عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-11-2023, 10:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,055
الدولة : Egypt
افتراضي موالاة المؤمن أصل في الإيمان





موالاة المؤمن أصل في الإيمان

إن من أصول الإيمان التي لا يصح إيمان المرء إلا بها أن يواليَ المسلمُ المؤمنين الموالاةَ الصادقة، وأن يتبرَّأ من الكفر وأهله على اختلاف مِلَلِهِ وتنوُّع نِحَلِهِ؛ إذ ملة الكفر واحدة؛ من مشركين ووثنيين، ومن اليهود الحاقدين، والنصارى الملاعين، ومن منافقين مفسدين، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]، يُعِين بعضهم بعضًا، وينصر بعضهم بعضًا، ويدهم واحدة على المسلمين، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ}، فيعينهم ويوفقهم، {فِإِنَّهُ مِنْهُمْ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: 144]. واتخاذهم أولياء يعني: محبتهم ومناصرتهم، والثقة فيهم، والركون إليهم، والتعاون معهم على المسلمين.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57].

{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28]، {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]، فمن وحَّد الله تعالى، وآمن بالله ربًّا وإلهًا، واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأطاعه، فلا يجوز له أن يوالي من حادَّ الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب، وكيف يوالي مسلمٌ كافرًا، والكافر يحمل في قلبه البُغْضَ للمسلم، وكراهية دين المسلم، والكافر لا يفتأ عن مناصرة ما هو عليه، ومناصرة إخوانه في الكفر على المسلمين؟ وقد أوضح الله عز وجل في كتابه عما يضمره هؤلاء في قلوبهم: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].

انظروا إلى حالهم - عباد الله - في حربهم على الإسلام في غزة، كيف يناصر بعضهم بعضًا في قتل إخواننا من نساء وأطفال وعُزَّل، وتهديمهم المباني على أهلها، والمستشفيات، حتى المخيمات، لم تَسْلَم من شرهم: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: 10]، وأعظم من يوالي الكافرين من يهود ونصارى ومشركين هم المنافقون، ومن أخطر ما يكون من المنافقين أنهم يكونون في صفوف المسلمين، يخذِّلون ويُحبِطون، ويُرجِفون ويُزعزعون، وقلوبهم تمتلئ حقدًا وغيظًا وبغضًا للإسلام وأهله، وقد فضحهم الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 118، 119]، والمنافقون أو الزنادقة هم من يركض ركضًا لليهود والنصارى في حربهم على المسلمين: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الحشر: 11]، وقال الله تعالى عن المنافقين: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة: 52]، {يَسَارِعُونَ فِيهِمْ}: أي: في اليهود والنصارى، وقد أجمع علماء الإسلام قديمًا وحديثًا على أن من أعان الكافرين في حربهم على المسلمين، أو من ساءه انتصار المسلمين على الكافرين، فهو مرتدٌّ كافر: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 80، 81].

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذرٍّ: «أي عُرى الإيمان - أظنه قال- أوثق؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله»[1].

فإن الله سبحانه إذ أخبرنا عن الكافرين وكيف يوالي بعضهم بعضًا، ويناصر بعضهم بعضًا، أراد من المؤمنين أن يكونوا يدًا واحدةً يناصر بعضهم بعضًا، ويعين بعضهم بعضًا، وإلا حصل الشر والفساد والفتنة: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73]؛ إن لم تجانِبوا المشركين أيها المؤمنون، وتوالوا المؤمنين، وإلا وقعت الفتنة في الناس؛ وهو اختلاف الأمر، واختلاط المؤمن بالكافر، فيقع بين الناس فساد منتشر طويل عريض.

والمسلم لا يوالي إلا مسلمًا ولا يحب إلا مسلمًا: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55، 56]؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم؛ لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام؛ عِرضه وماله ودمه، التقوى ها هنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقِرَ أخاه المسلم»[2].

إيمانك - أيها المسلم - يمنعك أن تتكلم في مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله، ولا سيما إذا كان في أشد ما يكون من عونك ونصرتك، فأقل ما يكون منك أن تُمْسِكَ لسانك عنه.

فأما المنافقون: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء: 88].

نسأل الله عز وجل أن يعز دينه، وأن يعلي كلمته، وأن ينصر عباده الموحدين، وأن يخذل الكافرين والمنافقين.

[1] رواه الطبراني في الكبير (11/ 215).
[2] رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
______________________________________________
الكاتب: سعد محسن الشمري








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]