عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 24-09-2023, 07:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,221
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير سورة التوبة



ثم بعد أن قرأ عليٌّ رضي الله عنه ما أمره به الرسول صلى الله عليه وسلم، انطلق مع جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وفيهم أبو هريرة، ينادون بها في مكة ومنًى، يبلغونها لمن لم يسمعها، وأهل الشرك – من مختلف القبائل - يومئذٍ على منازلهم التي كانوا عليها في الجاهلية من الحج، لم يُصَدُّوا بعدُ عن البيت ولم يغادروه، ومنهم من له عهد مؤقت إلى أمَدٍ، ومنهم من ليس له عهد، كما روى ذلك الشعبي قال: حدثني محرر بن أبي هريرة عن أبيه أنه قال: ((كنت في البعث الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علي رضي الله عنه ببراءة إلى مكة، فقال له ابنه، أو رجل آخر: فبمَ كنتم تنادون؟ قال: كنا نقول: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فإن أجلَه أربعة أشهر، فناديت حتى صحل صوتي))؛ أي: بُحَّ[17].

بهذا النداء النبوي مقرونًا بسورة براءة، أعلن القرار النهائي بنظام جديد للحج، ووضع جديد للحرم المكي؛ الجنة حرام على الكافر فلا يغتر المشركون بما كانوا يعتقدونه دخولًا للجنة بالحج، ولا يُسمَح للمشركين بالتوجه إلى الحج إلا إذا أسلموا، كما لا يجوز للمسلمين أن يطوفوا بالبيت عرايا، والعهود القائمة مع المشركين الذين وفوا بها لا تُمَدَّد بعد انقضاء أجلها المؤجَّل لها، والعهود المنعقدة مع المشركين المشتبه في وفائهم ملغاة بعد أربعة أشهر من إعلانها يوم الحج الأكبر، ومن وُجِدَ في الحرم بعد انتهاء هذا الأجل لا أمان له إلا أن يُسْلِمَ، فلم يُبْدِ حُجَّاج البيت من المشركين قبولًا أو اعتراضًا، إلا قبائل أنِفَتْ ولجَّت في الرفض وتوعَّدت بالحرب، وقد رُوِيَ أن أبا بكر لما خطب وحدَّثهم عن مناسكهم، قام عليٌّ يوم النحر عند جمرة العقبة، فقال: يا أيها الناس، إني رسولُ رسولِ الله إليكم، فقالوا: بماذا؟ فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية - وعن مجاهد: ثلاث عشرة آية - ثم قال: أُمِرْتُ بأربع: ألَّا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده، فقال بعضهم عند ذلك: يا علي، أبلغ ابن عمك أنَّا قد نَبَذْنَا العهد وراء ظهورنا، وأنه ليس بيننا وبينه عهد، إلا طعن بالرماح وضرب بالسيوف.

والشرك الذي وقع التبرؤ منه، وتنطبق عليه هذه الأحكام هو الكفر الجَلِيُّ بالله وبرسوله مطلقًا، وهو كل دين غير الإسلام؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [آل عمران: 19]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران: 85]، أما من يعلن إسلامه، فيُعامَل معاملة المسلمين، وتُوكَل سريرته إلى الله تعالى، ولأنه لم يكن لأحد من المشركين عهد لأكثر من أربعة أشهر، فقد كان الأجل المعلن في الآية الكريمة للجميع، وكانت نتيجته أن أسلم جميع أولي العهود، وأسلم غيرهم ممن كانوا داخل الحرم وأكثر قبائل العرب ممن سواهم.

لقد كان هذا الإجراء العقدي، وهذا الفرز التنظيمي ضروريَّين للانتقال إلى مرحلة الدولة المركزية التي ينبغي أن تُمْسِكَ بزمام أمرها، وتحمي عقيدتها وشعبها، وتعد لتطوير مشاريعها السياسية والاجتماعية، والاقتصادية والثقافية، وليس فيه أي إخلال بالأخلاق أو التقاليد والأعراف والقيم، لا سيما وقد بالغ المشركون في الغدر والخيانة والتآمر، وسبق في سورة الأنفال التي نزلت في السنة الثانية للهجرة إنذارهم باحتمال نبذ العهود معهم، كلما آنس المسلمون، أو ترقبوا خيانتهم لها؛ بقوله تعالى: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال: 58].

كما كان هذا الإجراء ضروريًّا لبلورة عقيدة التوحيد، براءةً من الشرك في القلوب، وتجسيدًا لحقيقتها على الأرض، وأصلًا راسخًا في حياة الناس مناشط ومعاملات، وإشعارًا دائمًا بأن البراءة من الشرك عماد للكون، ومفتاح له، وسياج ورِتاج للنجاة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [فاطر: 41]، ولئن غابت هذه الحقيقة عن بعض عباد الله من البشر لعَماء أو جهل أو تسلط شيطان، فما ذلك إلا لما جعله تعالى بحكمته اختبارًا لهم وابتلاء، كي يدخل أهل الجنةِ الجنةَ عن بيِّنة، وأهلُ النارِ النار عن بينة؛ لذلك عندما أصبحت الدعوة الإسلامية في حاجة إلى دولة مركزية، ومنسك قار تجتمع فيه وعليه القلوب، ومثابة تنطلق منها مسيرة الفتح المبين، نزل الإعلام والتذكير بالأصل الكوني الذي هو البراءة من الشرك، ثم الأمر بالأذان به بين الناس للإعذار إلى المشركين، فلا يُؤخَذ أحد إلا بما بلغه وعلمه، فإن اختاروا ربهم وحَّدوه وعبدوه واتبعوا رسوله، وإن اختاروا الشرك، فارقوا الحرم ومُنِعوا من دخوله، ووَكَلَهم تعالى إلى أوثانهم فنالوا جزاءهم.

إلا أن هذا القرار الذي فصل به الحق تعالى في أمر العهود التي كانت بين المسلمين وغيرهم بما يناسب ظرفها، وقد انتهت بإسلامهم جميعًا، لم يحرم على المسلمين وقد قامت دولتهم واستتب لهم الأمر، أن يعقدوا العهود مع غير المسلمين مطلقًا، وإنما أباحها لهم، واشترط فيها وفي الوفاء بها ما يحفظ كرامتهم وأمنهم، وعقيدتهم ومصالحهم؛ فقال عز وجل مستدركًا ومستثنيًا: ﴿ إِلَّا [التوبة: 4]، وحرف إلا في هذا السياق استثناء منقطع بمعنى: "لكن" ﴿ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [التوبة: 4]؛ أي: لكن الذين عاهدتم أو تعاهدون من غير المسلمين بعد استتباب أمر دولتكم، في كل زمان ومكان، ﴿ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا [التوبة: 4]، من حقوقكم عليهم، ومما اتفقتم عليه من الشروط، ﴿ وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا [التوبة: 4]، ولم يعينوا عليكم سرًّا أو علانية بالقول أو العمل أو الإشارة، ولم يضروكم بشيء من أمر الدين والدنيا، ﴿ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ [التوبة: 4]، فوفُّوا إليهم ما تعهدتم أو تتعهدون به إلى مَتَمِّ مدتهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [التوبة: 4]؛ لأن الوفاء بالعهد شيمة الأتقياء، والله يحب المتقين.

بهذه الآية الكريمة أباح الله تعالى للمسلمين عقد العهود والمواثيق مع غير المسلمين قاطبة، وذلَّل لهم سبل التواصل الإيجابي مع جميع المجتمعات البشرية، وعلَّق ذلك كله بشروط؛ منها ألَّا تُخِلَّ في المجتمع المسلم أفرادًا وجماعات بدين الأمة شريعة وعقيدة وأمنًا؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل))، وأن تكون بالتراضي بين المتعاقدين؛ كما في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29]، وأن تتحقق بها مصلحة حقيقية بينة للمسلمين.

ثم في إشارة إلى المشركين الذين رفضوا ما عُرِض عليهم من الإيمان والأمن، وهددوا المسلمين بالحرب وقالوا: ليس بيننا وبين محمد إلا السيف؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ [التوبة: 5]، وأصل لفظ الانسلاخ خروج الشيء عن الشيء المتلبِّس به، كانسلاخ الشاة عن جلدها، والثعبان عن الطبقة الخارجية من جلده، شبَّه انصرام الأشهر الحرم بذلك؛ أي: إذا انقضت المدة التي أُجِّلت لهم من عاشر ذي الحجة إلى عاشر ربيع الثاني، ﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ [التوبة: 5]، الذين بارزوك بالحرب، ﴿ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: 5]، بادروهم بالقتل أنَّى كانوا، في الحِلِّ أو الحرم، قبل أن يبادروكم بما هددوكم به، ﴿ وَخُذُوهُمْ [التوبة: 5]، بالأسر والإرهاق، ﴿ وَاحْصُرُوهُمْ [التوبة: 5]، في مساكنهم وقلاعهم، وامنعوهم من دخول الحرم المكي، ﴿ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [التوبة: 5]، والْمَرْصَد هو مكان الرصد والمراقبة، من "رصد" الشيء أو العدو يرصُدُه، وأرصد له: إذا ترقَّب له وأعدَّ له؛ أي: كونوا لهم رَصَدًا لتأخذوهم أنى توجهوا، فلا تبقى لهم قدرة على تجميع القوة، أو إعداد السلاح، أو تحشيد الجند، أو تفكير في قتال، ﴿ فَإِنْ تَابُوا [التوبة: 5]، عن الشرك والكفر والعدوان، ﴿ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ [التوبة: 5]، وهي عماد الدين والركن الثالث في الإسلام بعد الشهادتين، من تَرَكَها كَفَرَ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))، ﴿ وَآتَوُا الزَّكَاةَ [التوبة: 5]، وهي الركن الرابع من أركان الإسلام، وعماد التعاون والتراحم والتلاحم بين المسلمين بعد الصلاة[18]، ﴿ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة: 5]؛ أي: لا تؤاخذوهم بما سلف من أعمالهم قبل إسلامهم، واتركوهم أحرارًا آمنين مثلكم، ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ [التوبة: 5]، يغفر ما سبق من الذنوب والآثام والأخطاء إذا أعقبتها التوبة، ﴿ رَحِيمٌ [التوبة: 5]، بالمؤمنين جميعًا؛ قال تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ [الأعراف: 156].

[1] تجذ: تسرع في عدوها وتقطع الطريق بسرعة.

[2] من الحذذ بالحاء وهو السرعة والخفة، يقال عزيمة حذاء أي: ماضية لا يلوي صاحبها على شيء.
[3] أخرج عبدالله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وأبو الشيخ وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: ((لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر رضي الله عنه ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال لي: أدرِكْ أبا بكر فحيثما لقِيته فخُذِ الكتاب منه، ورجع أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله نزل فيَّ شيء؟ قال: لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك)).

[4] اختلفت الروايات في تحديد عدد الآيات التي تلاها عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه من صدر سورة براءة، فقيل أربعون، وقيل ثلاثون، وقيل عشرون، وقيل عشر، وقيل تسع.

[5] مما أذكره عن الشيخ الشعراوي رحمه الله أنني حضرت له محاضرة قيمة في المملكة العربية السعودية أثناء هجرتي إليها، وفي ليبيا أثناء هجرتي إليها وكنت منشغلًا بتفسير سورة آل عمران رأيته في المنام فقال لي: هل راجعت تفسيري للقرآن؟ فقلت: لا، فقال: راجعه، ثم استيقظت ورجعت للنوم، فرأيت مريم ابنة عمران عليها السلام دخلت عليَّ في بيتي ولم تقل شيئًا فاستيقظت.

[6] أبو سليمان عيسى بن عمر الثقفي بالولاء، نحوي ومقرئ، من أهل البصرة، شيخ الخليل وسيبويه وابن العلاء.
[7] مسجد بناه المنافقون في قباء قريبًا من المسجد الذي كان يصلي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليصلي فيه أبو عامر الراهب الذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم: "لا أجد قومًا يقاتلونك إلا قاتلتك معهم"، ولم يزل يقاتله إلى يوم حنين فلما انهزمت هوازن خرج هاربًا إلى هرقل، وأرسل إلى المنافقين أنِ استعدوا بما استطعتم من قـوة وسلاح؛ فإني ذاهب إلى قيصر وآتيكم بجنود، ومخرج محمدًا وأصحابه من المدينة، فبنوا مسجد الضرار إلى جانب مسجد قباء، وقالوا للنبي: بنينا مسجدًا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية، ونحن نحب أن تصلي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة، فقال الرسول: إني على جناح سفر وحال شغل، وإذا قـدمنا إن شاء الله صلينا فيه، فلما قفل من غزوة تبوك سألوه إتيان المسجد، فنزل قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا ﴾ [التوبة: 107]، إلى قوله: ﴿ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ﴾ [التوبة: 108]، فدعا بمالك بن الذخشم، ومعن بن عدي، وعامر بن السكن، ووحشي قاتل حمزة بن عبدالمطلب،فقال لهم: انطلقوا إلـى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه، ففعلوا وأمر أن يجعل مكانه كناسة تُلقى فيـها الجِـَيف والقُمامة.
[8] انظر: تفاصيل مؤامرة اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحلقة الأولى السابقة من هذا تفسير لسورة التوبة.

[9] عن نسيبة بنت كعب: ((دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته، فقال: اغسلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك، إن رأيتن ذلك، بماء سدر، واجعلن في الآخرة كافورًا، أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، قالت: فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حقوه - أي: إزاره - فقال: أشعرنها إياه))؛ أي: اجعلن إزاره مواليًا ومباشرًا لجسدها؛ [صحيح].

[10] ابن ماجه وصححه الألباني.

[11] رُوِيَ عن عبدالله بن عباس، أنه قال: "دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكةَ يومَ الفتح، فوجد حول البيت ثلاثمائة ونيفًا أصنامًا قد شددت بالرصاص، فجعل يشير إليها بقضيب في يده، ويقول: ﴿ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81]، فلا يشير إلى وجه الصنم إلا وقع لقَفَاه، ولا يشير إلى قفاه إلا وقع لوجهه، فقال تميم الخزاعي: "وفي الأنصاب معتبر وعلم لمن يرجو الثواب أو العقاب"؛ [أخرجه ابن منده، وأبو نعيم].

[12] حد الحرم من جهة المدينة المنورة عند التنعيم وهو على ثلاثة أميال، وفي كتب المالكية أنه أربعة أو خمسة أميال، ومبدأ التنعيم من جهة مكة عند بيوت السقيا، ويقال لها بيوت نفار، ويعرف الآن بمسجد عائشة، فما بين الكعبة المشرفة والتنعيم حرم، والتنعيم من الحل، ومن جهة اليمن سبعة أميال عند أضاة لبن، ومن جهة جدة عشرة أميال عند منقطع الأعشاش لآخر الحديبية، فهي من الحرم، ومن جهة الجعرانة تسعة أميال في شعب عبدالله بن خالد، ومن جهة العراق سبعة أميال على ثنية بطرف جبل المقطع، وذكر في كتب المالكية أنه ثمانية أميال، ومن جهة الطائف على عرفات من بطن نمرة سبعة أميال عند طرف عرنة، ولعل الاختلاف في تحديد الأميال يرجع إلى الاختلاف في تحديد أذرع الميل وأنواعها، وابتداء الأميال من الحجر الأسود، والميل يعادل (1848) مترًا؛ [من الموسوعة الفقهية ((17 /185-186)).
[13] رواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1 /452) وحسن إسناده الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الإصابة في تمييز الصحابة" عند ترجمة تميم بن أسد.

[14] - أبو العباس محمد بن يزيد بن عبدالأكبر المبرد، من الأزد، ( 210هـ - 286 ه) من جهابذة علماء العربية، وعلوم البلاغة والنحو والأدب والفنون، كان شديد الغيرة لنسبه العربي، وثقافته العربية، في عصر أخذت الثقافات الأجنبية تغزو المجتمع العربي.

[15] السور الطِّوَل - بكسر الطاء وفتح الواو - والطوال؛ أي الطويلة، وهي في القرآن: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، فهذه ستة، واختلفوا في السابعة أهي الأنفال أم براءة أم هما معًا؛ لعدم الفصل بينهما بالبسملة، أم سورة يونس، وقد ورد فيها عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أخذ السبع الأُوَلَ، فهو حَبْرٌ))؛ أي: عالم.

[16] رواه أحمد والترمذي وأبو داود، وصححه الألباني.

[17] صحيح، المستدرك على الصحيحين.

[18] يرجع إلى حديث عمر إذ سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، قال: صدقت ...))؛ [رواه مسلم، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.24 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.10%)]