
03-05-2023, 08:14 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,053
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (454)
صــ 556إلى صــ 570
8516 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : دخل رجل على علقمة وهو يأكل من طعام بين يديه ، من شيء أعطته امرأته من صداقها أو غيره ، فقال له علقمة : ادن فكل من الهنيء المريء! [ ص: 556 ]
8517 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " ، يقول : إذا كان غير إضرار ولا خديعة ، فهو هنيء مريء ، كما قال الله جل ثناؤه .
8518 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " ، قال : الصداق ، "فكلوه هنيئا مريئا" .
8519 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول في قوله : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " بعد أن توجبوه لهن وتحلوه ، "فكلوه هنيئا مريئا" . .
8520 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه قال : زعم حضرمي أن أناسا كانوا يتأثمون أن يراجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته ، فقال الله تبارك وتعالى : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " .
8521 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " ، يقول : ما طابت به نفسا في غير كره أو هوان ، فقد أحل الله لك ذلك أن تأكله هنيئا مريئا .
وقال آخرون : بل عنى بهذا القول أولياء النساء ، فقيل لهم : إن طابت أنفس النساء اللواتي إليكم عصمة نكاحهن ، بصدقاتهن نفسا ، فكلوه هنيئا مريئا .
ذكر من قال ذلك :
8522 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : حدثنا سيار ، عن أبي صالح في قوله : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " ، قال : كان الرجل [ ص: 557 ] إذا زوج ابنته ، عمد إلى صداقها فأخذه ، قال : فنزلت هذه الآية في الأولياء : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " .
قال أبو جعفر وأولى التأويلين في ذلك بالصواب ، التأويل الذي قلنا وأن الآية مخاطب بها الأزواج . لأن افتتاح الآية مبتدأ بذكرهم ، وقوله : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " في سياقه .
وإن قال قائل : فكيف قيل : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " ، وقد علمت أن معنى الكلام : فإن طابت لكم أنفسهن بشيء؟ وكيف وحدت"النفس" ، والمعنى للجميع؟ وذلك أنه تعالى ذكره قال : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " .
قيل : أما نقل فعل النفوس إلى أصحاب النفوس ، فإن ذلك المستفيض في كلام العرب . من كلامها المعروف : "ضقت بهذا الأمر ذراعا وذرعا""وقررت بهذا الأمر عينا" ، والمعنى! ضاق به ذرعي ، وقرت به عيني ، كما قال الشاعر :
إذا التياز ذو العضلات قلنا : إليك ، إليك"! ضاق بها ذراعا [ ص: 558 ]
فنقل صفة"الذراع" إلى"رب الذراع" ، ثم أخرج"الذراع" مفسرة لموقع الفعل .
وكذلك وحد"النفس" في قوله : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا إذ كانت"النفس" مفسرة لموقع الخبر .
وأما توحيد"النفس" من النفوس ، لأنه إنما أراد"الهوى" ، و"الهوى" يكون جماعة ، كما قال الشاعر :
بها جيف الحسرى ، فأما عظامها فبيض ، وأما جلدها فصليب
وكما قال الآخر :
في حلقكم عظم وقد شجينا
[ ص: 559 ]
وقال بعض نحويي الكوفة : جائز في"النفس" في هذا الموضع الجمع والتوحيد ، " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " و"أنفسا" ، و"ضقت به ذراعا" و"ذرعا" و"أذرعا" ، لأنه منسوب إليك وإلى من تخبر عنه ، فاكتفى بالواحد عن الجمع لذلك ، ولم يذهب الوهم إلى أنه ليس بمعنى جمع ، لأن قبله جمعا .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن"النفس" وقع موقع الأسماء التي تأتي بلفظ الواحد ، مؤدية معناه إذا ذكر بلفظ الواحد ، وأنه بمعنى الجمع عن الجميع .
وأما قوله : "هنيئا" ، فإنه مأخوذ من : "هنأت البعير بالقطران" ، إذا جرب فعولج به ، كما قال الشاعر :
متبذلا تبدو محاسنه يضع الهناء مواضع النقب
[ ص: 560 ]
فكأن معنى قوله : "فكلوه هنيئا مريئا" ، فكلوه دواء شافيا .
يقال منه : "هنأني الطعام ومرأني" ، أي صار لي دواء وعلاجا شافيا ، "وهنئني ومرئني" بالكسر ، وهي قليلة . والذين يقولون هذا القول ، يقولون : "يهنأني ويمرأني" ، والذين يقولون : "هنأني" يقولون : "يهنيني ويمريني" . فإذا أفردوا قالوا : "قد أمرأني هذا الطعام إمراء" . ويقال : "هنأت القوم" إذا علتهم ، سمع من العرب من يقول : "إنما سميت هانئا لتهنأ" ، بمعنى : لتعول وتكفي .
القول في تأويل قوله ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في" السفهاء" الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم .
فقال بعضهم : هم النساء والصبيان .
ذكر من قال ذلك :
8523 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال [ ص: 561 ] حدثنا إسرائيل ، عن عبد الكريم ، عن سعيد بن جبير قال : اليتامى والنساء .
8524 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : لا تعطوا الصغار والنساء .
8525 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن يونس ، عن الحسن قال : المرأة والصبي .
8526 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن شريك ، عن أبي حمزة ، عن الحسن قال : النساء والصغار ، والنساء أسفه السفهاء .
8527 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : "السفهاء" ابنك السفيه ، وامرأتك السفيهة . وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اتقوا الله في الضعيفين ، اليتيم والمرأة " .
8528 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا حميد ، عن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن السدي قال : يرده إلى عبد الله قال : النساء والصبيان .
8529 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، أما"السفهاء" ، فالولد والمرأة .
8530 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، يعني بذلك ولد الرجل وامرأته ، وهي أسفه السفهاء .
8531 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : "السفهاء" الولد ، [ ص: 562 ] والنساء أسفه السفهاء ، فيكونوا عليكم أربابا .
8532 - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك ، قال : أولادكم ونساؤكم .
8533 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا أبي ، عن سلمة ، عن الضحاك قال : النساء والصبيان .
8534 - حدثنا أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : النساء والولدان .
8535 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا ابن أبي غنية ، عن الحكم : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : النساء والولدان .
8536 - حدثنا بشر بن معاذ : قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، أمر الله بهذا المال أن يخزن فتحسن خزانته ، ولا يملكه المرأة السفيهة والغلام السفيه .
8537 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا ابن المبارك ، عن إسماعيل ، عن أبي مالك قال : النساء والصبيان .
8538 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : امرأتك [ ص: 563 ] وبنيك وقال : "السفهاء" ، الولدان ، والنساء أسفه السفهاء .
وقال آخرون : بل"السفهاء" ، الصبيان خاصة .
ذكر من قال ذلك :
8539 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : هم اليتامى .
8540 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثني أبي ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد قال : "السفهاء" ، اليتامى .
8541 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا يونس ، عن الحسن في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، يقول : لا تنحلوا الصغار .
وقال آخرون : بل عنى بذلك : السفهاء من ولد الرجل .
ذكر من قال ذلك :
8542 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : لا تعط ولدك السفيه مالك فيفسده ، الذي هو قوامك بعد الله تعالى .
8543 - حدثنا محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، يقول : لا تسلط السفيه من ولدك فكان ابن عباس يقول : نزل ذلك في السفهاء ، وليس اليتامى من ذلك في شيء . [ ص: 564 ]
8544 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري أنه قال : ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم : رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ، ورجل أعطى ماله سفيها وقد قال الله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، ورجل كان له على رجل دين فلم يشهد عليه .
8545 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " الآية ، قال : لا تعط السفيه من ولدك رأسا ولا حائطا ، ولا شيئا هو لك قيما من مالك .
وقال آخرون : بل"السفهاء" في هذا الموضع ، النساء خاصة دون غيره .
ذكر من قال ذلك :
8546 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه قال : زعم حضرمي أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته ، فوضعته في غير الحق ، فقال الله تبارك وتعالى : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " .
8547 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حميد ، عن مجاهد : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : النساء .
8548 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثنا سفيان ، عن الثوري ، عن حميد ، عن قيس ، عن مجاهد في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : هن النساء . [ ص: 565 ]
8549 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، قال : نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم ، وهن سفهاء من كن أزواجا أو أمهات أو بنات .
8550 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
8551 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا هشام ، عن الحسن قال : المرأة .
8552 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك قال : النساء من أسفه السفهاء .
8553 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي عوانة ، عن عاصم ، عن مورق قال : مرت امرأة بعبد الله بن عمر لها شارة وهيئة ، فقال لها ابن عمر : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " .
وقال أبو جعفر : والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا ، أن الله جل ثناؤه عم بقوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، فلم يخصص سفيها دون سفيه . فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيها ماله ، صبيا صغيرا كان أو رجلا كبيرا ، ذكرا كان أو أنثى .
و"السفيه" الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله ، هو المستحق الحجر بتضييعه ماله وفساده وإفساده وسوء تدبيره ذلك .
وإنما قلنا ما قلنا ، من أن المعني بقوله : " ولا تؤتوا السفهاء " هو من وصفنا دون غيره ، لأن الله جل ثناؤه قال في الآية التي تتلوها : " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " ، فأمر أولياء اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا [ ص: 566 ] بلغوا النكاح وأونس منهم الرشد ، وقد يدخل في"اليتامى" الذكور والإناث ، فلم يخصص بالأمر بدفع ما لهم من الأموال ، الذكور دون الإناث ، ولا الإناث دون الذكور .
وإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن الذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم ، إليهم ، وأجيز للمسلمين مبايعتهم ومعاملتهم ، غير الذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم ، وحظر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم .
فإذ كان ذلك كذلك ، فبين أن"السفهاء" الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم ، هم المستحقون الحجر والمستوجبون أن يولى عليهم أموالهم ، وهم من وصفنا صفتهم قبل ، وأن من عدا ذلك فغير سفيه ، لأن الحجر لا يستحقه من قد بلغ وأونس رشده .
وأما قول من قال : "عنى بالسفهاء النساء خاصة" ، فإنه جعل اللغة على غير وجهها . وذلك أن العرب لا تكاد تجمع"فعيلا" على"فعلاء" إلا في جمع الذكور ، أو الذكور والإناث . وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم ، جمعوه على : "فعائل" و"فعيلات" ، مثل : "غريبة" ، تجمع"غرائب" و"غريبات" ، فأما"الغرباء" ، فجمع"غريب" .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم " ،
فقال بعضهم : عنى بذلك : لا تؤتوا السفهاء من النساء والصبيان على [ ص: 567 ] ما ذكرنا من اختلاف من حكينا قوله قبل أيها الرشداء ، أموالكم التي تملكونها ، فتسلطوهم عليها فيفسدوها ويضيعوها ، ولكن ارزقوهم أنتم منها إن كانوا ممن تلزمكم نفقته ، واكسوهم ، وقولوا لهم قولا معروفا .
وقد ذكرنا الرواية عن جماعة ممن قال ذلك ، منهم : أبو موسى الأشعري ، وابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وحضرمي ، وسنذكر قول الآخرين الذين لم يذكر قولهم فيما مضى قبل .
8554 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها " ، يقول : لا تعط امرأتك وولدك مالك ، فيكونوا هم الذين يقومون عليك ، وأطعمهم من مالك واكسهم .
8555 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا " ، يقول : لا تسلط السفيه من ولدك على مالك ، وأمره أن يرزقه منه ويكسوه .
8556 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : لا تعط السفيه من مالك شيئا هو لك .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : "ولا تؤتوا السفهاء أموالهم" ، ولكنه أضيف إلى الولاة ، لأنهم قوامها ومدبروها .
ذكر من قال ذلك :
8557 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : حدثنا ابن المبارك ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير في قوله : "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، [ ص: 568 ]
[ هو مال اليتيم يكون عندك ، يقول : لا تؤته إياه ، وأنفقه عليه حتى يبلغ . وإنما أضاف إلى الأولياء فقال : "أموالكم" ، لأنهم قوامها ومدبروها ] .
قال أبو جعفر : وقد يدخل في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، أموال المنهيين عن أن يؤتوهم ذلك ، وأموال"السفهاء" . لأن قوله : "أموالكم" غير مخصوص منها بعض الأموال دون بعض . ولا تمنع العرب أن تخاطب قوما خطابا ، فيخرج الكلام بعضه خبر عنهم ، وبعضه عن غيب ، وذلك نحو أن يقولوا : "أكلتم يا فلان أموالكم بالباطل" ، فيخاطب الواحد خطاب الجمع ، بمعنى : أنك وأصحابك أو وقومك أكلتم أموالكم . فكذلك قوله : " ولا تؤتوا السفهاء " ، معناه : لا تؤتوا أيها الناس ، سفهاءكم أموالكم التي بعضها لكم وبعضها لهم ، فيضيعوها .
وإذ كان ذلك كذلك ، وكان الله تعالى ذكره قد عم بالنهي عن إيتاء السفهاء الأموال كلها ، ولم يخصص منها شيئا دون شيء ، كان بينا بذلك أن معنى قوله : " التي جعل الله لكم قياما " ، إنما هو التي جعل الله لكم ولهم قياما ، ولكن السفهاء دخل ذكرهم في ذكر المخاطبين بقوله : "لكم" .
وأما قوله : " التي جعل الله لكم قياما " ، فإن"قياما" و"قيما" و"قواما" في [ ص: 569 ] معنى واحد . وإنما"القيام" أصله"القوام" ، غير أن"القاف" التي قبل"الواو" لما كانت مكسورة ، جعلت"الواو""ياء" لكسرة ما قبلها ، كما يقال : "صمت صياما" ، "وصلت صيالا" ، ويقال منه : "فلان قوام أهل بيته" و"قيام أهل بيته" .
واختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأ بعضهم : " التي جعل الله لكم قيما" بكسر"القاف" وفتح"الياء" بغير"ألف" .
وقرأه آخرون : "قياما" بألف .
قال محمد : والقراءة التي نختارها : "قياما" بالألف ، لأنها القراءة المعروفة في قراءة أمصار الإسلام ، وإن كانت الأخرى غير خطأ ولا فاسد . وإنما اخترنا ما اخترنا من ذلك ، لأن القراءات إذا اختلفت في الألفاظ واتفقت في المعاني ، فأعجبها إلينا ما كان أظهر وأشهر في قرأة أمصار الإسلام .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : "قياما" قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
8558 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال : حدثنا ابن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك : " أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، التي هي قوامك بعد الله .
8559 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، فإن المال هو [ ص: 570 ] قيام الناس ، قوام معايشهم . يقول : كن أنت قيم أهلك ، فلا تعط امرأتك [ وولدك ] مالك ، فيكونوا هم الذين يقومون عليك .
8560 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " يقول الله سبحانه : لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة ، فتعطيه امرأتك أو بنيك ، ثم تنظر إلى ما في أيديهم . ولكن أمسك مالك وأصلحه ، وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤونتهم . قال : وقوله : " قياما" ، بمعنى : قوامكم في معايشكم .
8561 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن قوله : " قياما" قال : قيام عيشك .
8562 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا بكر بن شرود ، عن مجاهد أنه قرأ : " التي جعل الله لكم قياما " ، بالألف ، يقول : قيام عيشك .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|