عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 02-02-2024, 07:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – صفات عباد الرحمن


  • الله -عزوجل- من أسمائه الوهاب والمعطي والرزاق والكريم والجواد وهذا كله فيه معنى العطاء فالله عزوجل عطاؤه عظيم ورزقه كبير وهباته جليلة
  • قرة العين أن ترى أبناءك في صلاح وفي طاعة ومن أهل الاستقامة ملتزمين بأوامر الله يطبقونها على أنفسهم في أقوالهم وأفعالهم
إخواني الكرام دعونا نبحر اليوم -بإذن الله تعالى- في جزء من دعاء رائق، هذا الدعاء قد جعله الله -سبحانه وتعالى- من ضمن صفات عباد الرحمن، فقد بين الله -عزوجل- لنا صفاتهم القولية والفعلية، ومنها ماذا يطلبون من الله -عزوجل؟ فقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
«وَالَّذِينَ يَقُولُونَ» أي عباد الرحمن، «رَبَّنَا» وهذا فيه أدب وهو أنك إذا أردت أن تدعو الله -عزوجل- لا تبدأ بذكر طلبك مباشرة، وإنما تبدأ بذكر أسماء الله -تعالى- وصفاته والثناء عليه -سبحانه وتعالى-، كما كانت صفة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم -، ثم بعد ذلك تصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم -، والآية ما ذكرت الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم - ولكن نجمع معها ما جاء في السنة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم - بين أن الدعاء المستجاب هو الذي يبدأ بالثناء على الله -عزوجل- والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم .
«رَبَّنَا هَبْ لَنَا»
«رَبَّنَا هَبْ لَنَا»، إن الله -عزوجل- من أسمائه الوهاب، ومن أسمائه المعطي، والرزاق، والكريم، والجواد، وهذا كله فيه معنى العطاء والله -عزوجل- عطاؤه عظيم ورزقه كبير وهباته جليلة لا يستطيع أحد من الناس أن يجمع عطايا رب العالمين سواء على الفرد أم على الخلق بأكملهم، {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌا}، ستتعب ويفنى عمرك وأنت ما جمعت ما أعطاك الله -عزوجل.
شعور التقصير
ولذلك فإن هذا المعنى لو استقر في قلبك سيولد بداخلك هذا الشعور من أنك فعلا عبد مقصر لن تستطيع أن توفي حق الله -عزوجل-، فلن تستطيع ان توفي رب العالمين حقه في العبادة وغيرها من أوجه شكر تلك المنح والهبات التي أعطاك الله -عزوجل- إياها؛ لذلك فإن الله -عزوجل- علمنا جوامع الكلم في الدعاء والشكر ليثقل بها موازيننا أمام تلك النعم والهبات التي أعطانا الله -عزوجل- إياها، قال -تعالى-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
الدعاء للزوجة
هنا في دعائهم «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا» دعاء واضح لزوجتك، نعم زوجتك أخي الحبيب، تلك المرأة التي اخترتها من بين نساء العالمين لأن تكون زوجه لك وأما لأولادك، وأمانا لبيتك، ومن تأمنها على أسرارك وعلى حياتك؛ فهي تستحق منك الدعاء، وأتعجب من بعض الناس الذين يمكن أن ينسوا زوجاتهم في الدعاء إلا في المناسبات أو مواسم العبادة مثل شهر رمضان أو الحج والعمرة، علما بأن من صفات عباد الرحمن أنهم يدعون مثل تلك الدعوات بإلحاح، والله -عزوجل- ما ذكر تلك القضية ودعاءهم بها إلا إشارة لمكانتها في نفوسهم، ولمدى تكرارهم لطلبها وإلحاحهم في ذلك على الله -عزوجل- أن الله -عزوجل- يهدي زوجتك ويصلحها ويتمم لها أمرها ويرزقها الإحسان والإيمان، وقتها تكون أنت في أمان وفي راحة، نعم انت.
أكثر الناس شقاءً
لذلك انظر إلى أكثر الناس شقاءً، تراه في أي باب؟ إن أكثر الناس يعاني في شقاء زوجته، يرى زوجته على غير هداية، وعلى غير استقامة، على غير تقوى، وعنده ضياع في حياته، ضاع عياله وبيته وحلاله وماله وهو نفسه قد ضاع، وقد يكون إنسانا مستقيما ينحرف عن الاستقامة بسبب زوجته، ولعلي وقفت مع أحد الإخوة عندما كان يتزوج، ثم رأيته بعد فترة انقطع فيها عن الشباب وعن وجوده معهم فلما سألته عن السبب أخبرني بأنه قد فارق زوجته وعند السؤال عن السبب؟ قال هذه المرأة -سبحان الله- كانت تتحبب لي من جهة، ولكن كانت تضعف إيماني من جهة أخرى، فبدأت آخذ من لحيتي وأطول ثيابي وبدأت أذهب إلى أماكن ما كنت أذهب إليها، فقد كنت في وسط الشباب المتدين منذ كنت صغيرًا وأبدا في حياتي ما دخلت سينما ولكنها أدخلتني السينما والمسارح، وبدأت أفعل أشياء عظيمة ما كنت أظن أني أفعلها يوما من الأيام.
قضية مهمة في حياة المؤمن
لذلك الله -تعالى- علمنا أنه -سبحانه- حين ذكر هذه القضية كم لها من الأهمية في حياة عباد الرحمن! فمن صفات عباد الرحمن أن أحدهم يدعو دوما «يا رب هب لي زوجة تكون لي قرة عين»، هذه نتيجتها أن قرة العين هذه ستجعلك تعيش في حياتك حياة سعيدة، حياة هانئة؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أربعٌ من السعادة» وذكر منها: «المرأةُ الصالحة»، ما اكتفى - صلى الله عليه وسلم - فقط بالمرأة، وإنما المرأة الصالحة المؤمنة التي إذا رأيتها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك، في نفسك ومالك واولادك.
«وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ»
«وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ» أي: اجعل لي يا رب أيضا ذرية قرة عين لي، سئل الحسن البصري: «قرة العين هذه في الآخرة؟» قال: لا في الدنيا.
ما قرة العين؟
الامام بن جرير الطبري جمع كل أقوال السلف في تفسيره فقال: «قرة العين للمؤمن أن يرى صلاح أبنائه»، أن ترى أبناءك في صلاح وفي طاعة موحدين، أهل استقامة، ملتزمين بأوامر الله، يطبقونها على أنفسهم، في أقوالهم وأفعالهم، هذه هي قرة العين. وسميت قرية العين؛ لأنها مصدر سرور ينبعث في القلب ويبدأ يظهر على العين، وقرة العين ليست فقط للإنسان المبصر لكن حتى الكفيف له من قرة العين نصيب؛ لأن القضية قضية القلب سرور في القلب يظهر على عينك، فيمتلئ قلبه فرحًا وسرورًا وبهجة بالأشياء التي امتدحها الله -عزوجل- فكأنه أصبح يرى هذا الشيء وهو لا يراه ويتصوره، أبناؤه وزوجه كونهم على طاعة واستقامة، ما شاء الله يذهبون معه للصلاة ويصومون معه ويحجون معه فيفرح قلبه وتصير وكأنها صارت قرة عين له». فلذلك هو حكم الغالب والغلبة للقلب والعين إنما هي أداة، فما في قلبك يظهر على عيونك، إذا كنت سعيدا يظهر على عينك، وإن كنت حزينا يظهر على عينك، حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية: «والعين تعرف من عين محدثها إن كان من حزبها أو من أعاديها» طبعا هذا يحتاج إلى فراسة إيمانية.
لكل شيء سبب
الشاهد أن دعائك {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} هو أن تراهم على طاعة، ولكن هل تريد ذلك دون أسباب منك؟ الله -عزوجل- جعل لكل شيء سببًا، فعلى قدر بذلك من الأسباب على قدر ما يأتيك من النتائج من عند الله، وإذا جاءت النتائج على غير ما تريد فاعلم ان هذا الأمر بيد الله وحده؛ لأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. ترجو أن تصبح زوجتك امرأة تقية طائعة صالحة، ولكن يحدث ما هو غير ذلك؛ فاعلم أن هذا بقدر الله، وكذلك أولادك ترجو لهم الصلاح والتقوى ولم يحدث ذلك، فاعلم أن هذا بيد الله، وفي كل الأحوال أنت لابد من أن تبذل السبب في ذلك ما بين دعاء وما بين أسباب أخرى مادية التي من شأنها أن تصل بزوجتك وأولادك إلى هذا الصلاح والتوفيق من الله -عزوجل- والهداية منه وحده -سبحانه.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-05-2024 الساعة 10:14 AM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.52 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]