
07-06-2023, 10:07 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,210
الدولة :
|
|
رد: الستر فطرة والحجاب فريضة
أختي الكريمة:
صوني حياءكِ صوني العِرض لا تَهني 
وصابري واصبري لله واحتسبي
إن الحياء من الإيمان فاتخذي 
منه حُلِيَّكِ يا أختاه واحتجبي
ويا لَقبح فتاة لا حياء لها 
وإن تحلَّت بغالي الماس والذهبِ
إن الحجاب الذي نبغيه مكرُمة 
لكل شريفة ما هانت ولم تهُنِ
نريد منها احتشامًا عفةً أدبًا 
وهم يريدون منها قلة الأدبِ
تذكري - يا أختاه - أن الحجاب عبادة وليس بعادة، أمركِ الله تعالى بالتعبد به، وليس لأحدٍ كائنًا من كان تغيير أحكام الله تعالى، ولا خيار للمسلمة في هذا الأمر؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
أختاه، يا من نطق فمكِ بـ(لا إله إلا الله)، وأيقن قلبكِ بها، وعمِلت جوارحكِ بمقتضاها أكملي دينكِ بحجابكِ، ولا تنظري لحثالة البشر، وأتباعهم، فما يُمْلُون عليكِ إلا ذنوبًا وعارًا، تتلطخين بها في دنياكِ وأخراكِ، وهنا نذكركِ أخيتي بشروط الحجاب الشرعي:
أولًا: أن يكون ساترًا لجميع البدن.
ثانيًا: أن يكون فضفاضًا، لا شفافًا، ولا معطرًا، ولا واصفًا.
ثالثًا: ألَّا يكون به ما يزينه من الفصوص، والكريستالات، وغير ذلك مما يجعله لبس زينة، واحتسبي الأجر - يا أختاه - عند الله تعالى، كلما أردتِ لُبْسَ العباءة الساترة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70].
فبادري - أختي الكريمة - بالتمسك بالشريعة الغرَّاء، قبل أن يكون يومٌ لا دينار فيه ولا درهم، وإنما هي الحسنات والسيئات، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا، وترحمنا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:
فلقدِ انتشرت خديعة كبرى، يردِّدها بعض الناس دون أن يعرفوا مصدرها الخبيث؛ وهي خديعة أن النساء المحجبات لَسْنَ شريفات - معاذ الله - وحيلة أخرى، وهي أنهن يُرِدْنَ إخفاء قبحهن، بينما السافرات سائرات لا يتعرضن لأيِّ أذًى، لا يلتفتن لأحد، ولا يلتفت إليهن أحد - زعموا - واثقات من أنفسهن، وانطلت هذه الحيلة على كثير من النساء المسلمات، فنبذْنَ الحجاب، خوفًا من هذه الدعاية الكاذبة، الضالة المضلة.
ويُرَاد من وراء هذه المكايد مضايقة المحجبات؛ كي ينبذن الحجاب، ويتحقق ما يريده الكفار والفجَّار؛ حين قالوا: "لا بد من التركيز على ذم الحشمة عند النساء، حتى تصبح عيبًا في نظرهن"، هذا وغريب حقًّا في امرأة صفاتها حميدة، تصلي وتصوم وتغض بصرها، وتحفظ فَرْجَها، وتجتنب الغِيبة والنميمة، ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب؛ لأن من تمسكت حقًّا بهذه الأعمال الصالحة الحسنة، فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير، ونفورها من الشر، ثم لا ننسى أن ﴿ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45][4]، والحسنة تأتي بأختها، فاحرصي - يا أختاه - على الحجاب الذي أمركِ به ربنا تبارك وتعالى، واتركي الشبهات، وقاومي ضغوط أهلها، ولا تستسلمي لكلام الناس والمنتقدين، واتركي مشابهة الفاسقات، اللاتي يُرِدْنَ التبرج، على حسب الموضة والموديلات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صِنفان من أهل النار لم أرَهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مُمِيلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخْتِ المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لَيوجد من مسيرة كذا وكذا))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس، فهي كذا وكذا))؛ يعني: زانيةً.
فقاومي - يا أختاه - هوى النفس، الذي يدعوكِ لإظهار الزينة والتباهي بها، وتمسكي بما فيه صون وستر وحماية لكِ، وترفَّعي عن أن تكوني سلعة، يتمتع بالنظر إليها الغادي والرائح من الأشرار، ولْتَأْبَ نفسكِ أن تكوني سببًا لفتنة عباد الله، فنحن نخاطب فيكِ إيمانكِ، وحبكِ لله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونناشدكِ أن تحافظي على ما أُمِرْتِ به من الحجاب؛ وتلتزمي قوله تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 31]، وقوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب: 33]؛ عن أبي أسيد الأنصاري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: ((استأخِرْنَ؛ فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به)).
ولا يغيب عن أذهانكم - أحبتي الكرام - وأنتم تسمعون مثل هذه الاحتياطات التشريعية، أنها جاءت في حق أشرف الناس بعد الأنبياء، وفي الطريق العابر، وفي الوقت القصير، وفي وضح النهار، مع وجود الحجاب، حالة الخروج من أطهر البقاع، بعد إقامة أشرف العبادات العملية، فمن باب أولَى أن يُمنَع الاختلاط، في أماكن المكث الطويل، في أزمان الريب، والبعد عن الحجاب، عن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وكانت من العجائز، وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمكِ الله؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ﴾ [النور: 60]، فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: ﴿ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾ [النور: 60]، فتقول: هو إثبات الحجاب"، وعن نافع قال: "لما ماتت أم المؤمنين زينب بنت جحش، أمر عمر مناديًا فنادى، ألا لا يخرج على زينب، إلا ذو رحمٍ من أهلها، فقالت بنت عميس: يا أمير المؤمنين، ألَا أريك شيئًا رأيت الحبشة تصنعه لنسائهم؟ فجعلت نعشًا وغشَّته ثوبًا، فلما نظر إليه، قال: ما أحسن هذا! ما أستر هذا! فأمر مناديًا فنادى أن اخرجوا على أمِّكم"، الله أكبر، حياء في الحياة وفي الممات، لَحقٌّ هم إحدى المعجزات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل حليم حَيِيٌّ، سِتِّير، يحب الحياء والستر)).
اللهم احفظنا واسترنا، رجالًا ونساء، أحياء وأمواتًا، اللهم أحينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفَّنا على مِلَّتِه، وأعِذْنا من مضلات الفتن.
اللهم وفِّق أولي الأمر منا لكل طاعة وبر وإحسان، وجنِّبهم كل معصية وطغيان وكفران.
يا رب ولِّ على المسلمين خيارهم، واصرف عنهم شرارهم.
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
[1] المرجع الرئيس لهذه الخطبة، مقال منشور على موقع صيد الفوائد، عنوانه: "يا وردةً من قطاف العفاف" لأم سمية، وهو موجود على الرابط التالي:
[2] أُلقيت هذه الخطبة بمسجد الإمام الذهبي، بمدينة جدة، ويمكن مشاهدتها على الرابط التالي:
[3] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا))؛ [أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (388)، والديلمي في "الفردوس" (4781)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4565)].
[4] قال تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|