عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-10-2023, 09:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,251
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خطبة الحجاب بين موت الغيرة، وقلة الحياء

الخطبة الثانية
الحمد لله أمر بتقواه، وأخبر أن من اتقاه وقاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

معاشر المسلمين والمسلمات، إن معصية التبرج ليست معصيةً فردية، بل هي معصيةٌ جماعية، تشترك فيها المتبرجة مع أولي أمرها الذين يسمحون لها بذلك، ويشترك فيها المجتمع أجمع الذي لا يبالي بزجرها، ولا بصدها عن غيِّها، ولقد أصبحت المتبرجات يتسابقن في مجال الزينة؛ لأجل لفت الأنظار إليهن، مما جعل المرأة كالسلعة المعروضة لكل من شاء أن ينظر إليها، فحصل ما حصل من المفاسد والأضرار، ومن أهم ما حصل:
أولًا: الإعراض عن الزواج، وشيوع الفواحش، وسيطرة الشهوات، فإن المرأة حينما تخرج من بيتها وقد لبست اللباس الذي يجعلها عارية، وإن كانت كاسية، كما قال عليه الصلاة والسلام: «كاسياتٌ، عاريات»، فإنها بذلك تهيج الشباب، وتشعل غريزتهم، وتدعوهم إلى الافتتان بها، والتعلق بها! وهكذا يظل الشباب يعيشون بأعين زائغة، وبقلوبٍ مريضة، حينما يرون مثل هؤلاء السافرات العاريات، حينها لا تسأل عن عزوف الشباب عن الزواج، حتى أصبحنا نرى منهم من قد جاوز الثلاثين وهو مقتدرٌ على الزواج، ومع ذلك يرفض ويأبى أشد الإباء، لماذا؟ لأنه قد ألف الحرام، وأصبح يمتع ناظريه بالحرام، وأصبح معه لقاءات وعلاقات بالحرام، كل ذلك بسبب قليلات الحياء لا كثرهن الله.

ولا تدري تعجب من قلة حياء هؤلاء الساقطات، أم من أولياء أمورهن؟ ولا تدري هل عندهم نخوة، أم قد ماتت نخوتهم وغيرتهم، أم قد ضاعت رجولتهم؟ عندما يرى ابنته، أو زوجته، تخرج بهذه الملابس التي تلفت أنظار الشباب إليها، وتجعلهم يتعلقون بها، وربما يلاحقونها، ويؤذونها، قل لي بربك: هل ماتت غيرتك، أم قد ضاعت رجولتك وقوامتك، أم أنك غير قادرٍ على شراء لباسٍ يسترها، ويحفظها، ويحفظ عفتها وكرامتها، ويصونها عن أنظار السفهاء إليها؟!


كذلك مما نتج من مفاسد التبرج والسفور، وظهور هذه الملابس التي نشاهدها في شوارعنا، وأسواقنا، قلة الحياء، أو اضمحلاله، فالمرأة التي تلبس الملابس الضيقة الفاتنة اللافتة، تعبر بلباسها عن قلة حيائها، وسوء أدبها، فلو كانت ذات أدبٍ لاحتشمت بلباسها، وسترت جسمها وعرضها الذي هو أعز ما لديها، لو كانت ذات أدبٍ لاستحيت من كثرة الشباب الذين ينظرون إليها، ولعلها قد تسمع من يدعوها، أو يعبر عن رغبته بها، لكن لباسها هذا يشعرك أنها قد خلعت حياءها قبل أن تخرج من بيتها، وحين تخرج ما الذي يحصل أثناء خروجها؟ قد ترفع صوتها مع الساقطات من أمثالها، وقد تتمايل في مشيتها، وتبرز مفاتنها، بل قد ترفع لباسها وهي تمشي لتظهر لباس أرجلها، وما في داخلها.


ما الغرض أيتها السافرة الساقطة؟! ما الغرض التي تفعله بعض السافرات حين يبدين ملابسهن الداخلية؟ أين الحياء؟ أين الأدب؟ والله لقد أصبحنا نرى ونشاهد من نساء المسلمين مشاهد تحرق الدم، وتدمي القلب، ولقد أصبح كثير من هؤلاء المتبرجات الساذجات يمشين في وسط طريق الرجال، نعم تمشي إحداهن في وسط الطريق، تهرب منها ولا تهرب منك، توسع لها ولا توسع لك، تخشى من مسها، ولا تخشى من مسك ولمسك!

أما عن قلة حيائها عند شرائها، ومبايعتها مع من تشتري منه حاجتها، من أصحاب الملابس، والمحلات، فيندى – والله - الجبين خجلًا من قلة الحياء التي وصلت إليه بعض النساء، فحين تدخل إحداهنَّ تراها تكثر الكلام مع البائع، وتمزح معه، وتستهوي عينه، وتفتن قلبه، وتستعطفه، وتتودد إليه، من أجل أن ينقص لها مائة ريال، أو أقل أو أكثر من ذلك.


وهكذا أصبح بعض النساء يترددن على عشرات التجار، وكل واحدة قد عرفها التاجر، وعرف طولها وعرضها وصوتها، وربما اسمها، وبعض تفاصيل حياتها، وإذا جاءته لتشتري منه شيئًا بدأ يسألها، أين أيامها؟ وما أخبارها؟ ومستجداتها؟ وربما لا تخرج من عنده إلا وقد قضى وقتًا طويلًا في الكلام معها.


قاتل الله أصحاب الغير الباردة، وأصحاب الرجولة الميتة، أهذا هو الدين؟ أهذه هي الرجولة؟ حين تجعل زوجتك، أو ابنتك هي التي تتولى شراء حوائج بيتك، أهذه هي غيرتك على شرفك وعرضك يوم تجعل زوجتك تتعرف على الأسواق وأنت في بيتك، أو مقيلك؟! أهذه هي القوامة التي فضلك الله بها على زوجتك؟!! ومع ذلك تجعلها تعمل وتدخل وتخرج، وتخالط الرجال من أجل لقمة عيشك!! أهذا هو امتثال قول الله عز وجل: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33]؟!

كذلك مما نتج عن التبرج والسفور، وظهور هذه الملابس الفاضحة: كثرة الجرائم، بما في ذلك جريمة الزنا - والعياذ بالله - فالشاب عندما يرى المرأة بلباسها الضيق الذي يحجم جسدها، ويبرز مفاتنها، تثور ثائرته، وتشتعل غريزته، فيسعى جاهدًا بكل الأسباب التي توصله إليها؛ لأنها ما لبست هذه الملابس الفاتنة؛ إلا لتصرف الأنظار إليها، فقد يلاحقها، وقد يكلمها، قد يغريها بماله أو بسيارته، وقد يجتهد في البحث عن رقم جوالها، فعند ذلك يحصل ما يحصل من المراسلات، والعلاقات، ثم اللقاءات، ثم الوقاحات، وبعد ذلك الجرائم الفاضحات، نسأل الله الستر والعافية.
همسةٌ، فابتسامةٌ، فسلام
فكلامٌ، فموعدٌ، فلقاء.




كل هذا بسبب ماذا؟ بسبب التبرج، بسبب السفور، بسبب ترك اللباس، والحجاب الشرعي.

وإلا- والله - لو كانت تلك المرأة محتشمة في لباسها، تلبس الحجاب الذي يسترها، ويدل على حيائها وعفافها، ما تجرأ عليها أحد، ولا رغب في النظر إليها أحد، بل - والله - لدافع عنها كلُّ أحد، حتى قال بعض الشباب: «والله إني إذا رأيت الفتاة المتجلببة، والمحتشمة في لباسها، نظرت إليها وكأنها إحدى أخواتي».

ويقول بعضهم: والله إن المرأة المتحجبة والمحتشمة في لباسها إذا مدَّت يدها لتشتري مني شيئًا؛ أخذت منها المال ويدي ترتعش مهابةً منها، وخشية أن تمس يدي يدها! لا إله إلا الله، ما أعظم هذا الدين! وما أجمل التمسك بشرع رب العالمين!


ختامًا نقول: ونوجه رسالةً لأصحاب العقول: إن من أبرز أسباب تبرُّج المرأة وتزينها، وفساد أخلاقها، هم أولياء أمور النساء؛ لأن الله جعل القوامة للرجل على زوجته ليوجهها، ليعدل سيرها واعوجاجها؛ لأنه أرشد منها، وأعقل منها، فلو وجدت المرأة من زوجها حزمًا وعزمًا، ما تجرأت أن تخرج بهذه الملابس الضيقة، ولو وجدت الغيرة في زوجها ما تجرأت أن تكلم الباعة، وتمزح معهم، وتتمسكن بين أيديهم من أجل أن ينقصوا لها الأسعار.

إن المرأة لو عرفت من زوجها أنه لا يحب خروجها من بيتها، ما كانت كل يومٍ في مكان، لا تفوتها وليمة ولا تغيب عن صالةٍ أو قاعة، وإن الرجل لو كان يخاف على خدش حياء زوجته، وهو يعرف رقة تدينها، وقلة علمها، ما سمح لها أن تنظر إلى القنوات، وإلى الأفلام والمسلسلات الهابطات، بل لما أدخل أجهزة الدمار والعار والنار إلى بيتها.

فو الله ما تبرَّجت النساء، وقل حياؤهنَّ، وضعف تدينهنَّ، إلا بسبب الأفلام والمسلسلات التي تُعرض عليهن في بيوتهن، فقلة الحياء، وتبرج النساء، وما يحصل في خارج البيت، ما هو إلا انعكاس لما يحصل في داخله.

فاظهروا - رحمكم الله - قوامتكم، وصونوا بيوتكم بالمحافظة على نسائكم، واعلموا أن كل راعٍ مسؤولٌ عن رعيته، وما من عبدٍ استرعاه الله على رعية فأمسى غاشًّا لهم، إلا لم يرح رائحة الجنة!


أنتِ أيتها المرأة، اعلمي وتيقني أن عزك وشرفك، هو الذي ينفعك إذا وقفت بين يدي ربك، فقد أكثر الله من خطابك وأمرك، فقال: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31].
أختاه يا أمة الإله تحشمي
لا ترفعي عنك النقاب فتندمي
صُوني جمالك إن أردت كرامةً
كي لا يطول عليك أدنى ضيغم
لا تُعرضي عن هدي ربك ساعةً
عضي عليه مدى الحياة لتنعمي
ما كان ربك جائرًا في شرعه
فاستمسكي بعراه حتى تنعمي
حلل التبرج إن أردتِ رخيصةٌ
أما العفاف فدونه سفك الدم
أنا لا أريد بأن أراك جهولةً
إن الجهالة مرةٌ كالعلقم
فتعلمي، وتثقفي، وتنوري
والحقُ يا أختاه أن تتعلمي
لكنني أمسي وأصبح قائلًا
أختاه يا أمة الإله تحشمي


اللهم استر نساءنا ونساء المسلمين أجمعين.............

[1] السنن الكبرى للبيهقي (9051).

[2] فتح الباري (8/ 490).

[3] "الكشاف (3/ 287)، وشرح سنن أبي داود لابن رسلان (16/ 364.

[4] تفسير القرطبي (14/ 244).

[5] أخرجه ابن سعد (8/ 49- 50)، ومالك (3/ 103) بنحوه، والبيهقي (2/ 235). ومداره على أم علقمة مرجانة، ذكرها ابن حبان في (الثقات) (1/ 236)، جلباب المرأة المسلمة (ص 126).

[6] السنن الكبرى للبيهقي (13534).

[7] رواه البخاري (4141)، ومسلم (2770).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.42%)]