عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-06-2023, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,198
الدولة : Egypt
افتراضي الستر فطرة والحجاب فريضة

الستر فطرة والحجاب فريضة
د. خالد بن حسن المالكي

لستر فطرة والحجاب فريضة (خطبة)[1][2]


الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فالسترُ فِطْرَةٌ، والحجاب فريضة، فرض الله تعالى الحجاب لحكمة عظيمة، وفوائدَ جسيمةٍ، الحجاب عبادة فيها السعادة، وراحة تُنسِي كل راحة.

فرض الله تعالى الحجاب؛ ليستر المرأة عن الأجانب، ليحميها من ذئاب البشر؛ أعداء العفاف والطهر، ليحفظها من أعين الماكرين الخائنين، ويرفعها عن مستنقعات العار، وأوحال الرذيلة.

حجب الله تعالى المرأة عن الرجال الأجانب؛ كي تبقى دُرَّةً غالية، وجوهرةً مصونة، لا تعبث بها يد السارق، ولا تَطُولها عين الغادر.

حجب الله تعالى المرأة عن الرجال الأجانب؛ لتبقى عزيزةً نظيفة، عفيفةً شريفة، يتمناها التقي، ويخشاها الشقيُّ.

إن الأتقياء الأنقياء الشرفاء لَيفتخرون بكل فتاة محجبة، ويعتزون بحجابها، ويحرصون على أن تكون زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم كذلك.

فالحجاب عزة ووقار، وفخر للرجل والمرأة معًا، ولم يكن يومًا منقصةً أو ذلًّا، فالله تعالى أعزَّ المرأة بالحجاب، وصانها بالخِمار، وحفظها بالغطاء.

المرأة المسلمة المحجبة "سيدة بيتها"[3]؛ لا تمشي خارج بيتها إلا بمعية حجابها الذي هو معها كالحارس الشخصي، يرافقها في السوق والمستشفى والشارع، يحميها ويحرسها بعون الله تعالى، من الكلمات النابية، والنظرات المؤذية، يمشي معها بعزة وفخر، وتمشي معه بطمأنينة وأمان، فهي لا تخشى على نفسها من كيد الأعداء؛ لأنها محجبة، فأي سعادة وحرية وراحة أكثر من هذه؟

أحبتي الكرام:
تأملوا - رحمكم الله وغفر لكم - كيف بدأ الله تعالى بزوجات وبنات النبي صلى الله عليه وسلم؛ بدأ سبحانه بالعفيفات الطاهرات، الصالحات الزاهدات، أمرَهُنَّ سبحانه بالحجاب والجلباب، ونهاهن عن التكشُّف والتبرج، وهن أمهات المؤمنين، وسيدات نساء أهل الجنة، ومن أُمِرْنَ بالتحجب والتستر عنهم؟ هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أصحاب القلوب الطاهرة، والنفوس العفيفة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59]؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الله نساء المسلمين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب"، فإذا كان هذا الأمر متوجهًا ابتداء لصفوة الصفوة من قرون هذه الأمة، فما ظنُّكِ - أختي الكريمة - بزمان أصبح كثيرٌ من أهله يقضون ساعاتٍ طوالًا أمام قنوات الفساد والدمار، تشبعت قلوبهم بحب الشهوات والمنكرات، والذي نفسي بيده، إن الأمر بالحجاب لَيشتد ويغلظ في أزمنة الفتن، وضعف الإيمان، وإن مسؤوليتكِ - أختي الكريمة - أمام الله تعالى عظيمة؛ لأنكِ - في الحقيقة - موضع فتنة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان))؛ أي: تطلع إليها الشيطان، فزيَّنها للناس، ورفع البصر إليها؛ ليُغويَها أو يغوي بها غيرها، فيُوقِع أحدهما أو كليهما في الفتنة، فالحرب ضدكِ - أختي الكريمة – تدور، أنتِ الهدف والغاية؛ لأن صلاحك صلاح الأمة، وفسادكِ فسادها:
من لي بتربية النساء فإنها
في الشرق علة ذلك الإخفاقِ
الأم مدرسة إذا أعددْتُها
أعددتَ شعبًا طيبَ الأعراقِ
الأم رَوضٌ إن تعهده الحيا
بالري أورَقَ أيما إيراقِ


وهنا يأتي السؤال، الفرح والحزن، تلك المشاعر أين تبدو؟ حديث العيون وفتنتها، أين يكمن؟ الاهتمام أو اللامبالاة، كيف نحس بهما؟ مشاعر الحب والكراهية، علامات الجمال والملاحة، كلها نقرؤها في صفحات الوجه، أبعد هذا تَشُكِّين - يا أختاه - في وجوب تغطية الوجه؟ أختاه، لو قدمت لكِ سبع صور لأيدي نساء مختلفات، وطُلِب منك تحديد الجميلة من الدميمة، لقلتِ: لا يمكن ذلك، ولكن لو قُدِّم لكِ سبع صور لوجوه نساء مختلفات، لتمكنتِ مباشرة من معرفة الجميلة من الدميمة، ولو أن رجلًا أراد أن يخطب امرأة، فقيل له: انظر إلى كفِّها، لرفض ذلك، ولأصر على رؤية الوجه؛ مكمنِ الجمال، ومنبع الزينة؛ قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: "لا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها - كما هو معلوم - والجاري على قواعد الشرع الكريم، هو تمام المحافظة، والابتعاد عن الوقوع فيما لا ينبغي".

معاشر الكرام:
يجب على المرأة ستر بدنها كله أمام الرجل الأجنبي، بما في ذلك الوجه والكفان، وحُكِيَ اتفاق المسلمين على ذلك، لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره؛ قال الجويني: "اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور، وترك التنقُّب"، وأقره الرافعي والنووي، وقال ابن رسلان والسهارنفوري الحنفي: "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفُسَّاق، وكثرة الفساد وظهوره"، وللأسف، كثير من النساء اليوم لا يلتزمن بالحجاب الشرعي، وبعض من يلتزم منهن بتغطية الوجه، يتساهلن في كشف الكفَّينِ والساعدين، وما حول العينين.

أختي المسلمة، إن عزكِ بإسلامكِ وحجابكِ:
زعموا السفور والاختلاط وسيلة
للمجد قومٌ في المجانة أُغْرِقوا
كذبوا متى كان التعرض للخَنا
شيئًا تُعَزُّ به الشعوب وتُسبقُ


اللهم احفظ نساءنا من التبرُّج والسفور، وثبِّتهن أمام تيارات الانحراف والفجور.

أختاه يا بنت الإسلام تحشمي
لا ترفعي عنكِ الخمار فتندمي
صوني جمالكِ إن أردت كرامةً
كي لا يصول عليكِ أدنى ضَيغمِ
لا تعرضي عن هَدْيِ ربِّكِ ساعةً
عَضِّي عليه مدى الحياة لتغنمي

ودَعِي هُراء القائلين سفاهةً
إن التقدم في السفور الأعجمِ
هم الذين تبرؤوا عن دينهم
فهم يبيعون العفاف بدرهمِ
يشِيعون التبرج إن أردت رخيصةً
أما العفاف فدونه سفك الدمِ
لكنني أُمْسِي وأصبح قائلًا
أختاه يا بنت الإسلام تحشمي


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]