عرض مشاركة واحدة
  #459  
قديم 03-05-2023, 08:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,677
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثامن
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (459)
صــ 37إلى صــ 51




قيل : ليس الأمر في ذلك كالذي ظننت ، وإنما لكل واحد من أبوي الميت السدس من تركته مع ولده ، ذكرا كان الولد أو أنثى ، واحدا كان أو جماعة ، فريضة من الله له مسماة . فإما زيد على ذلك من بقية النصف مع الابنة الواحدة [ ص: 37 ] إذا لم يكن غيره وغير ابنة للميت واحدة ، فإنما زيدها ثانيا بقرب عصبة الميت إليه ، إذ كان حكم كل ما أبقته سهام الفرائض ، فلأولى عصبة الميت وأقربهم إليه ، بحكم ذلك لها على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الأب أقرب عصبة ابنه وأولاها به ، إذا لم يكن لابنه الميت ابن .
القول في تأويل قوله تعالى ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : فإن لم يكن له ، فإن لم يكن للميت " ولد " ذكر ولا أنثى وورثه أبواه ، دون غيرهما من ولد وارث فلأمه الثلث ، يقول : فلأمه من تركته وما خلف بعده - ثلث جميع ذلك .

فإن قال قائل : فمن الذي له الثلثان الآخران .

قيل له : الأب .

فإن قال : بماذا ؟ [ ص: 38 ] قلت : بأنه أقرب أهل الميت إليه ، ولذلك ترك ذكر تسمية من له الثلثان الباقيان ، إذ كان قد بين على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعباده أن كل ميت فأقرب عصبته به أولى بميراثه ، بعد إعطاء ذوي السهام المفروضة سهامهم من ميراثه .

وهذه العلة ، هي العلة التي من أجلها سمي للأم ما سمي لها ، إذا لم يكن الميت خلف وارثا غير أبويه ، لأن الأم ليست بعصبة في حال للميت . فبين الله - جل ثناؤه - لعباده ما فرض لها من ميراث ولدها الميت ، وترك ذكر من له الثلثان الباقيان منه معه ، إذ كان قد عرفهم في جملة بيانه لهم من له بقايا تركة الأموال بعد أخذ أهل السهام سهامهم وفرائضهم ، وكان بيانه ذلك ، مغنيا لهم على تكرير حكمه مع كل من قسم له حقا من ميراث ميت ، وسمى له منه سهما .
القول في تأويل قوله تعالى ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس )

قال أبو جعفر : إن قال قائل : وما المعنى الذي من أجله ذكر حكم الأبوين مع الإخوة ، وترك ذكر حكمهما مع الأخ الواحد ؟

قلت : اختلاف حكمهما مع الإخوة الجماعة والأخ الواحد ، فكان في إبانة [ ص: 39 ] الله - جل ثناؤه - لعباده حكمهما فيما يرثان من ولدهما الميت مع إخوته ، غنى وكفاية عن أن حكمهما فيما ورثا منه غير متغير عما كان لهما ، ولا أخ للميت ولا وارث غيرهما . إذ كان معلوما عندهم أن كل مستحق حقا بقضاء الله ذلك له ، لا ينتقل حقه الذي قضى به له ربه - جل ثناؤه - عما قضى به له إلى غيره ، إلا بنقل الله ذلك عنه إلى من نقله إليه من خلقه . فكان في فرضه تعالى ذكره للأم ما فرض إذا لم يكن لولدها الميت وارث غيرها وغير والده ولا أخ - الدلالة الواضحة للخلق أن ذلك المفروض وهو ثلث مال ولدها الميت حق لها واجب حتى يغير ذلك الفرض من فرض لها . فلما غير تعالى ذكره ما فرض لها من ذلك مع الإخوة الجماعة ، وترك تغييره مع الأخ الواحد ، علم بذلك أن فرضها غير متغير عما فرض لها إلا في الحال التي غيره فيها من لزم العباد طاعته ، دون غيرها من الأحوال .

ثم اختلف أهل التأويل في عدد الإخوة الذين عناهم الله تعالى ذكره بقوله : " فإن كان له إخوة " .

فقال جماعة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان ، ومن بعدهم من علماء أهل الإسلام في كل زمان : عنى الله - جل ثناؤه - بقوله : فإن كان له إخوة فلأمه السدس اثنين كان الإخوة أو أكثر منهما ، أنثيين كانتا أو كن إناثا ، أو ذكرين كانا أو كانوا ذكورا ، أو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى . واعتل كثير ممن قال ذلك ، بأن ذلك قالته الأمة عن بيان الله جل [ ص: 40 ] ثناؤه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فنقلته أمة نبيه نقلا مستفيضا قطع العذر مجيئه ، ودفع الشك فيه عن قلوب الخلق وروده .

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول : بل عنى الله - جل ثناؤه - بقوله : فإن كان له إخوة ، جماعة أقلها ثلاثة . وكان ينكر أن يكون الله - جل ثناؤه - حجب الأم عن ثلثها مع الأب بأقل من ثلاثة إخوة . فكان يقول في أبوين وأخوين : للأم الثلث ، وما بقي فللأب ، كما قال أهل العلم في أبوين وأخ واحد .

ذكر الرواية عنه بذلك :

8732 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا ابن أبي فديك قال : حدثني ابن أبي ذئب ، عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس : أنه دخل على عثمان رضي الله عنه فقال : لم صار الأخوان يردان الأم إلى السدس ، وإنما قال الله : فإن كان له إخوة ، والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة ؟ فقال عثمان رحمه الله هل أستطيع نقض أمر كان قبلي ، وتوارثه الناس ومضى في الأمصار ؟ [ ص: 41 ] قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن المعني بقوله : فإن كان له إخوة - اثنان من إخوة الميت فصاعدا ، على ما قاله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما ، لنقل الأمة وراثة صحة ما قالوه من ذلك عن الحجة ، وإنكارهم ما قاله ابن عباس في ذلك .

فإن قال قائل : وكيف قيل في الأخوين " إخوة " وقد علمت أن ل " الأخوين " في منطق العرب مثالا لا يشبه مثال " الإخوة " في منطقها ؟

قيل : إن ذلك وإن كان كذلك ، فإن من شأنها التأليف بين الكلامين يتقارب معنياهما ، وإن اختلفا في بعض وجوههما . فلما كان ذلك كذلك ، وكان مستفيضا في منطقها منتشرا مستعملا في كلامها : " ضربت من عبد الله وعمرو رءوسهما ، وأوجعت منهما ظهورهما " وكان ذلك أشد استفاضة في منطقها من أن يقال : " أوجعت منهما ظهريهما " وإن كان مقولا " أوجعت ظهريهما " كما قال الفرزدق :


بما في فؤادينا من الشوق والهوى فيبرأ منهاض الفؤاد المشعف
[ ص: 42 ] غير أن ذلك وإن كان مقولا فأفصح منه : " بما في أفئدتنا " كما قال - جل ثناؤه - : ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) [ سورة التحريم : 4 ] .

فلما كان ما وصفت من إخراج كل ما كان في الإنسان واحدا إذا ضم إلى الواحد منه آخر من إنسان آخر فصارا اثنين من اثنين ، بلفظ الجميع - أفصح في منطقها وأشهر في كلامها وكان " الأخوان " شخصين ، كل واحد منهما غير صاحبه ، من نفسين مختلفين ، أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من [ ص: 43 ] أعضائه واحدا لا ثاني له ، فأخرج اثناهما بلفظ اثني العضوين اللذين وصفت ، فقيل " إخوة " في معنى " الأخوين " كما قيل " ظهور " في معنى " الظهرين " و " أفواه " في معنى " فموين " و " قلوب " في معنى " قلبين " .

وقد قال بعض النحويين : إنما قيل " إخوة " لأن أقل الجمع اثنان . وذلك أن ذلك ضم شيء إلى شيء صارا جميعا بعد أن كانا فردين ، فجمعا ليعلم أن الاثنين جمع .

قال أبو جعفر : وهذا وإن كان كذلك في المعنى ، فليس بعلة تنبئ عن جواز إخراج ما قد جرى الكلام مستعملا مستفيضا على ألسن العرب لاثنيه بمثال وصورة غير مثال ثلاثة فصاعدا منه وصورتها . لأن من قال : " أخواك قاما " فلا شك أنه قد علم أن كل واحد من " الأخوين " فرد ضم أحدهما إلى الآخر فصارا جميعا بعد أن كانا شتى . غير أن الأمر وإن كان كذلك ، فلا تستجيز العرب في كلامها أن يقال : " أخواك قاموا " فيخرج قولهم " قاموا " وهو لفظ للخبر عن الجميع ، خبرا عن " الأخوين " وهما بلفظ الاثنين . لأن كل ما جرى به الكلام على ألسنتهم معروفا عندهم بمثال وصورة ، إذا غيره مغير عما قد عرفوه فيهم ، [ ص: 44 ] نكروه . فكذلك " الأخوان " وإن كان مجموعين ضم أحدهما إلى صاحبه ، فلهما مثال في المنطق وصورة غير مثال الثلاثة منهم فصاعدا وصورتهم . فغير جائز أن يغير أحدهما إلى الآخر إلا بمعنى مفهوم . وإذا كان ذلك كذلك ، فلا قول أولى بالصحة مما قلنا قبل .

قال أبو جعفر : فإن قال قائل : ولم نقصت الأم عن ثلثها بمصير إخوة الميت معها اثنين فصاعدا ؟

قيل : اختلفت العلماء في ذلك .

فقال بعضهم : نقصت الأم عن ذلك دون الأب ، لأن على الأب مؤنهم دون أمهم .

ذكر من قال ذلك :

8733 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ، أضروا بالأم ولا يرثون ، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث ، ويحجبها ما فوق ذلك . وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من [ ص: 45 ] الثلث لأن أباهم يلي نكاحهم والنفقة عليهم دون أمهم .

وقال آخرون : بل نقصت الأم السدس ، وقصر بها على سدس واحد ، معونة لإخوة الميت بالسدس الذي حجبوا أمهم عنه .

ذكر من قال ذلك :

8734 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : السدس الذي حجبته الإخوة الأم - لهم ، إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أمهم .

وقد روي عن ابن عباس خلاف هذا القول ، وذلك ما :

8735 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن بن محمد ، عن ابن عباس قال : الكلالة من لا ولد له ولا والد .

قال أبو جعفر : وأولى ذلك بالصواب أن يقال في ذلك : إن الله تعالى ذكره فرض للأم مع الإخوة السدس ، لما هو أعلم به من مصلحة خلقه وقد يجوز أن يكون ذلك كان لما ألزم الآباء لأولادهم وقد يجوز أن يكون ذلك لغير ذلك . وليس ذلك مما كلفنا علمه ، وإنما أمرنا بالعمل بما علمنا .

وأما الذي روي عن طاوس عن ابن عباس ، فقول لما عليه الأمة مخالف . وذلك أنه لا خلاف بين الجميع : أن لا ميراث لأخي ميت مع والده . فكفى إجماعهم على خلافه شاهدا على فساده .
[ ص: 46 ] القول في تأويل قوله تعالى ( من بعد وصية يوصي بها أو دين )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : من بعد وصية يوصي بها أو دين ، أن الذي قسم الله تبارك وتعالى لولد الميت الذكور منهم والإناث ولأبويه من تركته من بعد وفاته ، إنما يقسمه لهم على ما قسمه لهم في هذه الآية من بعد قضاء دين الميت الذي مات وهو عليه من تركته ، ومن بعد تنفيذ وصيته في بابها بعد قضاء دينه كله . فلم يجعل تعالى ذكره لأحد من ورثة الميت ، ولا لأحد ممن أوصى له بشيء ، إلا من بعد قضاء دينه من جميع تركته ، وإن أحاط بجميع ذلك . ثم جعل أهل الوصايا بعد قضاء دينه - شركاء ورثته فيما بقي لما أوصى لهم به ، ما لم يجاوز ذلك ثلثه . فإن جاوز ذلك ثلثه ، جعل الخيار في إجازة ما زاد على الثلث من ذلك أو رده إلى ورثته : إن أحبوا أجازوا الزيادة على ثلث ذلك ، وإن شاءوا ردوه . فأما ما كان من ذلك إلى الثلث ، فهو ماض عليهم .

وعلى كل ما قلنا من ذلك الأمة مجمعة . وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك خبر ، وهو ما :

8736 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث الأعور ، عن علي رضي الله عنه قال : إنكم تقرءون هذه الآية : من بعد وصية يوصي بها أو دين ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية .

8737 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي رضوان الله عليه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله .

[ ص: 47 ] 8738 - حدثنا أبو السائب قال : حدثنا حفص بن غياث قال : حدثنا أشعث ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله .

8739 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن ابن مجاهد ، عن أبيه : من بعد وصية يوصي بها أو دين قال : يبدأ بالدين قبل الوصية .

قال أبو جعفر : واختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والعراق : ( يوصي بها أو دين ) .

وقرأه بعض أهل مكة والشأم والكوفة ، " يوصى بها " على معنى ما لم يسم فاعله .

[ ص: 48 ] قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) على مذهب ما قد سمي فاعله ، لأن الآية كلها خبر عمن قد سمي فاعله . ألا ترى أنه يقول : ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ؟ فكذلك الذي هو أولى بقوله : يوصي بها أو دين ، أن يكون خبرا عمن قد سمي فاعله ، لأن تأويل الكلام : ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد من بعد وصية يوصي بها أو دين يقضى عنه .
القول في تأويل قوله تعالى ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : آباؤكم وأبناؤكم ، هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم - من قسمة ميراث ميتكم فيهم على ما سمي لكم وبينه في هذه الآية - آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ، يقول : أعطوهم حقوقهم من ميراث ميتهم الذي أوصيتكم أن تعطوهموها ، فإنكم لا تعلمون أيهم أدنى وأشد نفعا لكم في عاجل دنياكم وآجل أخراكم .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا " . [ ص: 49 ] فقال بعضهم : يعني بذلك : أيهم أقرب لكم نفعا في الآخرة .

ذكر من قال ذلك :

8740 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله ، آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ، يقول : أطوعكم لله من الآباء والأبناء أرفعكم درجة يوم القيامة ، لأن الله سبحانه يشفع المؤمنين بعضهم في بعض .

وقال آخرون : معنى ذلك ، لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا في الدنيا .

ذكر من قال ذلك :

8741 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : أيهم أقرب لكم نفعا ، في الدنيا .

8742 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

8743 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ، قال بعضهم : في نفع الآخرة ، وقال بعضهم : في نفع الدنيا .

وقال آخرون في ذلك بما قلنا .

ذكر من قال ذلك :

8744 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ، قال : أيهم خير لكم في الدين والدنيا ، [ ص: 50 ] الوالد أو الولد الذين يرثونكم ، لم يدخل عليكم غيرهم فرض لهم المواريث ، لم يأت بآخرين يشركونهم في أموالكم .
القول في تأويل قوله تعالى ( فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما ( 11 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : فريضة من الله ، " وإن كان له إخوة فلأمه السدس " فريضة ، يقول : سهاما معلومة موقتة بينها الله لهم .

ونصب قوله : " فريضة " على المصدر من قوله : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " فريضة " فأخرج " فريضة " من معنى الكلام ، إذ كان معناه ما وصفت .

وقد يجوز أن يكون نصبه على الخروج من قوله : فإن كان له إخوة فلأمه السدس " فريضة " فتكون " الفريضة " منصوبة على الخروج من قوله : فإن كان له إخوة فلأمه السدس ، كما تقول : " هو لك هبة ، وهو لك صدقة مني عليك " . [ ص: 51 ] وأما قوله : إن الله كان عليما حكيما ، فإنه يعني - جل ثناؤه - : أن الله لم يزل ذا علم بما يصلح خلقه ، أيها الناس ، فانتهوا إلى ما يأمركم ، يصلح لكم أموركم . " حكيما " يقول : لم يزل ذا حكمة في تدبيره ، وهو كذلك فيما يقسم لبعضكم من ميراث بعض ، وفيما يقضي بينكم من الأحكام ، لا يدخل حكمه خلل ولا زلل ، لأنه قضاء من لا تخفى عليه مواضع المصلحة في البدء والعاقبة .
القول في تأويل قوله ( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - " ولكم " أيها الناس نصف ما ترك أزواجكم بعد وفاتهن من مال وميراث " إن لم يكن لهن ولد " يوم يحدث بهن الموت ، لا ذكر ولا أنثى فإن كان لهن ولد أي : فإن كان لأزواجكم يوم يحدث لهن الموت ولد ذكر أو أنثى فلكم الربع مما تركن من مال وميراث ، ميراثا لكم عنهن من بعد وصية يوصين بها أو دين يقول : ذلكم لكم ميراثا عنهن ، مما يبقى من تركاتهن وأموالهن ، من بعد قضاء ديونهن التي يمتن وهي عليهن ، ومن بعد إنفاذ وصاياهن الجائزة إن كن أوصين بها .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.73%)]