
23-05-2023, 11:37 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,081
الدولة :
|
|
مزار للأعوام
مزار للأعوام
مشاعل سعد العتيبي
في كل عام تسقط ورقةٌ من شجرة أعمارنا، وترحل معها أشياءُ كثيرةٌ؛ ولكنها لا تغيب عنا، وكأنها مُخبَّأة في مكان مهجور، ونادرًا ما يزوره النور، بينما تُزهِر فينا أحلامٌ أخرى تفيق كلما غفَتْ كبذرة تُقاتل من أجل أن ترى ذات النور، وتأخذ نصيبها منه، فكلما أشرَق على إحداهما غاب عن الأخرى، وتَمضي الحياة ونحن مجتازون ما بين ماضٍ لا يعود، ومستقبل مجهول، وحاضر يكره العقوق لكُل منهما.
وكلما كبرنا أكثر تمدَّدَت جذورُ الذكريات في ساحات الحنين، فننبُت من جديد وتَخضرُّ أرواحُنا، لكن بنكهة الماضي الذي كنَّا نسعى إلى تغييره بشتى الطرق، فيتَّسع الأفق لنا وكأننا حينها نكبُر بالثواني لا بالسنين.
نتشبَّث بما غُرِس فينا، نُحسِن تسخير حواسِّنا من أجل الشعور بقلوبنا، وها هي السنة التي مضَتْ تتوشَّح سواد آخر ليلة منها، فقد أزفَ موعد الرحيل! الكلُّ يتَّفِق على لون الوداع، أودُّ أن أُمسك بيدها قبل رحيلها الأبدي، وكل رجائي ألَّا نقف خَصْمَين عند الله!
كم هو اختبار صعب عندما نكون مزارًا للأعوام! وكم هو من الغبن ألَّا يكون للعام اعتبارٌ هيبةً وخشيةً من الأقدار!! وليس بوسعنا أن نُمسكها سوى بقوَّة الدُّعاء وعين معلَّقة في السماء: (ربي اجعلنا إليك نمضي، واجعل ما بقِي خيرًا ممَّا مضى، وبشِّرنا بما يسرُّنا، اغفر زلَّاتنا، وتجاوَز عنا، ولا تُحزِن قلوبَنا، فأنت اعتمادنا)، وها نحنُ نقف خلف باب العمر ننتظر ورقة تُدَسُّ لنا من خلفه مكتوب فيها: "عام هجري جديد"؛ لتستيقظ الأماني مُجدَّدًا، وأمنيتي فيه أن يُصِيب قوسُ هلاله كلَّ أمانينا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|