .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ، قول من قال : تأويل ذلك : ولا تتبدلوا أموال أيتامكم - أيها الأوصياء - الحرام عليكم الخبيث لكم ، [ ص: 527 ] فتأخذوا رفائعها وخيارها وجيادها . بالطيب الحلال لكم من أموالكم [ أي لا تأخذوا ] الرديء الخسيس بدلا منه .
وذلك أن"تبدل الشيء بالشيء" في كلام العرب : أخذ شيء مكان آخر غيره ، يعطيه المأخوذ منه أو يجعله مكان الذي أخذ .
فإذ كان ذلك معنى"التبدل" و"الاستبدال" ، فمعلوم أن الذي قاله ابن زيد من أن معنى ذلك : هو أخذ أكبر ولد الميت جميع مال ميته ووالده ، دون صغارهم ، إلى ماله - قول لا معنى له . لأنه إذا أخذ الأكبر من ولده جميع ماله دون الأصاغر منهم ، فلم يستبدل مما أخذ شيئا . فما"التبدل" الذي قال جل ثناؤه : " ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب " ، ولم يتبدل الآخذ مكان المأخوذ بدلا؟
وأما الذي قاله مجاهد وأبو صالح من أن معنى ذلك : لا تتعجل الرزق الحرام قبل مجيء الحلال فإنهما أيضا ، إن لم يكونا أرادا بذلك نحو القول الذي روي عن ابن مسعود أنه قال : "إن الرجل ليحرم الرزق بالمعصية يأتيها" ، ففساده نظير فساد قول ابن زيد . لأن من استعجل الحرام فأكله ، ثم آتاه الله رزقه الحلال ، فلم يبدل شيئا مكان شيء . وإن كانا قد أرادا بذلك ، أن الله جل ثناؤه نهى عباده أن يستعجلوا الحرام فيأكلوه قبل مجيء الحلال ، فيكون أكلهم ذلك [ ص: 528 ] سببا لحرمان الطيب منه فذلك وجه معروف ، ومذهب معقول . يحتمله التأويل . غير أن أشبه [ القولين ] في ذلك بتأويل الآية ، ما قلنا; لأن ذلك هو الأظهر من معانيه ، لأن الله جل ثناؤه إنما ذكر ذلك في قصة أموال اليتامى وأحكامها ، فلأن يكون ذلك من جنس حكم أول الآية وآخرها ، [ أولى ] من أن يكون من غير جنسه .
القول في تأويل قوله ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم )
قال أبو جعفر : يعني بذلك تعالى ذكره : ولا تخلطوا أموالهم - يعني : أموال اليتامى بأموالكم - فتأكلوها مع أموالكم ، كما : -
8446 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم " ، يقول : لا تأكلوا أموالكم وأموالهم ، تخلطوها فتأكلوها جميعا .
8447 - حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن مبارك ، عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية في أموال اليتامى ، كرهوا أن يخالطوهم ، وجعل ولي اليتيم يعزل مال اليتيم عن ماله ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 529 ] فأنزل الله : ( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ سورة البقرة : 220 ] قال : فخالطوهم واتقوا .
القول في تأويل قوله ( إنه كان حوبا كبيرا ( 2 ) )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره [ بقوله ] : " إنه كان حوبا كبيرا " ، إن أكلكم أموال أيتامكم ، حوب كبير .
و"الهاء" في قوله : "إنه" دالة على اسم الفعل ، أعني"الأكل" .
وأما"الحوب" ، فإنه الإثم ، يقال منه : "حاب الرجل يحوب حوبا وحوبا وحيابة" ، ويقال منه : "قد تحوب الرجل من كذا" ، إذا تأثم منه ، ومنه قول أمية بن الأسكر الليثي :
وإن مهاجرين تكنفاه غداتئذ ، لقد خطئا وحابا
ومنه قيل : "نزلنا بحوبة من الأرض ، وبحيبة من الأرض" ، إذا نزلوا بموضع سوء منها .
و"الكبير" العظيم .
[ ص: 530 ]
فمعنى ذلك : إن أكلكم أموال اليتامى مع أموالكم ، إثم عند الله عظيم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
8448 - حدثني محمد بن عمرو وعمرو بن علي قالا حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " حوبا كبيرا " قال : إثما .
8449 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
8450 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " إنه كان حوبا كبيرا " ، قال : إثما عظيما .
8451 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " كان حوبا " أما"حوبا" فإثما .
8452 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : " حوبا" ، قال : إثما .
8453 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " إنه كان حوبا كبيرا " يقول : ظلما كبيرا .
8454 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول في قوله : " إنه كان حوبا كبيرا " قال : ذنبا كبيرا وهي لأهل الإسلام .
8455 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا يحيى بن سعيد قال : حدثنا قرة بن خالد قال : سمعت الحسن يقول : " حوبا كبيرا " ، قال : إثما والله عظيما .
[ ص: 531 ] القول في تأويل قوله ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : معنى ذلك : وإن خفتم ، يا معشر أولياء اليتامى ، أن لا تقسطوا في صداقهن فتعدلوا فيه ، وتبلغوا بصداقهن صدقات أمثالهن ، فلا تنكحوهن ، ولكن انكحوا غيرهن من الغرائب اللواتي أحلهن الله لكم وطيبهن ، من واحدة إلى أربع ، وإن خفتم أن تجوروا إذا نكحتم من الغرائب أكثر من واحدة فلا تعدلوا ، فانكحوا منهن واحدة ، أو ما ملكت أيمانكم .
ذكر من قال ذلك :
8456 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ، فقالت : يا ابن أختي ، هي اليتيمة تكون في حجر وليها ، فيرغب في مالها وجمالها ، ويريد أن ينكحها بأدنى من سنة صداقها ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما سواهن من النساء .
8457 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير : أنه سأل عائشة [ ص: 532 ] زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تبارك وتعالى : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ، قالت : يا ابن أختي ، هذه اليتيمة ، تكون في حجر وليها تشاركه في ماله ، فيعجبه مالها وجمالها . فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها ، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن قال يونس بن يزيد قال ربيعة في قول الله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " ، قال يقول : اتركوهن ، فقد أحللت لكم أربعا .
8458 - حدثنا الحسن بن الجنيد وأخبرنا سعيد بن مسلمة قالا . أنبأنا إسماعيل بن أمية ، عن ابن شهاب ، عن عروة قال : سألت عائشة أم المؤمنين فقلت : يا أم المؤمنين ، أرأيت قول الله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء "؟ قالت : يا ابن أختي ، هي اليتيمة تكون في حجر وليها ، فيرغب في جمالها ومالها ، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة صداق نسائها ، فنهوا عن ذلك : أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا فيكملوا لهن الصداق ، ثم أمروا أن ينكحوا سواهن من النساء إن لم يكملوا لهن الصداق . [ ص: 533 ]
8459 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب قال : حدثني عروة بن الزبير : أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثل حديث يونس ، عن ابن وهب .
8460 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري عن عروة ، عن عائشة ، مثل حديث ابن حميد ، عن ابن المبارك .
8461 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : نزل تعني قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " ، الآية في اليتيمة تكون عند الرجل ، وهي ذات مال ، فلعله ينكحها لمالها ، وهي لا تعجبه ، ثم يضربها ، ويسيء صحبتها ، فوعظ في ذلك .
[ ص: 534 ]
قال أبو جعفر : فعلى هذا التأويل ، جواب قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا " ، قوله : " فانكحوا" .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : النهي عن نكاح ما فوق الأربع ، حذارا على أموال اليتامى أن يتلفها أولياؤهم . وذلك أن قريشا كان الرجل منهم يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل ، فإذا صار معدما ، مال على مال يتيمه الذي في حجره فأنفقه أو تزوج به . فنهوا عن ذلك ، وقيل لهم : إن أنتم خفتم على أموال أيتامكم أن تنفقوها فلا تعدلوا فيها ، من أجل حاجتكم إليها لما يلزمكم من مؤن نسائكم ، [ ص: 535 ] فلا تجاوزوا فيما تنكحون من عدد النساء على أربع وإن خفتم أيضا من الأربع أن لا تعدلوا في أموالهم ، فاقتصروا على الواحدة ، أو على ما ملكت أيمانكم .
ذكر من قال ذلك :
8462 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن سماك قال : سمعت عكرمة يقول في هذه الآية : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " ، قال : كان الرجل من قريش يكون عنده النسوة ، ويكون عنده الأيتام ، فيذهب ماله ، فيميل على مال الأيتام ، قال : فنزلت هذه الآية : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " .
8463 - حدثنا هناد بن السري قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم " ، قال : كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والست والعشر ، فيقول الرجل : "ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان"؟ فيأخذ مال يتيمه فيتزوج به ، فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع .
8464 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : قصر الرجال على أربع من أجل أموال اليتامى .
8465 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " ، فإن الرجل كان يتزوج بمال اليتيم ما شاء الله تعالى ، فنهى الله عن ذلك .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن القوم كانوا يتحوبون في أموال اليتامى أن لا يعدلوا فيها ، ولا يتحوبون في النساء أن لا يعدلوا فيهن ، فقيل لهم : كما خفتم أن [ ص: 536 ] لا تعدلوا في اليتامى ، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن ، ولا تنكحوا منهن إلا من واحدة إلى الأربع ، ولا تزيدوا على ذلك . وإن خفتم أن لا تعدلوا أيضا في الزيادة على الواحدة ، فلا تنكحوا إلا ما لا تخافون أن تجوروا فيهن من واحدة أو ما ملكت أيمانكم .
ذكر من قال ذلك :
8466 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير قال : كان الناس على جاهليتهم ، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه ، قال : فذكروا اليتامى ، فنزلت : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم " ، قال : فكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى ، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في النساء .
8467 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) إلى : "أيمانكم" ، كانوا يشددون في اليتامى ، ولا يشددون في النساء ، ينكح أحدهم النسوة ، فلا يعدل بينهن ، فقال الله تبارك وتعالى : كما تخافون أن لا تعدلوا بين اليتامى ، فخافوا في النساء ، فانكحوا واحدة إلى الأربع . فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم .
8468 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " حتى بلغ"أدنى ألا تعولوا" ، يقول : كما خفتم الجور في اليتامى وهمكم ذلك ، فكذلك فخافوا في جمع النساء ، وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العشرة [ ص: 537 ] فما دون ذلك ، فأحل الله جل ثناؤه أربعا ، ثم صيرهن إلى أربع قوله : " مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " ، يقول ، إن خفت أن لا تعدل في أربع فثلاث ، وإلا فثنتين ، وإلا فواحدة . وإن خفت أن لا تعدل في واحدة ، فما ملكت يمينك .
8469 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ، يقول : ما أحل لكم من النساء" مثنى وثلاث ورباع " ، فخافوا في النساء مثل الذي خفتم في اليتامى : أن لا تقسطوا فيهن .
8470 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير قال : جاء الإسلام والناس على جاهليتهم ، إلا أن يؤمروا بشيء فيتبعوه ، أو ينهوا عن شيء فيجتنبوه ، حتى سألوا عن اليتامى ، فأنزل الله تبارك وتعالى : " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " .
8471 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو النعمان عارم قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير قال : بعث الله تبارك وتعالى محمدا صلى الله عليه وسلم والناس على أمر جاهليتهم ، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه ، وكانوا يسألونه عن اليتامى فأنزل الله تبارك وتعالى : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " ، قال : فكما تخافون أن لا تقسطوا في اليتامى ، فخافوا أن لا تقسطوا وتعدلوا في النساء .
8472 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " ، قال : كانوا في الجاهلية ينكحون عشرا من النساء الأيامى ، وكانوا [ ص: 538 ] يعظمون شأن اليتيم ، فتفقدوا من دينهم شأن اليتيم ، وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية ، فقال : " وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " ، ونهاهم عما كانوا ينكحون في الجاهلية .
8473 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ، كانوا في جاهليتهم لا يرزأون من مال اليتيم شيئا ، وهم ينكحون عشرا من النساء ، وينكحون نساء آبائهم ، فتفقدوا من دينهم شأن النساء ، فوعظهم الله في اليتامى وفي النساء ، فقال في اليتامى : ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) إلى ( إنه كان حوبا كبيرا ) ووعظهم في شأن النساء فقال : " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " الآية ، وقال : ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ) [ سورة النساء : 22 ] .
8474 - حدثت عن عمار عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " إلى"ما ملكت أيمانكم" ، يقول : فإن خفتم الجور في اليتامى وغمكم ذلك ، فكذلك فخافوا في جمع النساء ، قال : [ ص: 539 ] وكان الرجل يتزوج العشر في الجاهلية فما دون ذلك ، وأحل الله أربعا ، وصيرهم إلى أربع ، يقول : " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " ، وإن خفت أن لا تعدل في واحدة ، فما ملكت يمينك .
وقال آخرون : معنى ذلك : فكما خفتم في اليتامى ، فكذلك فتخوفوا في النساء أن تزنوا بهن ، ولكن انكحوا ما طاب لكم من النساء .
ذكر من قال ذلك :
8475 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : أخبرنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " ، يقول : إن تحرجتم في ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانا وتصديقا ، فكذلك فتحرجوا من الزنا ، وانكحوا النساء نكاحا طيبا" مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم " .
8476 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى اللاتي أنتم ولاتهن ، فلا تنكحوهن ، وانكحوا أنتم ما حل لكم منهن .
ذكر من قال ذلك :
8477 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " ، قال : نزلت في اليتيمة تكون عند الرجل ، هو وليها ، ليس لها ولي غيره ، وليس أحد ينازعه فيها ، ولا ينكحها لمالها ، فيضربها ، ويسيء صحبتها . [ ص: 540 ]
8478 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا يونس ، عن الحسن في هذه الآية : " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم " أي : ما حل لكم من يتاماكم من قراباتكم" مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم " .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال التي ذكرناها في ذلك بتأويل الآية ، قول من قال : تأويلها : "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ، فكذلك فخافوا في النساء ، فلا تنكحوا منهن إلا ما لا تخافون أن تجوروا فيه منهن ، من واحدة إلى الأربع ، فإن خفتم الجور في الواحدة أيضا ، فلا تنكحوها ، ولكن عليكم بما ملكت أيمانكم ، فإنه أحرى أن لا تجوروا عليهن" .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|