عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-12-2023, 02:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,220
الدولة : Egypt
افتراضي العقوبات الشرعية على المعاصي





العقوبات الشرعية على المعاصي

ابن قيم الجوزية

قال الإمام ابن القيم في الجواب الكافي:
العقوبات الشرعية التي شرعها الله ورسوله على الجرائم ، كما قطع اليد في سرقة ثلاثة دراهم ، وقطع اليد والرجل في قطع الطريق على معصوم المال والنفس ، وشق الجلد بالسوط على كلمة قذف بها المحصن ، أو قطرة خمر يدخلها جوفه ، وقتل بالحجارة أشنع قتلة في إيلاج الحشفة في فرج حرام ، وخفف هذه العقوبة عمن لم تتم عليه نعمة الإحصان بمائة جلدة ، وينفى سنة عن وطنه وبلده إلى بلد الغربة ، وفرق بين رأس العبد وبدنه إذا وقع على ذات رحم منه ، أو ترك الصلاة المفروضة ، أو تكلم بكلمة كفر ، وأمر بقتل من وطئ ذكرا مثله وقتل المفعول به ، وأمر بقتل من أتى بهيمة وقتل البهيمة معه ، وعزم على تحريق بيوت المتخلفين عن الصلاة في الجماعة ، وغير ذلك من العقوبات التي رتبها الله على الجرائم ، وجعلها بحكمته على حسب الدواعي إلى تلك الجرائم ، وحسب الوازع عنها .

فما كان الوازع عنه طبيعيا وما ليس في الطباع داع إليه اكتفي بالتحريم مع التعزير ، ولم يرتب عليه حدا ، كأكل الرجيع ، وشرب الدم ، وأكل الميتة .

وما كان في الطباع داع إليه رتب عليه من العقوبة بقدر مفسدته ، وبقدر داعي الطبع إليه .

ولهذا لما كان داعي الطباع إلى الزنا من أقوى الدواعي كانت عقوبته العظمى من أشنع القتلات وأعظمها ، وعقوبته السهلة أعلى أنواع الجلد مع زيادة التغريب .

ولما كانت جريمة اللواط فيها الأمران ، كان حده القتل بكل حال ، ولما كان داعي السرقة قويا ومفسدتها كذلك ، قطع فيها اليد .

وتأمل حكمته في إفساد العضو الذي باشر به الجناية ، كما أفسد على قاطع الطريق يده ورجله اللتين هما آلة قطعه ، ولم يفسد على القاذف لسانه الذي جنى به ، إذ مفسدته تزيد على مفسدة الجناية ولا يبلغها ، فاكتفى من ذلك بإيلام جميع بدنه بالجلد .

فإن قيل : فهلا أفسد على الزاني فرجه الذي باشر به المعصية .

قيل : لوجوه :

أحدها : أن مفسدة ذلك تزيد على مفسدة الجناية ، إذ فيه قطع النسل وتعريضه للهلاك .

الثاني : أن الفرج عضو مستور ، لا يحصل بقطعه مقصود الحد من الردع والزجر لأمثاله من الجناة ، بخلاف قطع اليد .

الثالث : أنه إذا قطع يده أبقى له يدا أخرى تعوض عنها ، بخلاف الفرج .

الرابع : أن لذة الزنا عمت جميع البدن ، فكان الأحسن أن تعم العقوبة جميع البدن ، وذلك أولى من تخصيصها ببضعة منه .

فعقوبات الشارع جاءت على أتم الوجوه وأوفقها للعقل ، وأقومها بالمصلحة .

والمقصود أن الذنوب إنما تترتب عليها العقوبات الشرعية أو القدرية أو يجمعها الله للعبد ، وقد يرفعها عمن تاب وأحسن .

منقول








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.10%)]